الصحة العالمية لـ"الاستقلال": هذه خطتنا لاستقبال كورونا في غزة (حوار)

محمد عيد | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سريعا وبدون أي سابق إنذار، يطرق فيروس كورونا المستجد أبواب العديد من الدول رغم الاحتياطات الطبية والوقائية اللازمة التي تتخذها، وهو ما يساهم بنشر حالة من الخوف بين مواطني تلك الدول، وإيقاعه خسائر بالأرواح، وضربات اقتصادية.

ووصل الفيروس القاتل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكانت أولى المدن التي بدأ ينتشر بها هي بيت لحم جنوب الضفة الغربية، وهو ما ترك حالة من الترقب المريب لدى المحاصرين في قطاع غزة من إمكانية وصوله لهم.

ويعيش قطاع غزة حصارا مشددا منذ نحو ١٤ عاما أثر على القطاع الصحي، وهو ما يترك تساؤلات حول قدرة القطاع على مواجهة الفيروس أو تطويقه. ورغم الحصار فإن دخول الفيروس إلى غزة أمر محتمل بعد انتشاره في مصر والأراضي المحتلة على حد سواء، حيث يوجد معبران لدخول الأفراد في شمال وجنوب البقعة المحاصرة.

ولمعرفة مدى الإمكانيات التي يمتلكها قطاع غزة للتعامل مع فيروس كورونا وقدرته على التقليل من خطورته، حاورت صحيفة الاستقلال مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في قطاع غزة د. عبد الناصر صبح.

  • ما هي درجة جهوزية قطاع غزة  لاستقبال فيروس كورونا المستجد؟

يوجد لدى قطاع غزة الكم المناسب للتعامل مع فيروس كورونا في حالة وصوله لغاية 50 حالة في الوقت الحالي لمن هو قادم من دولة ينتشر فيها الفيروس، وتكون أولى الخطوات من خلال منطقة الحجر التي يقضي فيها الشخص القادم من الدول الموجودة بها الفيروس مدة 14 يوما.

ويوجد لدينا مستشفى ميداني تعمل عليه وزارة الصحة وسيجهز غدا (٩ مارس/آذار ٢٠٢٠)، حيث لديه قدرة استيعابية كبداية تتمثل في: 36 سرير عناية مركزة و30 سريرا للحالات المتوسطة، ولدينا مختبر مجهز للتعامل والفحص من 50 إلى 200 حالة حسب الأعداد التي تأتي إما كمجموعات أو بشكل فردي.

منظمة الصحة العالمية بصدد إحضار مزيد من المواد المخبرية لقطاع غزة لفحص مزيد من العينات إذ استدعى الأمر.

الطواقم الطبية في غزة يتم إعدادها بالتدريبات الكافية للتعامل مع الحالات المشتبهة بها، ولدينا من الملابس والمواد اللازمة للتعامل مع الحالات ما يكفي وهي كمية جيدة للأطباء والمرضى والعاملين.

  • هل يمكن لقطاع غزة أن يتلقى الضربة الأولى من الحالات المرضية ويتعامل معها بالمهنية والسرعة المطلوبة؟

لغاية 50 حالة يمكن لقطاع غزة التعامل مع الصدمة الأولى بالجهوزية الحالية، أكثر من ذلك، هناك المزيد من الدعم اللازم سيتم تقديمه لوزارة الصحة في غزة، ونحن نراقب الوضع عن كثب وهو أحد أدوار المنظمة في تقديم الدعم اللوجستي للتعامل مع الحالات في حالة زادت عن الرقم المرصود، والتدخل يكون بإحضار مزيد من اللوجستيات.

  • ما هو شكل التعاون بين منظمة الصحة العالمية والسلطات في غزة؟

منظمة الصحة العالمية تقف على كل خطوة تقوم بها وزارة الصحة في قطاع غزة، وهي عضو في اللجان التي شكلتها السلطات في غزة للتشاور معها وتقديم الدلائل والبروتوكولات والمواد التدريبية اللازمة للتعامل مع الفيروس، ونتفقد الحاجات الموجودة وغير الموجودة، وبالتالي تعمل المنظمة على التأكد أن القطاع يوجد فيه ما يلزمه للاستجابة في حالة طرأت أي حالة.

خطط المواجهة

  •   هل هناك خطط ورؤى لمواجهة الفيروس بحالة وصوله إلى غزة؟

بالتأكيد وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، ومنظمة الصحة العالمية لديهما خطط كما الدول الأخرى في حالة انتشار الفيروس، وسيكون هناك أشكال جديدة للتعاون في المكان الذي ينتشر فيه الفيروس.

نحن نتخذ عددا من الخطوات الاحترازية كتقديم إرشادات بإغلاق التجمعات الكبيرة، وتقليل نسب الازدحام، وتنشيط المعرفة والدراية لدى الجمهور لتجنب نقل الفيروس، وبث الرسائل للمجتمع، وفتح خط ساخن، والتشديد على النظافة الشخصية، خاصة للذين تظهر عليهم الأعراض، إلى أين يتوجهون لأخذ عينات؟

وخلال فترة الفحص التي تستمر عدة ساعات، أين يكون المريض وقتها؟ وفي حالة كان مصابا حتى لا ينقل العدوى للآخرين، ولكل مرحلة لها حيثياتها، ولدينا من الإرشادات والنصائح والقوانين التي تسن لهذه المرحلة.

  • هل أرسلت منظمة الصحة العالمية أي أدوية أو أجهزة لغزة لفحص عينات من المرضى المشتبه بحملهم للفيروس، ما هي وكم عددها؟

تجنب الفيروس لا يحتاج إلى أجهزة أو معدات بل الأمر مرتبط بسلوكيات ونحن نتحدث ليس عن فيروس ينتشر بين أعضاء المجتمع، فلا يوجد لدى قطاع غزة أي حالة، وفي حالة تم وجود الفيروس بشخص قادم من الخارج سيتم التعامل معه بخلاف عن حالة أصيبت وهي لم تغادر القطاع.

القادم من الخارج في حالة تم اكتشاف إصابته بالفيروس يتم التعامل معه على أساس ذلك، حتى يتم احتواء الفيروس دون أن ينتشر، ولكن إذا ظهرت حالة لشخص لم يغادر البلاد فذلك يعني هناك حالات منتشرة ويجب اتخاذ خطوات مختلفة جدا.

جهاز الفحص PCR الموجود لدى وزارة الصحة، أحضرته منظمة الصحة العالمية لها من 4 سنوات وقامت بتدريب فنيين عليه ولكن ليس لإجراء فحوصات على فيروس كورونا ولكن لأنواع الفيروسات المختلفة كالإيدز.

 تكلفة الجهاز 50 ألف دولار، والمنظمة قامت بشرائه، وكان وفد نرويجي متخصص عمل على تدريب طواقم عليه، ولكن كان معطلا منذ أكثر من شهرين، وقامت المنظمة بإصلاحه ومؤخرا وكلفها ذلك 11 ألف دولار، وأصبح يعمل بصورة جيدة، وقام الفنيون بعمل فحوصات على الجهاز، وأثبت جدارته.

منظمة الصحة العالمية أحضرت المواد اللازمة لفحص فيروس كورونا وسلمتها لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة والتي استخدمتها لفحص العينات التي حصلوا عليها.

كما أن المنظمة تعمل على نقل العينات من قطاع غزة إلى المختبر المركزي في رام الله، وفي حالة استدعى الأمر يتم نقلها للخارج لعمل الفحوصات، ولكن في حالة حدوث إغلاق لغزة، نريد أن نتأكد بأن غزة تستطيع عمل الفحص، لذلك قمنا بإصلاح الجهاز.

يمكن لنا فحص من 50 إلى 200 عينة، وفي الوضع الطبيعي ننقل العينات بنفس اليوم إلى المختبر المركزي.

أوضاع غزة

  • كيف تقيمون التجهيزات الطبية في قطاع غزة لاحتمالية وصول الفيروس؟

الوضع الصحي في قطاع غزة بالإجمال سيئ بسبب الكثير من التحديات التي جعلت منه غير مستقر ويعاني الكثير، الشيء الجيد بأن هناك طواقم تعمل بكل جد واجتهاد ومثابرة، ولكن التحديات تكون أكبر من هذه الطواقم.

فمثلا 50% من المستهلكات الطبية غير موجودة، وأزمة الكهرباء والطاقة، والمعدات بعضها تم استهلاكه، والعاملين الذين يؤدون الواجبات سواء الذين يتقاضون أجورهم من قطاع غزة أو رام الله كلهم يعانون من رواتب مقتطعة وذلك يؤثر على حياتهم.

نتيجة سوء النظام الصحي يلجأ المواطن لشراء الأدوية على حسابه الخاص، أو يذهب للعلاج بالخارج لضمان وجود العلاج الملائم له وهذا يرهق المواطنين اقتصاديا مما يجعل الوضع دائرة مغلقة من المعاناة.

  • ما هو المطلوب فعله لتجنب وصول المرض وانتشاره في غزة؟

الرسالة الكبرى لقطاع غزة حتى الآن هي بأن فيروس كورونا لم يصل بعد ولم تسجل أي حالة، ونجاحنا هو في أن المسؤولية جماعية من المواطن إلى الوزير والصغير إلى الكبير، بحيث نستطيع المحافظة على عدم نقل الفيروس في التزامنا بالنظافة الشخصية وغسل اليدين باستمرار، وكذلك إذا أصيب أحد بأي من أعراض الإنفلونزا أن يقوم بالاتصال بالخط الساخن، أو يتجه إلى أقرب مركز صحي.

الكمامة ننوه أنها فقط تلبس من قبل الشخص الذي يشعر بأعراض الفيروس، والشخص الطبيعي لا ينصح بوضع الكمامة، والعاملين الذين يتعاملون مع الحالات هي التي تقوم بلبسها، كون الفيروس ينتقل عن طريق الرذاذ، فالفيروس ثقيل ويسقط بعد متر على أي جسم ويستطيع العيش لساعات أو أيام على الجسم الصلب، ومن خلالها يتم انتقاله لحالات جديدة.

طبيعيا من المعروف أننا نلمس وجهنا أكثر من 300 مرة باليوم، فإذا وضعت يدك على مكان ملوث، فالكمامة لن تحميك بل بالعكس مع الرطوبة والتنفس تعد وسط جيد لانتقال الفيروس.

يجب تجنب الأماكن الذي يكون فيها مجموع عالي من الناس وأخذ الاحتياطات التي تساهم في عدم انتشار الفيروس.

الضفة والخارج

  • هل يجب على السلطات في غزة أن تغلق جميع معابر الأفراد من أجل تجنب وصول الفيروس؟

منظمة الصحة العالمية في قطاع غزة والضفة الغربية أو أي دولة في العالم حتى الآن لا تنصح بوقف السفر أو التجارة ورسالتها لكل الدول العالم أنه لم يثبت أن الدول التي منعت السفر أو التجارة كانت في مأمن عن انتقال الفيروس، ولكن المنظمة تركت تقدير الأمر لكل دولة وحكومة.

  • كيف تقيمون وضع الفيروس في الضفة ومدى انتشاره بهذه السرعة؟

فيروس كورونا المستجد في الضفة الغربية تم نقله عن طريق الوفود السياحية القادمة وهو مستورد في بيت لحم المعروفة بأنها منطقة سياحية من الدرجة الأولى، وبالتالي انتشار الفيروس هناك لم يكن شيئا مفاجئا خاصة أن القادمين لها من دول مختلفة ينتشر بها.

ما نفذته وزارة الصحة برام الله هي إجراءات تنظر إليها المنظمة على أن الدول أدرى بالقوانين والدلائل التي تقوم بها لتحجيم الفيروس والسيطرة على انتشاره.