صحيفة تركية: هذا ما يجب على أنقرة فعله بعد القضاء على كورونا

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة صباح التركية: إن فيروس كورونا، الذي بات أزمة عالمية، فرض على جميع الدول أن تعيد حساباتها وخططها القائمة على الصناعات العسكرية والطبية وغيرها.

ولفتت الصحيفة إلى أن أهم الأهداف التي يجب أن تسعى الدول لتحقيقها بعد الآن، هي مواجهة أي وباء عالمي بجهودها الذاتية دون الاستعانة بأي دولة من الخارج.

الكاتب كرم ألكين، قال في مقالة له بالصحيفة: إنه "مع بدء أزمة كورونا في الصين كانت كل بلد تظن أنها بعيدة عن هذا الوباء وأنه لن يمسها بسوء، لكن وبعد أيام قليلة باتت هذه الدول تعيش أقسى الأيام وأصعبها، والخدمات الطبية في معظم دول العالم ضربت بمقتل".

تركيا منذ فترة طويلة تكاد تناهز نصف قرن وهي تتعرض لهجمات وضربات، "سواء خيانات الإرهابيين أو الزلازل وأمثالها من المصائب والكوارث البيئية، التي أثرت بالطبع على الاقتصاد بشكل كبير، لكن كانت وما زالت جاهزة دوما لهذه المصائب"، وفق الكاتب.

وتابع: أن تركيا "لعلها من الدول القليلة المستعدة لمثل هذه النوعية من الكوارث وهذا بدا واضحا في أزمة كورونا التي نعيش تفاصيلها هذه الأيام". وذكر الكاتب بتصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان في أبريل/نيسان ٢٠١٩، حين دعا بالفعل إلى مد يد التعاون الدولي في مواجهة الأوبئة والأمراض.

الأهداف واضحة ومحددة، الجهود لا هوادة فيها، والإجراءات لا يمكن التهاون معها، يجب أن يكون مع نهاية أبريل/نيسان قد توقف انتشار الفيروس في تركيا وبدأت المنحنيات بطريقها العكسي، ومعدلات الإصابات في انخفاض، وفق الكاتب.

الاتحاد الأوروبي

وأضاف: "عند الوصول إلى هنا نجد أن الجميع في المقابل وخاصة الاتحاد الأوروبي، انكفأ كل على نفسه، وبات الجميع لا يثق بأحد، في نقطة تم فيها كسر كل قواعد الوحدة الأساسية، وتجاهل الجميع كل قواعد الصحة التي بني عليها الاتحاد".

ويوضح أن أزمة جائحة كورونا، التي انتشرت بشكل كبير في دول القارة الأوروبية، أظهرت ضعفا في مبدأ "التضامن" الذي يشكل أساس الاتحاد الأوروبي، كما أظهرت مؤسسات الاتحاد عدم فعالية، في حل هذه الأزمة الخطيرة، مرجحة المنافع القومية على مصالح منطقة اليورو.

ويعتبر قطاع الصحة في الاتحاد الأوروبي من ضمن المجالات التي تقع تحت سلطة وصلاحيات دوله، ورغم أنه لا توجد سياسات صحية مشتركة لعموم الاتحاد إلا أنه يتعيّن على دوله التحرك في إطار التضامن والتنسيق حال وقوع الأزمات.

كما يجب على المفوضية الأوروبية التي تعد بمثابة الجهاز التنفيذي بالاتحاد الأوروبي أن تتولى مهمة التنسيق في مثل هذه الحالات، وفق تقدير الكاتب.

لكنه يعتقد أن الوضع الراهن في منطقة اليورو أظهر عدم التزام الدول الأوروبية بمبدأ روح التضامن، وكشف ضعفا بدور المفوضية الأوروبية التي لم تقم بالتنسيق كما ينبغي.

وتجلى ذلك في قيام دول الاتحاد الأوروبي بالتحرك منفردة دون تنسيق فيما بينها، فضلا عن إغلاق حدودها، وبدء إجراءات التفتيش وتطبيق سياسات العزل، مما يشير إلى أن الروح التي جمعت الاتحاد والقائمة على التضامن في الصعيد الأول، قد انتهت في عموم دوله.

وقال الرئيس الصربي إلكساندر فوتشيتش في وقت سابق: "لقد رأينا أنه لا يوجد تضامن ولا تكاتف في أوروبا.. أنا أثق في الصين فهي الدولة الوحيدة التي يمكن أن تساعدنا.. أما بالنسبة للآخرين فنشكرهم على لا شيء".

وبذلك أظهرت جائحة كورونا أن الاتحاد الأوروبي وبيروقراطيته المهترئة تتأخر جدا في لحظات الأزمات، وأن المنافع القومية مقدمة على مصالح الاتحاد.

التوجه الدولي

لذلك، بعد أن يتم تخطي الهزات الارتدادية الرئيسية لهذه الأزمة، ستولي الدول أهمية كبيرة في مجالات حاسمة مثل الصحة والدفاع والمعلوماتية والطاقة، وستسعى لإنشاء "صندوق خاص" لتمويل إدارة الأزمات على المستوى المحلي، في مواجهة الأزمات المستقبلية المحتملة.

من الآن وصاعدا يعتقد الكاتب أن "الكثير من الدول ستكون خططها قائمة على البعد المحلي، ولن يتم أبدا الأخذ في الحسبان نيل معونة من دولة أخرى ولعل هذا الأمر يذكر بأزمة السبعينيات حين حظر بيع الأسلحة على تركيا، فعملت البلاد على علاج هذه المسألة خطوة خطوة".

وقال الكاتب: "لعله في آخر 15 سنة، قطعت تركيا شوطا كبيرا في تصنيع الأسلحة، وباتت تقريبا تعتمد على نفسها بنسبة تقارب 70% من احتياجاتها العسكرية من خلال صناعتها المحلية، وهذا الأمر أيضا في الاحتياجات الصحية، وكذلك في مجال العلوم الأخرى والطاقة".

وذكر أنه "من الواضح أن أي دولة لن ترغب في أن تعيش العجز الذي تعيشه الآن، لسبب أو لآخر، في مواجهة الأزمات العالمية، ولهذا، بدءا من القطاع الصحي، ودون إبطاء علينا الشروع في تحرك شامل لتعبئة الإنتاج الوطني نحو أن تصبح تركيا دولة مكتفية ذاتيا ومنتجة محليا في هذا المجال".

وتشمل هذه الخطوات "صناعة جميع أنواع المعدات الطبية والجراحية والأدوية والمواد الواقية وأجهزة التشخيص الطبي ذات التقنية العالية وأجهزة الفحص الطبي والتنفس وتجهيز غرف العمليات ووحدات العناية المركزة وغيرها". 

أيضا، من المهم بحسب الكاتب، رفع إنتاج البلاد من الأقنعة الواقية، فحاليا تنتج تركيا في اليوم من 1 إلى 2 مليون ليصل إلى 40 مليون الشهر المقبل، وكذلك إنتاج ملايين اللترات من المعقمات. وخلاصة الفكرة وفق قوله هي: "ننتظر تغييرات ثورية لا رجعة فيها سواء في نماذج الإدارة السياسية في البلدان أو في إدارات الشركات".