التدبير لانقلاب جديد على الرئيس أردوغان.. ما حقيقة الأمر؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

قبل أيام، أثار تقرير صادر عن مؤسسة تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، أشار فيه إلى أن تركيا على أبواب انقلاب جديد من الجيش، جدلا واسعا كبيرا في تركيا، دفع رئيس البلاد رجب طيب أردوغان للتعليق على الأمر.

وعلقت مؤسسة "راند" الأمريكية، على ما أسمته "قرارات السلطات التركية، باعتقال واستبعاد عدد كبير من الضباط الأتراك بسبب انتمائهم لمنظمة غولن المتهمة بمحاولة الانقلاب في البلاد في 15 تموز/ يوليو 2016، غضبا داخل صفوف الجيش التركي"، وفق تعبيرها.

ورد أردوغان في خطاب ألقاه في البرلمان التركي، أمام الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في 19 فبراير/شباط الجاري: "إنها ليست سوى حملات ضد البلاد، دعونا لا نلتفت إليها.. هذا البلد شهد محاولة انقلاب في 15 تموز (يوليو)، والأمة التركية أعطت الجواب اللازم".

تفاصيل الخطاب

وبدوره، تناول الكاتب في صحيفة "حرييت" عبد القادر سيلفي خطاب أردوغان بشيء من التفصيل، حيث كان حاضرا هناك هو ومجموعة من الكتاب والصحفيين. ونقل سيلفي عن أردوغان قوله: "ثمة من يجهز لحملة جديدة للانقلاب، لكن لا أحد ينضم إلى هؤلاء، هذا الأمر خيانة للأمة والوطن".

وأضاف أردوغان بعد أن ذكر برد الشعب على أولئك الانقلابيين: "لا يجب علينا أن نذكر أسماء هؤلاء مرة أخرى"، مؤكدا في الاجتماع مع نواب حزب العدالة والتنمية أن "شائعات الانقلاب وضعت حدا لها بل تم دفنها وصب الخرسانة المسلحة عليها".

يقول الكاتب: "وعلى الرغم من موقف الرئيس أردوغان الثابت، استمرت مناقشات الانقلاب في البرلمان؛ وبتعبير أدق، يريد المشرعون فهم ما يكمن وراء هذه المناقشات، ولماذا بدأت مجددا، وأين يريدون الوصول من خلالها؟".

وبدأ الرئيس أردوغان في خطابه – بحسب الكاتب - بالتحذير من الذين يحاولون مناقشة أمر الانقلاب وأبعاده وإعادته إلى جدول أعمال الحياة اليومية في تركيا وإحياء بشكل أو بآخر منظمة غولن. وتابع الكاتب: "لقد قصف أردوغان حرفيا جبهة غولن في المناقشات المتعلقة بجيزي بارك والانقلاب".

وجيزي بارك هي المنطقة التي بدأت فيها احتجاجات، بميدان تقسيم في 28 أيار/ مايو 2013، ضد قرار إزالة الأشجار في الميدان، ليقام محلها مبنى على شكل ثكنة عسكرية قديمة على الطراز العثماني، يضم مركزا ثقافيا وربما أيضا مركزا تجاريا. وتطورت الاحتجاجات إلى أعمال شغب، واتسع الأمر ليشمل مدنا أخرى، مطالبة بإسقاط الحكومة التركية.

وقال أردوغان: "في هذه الدولة ثمة رجل واحد لم يلتق مع جماعة غولن، ولم يتفاهم معهم وهو المرحوم نجم الدين أربكان، وحتى هم (أي جماعة غولن) كانوا يكرهونه، لكن الشخص الذي يعلن أنه ضدهم، يتصرف معهم وبشكل جماعي"، في إشارة إلى رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.

وبين الرئيس التركي أنه هو شخصيا وحزب العدالة والتنمية، فقط من أعلنوا الحرب على جماعة غولن بوجه حق، بعد اتهامهم بمحاولة الانقلاب عليه في 2016. وتابع الكاتب: "أثناء هذا الحديث، هب النواب على أقدامهم وألهبوا القاعدة بالتصفيق والترحيب".

ثم تحدث أردوغان حول طريقة ضم عناصر غولن إلى الجيش واللعب على وتر العمر، ثم زاد من أهمية هذا الأمر رئيس الأركان السابق، إلكار باشبوغ، حيث قال أردوغان: "طوال فترتي لم تأت أي ملفات تتعلق بغولن وكل ما جاء كان عن شخصيات اعتيادية".

ورأى الكاتب أن من ضمن الناس الداعمة لغولن كان زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو. وقد أشار الرئيس أردوغان في خطابه غير مرة إلى ذلك، ودعا إلى إخضاع الحزب للتحقيق لاحتمال وجود صلات تربطه بالمنظمة.

محطة تاريخية

وقال الكاتب: "وضعت اللبنات الأساسية للطرق المؤدية إلى الانقلابات أمام جامعة إسطنبول مع الأحداث في بيازيد ومظاهرات 555 في كيزيلاي (1968)". مذكرا بكلمة لرئيس الوزراء التركي السابق عصمت إينونو حين قال: "الثورة حق مشروع للدول عندما تكون الظروف على ما يرام".

اللبنات الأساسية للعملية، مُهدت بالكفاح المسلح للشباب الثوري بقيادة دنيز جيزميش وماهر شيان ومنها مثلا حرق سيارة السفير الأمريكي في أحد الجامعات، وكذلك اختطاف أمريكيين يعملون في قاعدة عسكرية أمريكية في أنقرة، لقد أقام الشباب اليساري ثورتهم تلك بالحديد والنار وأعواد المشانق.

و"دينيز جيزميش" عرف نفسه بأنه ثوري ماركسي مؤسس جيش التحرير الشعبي التركي THKO وهو الذي قاد حادثة الاحتلال المنظم لجامعة إسطنبول من قبل الطلاب في 12 "يونيو/حزيران" 1968.

وبعدها ألقي القبض على دينيز بسبب هذه الأعمال وغيرها في 30 يوليو /تموز 1968، ثم أفرج عنه في 20 أكتوبر /تشرين الأول من نفس العام. وفي 16 مارس/آذار 1969، ألقي القبض عليه مرة أخرى بسبب مشاركته في صراعات مسلحة بين اليمين واليسار، وتم سجنه حتى 3 أبريل/نيسان من نفس العام قبل أن يفر إلى خارج البلاد ليتحول إلى مجرم تحت واجهة أنه ثوري.

ففي 11 يناير/كانون الثاني 1971، شارك جيفارا جيزميش، في سرقة فرع بنك العمل التركي (İş Bankasi) في أنقرة، وهي إحدى العمليات التي كان اليساريون يقومون بها من أجل "تمويل الثورة".

وفي 4 مارس/آذار من ذلك العام أيضا، اختطف أربعة جنود أمريكيين من مجموعة اللوجستيات الأمريكية ومقرها في منطقة بالجات في العاصمة أنقرة. وبعد الإفراج عن الرهائن، تم القبض عليه وقد أعدم شنقا في 6 "مايو/أيار" 1972 في سجن أنقرة المركزي.

وتابع الكاتب: "في 12 أيلول/سبتمبر 1972 عادت الاشتباكات بين اليمين واليسار، وخلالها أضعنا عاما كاملا، وفقدنا نحو 5 آلاف شاب من شبابنا. كانت المهمة الأولى لأولئك الذين نفذوا الانقلاب على دماء هؤلاء الشباب هي شنق 52 شابا، أحدهم على اليمين والآخر على اليسار".

وتوقف الكاتب عند هذه النقطة في سرد الأحداث مضيفا أن: "أحداث جيزي بارك في إسطنبول وكذا محاولة انقلاب تموز لو نجحت لوصلنا إلى هذه المرحلة من جديد. لذلك كرس الرئيس أردوغان جزءا كبيرا من خطابه لتلك الأحداث التي وُصفت بأنها ثورة مدنية أو تظاهرات شعبية".

وقال الكاتب: "تطرق أردوغان إلى تعليق عبد الله غول (الرئيس السابق) الذي قال إنه فخور بمرحلة جيزي بارك" دون أن يذكر اسمه، وهو الأفضل حيث بدلا منه ركز على كليتشدار أوغلو، لكن غول يفهم المقصود.