الفيروس لم يصله بعد.. ماذا لو ضرب "كورونا" قطاع غزة؟

أحمد علي حسن | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لم يتخيل المواطنون في غزة أن يأتي اليوم الذي يشكرون فيه الحصار بعد أن عزلهم عن العالم الذي دبّ فيه الرعب بسبب تفشي فيروس كورونا، وازداد القلق مع دخوله إلى المنطقة العربية عبر إيران.

الغزيون شعروا براحة لم تأت من فراغ، إنما هي نتاج حصار إسرائيلي مفروض على القطاع الفلسطيني منذ 2007، إذ عزله بشكل أشبه بالكامل عن العالم، من خلال إغلاق معابره وتقييد حركة قاطنيه.

ورغم ذلك الارتياح، فإن القلق بدأ يتصاعد مع إعلان وزارة الصحة الفلسطينية في الضفة الغربية، تسجيل 7 حالات بالفيروس في مدينة بيت لحم، عن طريق سياح أجانب.

حالة القلق بلغت ذروتها في ظل هواجس تولدت لدى المواطنين من منطلق عجز القطاع الصحي بالقطاع عن احتواء المرض في حال تفشيه، وذلك نظرا لإمكانات وزارة الصحة الضعيفة.

الحقيقة أن قطاع الصحة في غزة يبدو شبه متهالك بفعل الحصار الإسرائيلي الذي قيّد إدخال المواد واللوازم الطبية، ما انعكس على تطوير إمكانات المستشفيات والمراكز الصحية.

وحتى صباح الأحد 8 مارس/آذار 2020، أصاب الفيروس أكثر من 106 آلاف حول العالم في 103 دول وأقاليم، توفي منهم أكثر من 3600، أغلبهم في الصين وكوريا الجنوبية وإيران وإيطاليا، وأدى إلى تعليق العمرة، ورحلات جوية، وتأجيل أو إلغاء فعاليات رياضية وسياسية واقتصادية حول العالم، وسط جهود متسارعة لاحتواء المرض.

لا إصابات

نائب مدير عام الرعاية الأولية بوزارة الصحة بقطاع غزة، ورئيس اللجنة الصحية لمواجهة فيروس كورونا، الدكتور مجدي ضهير أكد أنه لم يتم تسجيل أي إصابة بالفيروس في القطاع.

وفي تصريحات نشرها موقع الوزارة الإلكتروني، أكد ضهير مناقشة المستجدات الإقليمية حول انتشار الفيروس، والإجراءات الوقائية التي تواصل وزارة الصحة تنفيذها حفاظا على صحة المواطنين والمجتمع.

تلك الإجراءات يوضحها مدير دائرة مكافحة العدوى بالإدارة العامة للمستشفيات بوزارة الصحة، الدكتور رامي العبادلة، الذي يؤكد لـ "الاستقلال" أيضا خلو القطاع من أية حالات.

العبادلة قال: "جميع الدول اتخذت احتياطاتها في التعامل مع الفيروس، وكذلك الحال بالنسبة لقطاع غزة"، مضيفا: "تم تشكيل لجنة مشتركة بعدة تخصصات من الوزارة، ووكالة أونروا، ومنظمة الصحة العالمية".

وأشار إلى أن الوزارة أنشأت مركزا للحجر الصحي في معبر رفح، وخصصته لمتابعة المواطنين العائدين من الدول التي أعلن بها تفشي الفيروس.

وبدأت الوزارة، بحسب العبادلة، تطبيق نظام الحجر الصحي على العائدين من الدول الموبوءة، من خلال إلزامهم البيت مدة لا تقل عن 14 يوما (فترة حضانة الفيروس المُعلن عنها دوليا).

الضربة الأولى

العبادلة أوضح أن الوزارة تتجه نحو إنشاء مستشفى ميداني في معبر رفح، يضم 45 سريرا، على أن ترتفع قدرته الاستيعابية وصولا إلى 100.

وحسب مدير دائرة مكافحة العدوى، فإن وزارة الصحة يمكنها تحمل ما سمّاه بالضربة الأولى، في إشارة إلى استعدادها للتعامل مع الفيروس في حال سُجلت حالات إصابة.

ولعل تقييد الحركة من وإلى القطاع بفعل الحصار الإسرائيلي، وعدم وجود انفتاح على العالم، كما يقول العبادلة، "لا توجد أية وفود سياحية، بل إن العائدين هم من الفلسطينيين".

ومن ضمن إجراءات الوقاية التي اتبعتها الوزارة، تم تفعيل إقرار التعهد بالالتزام بالحجر الصحي المنزلي لكافة العائدين، و"من يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية"، وفق بيان الصحة.

وبالنسبة للمركز الصحي المُقام في رفح، فإنه يعمل وفق توصيات منظمة الصحة العالمية، وهو يضم الآن 5 مواطنين تمت استضافتهم حتى انتهاء فترة حضانة الفيروس، من ثم العودة لمنازلهم بعد التأكد من سلامتهم.

أثر الحصار

جهاز وحيد كشفت عنه وزارة الصحة بغزة، مخصص للكشف عن الفيروسات من ضمنها "كورونا"، دخل الخدمة للمرة الأولى منذ انتشار الفيروس في العالم.

الجهاز كان معطلا، وبعد إصلاحه جرى فحص أول عينتين عبر جهاز PCR، "وكانت نتائجها سلبية"، بحسب العبادلة الذي أشار إلى فحص 8 حالات عبر إرسالهم إلى مختبرات الضفة الغربية.

العبادلة أكد أن "جهازا واحدا كاف لقطاع غزة"، لكن "المشكلة ليست في الأجهزة بل في مادة الفحص التي نخاف من نفادها خلال الفترة المقبلة".

وفي هذا الصدد، وعدت منظمة الصحة العالمية بتزويد قطاع غزة بالكمية الكافية حال نفاد الكمية الحالية، لكن هناك مشكلة تتمثل في زيادة الطلب العالمي عليها.

ورغم سيطرة الجهات المتخصصة وقدرتها على التعامل مع الوضع الصحي الحالي، فإن القلق يتزايد من منطلق تأثير الحصار في القدرة على ضبط الفيروس حال تسجيل حالات.

وتعاني مستشفيات غزة من ضعف في الإمكانيات ونقص دائم في كثير من أصناف الأدوية والمستلزمات الطبية، بحسب بيانات وزارة الصحة.

إجراءات الوقاية

منذ إعلان الكشف عن 7 حالات في بيت لحم، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مرسوما بإعلان حالة الطوارئ في جميع الأراضي الفلسطينية لمدة شهر، لمواجهة الفيروس.

فيما أعلن رئيس الوزراء محمد اشتية بدء إجراءات تنفيذ حالة الطوارئ، ومنها إغلاق كافة المرافق التعليمية من مدارس ورياض أطفال وجامعات ومعاهد وغيرها.

القرار شمل قطاع غزة أيضا، إذ أغلقت أبواب المدارس والجامعات وبعض المؤسسات الحكومية أبوابها كجزء من الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي الفيروس، لكن التعليق جاء ليوم واحد فقط.

ولم تنقطع التعليمات والبيانات الصادرة عن الجهات المتخصصة في غزة، إذ دعت وزارة الصحة جميع المواطنين إلى إفساح المجال أمام العائدين إلى القطاع لتنفيذ إجراءات السلامة، وذلك بوقف المخالطة والتهنئة المباشرة.

كما طالبت جميع العائدين بالاتصال الفوري على رقم خصصته للاستفسار والإبلاغ عن أي تغيرات صحية يشعر بها المواطنون، حيث ستقوم الطواقم بمعالجة الأمر.

مساحة للسخرية

كعادتهم يحول الغزيون معاناتهم إلى مادة للفكاهة والتندر، حتى أنهم تمنوا لأول مرة استمرار الحصار المفروض عليهم منذ نحو 14 عاما.

ووجد هؤلاء ما وصفوه بفائدة الحصار الذي خنقهم طيلة الأعوام الماضية، والذي سيمنع الفيروس القاتل من الوصول إليهم كما منعهم من التواصل مع العالم الخارجي، على حد قولهم.

ومنذ إعلان الصين عن الفيروس رسميا نهاية يناير/كانون الأول 2020، لم تخل صفحات التواصل الاجتماعي من التعليقات الساخرة، لكنها زادت بعد وصوله إلى الضفة المحتلة.

ورغم الاستعدادات والإجراءات التي أعلنتها وزارة الصحة، لكن على ما يبدو هناك من يفتقد الثقة في قدرة القطاع الصحي في التعامل مع الفيروس.

وفي خضم موجة السخرية المتواصلة، لكن السؤال الذي يشغل غزة حاليا يتمثل في مدى خطورة الحالة الصحية التي سيعيشها القطاع المتهالك في حال تسجيل حالات مصابة بالفيروس.