صحيفتان أمريكيتان: تصعيد إدلب ينذر بحرب شاملة بين تركيا والأسد

12

طباعة

مشاركة

توقعت صحيفتا واشنطن بوست ونيويورك تايمز، أن يفاقم الهجوم السوري الأخير ضد القوات التركية، الأزمة في إدلب، ويدفع نحو حرب شاملة مما يهدد منطقة الشرق الأوسط بشكل أوسع، حيث أصبحت تلك المنطقة المضطربة موقعا للمواجهة العسكرية بين أنقرة ودمشق وموسكو.

وقتل 33 جنديا تركيا في 27 فبراير/شباط الجاري، إثر هجوم شنته قوات النظام السوري بمنطقة إدلب شمال غرب سوريا، فضلا عن 32 مصابا، بحسب ما صرح والي هطاي التركية، رحمي دوغان.

وقالت "واشنطن بوست" في تقرير لمدير مكتبها في إسطنبول والشرق الأوسط كريم فهيم، ومحرر الشؤون الأمنية جون هدسون: إن عدد القتلى جراء الهجوم السوري الأخير هو الأعلى بالنسبة للقوات التركية في يوم واحد منذ بدأت تركيا تكثيف نشر القوات في إدلب هذا الشهر لمنع هجوم عسكري سوري تدعمه روسيا.

وأشار تقرير الصحيفة الأمريكية إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عقد اجتماعا طارئا لكبار مسؤولي الأمن مساء نفس اليوم. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان وكذلك حاكم ولاية هاطاي: إن الهجوم على القوات التركية قد وقع في محافظة إدلب الجنوبية، حيث تحتفظ تركيا بمراكز مراقبة عسكرية.

وقف التقدم

وقال فريتتين ألتون المتحدث باسم أردوغان: إن تركيا ستنتقم من النظام غير القانوني الذي وجه بنادقه إلى جنودنا. وتحاول أنقرة وقف تقدم سريع من قبل قوات بشار الأسد نحو جميع أنحاء محافظة إدلب والمناطق القريبة، والتي تسيطر عليها المعارضة السورية.

وأكدت الصحيفة أن الهجوم الذي شنه النظام السوري، أثار أزمة إنسانية هائلة وأدى إلى فرار مئات الآلاف من السوريين النازحين إلى الحدود التركية، في الوقت شنت فيه روسيا، الحليف الرئيس للأسد، غارات جوية للمساعدة في تقدم النظام وتزويد قواته بدعم عسكري آخر.

ودعت تركيا إلى استعادة اتفاق خفض التصعيد بين أنقرة وموسكو وهددت باتخاذ مزيد من الأعمال العسكرية إذا لم تنسحب قوات النظام من المناطق التي استولت عليها في إدلب، لكن المفاوضات بين البلدين تعثرت مرارا خلال الشهر الماضي مع تزايد حدة العنف.

ويؤكد التقرير أنه في الأيام الأخيرة، سمحت موجة من الغارات الجوية الروسية لقوات النظام بالاستيلاء على مجموعة من الأراضي في جنوب إدلب، حيث قال ناشطون سوريون: إن تركيا وحلفاءها من المعارضة السورية استعادوا في 27 فبراير/شباط الجاري، مدينة في شرق إدلب تقع عند تقاطع طريقين إستراتيجيين.

وتشير التقارير إلى مقتل ما لا يقل عن 18 جنديا تركيا في إدلب قبل مقتل الجنود في الهجوم الأخير، بحسب حصيلة لوكالة أسوشيتيد برس. وقال أردوغان في وقت سابق: إن ثلاثة جنود أتراك قتلوا هناك. ولم يتضح ما إذا كانت هذه الوفيات قد أدرجت في المجموع الذي استشهد به حاكم هاطاي.

من جانبها، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن دعمها لتركيا، حليفها في الناتو، في الوقت الذي تخوض فيه حكومة أردوغان معركة شرسة في إدلب، وتزامنا مع طلب أنقرة من واشنطن تزويدها بنظام دفاع جوي (باتريوت)، لكن ترامب رفض بسبب شراء تركيا لنظام دفاع صاروخي روسي.

وقالت كاي بيلي هتشيسون سفيرة الولايات المتحدة لدى الناتو، خلال مؤتمر صحفي مع الصحفيين في وزارة الخارجية يوم الهجوم الأخير: إنها غير مدركة لتقارير الإصابات التركية على نطاق واسع لكنها وصفته بأنه "تطور كبير".

وأضافت: "آمل أن يرى الرئيس أردوغان أننا حليف لماضيهم ومستقبلهم"، وأشارت إلى نظام الدفاع الصاروخي الروسي الذي حصلت عليه تركيا.

بدورها، قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية: إن الهجوم السوري "يثير مخاوف من التصعيد في المنطقة الملتهبة وينذر بحرب شاملة بين سوريا وتركيا".

ما علاقة روسيا؟

وقال مسؤولون أتراك: إن الضربة نفذتها قوات النظام، لكن الطائرات الروسية كانت تنفذ معظم الغارات الجوية في المنطقة في الأسابيع الأخيرة. وتظاهر عدد كبير من الأتراك في إسطنبول أمام القنصلية الروسية هناك في صباح اليوم التالي، وهم يهتفون "روسيا قاتل! بوتين قاتل".

ويشير تقرير الصحيفة إلى أن المسؤولين الأتراك تجنبوا إلقاء اللوم على الحكومة الروسية في العدوان على قواتهم، على أمل تجنب مواجهة مباشرة مع جيش روسيا الأقوى بكثير والحفاظ على خط مفتوح لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

في الوقت نفسه، بدأت تركيا بالانتقام من قوات النظام السوري عبر غارات في شمال شرق محافظة إدلب، وذلك بعد اجتماع طارئ عقده أردوغان في أنقرة.

وتوضح الصحيفة أن تركيا لطالما دعمت قوى المعارضة في الحرب التي استمرت تسع سنوات، إلا أن الدعم الروسي والإيراني لقوات بشار الأسد مكنته من القضاء على المعارضة السورية بشكل كبير، مما كلف سوريا مئات الآلاف من الأرواح وفرار الملايين من السوريين نحو أوروبا بشكل عام وتركيا خصوصا التي تستضيف ملايين اللاجئين.

وتقاتل قوات الأسد مدعومة بالطائرات الحربية الروسية في إدلب لاستعادة آخر مقاطعة يسيطر عليها المعارضون في البلاد، وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، أدى القتال المكثف هناك إلى نزوح ما يقرب من مليون شخص عن ديارهم، مما تسبب في أزمة إنسانية على الحدود التركية.

وفي الأيام الأخيرة، تصاعد التوتر بين الجانبين، مما زاد المخاوف من اندلاع حرب بين تركيا وروسيا التي تسيطر على المجال الجوي في شمال غرب سوريا.

ودعا أردوغان النظام السوري وقوات روسيا إلى وقف هجومها في إدلب والانسحاب من المواقع التركية التي كانت محاصرة ومقطوعة من قبل قوات الأسد، كما دعا إلى إنشاء منطقة آمنة تسيطر عليها تركيا في المنطقة للمدنيين النازحين.

ونشرت تركيا الآلاف من القوات في المحافظة لوقف تقدم النظام، إلا أنها أعيقت بشدة بسبب نقص الدعم الجوي، حيث تشن روسيا حملة جوية عنيفة عبر المقاطعة، وقصفت المستشفيات والمدارس والمباني السكنية، مما أسفر عن مقتل 300 شخص على الأقل في ثلاثة أشهر.

في ظل ذلك، يتردد حلف الناتو في الانخراط عسكريا في شمال غرب سوريا خشية من مواجهة روسيا، حسبما قال مسؤولون غربيون، في الوقت الذي تحتفظ فيه الولايات المتحدة بصواريخ باتريوت إلى أن توافق تركيا على التخلي عن  نظام الصواريخ الروسي S400.

وتشير التقارير إلى أن وجود تركيا كعضو في حلف الناتو، يثير مخاوف في الغرب من أن الهجوم عليها قد يتطلب ردا من قبل الحلفاء في أوروبا وأمريكا الشمالية.

وقال عمر سيليك المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، على قناة سي إن إن التركية: "الهجوم ضد تركيا هو هجوم على الناتو"، مضيفا: "كان ينبغي على الناتو أن يكون مع تركيا منذ اليوم الأول للأحداث في سوريا، نحن نتوقع إجراءات ملموسة في المنطقة الآمنة ومنطقة حظر الطيران".