ميدان إدلب.. هكذا تنظر نخب تركية إلى مستقبل الأسد والعلاقات مع روسيا

12

طباعة

مشاركة

أجمع عدد من الكتاب الأتراك أن جيش بلادهم ليس له أهداف في سوريا سوى حماية حدوده من التغول المحتمل، في ظل استمرار هجوم روسيا والنظام السوري على إدلب المصنفة ضمن مناطق خفض التصعيد ضمن اتفاق سوتشي.

وأكد الكتاب أنه في حال سيطر النظام السوري على إدلب، سيبقى الجيش التركي مجبرا على الدفاع عن المدن الحدودية مثل ماردين وهطاي وغيرها، لاسيما وأن سوريا تعاني الآن من إبادة جماعية حرفيا زادت أواصرها الفترة الماضية. 

نتائج الحرب

بدوره قال الكاتب ياسين أكطاي في مقال بصحيفة يني شفق: إن نظام بشار الأسد لا يتورع عن إبادة غالبية سكان بلاده بغية استمرار حكمه، "فعندما لم يتمكن من صد الثورات التي نشبت في بلاده استعان بإيران ولاحقا روسيا من أجل إخمادها مقابل نهب مساحات لا حصر لها من الأراضي السورية، ما يجعل الشعب السوري ضحية لكل هذا".

وأضاف: أن النتيجة هي "أكثر من مليون سوري فقدوا أرواحهم ومئات الآلاف جرحى، فيما ثلثي الشعب بات من النازحين واللاجئين حيث يقدر عددهم بـ22 مليون منهم 4 في تركيا و6 في إدلب ومناطق عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام وآخرها درع الربيع".

هذا الأمر، من ناحية مالية مفيد جدا للأسد، لأن تركيا التي تتكفل بنصف هذا العدد تقريبا ومع وجود مليون ونصف لاجئ لجؤوا إلى الأردن ولبنان وجميع أنحاء أوروبا، ومليون سوري هاجروا إلى بلدان عربية أخرى أو أي مكان آخر، فإن هذا العدد يصل إلى 15.5 مليون.

وعندما نزيل القتلى في المناطق التي يسيطر عليها الأسد، يبقى فقط 5-6 مليون شخص في المناطق التي يحكمها. وهكذا الأسد وإن استعاد غالبية الأراضي مرة أخرى لكنه يحكم ثلث شعبه الذي كان يحكمه قبل 2011، وفق الكاتب.

ويتابع: "وسط هذا كله، يبقى العالم صامتا، حتى قررت تركيا التحرك وإرسال تلك الجموع الغفيرة من اللاجئين إلى أوروبا، فتحرك الجانب الإنساني لديهم".

يستدرك أكطاي: "وبعد أن كانت تركيا تشكل درع دفاع صلب عن أوروبا أمام موجات اللاجئين، لم تقدم القارة العجوز ما يقع على عاتقها، وعلى العكس كانت النتيجة شعور أوروبا أنه ليس عليها التعامل مع هذه الأزمة بجدية أكبر وتحول الأمر إلى غطرسة وغرور جراء هذه التدابير التي أخذتها أنقرة على عاتقها". 

لكن هذا المشهد تغير الآن، وستكون الموجات الراهنة حاليا إلى أوروبا هي الأكثر إقناعا لها بأن تضع يدها بيد أنقرة بشكل حقيقي وعملي وبدون إجبار ولا حتى لاجئ واحد على مغادرة تركيا ومحاولة الهجرة إلى أوروبا عبر اليونان أو بلغاريا. 

ميدان إدلب

أما محمد أجيت فتطرق في مقالته على الصحيفة نفسها، إلى الشق الميداني للعمليات المستمرة في إدلب، وقدرات أنقرة العسكرية، مؤكدا أنها أثبت وما زالت أن دماء الشهداء الأتراك غالية ودمهم لن يبقى على الأرض وأن الرد سيكون "ثقيلا"، على اعتدائها على القوات التركية، في ٢٧ فبراير/شباط الماضي؛ ما أدى لمقتل 34 جنديا.

وما زالت المشاهد تنقل كيف أن جنود الأسد يتناثرون يمينا ويسارا بفعل الضربات، إضافة إلى العشرات من الدبابات ومخازن الأسلحة حتى وصل الأمر لإسقاط الطائرات حيث أعلنت وزارة الدفاع التركية عن إسقاط طائرتين للنظام من طراز سو 24.

ونقل أجيت عن أحد الخبراء العسكريين أن أنقرة تتمتع بقدرات جوية تمكنها من اقتحام المجال الجوي السوري ومن خلال "استخدام أسلحة طويلة المدى، يمكن تحقيق التواصل مع الأهداف في الجو والأرض". وهذا ما حدث بالفعل سواء قبل الإعلان عن العملية العسكرية "درع الربيع" أو بعده.

يتابع الكاتب: "استخدمت أنقرة طائرات أف 16 من آخر نقطة من الحدود التركية لتضرب أهدافا في عمق الأراضي السورية، كما أن هناك صواريخ كروز في مخزون القوات المسلحة التركية  تصل إلى 30 أو 50 أو 70 أو حتى 250 كم".

بدوره قال الكاتب زكريا كورشون: إن إدلب لن تحدد فقط مصير النظام، بل شكل العالم وتحالفاته المستقبلية، كما ستحدد مصير العلاقات التركية-الروسية.

وركز كوروشون في مقاله بصحيفة يني شفق على قضية الهجرة وأعداد اللاجئين، مؤكدا أن "الاتحاد الأوروبي في حال لم يتدارك ما يسمى أمنه الإستراتيجي وحدوده فإنه بانتظار موجات لجوء أقوى لن يقدر على صدها".

كورشون تناول هذه المسالة من زاوية التغيير الديموغرافي لأوروبا، ناقلا آراء عن المستشرق برنارد لويس والذي حذر أوروبا حينما تحدث عن أسلمتها مع انتهاء القرن الجاري سيما وأن الموجة الراهنة يمكن أن تغير ديمغرافية القارة العجوز وثقافتها بل وحتى دينها.

وأضاف: أنه "لا فائدة من هذا الخوف أو تلك الهواجس. إن الفئة الأكثر إحباطا في العالم الإسلامي الذي تحتقره أوروبا وتستخف به، ستعيد تشكيل أوروبا من جديد. وإن أكثر أحد سيدعم هذا التحول، هم أتراك المهجر المسلمون". 

ورأى كورشون أن هذا يأتي في سياق التسلسل التاريخي المنطقي حيث حان الوقت لأوروبا أن تدفع الثمن بعد أن استعمرت المنطقة لسنوات عبر عملائها في الداخل الذين حولوا جغرافيتها إلى منطقة لا تصلح للعيش. 

تهديد هطاي 

في ديرليش بوسطاسي كتب محمد توبراق مقالة أكد فيها أن بقاء هطاي يرتبط حرفيا ببقاء إدلب. وقال: "عبر 3 سنوات نفذت أنقرة سلسلة عمليات دمرت من خلالها التهديد الإرهابي على الحدود، عبر نسف الممر الذي دشنه بي كاكا/PKK (حزب العمال الكردستاني) بدعم من واشنطن".

وأضاف: أنه "بفضل وجودنا العسكري في سوريا، لم تعد الهجمات تحدث في أي من مدننا، ولم تعد تسمع أصوات القنابل داخل تركيا". وتابع: أن جزءا من هذه الجهود يتأتى من خلال العملية الجديدة "درع الربيع".

ولا يمكن قراءة خبر "سرقة تركيا لمدينة هاطاي السورية" في المواقع الإعلامية الروسية على أنه عادي بريء، فلا ينبغي لأحد أن يشك في أن الأسد سيهاجم المدينة أيضا، بعد أن يستحوذ على إدلب، وفق الكاتب.

وأثارت وكالة "سبوتنيك" الروسية ضجة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إثر نشرها تقريرا عن ولاية هاتاي، جنوبي تركيا، والتي كان يطلق عليها سابقا اسم "لواء الإسكندرون". ووصف تقرير الوكالة الروسية الولاية بأنها "مسروقة"، في إشارة إلى انضمامها لتركيا بموجب استفتاء أجرته حكومة الانتداب الفرنسي فيها، عام 1939.

وأردف الكاتب: "هؤلاء جميعا ضد أي نوع من التدخل من شأنه أن يهز عرش الأسد، ويضر بوجود روسيا، ويوقف المليشيات الشيعية في إيران، ولا يترك حزب العمال الكردستاني لاهثا".

وأشار إلى أن البعض من الجبهة الداخلية تطعن جنودنا من الظهر في وقت يصوب فيه النظام السوري مع روسيا نيرانه نحو صدور الجيش التركي، "وبدون محاسبة الخونة في الداخل، لن نكون قادرين على محاربة الأعداء في الخارج".

وحول عقيدة الرئيس رجب طيب أردوغان المجابهة لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، قال عبد القادر سيلفي في مقالة نشرتها صحيفة حرييت: إنه "لا يحك الجلد إلا الظفر، وهو ما قامت به تركيا مرات عديدة".

وأضاف: "ليلة استشهاد الجند الأتراك، طلبت تركيا من الناتو والولايات المتحدة إعلان إدلب منطقة حظر جوي إضافة إلى تزويد تركيا بصواريخ دفاع جوي، كما طلبت من روسيا الضغط على النظام للانسحاب من المناطق التي يتقدم بها، لكن كلا الطرفين لم يلتزما أو يستجيبا لأي من هذه النداءات، وحدث ما حدث وكان اسمه عملية درع الفرات". 

ولفت إلى أنه "وحتى لقاء بوتين بأردوغان في الخامس من هذا الشهر، ستتغير الكثير من الأمور، لكن النتائج على الميدان ستحدد نقطتين رئيسيتين هما وقف إطلاق النار والثانية الإعلان عن منطقة آمنة في إدلب بعمق 30 كم".

وأكد الكاتب: أن "بوتين يتجاهل كل نداءات الطاولة وهو يظن أنه يمكن أن يكرر ما فعله في جروزني والقرم وجورجيا"، متابعا: "إذا كان هناك عقيدة لبوتين، فأردوغان أيضا له عقيدته".