رغم عقوبات واشنطن.. لهذا تواصل الإمارات التبادل التجاري مع إيران

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لم تستطع أبوظبي كبح جماح علاقاتها التجارية مع طهران، بالرغم من الحظر الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة على إيران، حيث كسرت خمس شركات إماراتية الحظر الأميركي، واشترت مئات الآلاف من الأطنان المترية من المنتجات البترولية من شركة النفط الإيرانية.

ذلك التجاوز دفع إدارة دونالد ترامب، في 19 مارس/آذار 2020، إلى فرض عقوبات اقتصادية على الشركات الإماراتية الخمس وهي: "بترو غراند إف زد إي" و"ألفابت إنترناشونال دي إم سي سي" و"سويستول تريد دي أم سي سي" و"عالم الثروة للتجارة العامة" و"ألوانيو أل أل سي كو".

وصرحت واشنطن بأن تلك الشركات كسرت الحظر الاقتصادي، ونقلت نفطا إيرانيا، كما تحايلت في إخفاء منشأ ذلك النفط، وادعت أن تلك الكميات النفطية جاءت من العراق. 

وتتمتع الإمارات بحجم تجارة وثيق، ومصالح اقتصادية مشتركة مع إيران، بالرغم من تصريحات الإمارات المناهضة لسياسية طهران في المنطقة، والتي أيدت العقوبات الأميركية عليها. وتستحوذ دبي على نحو 90 في المائة من إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين.

التبادل التجاري

وفي 2017، تصدرت الإمارات الدول العربية من حيث التبادل التجاري مع طهران، بقيمة 13 مليار دولار تقريبا، بينما بلغت الصادرات الإيرانية نحو خمسة مليارات دولار، فيما بلغت الصادرات الإماراتية إلى إيران نحو سبعة مليارات دولار. 

في حين بلغ حجم التبادل التجاري بين إيران والإمارات  خلال 2018  نحو 11 مليار دولار منها 6 مليارات دولار صادرات إيران إلى الإمارات.

وتأتي تلك الأرقام في ظل توقعات الرئيس السابق لغرفة التجارة الإيرانية الإماراتية المشتركة أن يبلغ حجم التبادل التجاري بين بلاده وأبوظبي في المرحلة المقبلة 20 إلى 25 مليار دولار، كاشفا أن رؤوس الأموال الإيرانية تشكل 10% من الاستثمارات في الإمارات.

وكان التبادل التجاري بين البلدين قد سجل أعلى معدل له عام 2011 حيث بلغ 23 مليار دولار، وهبط بعدها تدريجيا بسبب العقوبات الغربية والأميركية، لكنه حتى عام 2016 حافظ على معدل يزيد عن 15 مليار دولار.

وفي شهر يناير/كانون الثاني 2020، فرضت إدارة ترامب عقوبات على خمس شركات نفطية تتخذ من الإمارات مقرا لها، بالإضافة إلى شركات في الصين وهونغ كونغ، وذلك لمساعدة الشركة الإيرانية الوطنية للنفط في تصدير منتجات بمئات ملايين الدولارات.

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو: إن بلاده فرضت عقوبات على الصين وهونغ كونغ وكيانات تتخذ من الإمارات مقرا لها؛ "لأنها تعمل في قطاعي النفط والبتروكيماويات في إيران".

والشركات التي اتهمتها واشنطن بتسهيل عمليات التصدير هي: "بينيثكو دي. إم. سي" ومقرّها دبي، وشركة تريليانس بتروكميكل كو" ومقرّها هونغ كونغ، وشركة "سايج إنرجي إتش.كاي. ليميتد" ومقرّها هونغ كونغ ايضا، بالإضافة إلى شركة "بيكفيو إندستري كو" ومقرّها شانغهاي.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد فرض عقوبات اقتصادية على طهران، في 2018، تشمل الحظر الشامل على مبيعات النفط الإيراني، بتهمة استخدام طهران لعائدات النفط لتمويل الفصائل الإرهابية التابعة لها، مثل فيلق القدس التابع للحرس الثوري، كما فرض عقوبات على أي دولة أو شركة أجنبية سكرت ذلك الحظر أو تجاوزت العقوبات.

وبالرغم من التراجع التجاري الذي حصل بين البلدين، عقب فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية على طهران في 2018، إلا أن تلك العلاقة بدأت بالتحسن، فقد قفزت صادرات الإمارات إلى إيران بنسبة 16.8% خلال عام 2019، مقارنة بما كان عليه الحال في 2018.

وتقضي العقوبات الاقتصادية على أي دولة تكسر الحظر الأميركي، بحرمانها من الوصول إلى النظام المالي الأميركي، كما تمنع الشركات الأميركية من التعامل معها بشكل قطعي، حتى وإن كانت دولة حليفة لها كالإمارات.

كما تقضي العقوبات بحظر جميع ممتلكات ومصالح الأفراد أو الكيانات المستهدفة بالعقوبات، داخل الولايات المتحدة ومنع حيازتهم لأي ممتلكات داخلها أيضا. وهذه العقوبات الاقتصادية يمكن أن تطول حتى الشركات الأميركية، في حال تجاوزت الحظر، وذلك لتحقيق أقصى الضغوط على إيران.

شريك إجباري

لا تستطيع الإمارات التخلي عن علاقتها التجارية بطهران، ذلك أن الإيرانيين يمتلكون أصولا هائلة تمثل جزءا من عصب الإمارات الاستثماري، فبحسب تقديرات مجلس الأعمال الإيراني، فإن الإيرانيين يمتلكون في الإمارات استثمارات وأصولا تتجاوز قيمتها. 300 مليار دولار، بحسب صحيفة إيران الرسمية.

وأضافت الصحيفة أن ثمانية آلاف رجل أعمال إيراني ينشطون على الساحة الإماراتية عبر نحو ستة آلاف شركة تم تسجيلها هناك، وأوضحت أن 80% من التحويلات المالية الإيرانية تتم عبر الإمارات.

بالإضافة إلى ذلك، تسير شركات الطيران 200 رحلة أسبوعيا بين المدن الإيرانية والإمارات وتنقل نحو 100 ألف سائح إيراني، فضلا عن 800 ألف مواطن إيراني آخرين يسكنون في الإمارات، من بينهم 13 ألف رجل أعمال برؤوس أموال ضخمة يستثمرون في الإمارات، ما يجعلهم أكبر الجاليات المقيمة في البلاد، وفقا لوكالة أنباء فارس عن إحصاءات صادرة عن دائرة الأحوال الإيرانية.

بحسب مجلس الأعمال الإيراني في دبي، فإن الاستثمارات الإيرانية في الإمارات تحتل المرتبة الثانية بعد الأميركية، إذ تتراوح بين 200 و300 مليار دولار.

وتستحوذ الإمارات على نحو  80% من التبادلات التجارية بين طهران ودول مجلس التعاون، كما تعد رابع شريك تجاري لأبوظبي، حيث يوجد أكثر من عشرة آلاف شركة إيرانية تعمل في قطاعات اقتصادية مختلفة، من بينها 7660 شركة مسجلة رسميا، وهو ما يجعل الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لإيران.


  
وعقب تأييد الإمارات للعقوبات الأميركية على إيران، دعا نحو 60 نائبا إيرانيا لمعاقبة الإمارات، وإعادة النظر معها على كل المستويات.

وكان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش قد أدلى بتصريحات اعتبر فيها أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يسلك الطريق الصحيح تجاه إيران، وأضاف: أن "توحّد الجهود هو الطريق الصحيح لتدرك طهران عبثية تغولها وتمددها".

غير أنه لم يكن من السهل قطع العلاقات التجارية في ظل التداخل التجاري الهائل بين البلدين، لكن الإمارات حاولت أن توصل رسالة إلى إيران بأنه لم يكن بيدها إلا تأييد العقوبات الأميركية.

ومع ذلك فقد اتخذت الإمارات خطوات حاولت من خلالها تلطيف الأجواء مع إيران، فقد أفرجت السلطات الإماراتية عن 700 مليون دولار من الأرصدة الإيرانية التي كانت محتجزة لديها.

وبحسب وكالة "خانة ملت" الإيرانية عن عضو البرلمان الإيراني، علي أكبر تركي، فقد تحسنت العلاقات كثيرا في الفترة الأخيرة.

وأضاف: "العلاقات بين إيران والإمارات في مجال العملة الأجنبية تحسنت كثيرا "، مضيفا: أن "الإمارات سمحت للمصارف الإيرانية بالعمل من جديد على أراضيها، وبدأت بتسهيل أعمالها".
 
وفي سبتمبر/أيلول 2019، قال رئيس رابطة التجار الإيرانيين في الإمارات عبد القادر فقيهي: "لمسنا انفتاحا في الإمارات لاستئناف أجواء التجارة مع إيران"، مضيفا أنه وفقا لتوجيهات المسؤولين في دبي سوف تتم إعادة منح التجار الإيرانيين التأشيرات التجارية.