التعبئة الطبية في تركيا.. ما أوجه الشبه بين معركة جناق قلعة وكورونا؟

12

طباعة

مشاركة

شبهت صحيفة يني شفق، التعبئة الطبية التركية في معركة جناق قلعة (١٩١٥)، بما يحدث اليوم في البلاد والعالم أجمع بسبب انتشار فيروس كورونا الجديد.

وتحيي تركيا في 18 مارس/آذار من كل عام، الذكرى السنوية لانتصار الدولة العثمانية في معارك جناق قلعة ضد الحلفاء، حيث حاولت قوات بريطانية وفرنسية ونيوزلندية وأسترالية، احتلال إسطنبول عاصمة الدولة العثمانية آنذاك، وباءت المحاولة بالفشل.

وكانت المعركة التي وقعت بمنطقة "غاليبولي" في ولاية جناق قلعة حاليا، بمثابة تحول لمصلحة الأتراك، حيث انتصروا فيها على القوات المتحالفة خلال الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918).

دروس التاريخ

وقال الكاتب في الصحيفة التركية زكريا كورشون في مقالة له: "في هذه الأيام، عندما نتذكر الذكرى 105 لانتصار جناق قلعة، فإننا نواجه تعبئة جديدة. علاوة على ذلك، هذه المرة ضد عدو غير مرئي، متستر، ولا يمكن التنبؤ به عندما يهاجم، لذلك، علينا أن نتعلم دروسا من التاريخ وأن ندرك التجارب التي جمعناها ومقارنتها بأحداث مماثلة". 

وأضاف الكاتب: "لا يمكننا أن نعتبر معارك جناق قلعة حربا حققنا فيها النصر فقط؛ حيث كانت عبارة عن حرب تجمع بين جميع إمكانيات التكنولوجيا وتدمير دولة بريئة تعيش بذاتها".

وتابع: "كانت هذه الحرب محاولة لدفن الإنسانية والضمير في إطار ضيق. ومع ذلك، تحولت إلى انتصار ونهضة مع اتخاذ تدابير الدفاع في الوقت المناسب، والتكتيكات العسكرية، ولكن الأهم من ذلك هو تقديم التضحيات في كل مكان".

ويرى أن الواقع هو أن هذا الانتصار كان لأولئك الذين يريدون حماية شرف بلدهم ودينهم وقيمهم؛ "لقد كان انتصار كل من شعر بشيء للبشرية".

وزاد الكاتب: "أعدنا اكتشاف هذه الروح من خلال النظر إلى أطبائنا ومتخصصي الرعاية الصحية. ببعد 105 سنوات، حيث يواجه العالم كارثة جديدة (كورونا)، وهنا أيضا نشكرهم ونشيد أيضا بمن ساهموا في انتصارنا بمعركة جناق قلعة".

ونقل بعض الشهادات التي وردت في كتاب "الخدمات الصحية في حروب جناق قلعة.. تاريخ حرب جناق قلعة، مصطفى دمير ، 2008" ومما جاء فيه: "قبل الحرب، كانت هناك مستشفيات عسكرية مع 250 سريرا في جناق قلعة و400 سرير في غاليبولي وكانت غير كافية ولاحقا تم إضافة عدد قليل آخر من الأسرة".

وعقب إعلان التعبئة، جرى زيادة الطاقة الاستيعابية لهذه المستشفيات مرة أخرى وبدأ إنشاء مستشفيات أخرى في بيجا. بالإضافة إلى ذلك، أثناء إنشاء 3 مستشفيات حرب بسعة 150 سريرا في لابسكي؛ تم تحويل المدرسة الفرنسية القديمة في جاليبولي إلى مستشفى بسعة 200 سرير.

من ناحية أخرى، جرى فتح مستشفيات جديدة في المقاطعات والبلدات المحيطة بسبب الحاجة الناشئة خلال الحرب.

ظروف قاسية

وأضاف الكاتب: "جرى الإسعاف الأولي للجنود الذين أصيبوا أو مرضوا في المعركة ثم جرى إرسالهم إلى العيادة، تم نقل المصابين بجروح طفيفة إلى أماكن التجمع الكبيرة التي تم إنشاؤها في أحواض الأنهار المحمية بعد مكان التجمع الأول".

بعد بضعة أيام من اندلاع المعارك البرية، أصيب 2000 بجروح، يضيف: "ولعلنا ننتبه إلى أن الأبطال حاولوا علاج مرضاهم تحت ضغط الضعف الدفاعي الذي يسببه الأشخاص المصابون ومن ناحية أخرى، عدم كفاية المواد الطبية وروح القتال التي قد تنخفض أحيانا".

على الرغم من أن سعة الأسرة في المستشفيات تضاعفت ثلاث مرات، إلا أنها لم تكن كافية. وأردف الكاتب: "أي مستشفى سيكون كافيا لأولئك الذين خرجوا من النزاعات، حيث تم إطلاق ستة آلاف طلقة لكل متر مربع؟ لذلك، كانت سفن المستشفيات تنقل المرضى باستمرار إلى إسطنبول تحت تهديد طوربيدات العدو".

ويوضح أن "العلوم والتكنولوجيا الطبية كانت متخلفة كثيرا في السابق مقارنة بما وصلت إليه اليوم، فيما كان غياب مرض معدي خلال الحرب نعمة من الله".

وزاد: "في حين جرى علاج خمسين ألف مريض أو جريح في 14 مستشفى مع 9950 سريرا في جناق قلعة تحت قيادة الجيش الخامس؛ نقل حوالي مائتي ألف مصاب إلى مستشفيات أخرى".

ويختم أنه "في ظل كل هذه الظروف القاسية؛ توفي 11.6٪ من المرضى و2.7٪ من الجرحى؛ وهذا النجاح هو للأبطال الأطباء والمتخصصين في الرعاية الصحية الذين يعملون بتفان كبير".

وشدد الكاتب على أن جناق قلعة وهي تسطر انتصارها في ذكراها الـ105 فإن "الوقت مناسب لشكر جميع أبطالنا بامتنان وفي التعبئة الجديدة التي نمر بها اليوم، نحيي أطباءنا بكل احترام الذين يديرون الأزمة بنفس الروح، ويدعمون أمتنا، ويعالجونها أخلاقيا عند الضرورة".