في خضم التصعيد.. هكذا وصل الحل في سوريا إلى طريق مسدود

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

وسط استمرار هجومها بالقنابل والقذائف على مواقع المعارضة، استعادت قوات النظام السوري السيطرة على عشرات المواقع في الأيام الأخيرة حول حلب، المدينة الثانية في البلاد الواقعة شمال غرب سوريا.

وفي هذا الصدد، قالت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية: إن المدن الرمزية المعارضة لبشار الأسد، مثل عندان وحريتان (شمالا)، سقطتا دون قتال، وانسحب الثوار منها، قبل أن تصل إليها قوات النظام بوقت قصير. 

وأوضحت في تقرير للصحفي جورج مالبرونو، أن هناك بعض المناطق ما زالت تحت أيدي المعارضة منذ عام 2012، مثل القاعدة العسكرية 46، الواقعة على بعد 12 كيلومترا فقط من حلب، حيث تمركزت هناك القوات التركية التي تدعم فصائل المعارضة المسلحة.

استعادة مناطق

ونوهت "لوفيجارو" بأنه في "يوم الأحد وحده (16 فبراير/شباط الجاري)، استعاد النظام السيطرة على منطقة بأكملها غرب حلب، بينما لم يتمكن من ذلك لمدة ثماني سنوات، بحسب ما قاله رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان (OSDH) ومقره لندن.

وذكرت أن قوات النظام السوري مدعومة بطائرات روسية، نفذت ضربات خاصة ضد عندان، وكذلك من المليشيات، الموالية لإيران، وبهذا الشكل استطاع الأسد السيطرة على حلب، التي كانت بيد فصائل المعارضة، التي ما زالت تسيطر على محافظة إدلب المجاورة، آخر المناطق الواقعة تحت أيدي خصوم الأسد. 

لكن معقلهم النهائي مهدد بشكل متزايد، تقول "لوفيجارو": فمنذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، شن النظام وحلفاؤه مرة أخرى هجوما على محافظة إدلب، وبعد ذلك بشهرين، أصبح نصف المنطقة فقط يخضع لسيطرة هيئة تحرير الشام، فرع تنظيم القاعدة السوري السابق. 

كما رأت الصحيفة أن النظام حقق نصرا كبيرا يوم 18 فبراير/شباط الجاري، عندما استعاد السيطرة الكاملة على الطريق السريع الإستراتيجي M5، الذي يربط بين دمشق وحلب، أكبر مدينتين في البلاد.

وأكدت على أن هذه التطورات أدت إلى أزمة إنسانية كبرى، فوفقا للأمم المتحدة، أكثر من 800 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال نزحوا منذ 1 ديسمبر/ كانون أول الماضي.

وبحسب المتحدث باسم الأمم المتحدة في سوريا ديفيد سوانسون، فمن المتوقع أن يستمر النزوح، حيث يسعى الآلاف إلى الوصول لمناطق أكثر أمانا بالقرب من الحدود مع تركيا.

فصل الشتاء المتجمد يؤدي إلى تفاقم محنة النازحين الجدد جراء نزاع استمر تسع سنوات، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 380 ألف شخص والرحيل القسري لأكثر من 11 مليون سوري عن منازلهم.

كما أن أحدث حلقة من هذا الصراع المستمر تسببت في مقتل 200 شخص على الأقل في منطقة إدلب، وفقا للأمم المتحدة، التي تشجب أيضا تعليق أنشطة أكثر من 70 مستشفى بعد استهدافها، أو مخافة تعرضها للقصف. 

ونقلت الصحيفة عن أحد الناشطين القول: "لقد فقدت الاتصال مع الأصدقاء الذين كانوا في المناطق التي سيطر عليها الجيش، ولا أعرف ما إذا كان لديهم الوقت للفرار قبل تقدم النظام، كانوا يخشون أن يكون تم اعتقالي أو إعدامي من قبل النظام".

توترات دولية

كما بينت أن هذا التصعيد الجديد أثار توترات قوية بين سوريا وتركيا، على الحدود مع محافظة إدلب، التي تملك فيها أنقرة 12 مركز مراقبة في شمال غرب البلاد، بموجب اتفاق أبرم عام 2018 تحت رعاية روسيا المتحكمة في الصراع السوري.

واعتبرت "لوفيجارو" أن التقدم الذي أحرزته قوات النظام يقوض التعاون الهش بين موسكو حليفة الأسد، وأنقرة الداعمة لفصائل المعارضة المسلحة، لكنها تتعاون لإيجاد حل سياسي للصراع. 

وأكدت أنه "في إطار دعمها للمتمردين، تدين تركيا الهجمات السورية التي قتلت 14 جنديا تركيا خلال الأسبوعين الماضيين"، كما قال النظام قبل أيام: إن طائرة هليكوبتر تابعة له أسقطت "بصاروخ عدو" وتوفي طياروها. وبحسب المرصد السوي لحقوق الإنسان، الصاروخ أطلقته قوات تركية.

وفي 17 فبراير/شباط الجاري، عقدت محادثات تركية روسية في موسكو لتخفيف التوترات، وذلك بعد يوم من طلب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من نظيره الروسي سيرجي لافروف الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار، حيث يوجد أربعة مراكز مراقبة تركية موجودة الآن في المنطقة التي تسيطر عليها دمشق. 

وقبلها بيوم، اتصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره التركي رجب طيب أردوغان للتعبير عن قلقه إزاء تصاعد العنف، كما حث روسيا على التوقف عن دعم "فظائع" النظام السوري.

وتهدد أنقرة الآن باستخدام الخيار العسكري إذا لم تسحب دمشق قواتها بحلول نهاية الشهر الجاري، أي خلف الخطوط التي حددها اتفاق وقف التصعيد لعام 2018.

ووفقا للصحيفة الفرنسية، أدت هذه التطورات إلى تبادل روسيا وتركيا الاتهامات، حيث تنتقد أنقرة الكرملين وإيران لعدم وفائهما بالتزامها بإجبار الأسد على البقاء خارج المناطق القريبة من مراكز المراقبة التركية.

وردا على ذلك، اتهم الكرملين أنقرة بعدم القيام بأي شيء "لتحييد الإرهابيين في إدلب" ، وهو وضع تعتبره موسكو "غير مقبول".

في نهاية الأسبوع، أرسلت أنقرة 60 مركبة تحمل كوماندوز وعربات مدرعة إلى إدلب، بهدف تعزيز المراكز التركية، وفي الإجمال، منذ بداية شهر فبراير/ شباط الجاري، نشرت أنقرة حوالي 6500 جندي و1900 مركبة قتالية في شمال غرب سوريا، طبقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

لكن ما تخشاه أنقرة بالفعل، بحسب لوفيجارو، هو موجة هجرة جديدة نتيجة هذه الأحداث، حيث قال نائب الرئيس فؤاد أوقطاي على قناة إن تي في التلفزيونية: إن "تركيا لن تتحمل موجة جديدة من الهجرة"، فأنقرة بالفعل موطن لأكثر من 3.6 مليون لاجئ سوري.