إعلام بريطاني: الإفراج عن السجناء بالعالم أصبح أولوية لمواجهة كورونا

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

قال موقع "بي بي سي" البريطاني: إن السجون الأميركية على وشك البدء في إطلاق سراح سجناء، خوفا من انتشار فيروس كورونا بينهم، بسبب الازدحام الشديد.

ونقل الموقع، عن رئيس بلدية نيويورك، قوله في ١٨ مارس/آذار ٢٠٢٠: إن المدينة ستطلق سراح السجناء "الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا" بعد أيام من الإفراج عن المئات منهم، في كل من لوس أنجلوس وكليفلاند.

ويقول مناصرو إصلاح السجون: إن من هم في الداخل أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا ونقل العدوى إلى آخرين. وتشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من 9400 حالة مصابة بفيروس "كوفيد 19"، و152 حالة وفاة في الولايات المتحدة حتى الآن. وعلى الصعيد العالمي، هناك حوالي 220 ألف حالة مؤكدة وأكثر من 8،800 حالة وفاة.

سجون نيويورك

وأوضح عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو أن مسؤولي المدينة سيحددون هذا الأسبوع السجناء الذين سيتم الإفراج عنهم، بما في ذلك الأشخاص الذين ألقي القبض عليهم في جرائم بسيطة والأكثر عرضة للإصابة بسبب مشاكل صحية أساسية.

وجاء إعلانه بعد ساعات من اختبار إيجابي لحارس وسجين للإصابة بالفيروس التاجي في سجن جزيرة ريكرز. كما أنه جرى اكتشاف حالات إيجابية أًصيبت بفيروس كورونا في سجون أخرى تابعة لمدينة نيويورك.

وقال مسؤولون أميركيون في ١٧ مارس/آذار ٢٠٢٠: إن مقاطعة لوس أنجلوس خفضت عدد نزلائها بنحو 600 في الأسبوعين الماضيين.

وأبلغت مديرة لوس أنجلوس أليكس فيلانويفا، المراسلين في وقت سابق من هذا الأسبوع أن "النزلاء داخل سجوننا هم من السكان الضعفاء بمجرد وجودهم داخل السجون، لذلك يجب حماية السكان من التعرض المحتمل للفيروس".

ويُعد سجن مقاطعة لوس أنجلوس من أكبر السجون في الولايات المتحدة، حيث يقبع به 22 ألف سجين. وكشف فيلانيوفا أن التوقيف في المقاطعة انخفض أيضا، من متوسط 300 في نهاية الأسبوع إلى 60 فقط في منتصف مارس/آذار ٢٠٢٠.

الإفراج المبكر

وأوضح موقع بي بي سي أن الحكومة البريطانية تخطط لتمديد مخطط يسمح بإطلاق سراح بعض السجناء في وقت مبكر لتخفيف الضغوط في السجون عبر إنجلترا وويلز.

وذكر الموقع في تقرير له أنه في إطار البرنامج، يمكن السماح لبعض السجناء بالسجن لمدة تقل عن أربع سنوات بالخروج قبل منتصف مدة عقوبتهم، مضيفا أن السجناء المطلق سراحهم سيجبرون على ارتداء سوار معدني لإجبارهم على الالتزام بمنازلهم في إقامة جبرية.

وقدر تقدير رسمي، في العام الماضي، أن الخطط المقترحة ستؤدي إلى زيادة في عدد السجناء الذين تم إطلاق سراحهم مبكرا بنحو 600 سجين.

يُذكر أن يوم ١٣ مارس/آذار، وُضع 2718 سجينا ضمن إطار الإفراج الشرطي واستبدال السجن بالإقامة الجبرية في المنزل.

ويبلغ عدد السجناء 83،917، وهو ما يزيد عن 1،431 منذ أكثر من 12 شهرا، ومن المتوقع أن يزداد أكثر بسبب التغييرات في إصدار الأحكام وتجنيد 20.000 ضابط شرطة إضافي.

ما خطورة السجون؟

وبدوره، حاول موقع "ذا كونفرزيشن" البريطاني الإجابة على سؤال بدأ يتداول في العالم حول مدى أهمية إطلاق سراح السجناء لتفادي انتشار الوباء بين السجناء.

وقال الموقع: "في حالات الطوارئ الوطنية، عادة ما تتبع الحكومات برامج عقابية لتطبيق القانون، كما يمكنهم إعادة استخدام السجون والسجناء لأغراض العمل الجبري وجهود الحرب وما إلى ذلك".

واتجهت بعض الحكومات إلى العقوبات وتغليظها لمواجهة انتشار الفيروس، حيث جرى معاقبة التجار الذين يستغلون الأزمة وغير الملتزمين بالإرشادات الحكومية

لكن الحكومة الأسترالية لم تتبع إستراتيجية تغليظ العقوبات في انتشار فيروس كورونا، حيث يوثق التاريخ انتقال الأمراض المعدية في السجون ويقرع أجراس الإنذار بإمكانية تهديد المجتمع بشكل عام.

وأضاف: "في البلدان التي تسبب فيها انتشار فيروس كورونا بخسارة فادحة على الحياة البشرية، مثل إيران وإيطاليا والصين، كانت السجون العامل الأكبر في انتشار الفيروس".

وسجلت الصين ما لا يقل عن 806 إصابات مؤكدة بـ COVID-19 في خمسة سجون عبر ثلاث مقاطعات، ومن بين المصابين هناك أربعة في حالة حرجة. ما يقرب من ثلث (233) المصابين كانوا يقبعون في سجن ووهان للنساء.

ردت حكومة الصين بفرض الحجر الصحي على السجناء لمدة 14 يوما، إلا أنه تم اعتبار هذا الإجراء غير فعال في مواجهة الفيروس عندما تخطت سيدة مصابة بالفيروس جدار الحماية.

في إيطاليا، لم تكن هناك حالات لسجناء مصابين، لكن المخاوف من انتشارها في سجونها المكتظة دفعت السجناء إلى المطالبة بالعفو.

هذه المخاوف، إلى جانب منع الحكومة الإيطالية زوار السجون من الزيارة، أدت إلى انتفاضات في 23 سجنا، حتى 10 مارس/آذار ٢٠٢٠، ما أسفر عن مقتل 12 سجينا، إلا أن الحكومة استمرت في  تعاملاتها القاسية مع السجناء.

وعلى النقيض من ذلك، أفرجت الحكومة الإيرانية عن 70 ألف سجين إلى أجل غير مسمى، لمنع تفشي COVID-19 في السجون، شريطة ألا يشكلوا أي خطر على الأمن.

كانت الأولوية هي إطلاق سراح السجناء الذين يعانون من ظروف صحية سابقة، يعتبر هذا الإجراء وقائيا تماما، حيث لم يتم الإبلاغ عن أي حالات لـ COVID-19 في السجون الإيرانية حتى الآن.

مخاطر إضافية 

هناك حوالي 45 ألف بالغ وطفل في السجون الأسترالية ومراكز احتجاز الشباب، وتشير الأدلة إلى أمرين يمكن توقعهما إذا أُصيب السجناء بفيروس كورونا:

الأول: سينتشر الفيروس داخل السجون وبين السجناء بمعدل يفوق كثيرا مدى انتشاره بين السكان غير المسجونين. الثاني: سيكون هناك وفيات في السجون أكثر من عامة السكان.

يتمثل الأمر الأول في البحث عن أمراض أخرى، مثل السل، حيث تزيد معدلات الإصابة بين المسجونين بما يصل إلى 100 مرة عن خارج السجون.

في السجون الأسترالية، يبلغ معدل انتشار التهاب الكبد الوبائي سي  30٪. وبشكل عام، تعد الأمراض المعدية قضية أكثر أهمية في السجون بالمقارنة مع عموم السكان.

السجون الأسترالية المزدحمة غير قادرة على الحماية من الانتشار السريع للأمراض، بسبب الاستخدام المشترك للمرافق وعدم كفاية خدمات الصرف الصحي والخدمات الصحية.

وتحدد منظمة الصحة العالمية الاكتظاظ بأنه مشكلة هيكلية تساهم في انتشار العدوى في السجون، وتعترف بأن تفشي الأمراض بداخلها يهدد الأشخاص خارج السجون.

ويتعرض الأشخاص في السجون إلى تدهور في الصحة العامة، بما في ذلك الأمراض المزمنة التي تجعلهم عرضة لأسوأ تأثيرات فيروس كورونا، كما تؤدي الرعاية الصحية غير الكافية في السجون إلى تفاقم الحالة الصحية السيئة.

وتوضح المنظمة أن "عدم كفاية الرعاية الصحية للسجناء يتعارض مع العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وينص على أن لكل شخص الحق في أعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والطبية".

تهديد للمجتمع 

ويوضح موقع "كونفرزيشن" أنه "بالنسبة للبعض، قد يكون من المريح عزل المصابين في السجون، لكن الحقيقة هي أن عددا كبيرا من الأشخاص المحتجزين في السجون الأسترالية موجودون هناك لفترة قصيرة بالأساس، ويمكن أن يغادر الكثير بعد فترة الحبس الاحتياطي، وهذا يعني أنهم سيظلون في السجن لمدة تقل عن بضعة أشهر قبل إطلاق سراحهم".

تشير الإحصائيات إلى أن السجناء الأستراليين يعانون من معدل ضغط مرتفع، كما أن السجون ليست قادرة على احتواء تفشي المرض، حيث لا توجد مرافق لحجز كل شخص يتم إطلاق سراحه من السجن في المجتمع.

ونظرا لأن جزءا كبيرا من السجناء ليس لديهم سكن مستقر وأن العديد منهم أصبحوا بلا مأوى بعد السجن، فإن الحجر الصحي الذاتي ليس حلا قابلا للتطبيق.

ولذلك، يرى الموقع البريطاني أنه لمنع تحول السجون إلى نقاط ساخنة لانتشار فيروس كورنا، فإن الاستجابة المنطقية الوحيدة هي إطلاق سراح بعض السجناء. ويُعد إخلاء السبيل هذا ضروري لحماية صحة ورفاهية السجناء والمجتمع ككل.

السجون هي المجال المتبقي الذي يحرم من حماية معايير مكافحة العدوى، يُجبر السجناء على الدخول في موقع مُعد محتمل مع عدم وجود خيار على مرفق السجن، أو رفاق الزنزانة الذين سيتم احتجازهم معهم، يجب ألا ينطوي السجن على الخضوع القسري لعدوى مميتة، وفق الموقع البريطاني.

ويتابع: "يجب أن يبدأ الإفراج عن السجناء بأولئك الذين يعانون من ظروف صحية، والأطفال والشباب، والعدد الكبير من السجناء البالغين المحتجزين بتهمة ارتكاب مخالفات موجزة (القيادة غير القانونية، والاضطراب العام، والتقصير في الغرامة، وما إلى ذلك)".

كما يجب بحسب الموقع، أن يشمل ذلك "جرائم الممتلكات، والاعتداء العادي وخرق إجراءات العدالة. كما ينبغي فرض حظر على سجن المجرمين القصر والأشخاص غير المحكوم عليهم".

ويؤكد أن السجون المزدحمة غير قادرة ببساطة على عزل الناس، "ويجب توجيه السياسات لإطلاق سراح السجناء وتغيير القوانين التي تحكم الشرطة والادعاء والسلطة القضائية لمنع المزيد من السجن".

في حالة الوباء، ترتبط صحة عامة السكان بشكل وثيق بصحة السكان المحتجزين، "ولذلك من الضروري الاهتمام الفوري بالاحتياجات الصحية للسجناء لاحتواء انتشار الفيروس التاجي"، وفق موقع " ذا كونفيرزيشن".