الملك لم يمت.. "لو فيجارو": اعتقالات ابن سلمان اختبار لما قبل العرش

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

شن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مؤخرا حملة اعتقالات واسعة داخل العائلة المالكة، شملت اعتقال شقيق الملك وذلك عقب أنباء عن تدبير انقلاب للإطاحة به.

وبحسب الكاتب جورج مالبرينو في صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية فإن ابن سلمان البالغ من العمر 34 عاما تجرّأ على المساس بأحد شيوخ العائلة المالكة، عمه أحمد البالغ من العمر 78 عاما. 

وأضاف أن سلسلة الاعتقالات شملت أيضا وزير الداخلية السابق الأمير محمد بن نايف، وشقيقه نوّاف، إضافة إلى عشرات المسؤولين بوزارة الداخلية والجيش.

وذكرت الصحيفة أن الكشفت عما حدث نشرته في وقت واحد صحيفتي "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال" اللتان تحدثتا عن "محاولة انقلاب" ضد الأمير.

أين الملك؟

وأوضح الكاتب أن هذه المعلومات أثارت في البداية الشك بين المراقبين نتيجة الغموض الشديد من قبل الديوان الملكي بالرياض، وهو ما طرح تساؤلات عن احتمال تدهور الحالة الصحية للملك سلمان (84 سنة)، وما إذا كان العاهل السعودي يحتضر وابنه المفضل يؤمّن وصوله للعرش.

ولكن في غياب الإنكار الرسمي، اتضح للجميع الأمر، خاصة وأن القصر بث بعدها صورا للملك سلمان واقفا يستقبل سفراء.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأمر لم يقتصر على عدم وفاة الملك فحسب، بل إنه على الأرجح صادق على حملة "التطهير" في بيت آل سعود الذي يضم آلاف الأمراء ويحكم المملكة منذ 1932، لقطع الطريق أمام أي منافس محتمل لولي العهد محمد بن سلمان.

وقال علي شهابي في تغريدة من الولايات المتحدة، وهو خبير سعودي مقرب من ابن سلمان: "الملك وولي العهد يسيطران بشكل مطلق على الوضع، يجب ألا يكون هناك شك في ذلك".

وبينت "لو فيجارو" أنه رغم انكشاف الحقائق، بقيت الأسئلة: "وهو في عمر 78 سنة، هل شرع الأمير أحمد فعلا في انقلاب أم أنه مجرد ستار دخاني من قبل محمد بن سلمان؟ وكذلك لماذا شن الأخير حملة التطهير هذه، بينما صورته مشوهة باغتيال المعارض جمال خاشقجي واعتقال الناشطات؟

وذكرت الصحيفة الفرنسية أن حملة الاعتقالات تأتي قبل ثمانية أشهر من مجموعة العشرين المهمة التي ستستضيفها الرياض.

سلطة مطلقة

وأوضحت أن الأمير أحمد هو أهم شخصية بين الأمراء المعتقلين من قبل ولي العهد، وكذلك محمد بن نايف، الرجل الذي كافح إرهاب تنظيم القاعدة والمقرب من وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي أي أيه)، والذي صادر محمد بن سلمان ثروته خلال حملة تطهير مكافحة الفساد في خريف 2017.

ولفتت الصحيفة إلى أنه منذ عملية التطهير هذه، جرى وضع محمد بن نايف قيد الإقامة الجبرية في قصر بالرياض، وكذلك حُرم من "أداته" السابقة، وزارة الداخلية، وأيضا جرد من عناصره، وباختصار، تبدو قدرته على المناورة منخفضة للغاية.

ونقلت عن خبير فرنسي بشبه الجزيرة العربية أن الأمير أحمد يتمتع بمنزلة كبيرة ومحبوب داخل العائلة المالكة، مشيرا إلى أنه من خلال الاعتقالات المتتالية، عمل ابن سلمان على شق صف البيت السعودي. 

ومن أجل استعادة التجانس إلى حد ما بعد اغتيال جمال خاشقجي، الذي ذكرت وكالة المخابرات المركزية أن محمد بن سلمان يقف وراءه، أذن الملك للأمير أحمد بمغادرة لندن والعودة إلى الرياض نهاية عام 2018. 

ولفتت الصحيفة إلى أنه قبل ذلك بقليل، لم يتردد هذا الأمير في انتقاد الحرب الدائرة في اليمن، التي بدأت قبل عام 2015 بتوجيه من محمد بن سلمان، وهو انتقاد علني نادر في المملكة العربية السعودية، لكن منذ عودته ظل الأمير أحمد متواريا عن الأنظار. 

وأشارت "لو فيجارو" إلى مذكرة فرنسية رسميةيعود تاريخها إلى أواخر 2018 عندما عاد إلى شبه الجزيرة العربية، حيث قالت عنه: إن "الأمير أحمد يملك كل شيء لإرضاء الأمراء المغضوب عليهم والغرب، إنه يجسد المدرسة القديمة. يمكنه أن يمسك البلاد بفضل تجربته كنائب وزير الداخلية بين 1975 و 2012".

وذكّرت الصحيفة الفرنسية بأن الأمير أحمد "عارض بوضوح تغيير قواعد انتقال السلطة عام 2017، عندما أصبح محمد بن سلمان وليا للعهد بدلا من محمد بن نايف". 

واعتقل أحمد أثناء عودته من رحلة صيد صقور في الخارج، فهل فعل شيئا ضد محمد بن سلمان؟، يتساءل الخبير الفرنسي. فبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، سمع ولي العهد "الانتقادات التي وجهها أحمد أثناء اجتماع عائلي، ففقد صبره". 

رسالة قوية

ووفقا لرجل أعمال في الرياض: "الشباب السعودي لا يهتم بأحمد، فقدرته المزعجة محدودة داخل العائلة الحاكمة". لكن بالنسبة لمعظم الخبراء، هناك حقيقة واضحة أخرى.

ويقول مارك مارتينيز، خبير بالخليج: "من خلال وجود محمد بن سلمان في السلطة، أرسل إشارة قوية للعائلة أنه لا يمكن التنازل عن السلطة".

ويعتقد البعض الآخر أن ابن سلمان يستغل الظروف المواتية "لترويع العائلة المالكة من خلال الإظهار للجميع أنه القائد، وأنه فقط من سيخلف سلمان، وليس أحد آخر، ولن يتردد في اللجوء إلى القوة للوصول إلى العرش".

ويقول رجل الأعمال: "سواء أعجبك الأمر أو كرهته، عليك أن تعترف بأن كل شيء يسير على ما يرام، فبالنسبة له الآن، قضية خاشقجي أصبحت من الماضي، ورؤساء الدول يتوافدون إلى الرياض، ومحور دونالد ترامب والولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى". 

ورأى أنه ما قد يبدو غريبا هو التوقيت، لأنه لا يوجد تهديد، وربما شخصيته المندفعة هي ما دفعته إلى هذا العمل، كأنه قال لنفسه: "لدي كل السلطات، أفعل ما أريد".

لكن مارك مارتينيز حذر من أن "هذا الحماس اللامحدود يمكن أن يبشر بمستقبل مضطرب". ويضيف: "نحن نخاطر برؤية ظهور سلطوية غير مقيدة تتمحور حول رجل انتهك قوانين العمل في النظام السعودي".