"حراس الدين".. من حرّك التنظيم لاستهداف الجيش التركي في إدلب؟

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

أصابع الاتهام تشير إلى تنظيم "حراس الدين" الممثل الشرعي لتنظيم القاعدة الأم في سوريا، بأنه وراء الهجوم الأخير على جنود أتراك في إدلب، وأدى إلى مقتل اثنين منهم وإصابة ثالث، كونه يوجد في المنطقة التي تعرض فيها الرتل التركي لضربة صاروخية.

ورغم نفي جماعة "حراس الدين" مسؤوليتها عن الهجوم، وفق مصادر صحفية، أصدرت وزارة الدفاع التركية بيانا الخميس 19 مارس/ آذار 2020، وصفت فيه منفذي الهجوم الصاروخي على قواتها في إدلب شمال غرب سوريا بأنها مجموعات "راديكالية".

ويعد تنظيم "حراس الدين" أول فصيل عسكري في إدلب رفض الاتفاق الروسي التركي بشأن محافظة إدلب، الموقع في أيلول/ سبتمبر 2018 في سوتشي، لأنه ينظر إلى نفسه ممثلا حقيقيا لتنظيم "القاعدة" في سوريا، ويريد إحراج خصمه "هيئة تحرير الشام" التي لم ترحّب بالاتفاق، لكنها لم ترفضه رسميا.

الهجوم الذي نفذه "حراس الدين" على الجنود الأتراك، يثير تساؤلات عدة عن الدوافع التي تقف وراء استهداف الجيش التركي، وهل أن الجماعة مخترقة من جهات تحاول إفساد وقف إطلاق النار في إدلب، الذي توصلت إليه تركيا وروسيا في 6 مارس/ آذار 2020.

مصلحة إيران

قبل وقوع الهجوم على رتل الجيش التركي، نشرت صحيفة "يني شفق" التركية تقريرا في 10 مارس/ آذار 2020، كشفت فيه أن إيران تحركت لإفشال الاتفاق التركي الروسي بوقف إطلاق النار في إدلب، حيث بدأت المليشيات الإيرانية في القيام ببعض المضايقات على نقاط المراقبة التركية.

ولفتت إلى أن المليشيات الإيرانية واصلت انتهاكاتها بإطلاق النار بالقرب من نقاط المراقبة التركية، مشيرة إلى أن إيران التي سعت لإجراء محادثات مع تركيا بشأن إدلب دون موسكو، مع انطلاق عملية "درع الربيع"، بدأت بالتحرك لتخريب الاتفاق.

وأوضحت الصحيفة، أنه بعد 10 دقائق من سريان قرار وقف إطلاق النار في 6 آذار/ مارس 2020، انتهكت قوات النظام السوري الاتفاق، ومع نهاية اليوم الأول سجل على قوات الأسد 15 انتهاكا.

وأشارت إلى أن الانتهاكات المتواصلة، تضمنت إطلاق النار على القوات التركية في منطقة "الممر الآمن" الذي تم الاتفاق حوله مع روسيا، موضحة أن قوات النظام أطلقت نيران الرشاشة، على القوات التركية، من قرية "أورم الصغرى" القريبة من بلدة الأتارب.

ومن المؤشرات الأخرى التي تفيد بقرب "حراس الدين" من إيران، أن اسم التنظيم بدأ ذاته في العراق في يناير/ كانون الثاني 2019، لاسيما في المناطق العربية السنية والكردية، وتحديدا في محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى والأنبار، الخاضعة لسيطرة المليشيات الشيعية الموالية لإيران بعد استعادتها من سيطرة تنظيم الدولة.

لكن الخبير العراقي في شؤون الجماعات المسلحة سوران سيوكان، أكد خلال تصريحات صحفية في يناير/ كانون الثاني 2019، وقوف طهران خلف محاولات تضخيم هذا التنظيم للإبقاء على مليشياتها في هذه المناطق، مشيرا إلى عدم وجود أدلة حقيقة على ظهور "جماعات إرهابية" جديدة في المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان وبغداد وفي المناطق العربية السنية.

ورجح سيوكان إمكانية أن "يكون تضخيم سيناريوهات ظهور الجماعات الإرهابية الجديدة لعبة إيرانية استخباراتية لزعزعة الأمن والاستقرار ولإعطاء تبريرات واهية لإبقاء الحشد الشعبي في تلك المناطق وإعطائها الغطاء الشرعي اللازم كي تبقى هذه المليشيات في العراق، فوجودها مرتبط بوجود تنظيم الدولة، فإذا مات التنظيم لن يكون هناك أي داع أو ذريعة لوجود هذه المليشيات".

إيران المنبع

لعل مراحل تأسيس تنظيم "حراس الدين" وسيرة قادته تفسر لنا التساؤلات أعلاه والتوجهات التي ترسم تحركات التنظيم، إذ كشفت تقارير عدة، عن تنظيمات تابعة لتنظيم القاعدة أو منبثقة منها كانت لها ارتباطات إما بإيران أو بالنظام السوري، ولم يكن هدفها الأساس قتال الأخير.

فقد ربط خبراء في شؤون الجماعات المسلحة، بين إعلان تنظيم "حراس الدين"، وجماعة أخرى غامضة تُدعى "جماعة خراسان"، كان قد تردد اسمها عام 2014، كتشكيل مرتبط بتنظيم "القاعدة" في سوريا، والتي تعرضت لضربات أميركية في سبتمبر/ أيلول من العام نفسه، بمناطق في ريف حلب الغربي.

وفي حينها قال مسؤولون أميركيون: إن مسلحي "خراسان" أرسلوا من إيران إلى سوريا بأوامر من زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، ليس لقتال حكومة رئيس النظام السوري بشار الأسد، لكن "لتطوير هجمات للمتشددين، وتصنيع واختبار عبوات ناسفة وتجنيد غربيين لتنفيذ عمليات".

ويعتقد بأن هؤلاء المسلحين اندمجوا في صفوف تنظيم "جبهة النصرة" السابق التابع للقاعدة في سوريا، حيث انتقل العديد من قادة القاعدة المتمرسين من إيران إلى سوريا عام 2013، ومن بينهم زعيم "خراسان" محسن الفضلي، والمتحدث السابق باسم "جبهة النصرة" أبو فراس السوري وزعيمها العسكري أبو همام السوري.

وتشير سيرة الفضلي الذاتية (قتل بغارة أميركية في سوريا عام 2015)، الذي يحمل الجنسية الكويتية، إلى أنه كان حارسا شخصيا لأسامة بن لادن عام 2000، وأن طهران قبضت عليه أثناء وجوده في إيران، قبل أن تُفرج عنه في صفقة تبادل أسرى عام 2011، ليصبح بعدها زعيم القاعدة في إيران.

وفي عام 2012 قالت وزارة الخارجية الأميركية: إن الفضلي هو زعيم شبكة القاعدة في إيران، بعد أن هرب من الكويت بواسطة جواز سفر مزور، وحددت مكافأة قدرها 7 ملايين دولار، لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه.

وعلى أنقاض تنظيم "خراسان"، الذي كان الفضلي على رأسه مع 5 أعضاء معروفين في تنظيم القاعدة أرسلهم الظواهري من إيران إلى سوريا، وبعد الانشقاقات التي عصفت بـ"جبهة النصرة" أعلن عن تأسيس تنظيم "حراس الدين" في 27 فبراير/ شباط 2018.

ومن هؤلاء القادة: خالد مصطفى خليفة العاروري، الملقب بـ"أبو القسام الأردني"، القائد العسكري الحالي لتنظيم حراس الدين، ومحمد صلاح الدين زيدان الملقب بـ "سيف العدل"، قائد الجناح العسكري في القاعدة، والذي يشاع أنه انتقل من إيران إلى سوريا عام 2015، لكن المرجح أنه لم يغادر الأولى.

وحسب تقارير، فإنه في ظل رفض سيف العدل وأبو محمد المصري، إعادة تسمية "جبهة النصرة" باسم "جبهة فتح الشام"، أوائل عام 2017، تم إطلاق "جبهة فتح الشام" مرة أخرى باسم "هيئة تحرير الشام".

وكان كل من العدل والمصري في إيران، عندما رفضا القرارات التي اتخذها أبو محمد الجولاني، حيث رفض الأخير رأيهما بحجة أنهما في إيران وليس في سوريا، إذ يُرجح الباحث المصري في شؤون الجماعات المسلحة ماهر فرغلي أن سيف العدل لا يزال في إيران تحت الإقامة الجبرية، وفق الاتفاق بين تنظيم القاعدة وإيران.

"عميل إيران"

وفي مقال نشره موقع "أخبار الآن" في مارس/آذار 2019، قال فرغلي: إن "تنظيم القاعدة تحول بعهد الظواهري إلى عميل إيراني بامتياز، فقد عقد اتفاقا مع طهران تقوم بموجبه بحماية عدد من القيادات ومنهم الرجل الثاني بالتنظيم، أبو الخير المصري، الذي قتل فيما بعد بسوريا، وسيف العدل، الذي لا يزال يقيم هناك، وهذا كله حدا بالبعض أن يتهمه بتلقي تمويلات، بل وأنه يقيم أيضا بإحدى المحافظات الإيرانية".

ويعتبر تنظيم "حراس الدين" نفسه أحد أفرع تنظيم القاعدة ويدين بالولاء إلى زعيمها أيمن الظواهري، ويسيطر عليه أشخاص قادمون من مختلف دول العالم وبشكل أساسي من الأردن وتونس.

وبعد إعلان البيان التأسيسي الأول الذي دعا فيه الفصائل المسلحة إلى توحيد صفوفها، انضم 16 فصيلا إلى "حراس الدين" وهم: "جيش الملاحم، جيش الساحل، جيش البادية، سرايا كابول، سرايا الغوطة، كتيبة أبو بكر الصديق، كتيبة أبو عبيدة بن الجراح، سرايا الغرباء، كتيبة البتار، سرايا الساحل، سرية عبدالرحمن بن عوف، كتائب جند الشام، كتائب فرسان الإيمان، قوات النخبة، مجموعة عبدالله عزام، كتيبة أسود التوحيد".

وأفاد تقرير أصدره "معهد واشنطن" في 24 ديسمبر/ كانون الأول، بأنه ومن أجل تعزيز قوته وقدرته العسكرية، أقام تنظيم "حراس الدين" أيضا تحالفات قتالية مختلفة، كان أولها في نيسان/أبريل 2018 حين شكل "أنصار التوحيد" وتنظيم "حراس الدين" ما يسمى بـ"حلف نصرة الإسلام".

وتمثل تحالف أساسي على نحو أكبر في "غرفة عمليات وحرض المؤمنين" التي تشكلت في تشرين الأول/أكتوبر 2018، إلى جانب جماعتين أصغر حجما متحالفتين مع تنظيم القاعدة، هما: "جبهة أنصار الدين" و"جماعة أنصار الإسلام".

وحسب تقرير لمؤسسة "شاتام هاوس" البريطانية نشرته في أبريل/ نيسان 2018، فإن عدد مقاتلي حراس الدين يصل إلى نحو 2000 عنصر، فيما يقوده حاليا سمير حجازي أبو همَّام الشامي، أما أبرز علمائه الشرعيين فهو الأردني سامي العريدي.

في سبتمبر/أيلول 2019، خصصت الخارجية الأميركية مكافأة مالية 5 ملايين دولار لكل من يدلي بمعلومات تؤدي إلى تحديد أماكن 3 من كبار القادة في تنظيم "حراس الدين" المرتبط بتنظيم القاعدة، وهم أبو عبد الكريم المصري، وفاروق السوري، وسامي العريدي.

ومن الشخصيات التي انضمت إلى التنظيم: أبو بصير البريطاني وأبو أنس السعودي وحسين الكردي، وأسماء أخرى معروفة في مشهد هذه التنظيمات، بحسب المؤسسة البريطانية.

فقد "حراس الدين" عددا من قادته المؤسسين، بينهم بلال خريسات المعروف بأبو خديجة الأردني في حزيران/يونيو 2018، وإياد الطوباسي أو أبو جليبيب الأردني، صهر أبو مصعب الزرقاوي في كانون الأول/ديسمبر 2018.