نظام الأسد.. كيف يتلقى الضربات من تل أبيب فينتقم من السوريين؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

فجر الاثنين 24 فبراير/شباط 2019، نفذ طيران الجيش الإسرائيلي، غارة على العاصمة السورية دمشق، في عملية هي الثالثة خلال شهر، والرابعة منذ بداية العام 2020.

تلك العمليات الجوية، تزامنت مع قصف صاروخي آخر شنته تل أبيب على مواقع إيرانية بالقرب من دمشق، وحسب المرصد الإستراتيجي السوري، فإن تلك الهجمات أسفرت عن مقتل 4 ضباط من الحرس الثوري، بينهما جنرالان، هما قائد الحرس الثوري الإيراني في دمشق رضائي محمد، ومسؤول التذخير للقوات الإيرانية في سوريا الحاج حسين.

وحسب الوكالة الرسمية السورية "سانا"، نقلا عن مصدر عسكري، لم تسمه، فإن "الطيران الحربي الإسرائيلي قام من خارج المجال الجوي السوري، ومن فوق الجولان السوري المحتل، باستهداف محيط دمشق بأكثر من موجة من الصواريخ الموجهة".

ورغم تلك الهجمات المتكررة على دمشق ومحيطها، وتلقي نظام الأسد مزيدا من الضربات، إلا أن جيش النظام السوري لم يقم بأي رد فعل على تلك الغارات، واكتفى بتوجيه بنادقه صوب صدور الشعب السوري في حلب وإدلب وعدد من المدن السورية الأخرى.

ذلك الموقف السلبي الذي تمثل بتجاهل قوات نظام الأسد للهجوم الإسرائيلي وعدم القيام بأي إجراء، كان هو ذات الموقف الذي اتسم به الجانب الإيراني، بالرغم من الخسارة الفادحة التي تلقاها، والتي تمثلت بمقتل ضباط إيرانيين رفيعي المستوى، من بينهم جنرالان كبيران في الحرس الثوري الإيراني في سوريا.

ضربات موجعة

في 14 فبراير/شباط 2020، شنت القوات الإسرائيلية هجمات، أطلقت القوات الإسرائيلية من قواعدها في الجولان المحتل صواريخ استهدفت من خلالها مواقع لقوات النظام والميلشيات الإيرانية في محيط العاصمة دمشق.

وفي حين أعلن جيش نظام الأسد تصديه لتلك الصواريخ وإسقاطها قبل الوصول لأهدافها في العاصمة دمشق، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن بعضا من تلك الصواريخ أصابت أهدافها، في حين لم تعلق الجهات الإسرائيلية على تلك الهجمات واكتفت بأنها لا تعلق على تقارير أجنبية.

تلك الهجمات استهدفت منطقة مطار دمشق، إثر وصول طائرة شحن، رجح متابعون أنها قادمة من إيران، وأسفرت تلك الغارات عن مقتل 7 ضباط، بينهم 4 إيرانيين، و3 من عناصر قوات الأسد على الأقل.

أما الضربة التي شنتها القوات الإسرائيلية في 6 فبراير/شباط 2020، فنفذتها من خارج الحدود الإسرائيلية، حيث ضربت أهدافها بقنابل انزلاقية من طراز "سبايس" الموجهة بالليزر، وهي قنابل صغيرة الحجم، لكنها دقيقة في إصابة الهدف، يصل مداها إلى 120 كم، ويصعب كشفها من قبل أجهزة الرادار التقليدية.

تمكنت تلك الهجمات من استهداف 6 أهداف عسكرية في محيط دمشق، في مناطق الكسوة ومرج السلطان، وكذلك في محافظة درعا جنوبي سوريا، وحسب فاليري سلوغين، كبير المصممين لأنظمة الدفاع الجوي الروسية، فإن القوات الإسرائيلية تمكنت من تدمير أحد أنظمة "بانتسيرـ إس" التابعة لنظام الأسد، بالإضافة إلى 8 أهداف أخرى.

ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، قصفت إسرائيل أهدافا عسكرية لقوات نظام الأسد وأخرى لحزب الله في سوريا، كما استهدفت مواقع إيرانية، على نحو متكرر، في ظل تأكيد إسرائيلي بأنها لن تسمح لإيران بترسيخ وجودها العسكري في سوريا.

وقليلا ما تصرح إسرائيل أو تعترف بهذه العمليات إلا أنها، وفي خطوة نادرة، أكدت في سبتمبر/أيلول 2018، أنها نفذت 200 غارة في سوريا خلال 18 شهرا، في عدة مدن من بينها طرطوس وحماة ودمشق.

تقاسم الأدوار

تقرير أمني صدر حديثا في 21 فبراير/شباط 2020، عن مركز المرصد الإستراتيجي ذكر أن إسرائيل بدأت خطتها في التصعيد العسكري ضد الأذرع الإيرانية في سوريا، بالتزامن مع تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت أدلى به في 18 فبراير/شباط 2020، قال فيه: "التقطنا إشارات أولى تدل على ضعف إيران في سوريا، الأمر الذي دفع بتل أبيب إلى شن مزيد من الهجمات لإنهاكها وتفكيكها، بدأنا ذلك للتو، وسنفعل المزيد".

التصعيد الإسرائيلي تزامن مع خطة أمريكية بسحب وجودها العسكري من بغداد، ومن معظم مناطق جنوب العراق، وتنفيذ إعادة انتشار في المناطق ذات السيطرة الكردية في الشمال، على طول الحدود العراقية مع سوريا والأردن، من خلال بناء قواعد عسكرية أمريكية في كردستان العراق، ثم شن هجمات على القوات الإيرانية من تلك المناطق.

أتت هذه الخطوة كإجراء مواز لعملية التصعيد الإسرائيلي ضد القوات الإيرانية، وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بينيت قد كشف في زيارة أجراها إلى واشنطن مطلع فبراير/شباط 2020، قال خلالها إنه اتفق مع وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر على توزيع مهام مجابهة إيران، بحيث تتولى القوات الأمريكية مهمة شن العمليات المناوئة لإيران في العراق، فيما تقوم القوات الإسرائيلية من تصعيد هجماتها ضد المواقع الإيرانية في سوريا.

الخطة الأمريكية كانت تقتضي الانسحاب من المناطق ذات الغالبية الشيعية، باستثناء قاعدة عين الأسد في الأنبار، والإبقاء على قوات حراسة في المطار والسفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء ببغداد.

ازدواج روسي

بالإضافة إلى تجاهل قوات الأسد والقوات الإيرانية لتلك الضربات الإسرائيلية، فإن موقف روسيا كان هو غض الطرف أيضا، مع أن القوات الإسرائيلية استهدفت عشرات المناطق والقواعد العسكرية التابعة بشكل كلي لنظام الأسد، المدعوم من موسكو.

ذلك التجاهل لم يشمل العمليات العسكرية التركية ضد قوات نظام الأسد في إدلب، حيث حذرت روسيا في 19 فبراير/شباط 2020، تركيا من شن أي هجوم على القوات السورية، وذلك بعد أن هدد الرئيس التركي بتنفيذ عملية وشيكة في منطقة إدلب شمال غربي سوريا، حيث جرت مواجهات في الأسابيع الماضية بين قوات تركية وقوات نظام بشار الأسد، وفشلت المحادثات بين أنقرة وموسكو في التوصل لحل حول الوضع في إدلب.

حسب إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله"، فقد أعلن الكرملين أن تنفيذ عملية عسكرية تركية ضد قوات الأسد في منطقة إدلب سيكون أسوأ سيناريو. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مؤتمر صحفي في 19 فبراير/شباط 2020: إن موسكو تعارض بشدة تنفيذ هذه العملية لكن روسيا وتركيا ستبقيان على تواصل لمحاولة منع تصاعد التوتر في إدلب أكثر.

وهو ما حدث بالفعل، فقد دفعت موسكو قوات الأسد لشن هجوم على القوات التركية في إدلب مساء الخميس 27 فبراير/شباط 2020، ما تسبب بمقتل نحو 33 جنديا تركيا، ما دفع تركيا لما اعتبرته "الرد بالمثل" واستهداف قوات نظام بشار الأسد، متعهدة بأن دماء جنودها لن تذهب سدى، وهو التطور الأخطر في الأزمة السورية حتى الآن.

تركيا دعت المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في الإيفاء بالتزاماته تجاه الأزمة السورية، وعلى رأسها مؤتمر أستانة الذي قضى بالعمل على إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وتنفيذ آلية لوقف إطلاق النار من قبل قوات النظام وقوات المعارضة السورية، وتحديد مناطق لخفض التوتر تشمل كلا من محافظة إدلب ومحافظة اللاذقية ومحافظة حلب، وأجزاء من محافظات حماة وحمص ودرعا والقنيطرة، ومنطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق، وإلزام روسيا وإيران، بصفتهما طرفين ضامنين، بالعمل على تنفيذ هذه الاتفاقية.