لقاء أردوغان وبوتين.. ما التوقعات المحتملة بشأن العلاقات وأزمة إدلب؟

12

طباعة

مشاركة

تصاعدت حدة اللهجة مؤخرا بين أنقرة وموسكو فيما يتعلق بإدلب شمال غربي سوريا، وسط تمسك كل طرف بمواقفه، حتى أعلن عن زيارة يجريها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى روسيا لمحاولة حلحلة الأزمة.

وقال أردوغان: إنه سيبحث خلال لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الزيارة المقررة في ٥ مارس/آذار ٢٠٢٠، إبرام اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في منطقة إدلب السورية، الواقعة قرب الحدود التركية.

يأتي هذا فيما اتهمت روسيا تركيا بالتقاعس عن الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق لإنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب وبمساعدة من أسمتهم "المتشددين" بدلا من ذلك.

وقد انهار اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، الذي تم التوصل إليه في يناير/كانون الثاني ٢٠٢٠، مع تقدم قوات النظام السوري المدعومة من القوات الجوية الروسية، في الأسابيع الأخيرة داخل منطقة إدلب، آخر معاقل فصائل المعارضة السورية.

مستقبل العلاقات

من جانبه قال عبد القادر سيلفي بمقالة في صحيفة حرييت: إن اللقاء المرتقب بين الزعيمين لا يتعلق فقط بإدلب بل أيضا بمستقبل العلاقات بين الدولتين، سيما بعد سلسلة من الأزمات التي عاشها الطرفان بدءا من إسقاط طائرة روسية والعمليات العسكرية الثلاث وآخرها، عملية درع الربيع، وتمكنهما من تجاوز كل هذه الأزمات عبر محادثات أستانا. 

هذه المرة، الملف الرئيسي هو إدلب، والذي من الواضح بحسب الكاتب أنه أرغم بوتين على تغيير بعض مواقفه الأخيرة، في وقت يواصل فيه الرئيس أردوغان بمناداة بوتين بالصديق، لكن الثقة بالطبع قد اهتزت.

ويجري الحديث عن حزمة من الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين أيضا في اللقاء المرتقب، ومنها الغاز والطاقة النووية، وملف الصواريخ الروسية إس 400، وهذه بحسب الكاتب "ليست ملفات اقتصادية فقط، بل إستراتيجية وتحمل أهمية كبيرة". وشدد أن العلاقات التركية الروسية لا ترتكز على إدلب، لكن الأوضاع هناك قد تؤثر بالضرر على مسار العلاقات. 

سيلفي اعتبر أن إدلب مسألة اعتزاز تركي، وأمن قومي، "ولو سلمتها روسيا للنظام السوري، لن يتوقف هو بدوره هنا، بل سيواصل إلى مناطق عمليات غصن الزيتون ونبع السلام وغيرها".

وتابع: "إذا سيطر بوتين على مركز مدينة إدلب خلال الاجتماع، فإن أردوغان لديه خطة احتياط، وإذا كان بوتين يقترح السيطرة على إدلب معا، فلا ينبغي أن يكون مفاجئا أن أردوغان قدم اقتراحا معاكسا".

ويعتقد الكاتب أن النظام مع روسيا يريدان تحويل إدلب إلى "مدينة أشباح" كما حدث في حلب والغوطة الشرقية، "وهذا يعني أن من مليون إلى اثنين مليون لاجئ سيكونون على أبواب تركيا وهذا أمر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تأذن به أنقرة أو تقبل به". 

يتابع: "لقد كان 27 فبراير/شباط ٢٠٢٠ وما حدث فيه نقطة تحول حقيقية في مسار الأحداث. أنقرة باتت على مدار الساعة تمنع الطيران السوري من الحركة من خلال وسائل دفاعها وعلى مسافة صفر من حدودها، في موقف يدل على أن تركيا لم تكن فيه مصرة على إنهاء أزمة إدلب كما هو الحال الراهن". 

تشاؤم تركي

في يني شفق كتب أيضا محمد أجيت مقالا قال فيه: إن "تركيا أدخلت إلى الحرب أسراب الطائرات بدون طيار حيث قررت تركيا الرد بأسلوب جديد ومفاجئ، بعد مقتل جنودها الـ34 في ٢٧ فبراير/شباط ٢٠٢٠، لتضرب هي وطائرات إف ١٦ من مسافة صفر على الحدود التركية السورية، ولعل عشرات المشاهد تشرح ذلك بأدق التفاصيل". 

وانتقل أجيت للحديث عن لقاء بوتين أردوغان، مبينا أن الجميع يترقب النتيجة، "فهل سيكون وقف إطلاق النار، أم اتفاقية وصلحا جديدا؟!. 

وتساءل: "هل النتيجة ستكون مطمئنة لأنقرة؟، هذا الأمر من غير الممكن التأكد منه خاصة إذا ما أخذنا بالحسبان ردود فعل الروس والتي دائما ما تكون غير متوقعة. 

بالنسبة لروسيا، أصبحت الكرة الآن في يد بوتين ومع ذلك لا ينبغي التفاؤل كثيرا، إذ أن 5 من مارس/آذار قد يعني أن اليوم التالي له هو استمرار للعملية المعلنة "درع الربيع"، وفق تقدير أجيت. 

من جانبه قال ندرت إيرسنال في "يني شفق": إن تصريحات القادة الروس بأنهم لا ينوون الدخول في حرب مع أحد تصريح عام أكثر مما ينبغي لكن يمكن إسقاطه على إدلب.

لكن السؤال بحسب إيرسنال "كيف وصلنا مع بوتين لهذه الدرجة؟"، لافتا إلى أن البعض يرى أن جرأة الروس مؤخرا سببها سوء العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث باتت تركيا وحيدة، لكن هذه نظرية لا يمكن أن تكون منطقية.

يتابع: "على العكس فإن أنقرة في الفترة الأخيرة أقرب ما تكون من واشنطن، كما أن الاتصالات بين أردوغان وترامب (الرئيس الأمريكي) تقريبا هي شبه يومية، وهذا الأمر ينعكس على الملف السوري وحتى العراق وإيران وربما ينسحب الأمر على العلاقات مع إسرائيل". 

الوفود التي تنهمر على أنقرة وهي قادمة من واشنطن أو من الناتو أو بروكسل تصب في تحسين العلاقات مع تركيا، وهي دلائل على الاقتراب التركي من الغرب على حساب العلاقات مع روسيا، وهذا الأمر مفيد جدا للخطة التي ينوي أن يطرحها ترامب بعد الانتخابات الأمريكية المزمع إجراؤها العام الجاري. 

دور إيران

من جانب آخر يلفت الكاتب إلى جهود إيران في رأب الصدع بين روسيا وتركيا، قائلا: إن "البعض يتمادى في طرحه وصولا إلى مساعي طهران لعقد لقاء بين النظام السوري وأنقرة، وبغض النظر عن وجود هذه الحقيقة من عدمها فإن الطرح يغيب بوتين عن المشهد وهو تطور لافت".

فيما يرى البعض أن إيران ستفعل المستحيل من أجل إصلاح هذه العلاقة، لأنه وبانسحاب روسيا من المشهد الميداني فإن الخسائر ستكون من نصيب طهران وهي التي لم تفق بعد من فيروس كورونا وهو ينتقل كالنار في الهشيم في المدن الإيرانية المختلفة.

يضاف إلى هذا، المخاوف الإيرانية المتصاعدة من تفتيت سوريا، وتمزيق العراق، وتشكيل جغرافيا متوافقة مع إسرائيل في شبه الجزيرة العربية وحتى في شمال إفريقيا، وليس نهاية بالعلاقات الإسرائيلية الخالصة جدا مع الروس.

والمدهش، بحسب الكاتب، أن وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن ذلك، وقالت وبشكل واضح: إنه وخلال العام الجاري سيتم "تنظيف الإيرانيين" من سوريا، وتكمن أهمية هذا التصريح في وضوحه وكذا مع من ستعمل إسرائيل لتحقيق هذا الهدف.