عمال الإغاثة في إدلب بحاجة لمن يغيثهم.. هذا ما فعله نظام الأسد

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة واشنطن بوست: إن الموت والنزوح في مدينة إدلب السورية لا يطارد المدنيين فقط، بل إن الأمر طال عمال الإغاثة العاملين في المدينة الذين أصبحوا مطاردين.

وذكرت الصحيفة في تقرير لمدير مكتبها في إسطنبول ومراسلها في الشرق الأوسط كريم فهيم أنه "بينما كان عمال الإغاثة يهرعون حول محافظة إدلب السورية في الأيام الأخيرة لمساعدة مواطنيها المنكوبين للبقاء على قيد الحياة، كانت وكالة إغاثة سورية تسعى جاهدة لإنقاذ مجموعة أخرى من ضحايا الحرب، وهذه المرة كان الضحايا من عمال الإغاثة".

وأضافت: "لقد أصبح عمال الإغاثة بلا مأوى ويبحثون عن غطاء من فصل الشتاء الموحش، والتقدم العسكري الذي لا يرحم ضد الجيب الأخير لمقاومة المعارضة للنظام السوري بعد تسع سنوات من الحرب".

نزوح الموظفين

وقال براء الصمودي المدير التنفيذي للمجموعة: إن حوالي ثلث عمال الإغاثة والذين يقدر عددهم بـ1000 موظف أو متطوع يعملون في منظمة إحسان للإغاثة والتنمية، نزحوا بسبب القتال على مدار الأشهر القليلة الماضية".

لكن لم يكن هناك مكان لوضعهم فيه، حيث اكتظت مباني الشقق والمساجد والقاعات الرياضية بالفارين من جحيم الحرب، حتى أنهم لجؤوا للأشجار واختبؤوا تحتها.

وتشير أحدث التقارير إلى كارثة إنسانية بالغة السوء في مدينة إدلب السورية، حيث شن النظام السوري هجوما عسكريا كان من نتائجه مقتل مئات الآلاف وتشريد حوالي مليون سوري في هجوم عسكري سوري بمعاونة حلفائهم الروس.

ومما زاد الكارثة سوءا أن العالم الذي يستجيب لصرخات السوريين الضحايا ويهرع إلى إنقاذهم، يعتمد على عمال الإغاثة لإيواء ومساعدة الجرحي وتوفير بدائل شبه آمنة لهم.

إلا أنه مع ازدياد شراسة الهجمات التي يشنها النظام السوري ضراوة، تحول عمال الإغاثة إلى مدنيين، وأصبحوا بلا مورد ويعانون مما يعاني منه المدنيون من هروب من القتل إلى التشرد بلا مأوى.

ويؤكد مراسل واشنطن بوست أن المسعفين قُتلوا بعد إنقاذ الناجين من تحت الأنقاض بينما أدى القصف والغارات الجوية إلى إصابة الأطباء والممرضين أثناء قيامهم بجهود الإنقاذ، حيث أصبح عمال الإغاثة بلا مأوى، بينما أفرغت البلدات وفرت العائلات.

وقال الصمودي: إن الأشخاص الذين يساعدون الناس بحاجة إلى المساعدة. وأوضح ديفيد سوانسون المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن جهود الإغاثة تعثرت بسبب المخاوف الأمنية المستمرة، في الوقت الذي يجب فيه أن تستمر نضالات عمال الإغاثة السوريين.

ويأتي هذا في ظل ازدياد الحجم الهائل للاحتياجات الإنسانية التي ما زالت تتزايد كل دقيقة، في غازي عنتاب التركية بالقرب من الحدود مع سوريا. وقال سوانسون: إن الأمم المتحدة تعتمد اعتمادا تاما على أكثر من 10000 عامل إغاثة في إدلب، والكثير منهم قد نزحوا.

ولفت سوانسون إلى أن عدم قدرتهم على العمل، يقوض الاستجابة الشاملة لتلبية الاحتياجات الأساسية لضحايا الحرب في إدلب، في حين يبدو أن حجم الأزمة ينمو بشكل كبير كل أسبوع.

وذكرت آخر حصيلة للأمم المتحدة أن 900،000 شخص قد نزحوا في إدلب ومناطق حلب منذ الأول من كانون الأول/ديسمبر، من بينهم 500،000 طفل، وفقا لليونيسيف.

وأكدت الأمم المتحدة أن 299 مدنيا على الأقل قتلوا منذ بداية العام، منهم 93 في المائة على أيدي النظام، بينما قالت اليونيسف: إن 77 طفلا على الأقل قتلوا أو أصيبوا في نفس الفترة الزمنية، في حين يعتقد الكثيرون أن العدد قد يكون أعلى بكثير.

مستوى مروع

وصرح مارك لووك وكيل وزارة الشؤون الخارجية في الأمم المتحدة في بيان يوم 17 فبراير/شباط الجاري، بأن الأزمة وصلت إلى مستوى جديد مروع، وقال: إن الأسر التي تفر من العنف العشوائي تعاني من الصدمة وتُجبر على النوم في الخارج في درجات حرارة متجمدة لأن المخيمات ممتلئة.

وأضاف أن الأمهات يحرقن البلاستيك للحفاظ على دفء الأطفال، بينما الرضع والأطفال الصغار يموتون بسبب البرد، مستدركا: "عملية الإغاثة كبيرة لكنها غارقة أيضا".

وتعهد النظام السوري باستعادة جميع الأراضي المتبقية التي يسيطر عليها المعارضون. وبحلول الوقت الذي بدأ فيه الهجوم الأخير في ديسمبر/كانون الأول الماضي، كان هناك أكثر من 3 ملايين شخص في إدلب، بمن فيهم مئات الآلاف من الأشخاص الذين نزحوا من مناطق أخرى من سوريا.

خلال الأسابيع القليلة الماضية، اقتحم النظام الجهة الشرقية لإدلب، ونتيجة لذلك اضطرت مجموعة من السكان إلى الفرار من الغارات الجوية والمدفعية باتجاه الحدود التركية، في شكل تحركات وُصفت بأنها زلزالية، حيث قدرت الحكومة التركية أعداد النازحين بحوالي 150 ألف خلال ستة أيام.

ويشير التقرير إلى أن عمال الإغاثة أثناء محاولتهم إنقاذ أكبر عدد من الضحايا سواء بعلاج المصابين أو توفير ملاجئ للفارين، أُصيبوا كما يُصاب المدنيون، بل وأصبحوا بلا حول ولا قوة.

وعانى عمال الإغاثة من عدم وجود قوافل سيارات أو مروحيات تنقلهم من مكان لآخر بعيدا عن مناطق العنف.

يُذكر أنه أثناء هجوم سابق للنظام، في يونيو/حزيران الماضي، قُتل ثلاثة من المسعفين التابعين للمجموعة مع أحد المرضى، عندما أصابت غارة جوية سيارة الإسعاف في بلدة معرة النعمان، وفقا لقتيبة سيد عيسى مدير عام فيوليت.

تصاعد التهجير

في الأزمة الحالية، جرى تهجير موظفي فيوليت والمتطوعين، بما في ذلك رجل كان مسؤولا عن تأمين السكن لحوالي 7000 عائلة نازحة. ووفقا لقتيبة، هذا الرجل كان يعرف كل منزل فارغ يصلح كملجأ للفارين، إلا أنه الآن يسكن في خيمة، في الوقت الذي قالت فيه نصف دزينة من وكالات الإغاثة: إن العشرات من المتطوعين أو الموظفين أصبحوا بلا مأوى.

ويشير التقرير إلى أنه تم تهجير ما لا يقل عن 15 في المائة من الموظفين السوريين العاملين في لجنة الإنقاذ الدولية، وفقا لماستي ميستو بوسويل مدير سياسات الشرق الأوسط في المجموعة.

وأضاف أنه بسبب انعدام الأمن وقرب الخطوط الأمامية من جهود الإغاثة، اضطرت المجموعة وشركاؤها إلى تعليق الأنشطة في بعض مرافق الإغاثة ونقل أساطيل الإسعاف. وقال بوسويل: إن الجهود الأخيرة التي بذلتها المجموعة لتسجيل متلقي المعونة توقفت بسبب القصف القريب.

ولفت إلى أن معظم الموظفين السوريين واصلوا عملهم في مجال المساعدات حيث اختاروا المكان الذي تركوا فيه في المناطق التي استقروا فيها، وقال: إن مثابرتهم لا تزال تمنحك نوعا من الأمل.

يكافح الأطباء الآن لعلاج المرضى بعد أن دُمرت عشرات المستشفيات والمرافق الصحية الأخرى أو أُتلفت أو هُجرت، فهناك نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالإضافة إلى مرافق الرعاية المتخصصة.

يقول الطبيب مازن كوارا من الجمعية الطبية السورية الأمريكية: إن إدلب ليست لديها سوى مركز واحد للسرطان، ومع تدهور الوضع الأمني، كان من الصعب على العديد من المرضى الوصول إليه.

لقد تم تهجير حوالي 2000 طبيب وغيرهم من العاملين لصالح المجموعة، وليس من السهل العثور عليهم، إنه أسوأ وضع واجهته منذ ثماني سنوات، بحسب الطبيب.

وقال عبد الرحمن عبد الله الذي كان يعيش في مدينة إدلب وعمل مع "سداد"، وهي منظمة إغاثة أخرى: إن السفر من هناك أصبح مستحيلا بسبب الطرق المسدودة بالناس الفارين بحثا عن الأمان.

وأضاف في مقابلة عبر الهاتف: "كل يوم نخرج من معرة مصرين إلى هازانو، يستغرق الأمر أربع ساعات، بينما المسافة بين المدن خمسة أميال"، وأضاف أنه في بعض الأحيان، قصف النظام الطريق. وتابع: "الحاجة كبيرة للغاية ونحن قادرون فقط على تغطية جزء صغير"، بحساب أن 82000 أسرة ليس لديها خيام أو مراتب.