تراقب تهريب الأسلحة إلى ليبيا بحرا.. من تستهدف أوروبا بالقرار؟

زياد المزغني | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

قوبل قرار الاتحاد الأوروبي ببدء مهمة بحرية وجوية في شرق البحر المتوسط لمراقبة حظر توريد السلاح إلى ليبيا، برفض من حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، كما صدر موقف مماثل من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.

الاتحاد الأوروبي في اجتماعه المنعقد 17 فبراير/شباط 2020، برر قراره بـ"تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي التي تمنع تصدير الأسلحة إلى جميع أطراف النزاع في ليبيا"، وهو القرار المخترق دائما، وفق ما أكدته إخطارات المبعوث الدولي إلى ليبيا غسان سلامة.

في المقابل اعتبرت حكومة الوفاق أن هذا القرار يستهدفها هي بالأساس، بسبب اعتمادها على الطرق البحرية للتزود بالأسلحة من أجل الدفاع عن العاصمة الليبية طرابلس ضد هجمات ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الهجوم المستمرة منذ 4 أبريل/نيسان 2019.

جل التقارير الإعلامية والأممية أكدت أن ميليشيات حفتر تعتمد على مطار بنغازي والحدود البرية مع مصر من أجل تمرير شحنات الأسلحة والمعدات العسكرية المستعملة في الصراع الدائر بليبيا.

هذا الوضع يعيد من جديد الحديث عن انحياز الموقف الأوروبي إلى الطرف المعتدي في ليبيا، والذي يراهن في كل مرة على الخيار العسكري لحسم الصراع لصالحه دون الالتفات إلى قرارات الشرعية الدولية.

الرقابة البحرية

اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، اتخذ قرارا ببدء إطلاق عملية بحرية جديدة لمراقبة حظر التسلح الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا، بعد أن تم تمديد العملية حتى نهاية آذار/مارس 2021.

وقال وزير خارجية لوكسمبورغ، جان أسيلبورن للصحفيين في بروكسل: إن الهدف الرئيس للعملية التي لم يتم الكشف عن تفاصيلها بعد،"هو حظر الأسلحة"، على اعتبار أن تراجع مخزون الأسلحة والذخيرة، سيؤدي إلى انخفاض في حدة العمليات العسكرية للأطراف المتحاربة في ليبيا، مضيفا: أن "العملية الجديدة تشتمل على 3 محاور، جوي وبحري وثالث يقوم على المراقبة عبر الأقمار الصناعية".

وقال الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل: إنه "رغم اتفاقات وقف إطلاق النار في ليبيا، فإن القتال لا زال متواصلا"، واصفا الوضع في البلاد بأنه "سيء للغاية".

وأضاف بوريل، خلال اجتماع بروكسل: أن "الهدنة تُنتهك وكذلك حظر الأسلحة، فيما يتواصل القتال"، غير أنه أكد أن العملية السياسية التي تم الاتفاق عليها في قمة برلين في كانون الثاني/يناير 2020 "لاتزال مستمرة".

تقرير أممي

خبراء أمميون يرون أن "الحظر على الأسلحة لم يكن فعالا كما يظهر نقل المعدات العسكرية الذي تم بانتظام إلى ليبيا جوا وبحرا. واتهم  الخبراء في تقرير للأمم المتحدة نشر منتصف ديسمبر/كانون الثاني 2019، عدة شركات ودول بخرق الحظر المعلن في 2011 من خلال تسليم أسلحة أو إرسال مقاتلين إلى  ليبيا.

وفصل الخبراء الأمميون في تقريرهم العملية التي تمت بشكل خفي لتسليم سفينة من البحرية الإيرلندية لقوات حفتر.

كانت الحكومة الإيرلندية باعت السفينة لشركة هولندية في آذار/مارس 2017 بقيمة 122 ألف دولار، ثم اشترتها شركة إماراتية بقيمة 525 ألف دولار وأعادت تسجيلها في بنما كـ "زورق ترفيه".

هذه العملية ليست سوى واحدة من عشرات عمليات إرسال الأسلحة إلى حفتر، من الدول الداعمة له وفي مقدمتها الإمارات ومصر، والأخيرة تسيطر قوات حفتر على جميع الحدود معها.

التقرير اتهم ضمنا الإمارات بتسليم منظومة روسية للمضادات الجوية (بانتسير أس-1) لقوات حفتر. ولم تكتف الدول المساندة لحفتر بنقل الأسلحة فقط، حيث أكد التقرير الأممي الاتهامات التي وجهت لحفتر بالاستعانة بمرتزقة أجانب.

ويقول خبراء الأمم المتحدة: إن المقاتلين السودانيين انتشروا في ليبيا بموجب عقد وقع في الخرطوم في 7 أيار/مايو 2019 بين قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، باسم المجلس العسكري السوداني الانتقالي وشركة "ديكنز أند مادسون إنك" الكندية.

وتعهدت الشركة الكندية في إطار "خدماتها لنيل الدعم" بـ "السعي للحصول من القيادة العسكرية في شرق ليبيا (حفتر) على أموال للمجلس الانتقالي السوداني لقاء مساعدة عسكرية" لقوات حفتر، حسب نسخة للعقد أرفقت بالتقرير.

شحنة  كبيرة

كما أشارت تقارير إلى أن الأردن سلم حفتر عربات عسكرية، من بينها المركبة «Al Mared 8×8»، وهي من إنتاج وتصميم «مركز عبد الله الثاني للتصميم والتطوير»، والمركبة المدرعة «Mbombe 6×6» التي يتم إنتاجها وتجميعها بشكل مشترك بين الأردن وجنوب إفريقيا من قِبَل شركة «Paramount» للصناعات العسكرية. كذلك، خرّج الأردن من وحدات مختلفة في كلياته العسكرية دفعات متتالية من قوات حفتر منذ عام 2015 حتى الآن. 

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، نشرت شعبة الإعلام الحربي التابعة لقوات حفتر، مقطعا مصورا ظهرت فيه مدرعات مصرية جديدة بحوزتهم.

وتعد المركبة المدرعة الخفيفة "تاريير TAG Terrier LT 79 "أحدث المشاريع المشتركة بين الهيئة العربية للتصنيع المصرية التابعة للقوات المسلحة  وشركة "The Armored Group" الأمريكية.

كما أكد موقع شؤون إماراتية الإخباري أن أبوظبي أرسلت شحنة  كبيرة من الأسلحة إلى حفتر عبر مصر، ونقل الموقع عن مصادر مصرية معنية بالملف الليبي، قولها: إن "شحنات أسلحة كبيرة وصلت عبر الحدود المصرية إلى حفتر، مكونة من أسلحة خفيفة ومتوسطة لتسليح دفعة كبيرة من المنضمين الجدد لها، من مدينة ترهونة". 
 

تكبيل "الوفاق"

الناطق باسم حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم عمر تشليك اعتبر في مؤتمر صحفي يوم 18 فبراير /شباط 2020، أن مقاربة الاتحاد الأوروبي تجاه ليبيا ليست صحيحة، موضحا أن "هناك بعض الدول المعروفة بدعمها لقوات حفتر من الجو والبر"، في إشارة إلى مصر والإمارات.

وأشار تشليك إلى أن إجراء عملية مراقبة عسكرية في البحر فقط سيؤدي إلى ربط يد أحد الطرفين المتحاربين في ليبيا، بينما سيُترك الآخر حرا طليقا في مجال التسلح. وأضاف: أن "الأمم المتحدة وليس الاتحاد الأوروبي هي التي يجب أن تشرف على حظر إرسال أسلحة إلى ليبيا". 

وتعتمد حكومة الوفاق منذ التوقيع على اتفاق التعاون العسكري بينها وبين تركيا على عدد من الآليات والأسلحة المستوردة من أنقرة، والتي دخلت طور الاستعمال في المعارك الدائرة بمحيط طرابلس.

وزارة خارجية حكومة الوفاق أكدت أن الخطة المقترحة من الاتحاد الأوروبي لحظر تدفق الأسلحة لليبيا "ستفشل بشكلها الحالي، خاصة على الحدود البرية والجوية بالمنطقة الشرقية".

وأضافت الوزارة في سلسلة تغريدات عبر حسابها الرسمي: أن "حكومة الوفاق دعت مرارا وتكرارا إلى التنفيذ الصارم لقرارات مجلس الأمن الداعية لحظر تدفق الأسلحة بشكل غير قانوني إلى ليبيا منذ سنوات".

وأشارت الوزارة إلى أن "حكومة الوفاق المعترف بها دوليا لها الحق في مواصلة تحالفاتها العسكرية العلنية مع الحلفاء من خلال القنوات الشرعية".

من جهته، أكد مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوسيب بوريل أنه "لا يمكن للاتحاد نشر قوات على الحدود المصرية الليبية، لكن ما يمكن فعله بهذه الخصوص، هو تتبع السفن التي تتجه إلى الشرق الليبي عبر الرادارات لمعرفة إن كانت تحمل أسلحة أم لا".