"كورونا".. هل تنجح دعوات الإفراج عن المعتقلين في سجون اليمن؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يوما بعد يوم، تتزايد مخاطر فيروس كورونا، وتتسع رقعة انتشار الوباء لتشمل كافة أرجاء العالم تقريبا، عشرات الآلاف من المصابين، توفي منهم الآلاف، وسط توقعات بعض المراقبين بأن الكارثة ستكون أكبر في حال لم يتم التوصل لدواء أو لقاح للفيروس خلال الأسابيع القادمة.

في ظل ذلك التهديد الصحي الخطير، رأى المسؤولون أن الحل الأنجع حاليا هو الحجر الصحي الطوعي أو الإجباري والبقاء في البيوت في ظروف صحية توفر المعايير التي تحد من انتشار العدوى.

هذا الحل قد يكون قابلا للتطبيق في المنازل، لكن يستحيل تطبيقه في المعتقلات والسجون، لأن معظمها يفتقد أدنى شروط السلامة والوقاية الصحية، ويتزاحم السجناء في مساحات ضيقة، ويفتقدون للطعام والشراب النظيف فضلا عن مواد التعقيم والنظافة الشخصية.

بسبب تلك التهديدات، نادت منظمات دولية عديدة بضرورة الإفراج عن جميع السجناء، خاصة السياسيين، الذين تمتلئ بهم السجون في دول مثل مصر واليمن والعراق والسعودية وإيران وغيرها.

إيران أفرجت عن نحو 80 ألف معتقل، وبالقدر الذي يمثل هذا الإجراء بادرة طيبة من قبل طهران، لكنه في ذات الوقت يكشف عن الأعداد الرهيبة التي تمتلئ بها السجون لمعتقلين من الممكن إطلاق سراحهم بعيدا عن خطر كورونا.

إفراج غير مشروط

اليمن أيضا من تلك البلدان التي تمتلئ سجونها بالمعتقلين، حيث تحتجز ميلشيا الحوثيين آلاف المدنيين، وتحتجز ميلشيا المجلس الانتقالي المدعوم من قبل الإمارات في عدن وحضرموت آلاف المواطنين، ونسبة أقل تحتجزهم قوات الحكومة الشرعية.

يختلف المعتقلون في سجون ميلشيا الحوثي وميلشيا المجلس الانتقالي، عن المعتقلين لدى الحكومة الشرعية، فالمعتقلون في سجون الحوثيين والمجلس الانتقالي معظمهم مدنيون، تم اعتقالهم لأسباب لا تمثل جريمة قانونية، بل لأسباب سياسية، وأسباب تتعلق بعدم دعم المشاريع الانقلابية التي نفذها الطرفان.

بينما المعتقلون في سجون الحكومة الشرعية، معظمهم تم اعتقالهم في المعارك، ومع هذا نادت منظمات حقوقية بضرورة الإفراج غير المشروط عن جميع السجناء وبلا استثناء في ظل كورونا.

من بين تلك المنظمات، منظمة سام للحقوق والحريات (مقرها جنيف) التي نادت في بيان نشرته على موقعها بسرعة الإفراج عن المعتقلين في سجون ميلشيا الحوثي وميلشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا، وسجون القوات التابعة للحكومة الشرعية.

وقالت المنظمة: إن تلك السجون تنعدم فيها الظروف الصحية والطبية المناسبة، وتفتقد إلى أدنى المعايير التي توفر الوقاية للمعتقلين من الوباء الجديد، بالإضافة إلى غياب النظام الصحي في اليمن.

وأشارت المنظمة أن الوضع ينذر بكارثة حقيقية، في حال تفشي الفيروس، إذ إن السجون تمتلئ بآلاف المعتقلين، وبعضهم يعاني من أمراض مزمنة وخطيرة، ما يزيد من فرص تعرضهم للمرض.

وقالت المنظمة: إن الوضع الحالي لا ينبغي أن يخضع للمزايدات والممحاكات السياسية أو الحسابات التفاوضية، ويجب أن يخضع للجانب الإنساني فقط.

ودعت المنظمة الصليب الأحمر ومكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفث، ومنظمة الصحة العالمية، إلى التحرك العاجل والسريع للضغط على أطراف الصراع في اليمن، من أجل الإفراج عن جميع المعتقلين.

بدوره، حث غريفث جميع الأطراف المتحاربة في اليمن إلى تعليق المواجهات والتوجه لاتخاذ إجراءات لمنع انتشار الوباء، والحيلولة دون التهديد الأكبر الذي يحلق بجميع اليمنيين دون تمييز.

قبله حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من كارثة انتشار الوباء في اليمن، وقالت إنها تتوقع أن ينفجر الوضع الصحي في اليمن بشكل كارثي، بسبب غياب أنظمة المراقبة الصحية.

اختبار حقيقي

في حديث للاستقلال يقول الناشط الحقوقي محمد الأحمدي: "قضية المعتقلين والمختطفين والمخفيين قسرا في اليمن مثلت أحد أوجه المعاناة في البلد، وتفاقمت مأساة الضحايا في ظل ظروف الاحتجاز غير الإنسانية والمعاملة القاسية والتعذيب والاحتجاز المطوّل ما أدى إلى إصابة العديد منهم بأمراض خطيرة جراء ذلك، لا سيما الصحفيين".

يضيف الأحمدي: "اليوم وفي ظل مخاوف تفشي فيروس كورونا في السجون ومراكز الاحتجاز تبدو كابوسا يؤرق أهالي الضحايا وكل ذي ضمير حي، في ظل غياب الرعاية الصحية وظروف الاحتجاز السيئة ما يتطلب من جميع الأطراف في البلاد التحلي بروح المسؤولية والشجاعة واتخاذ خطوة تحسب للجميع بإطلاق سراح جميع المختطفين والأسرى دون قيد".

ويتابع: "من المؤسف أن تخفق كل مساعي التوصل لحل في قضية المختطفين والأسرى والسبب في ذلك تعنت مليشيا الحوثي وعدم اكتراثها لأرواح الناس واستهتارها بالحق في الحياة، واليوم ستكون أمام اختبار حقيقي لمدى شعورها بالانتماء للمجتمعات البشرية من خلال وضع حد لمعاناة المختطفين وإطلاق سراحهم فورا".

وحتى الآن لم تعلن أي جهة من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، أو الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين، استعدادها للإفراج عن المعتقلين.

الملف المتعثر

في ديسمبر/كانون الأول 2018، توصلت الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، إلى اتفاق لتبادل الأسرى والمعتقلين، أثناء المشاورات التي جرت في السويد، وعقدت عدة لقاءات، في عمان بالأردن بين لجان التفاوض بشأن الأسرى وتم تبادل القوائم.

ورغم الاستعدادات والتجهيزات لتذليل وتسهيل عملية تبادل الأسرى وترحيب الجميع بهذا الإنجاز، إلا أن ملف الأسرى تعثر ولم ير النور حتى الآن.

ورغم أن القوائم التي تم طرحها من الطرفين تضمنت 16 ألف أسير، إلا أن ما تم الاتفاق عليه هو 2500 معتقل فقط من الطرفين.

ومع تأكيد وفد الحكومة بعدم مصداقية الحوثيين بشأن بيانات الأسرى، خصوصا أنهم أقروا من قبل بوجود 3 آلاف و600 معتقل في سجونهم من قائمة تضم 9 آلاف و500 اسم قدمتها الحكومة، إلا أن المباحثات خلصت إلى مبادلة الأسماء المتفق عليها فقط.

وأفاد وكيل وزارة حقوق الإنسان عضو لجنة تبادل الأسرى والمعتقلين باليمن، ماجد فضايل، بأن المشاورات بشأن تبادل الأسرى تعثرت بسبب تعنت الحوثيين ورفضهم تنفيذ الخطوة الأخيرة، المتمثلة بتبادل الأشخاص الذين توفرت عنهم معلومات من الطرفين.

وعن أسباب رفض تنفيذ الخطوة الأخيرة، أوضح فضايل أن الحوثيين يعملون على إطالة مدة المفاوضات وكسب الوقت لشن حرب جديدة. ورغم أن مشاورات تبادل الأسرى تضمنت تبادل الجثث لدى الجانبين، إلا أن تنفيذ ذلك الجزء من الاتفاق تعثر هو الآخر.

حجر غير صحي

إلى جانب قضية المعتقلين، تبرز كارثة أخرى، هي احتجاز المسافرين على حدود المدن اليمنية، بحجة الحجر الصحي، حيث احتجزت جماعة الحوثي آلاف المسافرين في حدود المدن الخاضعة لسيطرتها، ووضعتهم في أماكن لا يتوفر فيها الغذاء ولا الماء ولا المأوى، وفي بيئة غير صحية تسهم بانتشار الأمراض المعدية.

احتجزت ميلشيا الحوثي مئات المسافرين العائدين من العمرة في منطقة الرقو على حدود مدينة صعدة وأودعتهم مدرسة مهجورة، لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة، فوجد المسافرون أنفسهم مضطرين لافتراش التراب، تحت أشعة الشمس الحارقة.

كما احتجزت ميلشيا الحوثي أكثر من 1000 مسافر في منطقة الملاجم على حدود محافظة البيضاء، وتركتهم في العراء تحت حرارة الشمس في وضع غير إنساني، ودون تفريق بين الأطفال والمسنين والنساء.

امرأة مسنة توفيت نتيجة ذلك الاحتجاز المهين، وتوفيت سيدة حامل بسبب تعسر الولادة ومنع الحوثيين ذويها من نقلها إلى المستشفى.

وحسب مصادر لقناة بلقيس اليمنية، فإن جماعة الحوثي تفرض مبالغ مالية على المسافرين بحجة إجراء رسوم الفحص، كما تقوم بابتزازهم بمبالغ مالية أخرى تصل إلى 400 ريال سعودي، من أجل السماح لهم بالمرور، ما يعني أن ذلك الاحتجاز لا علاقة له بالحجر الصحي، بل يهدف إلى مضاعفة المعاناة على المواطنين، من أجل ابتزازهم والتربح من المخاوف التي تهدد حياتهم إثر انتشار الوباء.