الاقتصاد العالمي.. ماذا سيحدث لو استمر فيروس كورونا بالانتشار؟

12

طباعة

مشاركة

تتداعى أزمة انتشار فيروس كورونا على مستوى عالمي، ويبدو أنها ستتخطى بكثير مسألة التوصل إلى لقاح يقي شره ويوقف تمدده، وهو سيحصل عاجلا أم آجلا لكن آثار ذلك الاقتصادية لن يكون من السهل على عالم يعاني في الأساس من نسيانها. 

وقالت كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي، في 23 فبراير/شباط الجاري: إن حالة عدم اليقين بشأن السيطرة على فيروس "كورونا الجديد" تتطلب الاستعداد لمزيد من السيناريوهات السلبية خلال 2020، متوقعة آثارا سلبية على النمو الاقتصادي للصين وجميع دول العالم بسبب الوباء.

وترى مديرة صندوق النقد أن التعاون الدولي هو مفتاح التعامل مع 3 قضايا رئيسية، تشمل السيطرة على فيروس "كورونا"، والتكيف مع التغير المناخي، والتعاون لتقليل عدم اليقين بشأن التجارة العالمية.

وتعتقد أن هذا الوباء سيكون له تأثير كبير، ولكن ليس مزعجا على النمو العالمي، بمقدار 0.1 نقطة، أما محافظ بنك فرنسا برونو لو مير فهو يتحدث عن "تأثير سلبي ولكنه مؤقت، يحد بشكل طفيف" من توقعات النمو الفرنسي لعام 2020.

مخاطر اقتصادية

وقالت صحيفة يني شفق التركية: إن فيروس كورونا سيصل إلى مستوى يهدد من خلاله الأمن الاقتصادي العالمي، كما أن عدم السيطرة على المرض حتى الآن ستزيد من مخاطر الاقتصاد.

وأوضح الكاتب الكاتب لافنت يلماز: "حصل ما يتخوف منه إذ أن المرض لم يتم السيطرة عليه وبدأ يطرق أبواب دول أخرى مسببا العديد من المتاعب. أضف إلى ذلك أنه وفيما عدد الأشخاص المصابين بالفيروس يتزايد يوما بعد يوم، فإن طريقة مواجهة الإصابات والتعامل مع المرض في إيران وإيطاليا تثير الذعر وعلى مستوى عالمي".

اقتصاديا، بدأ العالم يعاني، وهو بالأساس لم يتعاف بعد، فاكتشاف حالات جديدة في أنحاء مختلفة من العالم يعمق المخاوف الاقتصادية، كما من الواضح، أنه من غير المحتمل أن تتعامل العديد من الاقتصاديات، بما في ذلك الصين.

وتابع: أن "المعلومات القادمة من هناك ليست دقيقة تماما لأنه من اللحظة الأولى، يبدو أن الصين تخفي الأرقام الحقيقية حول هذه القضية، كما يُعتقد أن إيران لا تتخذ إجراءات في الوقت المناسب بشأن المرض وتخفي بعض المعلومات حول هذا الموضوع".

أما الهند، فهي حتى اللحظة في صمت مطبق، لكن فيروسا وصل إلى إيران، لن يستثني تلك الجارة بالنظرة إلى الظرف الصحي ومستوى النظافة في البلد النووي. 

ولفت يلماز إلى أن أبرز الأزمات التي سيخلقها الفيروس، تتمثل في القيود المفروضة على البلدان التي نشأ فيها مثل وقف الرحلات الجوية، وإلغاء المعارض، ووقف طلبات الاستيراد  وإغلاق البوابات الحدودية، وكل ذلك سيزيد التكاليف الاقتصادية.

وأردف: "هذا الأمر لن يطيقه اقتصاد الصين والهند، ولو كان الاقتصاد الألماني لتأثر أيضا وقد حدث ذلك من قبل"، مضيفا: "من الممكن فحص كل دولة على حدة، لكن يجب أن نذكر أن خطر التجارة الخارجية لبعض الدول قد يتوقف في الفترة القادمة وأن معدل ذلك في حجم التجارة العالمية يزيد من خطر حدوث أزمة اقتصادية عالمية جديدة".

ونوه يلماز إلى أنه ومنذ الظهور الأول للفيروس، بدأت بعض نظريات المؤامرة تنتشر وما يدعم ذلك هو أن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت هذا الفيروس كسلاح بيولوجي ضد الصين في الحرب التجارية معها.

وفقا لهذه النظرية، سيتأثر الاقتصاد الصيني سلبا، وسيتم استبدال السلع الصينية بالأمريكية، وأخيرا سيتطور الميزان التجاري بين بكين وواشنطن لصالح الأخيرة.

وأشار إلى أنه من غير الممكن الوصول إلى حقيقة الأمر، لكن في النهاية، "لا يمكننا أن ننكر أن الفيروس يعمل لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، سواء كان هجوما بيولوجيا أم لا".

ويرى مراقبون أن التباطؤ في الصين مع ترقب نمو دون عتبة 6 % هذه السنة قبل ظهور فيروس كورونا المستجد، قد ينعكس بالمقام الأول على الدول التي تقيم روابط اقتصادية وثيقة معها مثل "تايوان وكوريا الجنوبية وهولندا والمجر وإندونيسيا".

تهديد عالمي

ويتوافق الكاتب في الصحيفة ذاتها "إيردال طاناس كاراغول"، مع يلماز من أن التهديد بات عالميا جراء الفيروس، سواء من الناحية الصحية أو الاقتصادية، وهو ما يؤثر على النمو المحلي للدول والنمو العالمي على حد سواء.

وأضاف: أن "حقيقة ظهور فيروس كورونا الذي شوهد في الصين وإيران وفي العديد من بلدان العالم، يكشف اليوم بوضوح عن خطر مهم بالنسبة للاقتصادات العالمية.

كما انتشر فيروس كورونا في آسيا، الصين، كوريا الجنوبية، اليابان، سنغافورة، هونج كونج، تايلاند، تايوان، ماليزيا، الإمارات، لبنان، نيبال، روسيا، الهند، الفلبين، مصر، إسرائيل، العراق، سريلانكا، كمبوديا وفيتنام وغيرها من الدول، ومن الطبيعي ألا يكون ذلك تأثيره إيجابيا البتة. 

ويقول كاراغول: "يشكل فيروس كورونا تهديدا كبيرا للاقتصاد العالمي، ويبدو أن تقليص ذلك يعتمد على كل من عدد البلدان التي ينتشر بها وعلى المدة التي سيستمر ظهوره فيها.

وبالنظر إلى الوضع الحالي، تمتلك الصين، حيث منشأ كورونا، ثاني أكبر ناتج محلي إجمالي في العالم، ولذلك قد تكون الآثار المحتملة للفيروس على الاقتصاد العالمي أكثر من المتوقع.

يضيف الكاتب: "سيؤثر احتمال انتشار الوباء في العديد من دول أوروبا إلى جانب الصين سلبا على الإنتاج والتصدير والاستيراد والتجارة الإلكترونية والنقل والسياحة وبعبارة أخرى، فإن احتمال تضييق نطاقه في العديد من المجالات سيؤدي إلى عودة العيون للبنوك المركزية، الذي من الواضح أنها ستكون عنصرا فعالا في تحديد سياسات تلك البنوك في الفترة المقبلة".

والحقيقة أن تأثير وباء فيروس كورونا على الاقتصادات يرتبط ارتباطا مباشرا بالآثار المحتملة للضبابية الراهنة وقد انعكس ذلك في محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي حيث ذكر أن وباء فيروس كورونا يمثل خطرا جديدا على مستقبل النمو الاقتصادي العالمي، وفق الكاتب.

ويوضح أنه "مع ظهور هذا الوباء، هناك حالة من الغموض وانعدام الرؤية فيما يتعلق بالتوقعات الاقتصادية وما زالت هذه الآلية مستمرة"، مضيفا: "إلى جانب الانكماش الاقتصادي المحتمل الناجم عن الغموض في الاقتصاد العالمي، سيكون للبنوك المركزية أدوار مهمة للغاية، كما في الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008".

كما أنه وبالإضافة إلى انخفاض معدل الفائدة المستمر، تعد البيانات الإيجابية للبنوك المركزية بشأن الاسترخاء النقدي مهمة بشكل خاص لتجنب الانكماش الاقتصادي لذلك، ستراقب البنوك المركزية المكان الذي سيصل إليه تفشي المرض ومدى تأثيره على الاقتصادات من خلال تطبيق سياسة الانتظار والترقب.