مهاجمة أردوغان.. هكذا توظف السعودية الدعاة لشيطنة خصومها

الرياض - الاستقلال | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

رفعت السلطات السعودية سقف الخصومة ضد تركيا وسخرت كل أدواتها للهجوم عليها وعلى رئيسها رجب طيب أردوغان، منذ كشفت أنقرة عن اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018.

واستخدمت السلطة في خصومتها رجال دين ليكونوا أبواقا ناطقة باسمها، مستغلين تغييب المشايخ والدعاة من أصحاب الكلمة والرأي والشعبية في المعتقلات، واقتصر الحديث على شخصيات عرفت بتقلبات مواقفها بعد وصول ولي العهد محمد بن سلمان للسلطة ليكونوا ممثلين عنها.

وبرز ذلك جليا في هجوم الداعية السعودي عائض القرني، عبر مقطع فيديو نشره على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، على الرئيس التركي، وإشارته لفيديو قديم سبق أن امتدحه فيه، زاعما بأن الأتراك احتلوا السعودية، وأن أردوغان يكن العداء للمملكة وقتل اليمنيين والليبيين والسوريين.

كلمة "القرني" أثارت غضب رواد "تويتر"، ودفعتهم لتذكيره عبر حساباتهم الخاصة ومشاركتهم في هاشتاج #عائض_القرني، بكل سقطاته وتغيره لمواقفه وتناغمه مع رأي السلطة الحاكمة، واتهموه بـ"النفاق وتنفيذ أوامر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان".

وصب الناشطون جام غضبهم على القرني، مشيرين إلى أن مواقفه المتقلبة والمتكررة فضحت وجه الحقيقي، إذ قال الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل: "والآن سقط القناع عن عائض القرني مدهش بل مؤسف هذا النفاق الانقلاب في المواقف من أقصى اليمين لأقصى اليسار".

وتساءل ساخرا: "ماذا يقول #عائض_القرني الشيخ لعائض القرني المخبر؟"، مضيفا: "لعنة الله على من فتن الناس في دينهم بنفاقه الرخيص،  لعن الله على من استخدم الحرمين الشريفين لإخفاء خيانته وإجرامه".

شيوخ السلطان

ودعا آخرون لأنفسهم بالثبات على الموقف، مستعيذين من الفتنة، إذ سخر الباحث التاريخي والسياسي الدكتور عبدالله الزوبعي الشمري، قائلا: "#عائض_القرني عند ابن مرخان كوسيم يوسف عند ابن نهيان"، ودعا: "اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا. اللهم لا تجعل ألسنتنا تعمل لنصرة الظالمين، وشلها قبل أن تنطق بالباطل في سبيل رضا السلاطين".

وأشار الناشطون إلى أن "القرني" نموذج فاضح لعلماء السلطان، وقال إبراهيم الديب، الباحث والمفكر السياسي رئيس مركز "هويتي" لدراسات القيم والهوية في إسطنبول: "حينما يعمل مرتدي عباءة الدين لدى أفسد خلق لله لأفضل بلدان الله يفضح نفسه ويقدم نموذج لعلماء السلطان في القرن ٢١".

سوابق القرني

وذكّر ناشطون "القرني" بصمته على أفعال السلطة الحاكمة وزجها بالمشايخ والدعاة والنساء في المعتقلات، وقبوله بما تمر به المملكة من إفساد في المجتمع وتمرير سياسات انفتاحية تغريبية لا تناسب المجتمع السعودي، مؤكدين على سقطاته السابقة.

"القرني" صاحب سوابق "اختلاس فكري" جعلت كلمته مشكوك في صدقها، فقد قضت لجنة "حقوق المؤلف" بوزارة الإعلام السعودية في 2012 بتغريم القرني 330 ألف ريال سعودي في قضية اعتداء على الحقوق الفكرية لكاتبة سعودية وسرقة كتابها بعنوان "لا تيأس".

وأكد الدكتور عبدالله معروف، أستاذ دراسات بيت المقدس، ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى المبارك، أن آخر شخص يمكنه أن يتكلم عن الرئيس أردوغان هو #عائض_القرني، سارق الكتب المعروف، والذي لا ينسى أحد كتابَه المسروق "لا تيأس" وبرنامجه المسروق "هذه حياتهم".

وأضاف: "قبل أن تتشدق بالإسلام والأخلاق، تذكر أن الرئيس رجب طيب أردوغان لم يسرق شيئا في حياته يا عائض... فاخرس!".

وقال الشاعر والمدون المصري المعارض عبد الله الشريف: "كنت وأنا في المعتقل كلما ضاق صدر أحدهم أقرأ عليه من كتابك لاتحزن، والآن آن لك أنت أن تحزن وأنت تشاهد القرني بداخلك يفترش دينه ولحيته سلعة رخيصة عند مجرمي آل سعود، وكما غيرت أنت رأيك في أردوغان وصرت تحذر منه، فعهدا على نفسي أن أحذر منك من عرفت ومن لم أعرف، إلى بلاعة التاريخ ".

وكتب الحقوقي والسياسي المصري المعارض أسامة رشدي، قائلا: "لو كانت لديك الشجاعة لإنكار ما يحدث حولك من فساد وإرهاب وسجن وتنكيل بالعلماء وسفه بالإنفاق على شذاذ الآفاق لاستمعت لآرائك في أردوغان الذي يكفيه أنه لم يقبل أن يبيع دماء #خاشقجي بمليارات ابن سلمان، ولو فعل لأمروك أن تهلل له".

أوامر ابن سلمان

إلى جانب تأكيد "نفاق القرني" للسلطة الحاكمة وإدراجه تحت قائمة "مشائخ السلطان"، أكد ناشطون أنه بوق للسلطة الحاكمة بالمملكة ينفذ ما يعطى له من أوامر وتعليمات.

واعتبر الباحث والناشط المهتم في شؤون الخليج السياسية فهد الغفيلي، أن "عائض هذا، مثال على تهافت العلماء تحت أقدام السلطان"، مشيرا إلى أنه بث كلمة ركيكة هاجم فيها الدولة العثمانية وأردوغان ذاكرا فيه صفات تنطبق جميعها على ابن سلمان الذي يقدسه ويُعظمه.

وأضاف: "بداية، فإن كلمة العويلم عائض القرني واضح أنه حاول فيها التملق لابن سلمان". وواضح أنه "كرر كلام الذباب الإلكتروني عن غير علم، ولا استبعد بأن النص جاءه جاهز، وأُمر أن يخرج ليقرأه على صفحات في مواقع التواصل".

وجزم صاحب حساب "خط البلدة" بأن عائض القرني أحد أدوات ابن سلمان، يهاجم الرئيس التركي بعد أن كان يتزلف له في وقت سابق.

وفسّر الداعية السعودي المعارض سعيد بن ناصر الغامدي موقف القرني، قائلا: "سمعت أحد المشايخ ينال من أردوغان، بما لا يليق بأحد من عامة الناس. فضلا عن منتسب للعلم! ولا شك أن للمكره أن ينطق بكلمة الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان".

وأكد أن "هذا ليس اعتذارا له، بل هو تفسير لما يحصل"، مضيفا: "إن مد الله في الأعمار وأزال الله الغمة، واستأصل رأس الفتنة؛ لتسمعُنّ تراجعه، واعتذاره بأنه مكره!".

ونشر القائم على حساب "قبل وبعد" المعني بكشف المدلسين، والمقارنة بين تناقضاتهم، قبل وبعد توجيهات الواتساب، في إشارة إلى تلقيهم أوامر من السلطة لتغيير موقفهم، مقطع فيديو للقرني يبرز فيه مواقفه السابقة من أردوغان وامتداحه له، في مقابل موقفه الراهن منه وكيل الاتهامات له.

وأشار إلى قول "القرني" في السابق: إن "أردوغان بطل أهان بيريز، وربى الناس على المساجد، وأمة الأتراك حكمت العالم 700 عام فيها المجاهدون وكانت حصنا للإسلام"، في حين يقول عليه الآن: "أردوغان تعاون مع الصهاينة، فعنده نوادي العهر والسُكر، والخلافة العثمانية هي احتلال للعالم الاسلامي فهم قتلة لم ينشروا التوحيد".

شيطنة تركيا

ولفت ناشطون إلى تفرغ "القرني" للهجوم على تركيا وشيطنتها وتحميلها كل تبعات الجرائم التي تتورط فيها المملكة وتعتبر جزءا منها وداعمة لها.

وتهكم الصحفي السعودي تركي الشلهوب، على ادعاءات القرني على أردوغان، قائلا: "ضحكت كثيرا عندما شاهدته. #عائض_القرني يهاجم أردوغان بانفعال ويتهمه بقتل اليمنيين! وكأن تركيا هي من أطلقت عاصفة الحزم، وذبحت أطفال اليمن، واتهمه بقتل الليبيين، وكأن تركيا هي التي دعمت انقلاب حفتر وجرائمه وغيرها من التناقضات.. الحمد لله الذي فضحك".

وقال الكاتب والصحفي الدكتور عـبدالله العـمـادي: إن "عائض القرني وهو في أبأس حالاته التي وصلها، يقرأ بيانا مخابراتيا طويلا، ترك كل مجرمي العالم وتفرغ للطيب أردوغان، في مشهد بائس ارتضاه لنفسه".

وذكّر بقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت", واستطرد العمادي، قائلا: "لكن القرني ما قال خيرا ولا صمت أيضا. نسأل الله أن يثبت قلوبنا".

ورأى الكاتب والصحفي ياسر أبو هلالة، أنه لولا محمد بن سلمان ما عرفنا الفرق بين سلمان العودة وعائض القرني، معتبرا أن "استخدام القرني للتجييش ضد تركيا يكشف غباء المُستخدِمين".

وأكد أن المكانة لعالم الدين المنحاز للأمة لا خادم السلطان، ساخرا: "ننتظر برنامجا تهريجيا على قناة سعودي 24، فقد تفوق على محلليها. من ينسلخ لا يسيء لآيات الله؛ هو يغدو مسلوخا".

وتهكم الكاتب السوري موسى العمر قائلا: "الشيخ عائض القرني ناقص بس يقول: شكرا لأسد الشام بشار، لأنه يحارب أردوغان! يا سيدي إذا أردوغان تاجر بالسياسة، فأنت  تاجرت بالدين.. يا رجل اتق الله، كنت أتمنى من كل قلبي أن أرى الدبابات العربية بدلا من التركية تحاول عالأقل منع مذابح من توقفت بالدعاء عليه".