ليس إنهاء الصراع.. "لوموند": هذا هو الهدف الحقيقي من صفقة القرن

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة فرنسية، إن خطة السلام الأمريكية المعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن" التي أعلن عنها في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، لها هدف آخر يجمع كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، غير إنهاء الصراع. 

وأوضحت صحيفة "لوموند" في مقال حمل عنوان "حقيقة الاتفاق بين ترامب ونتنياهو" لأستاذ تاريخ الشرق الأوسط جان بيير فيلو: "لا شك أن لقاء ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض سيخلد في التاريخ، ليس بسبب خطة السلام، التي تبدو وكأنها إعلان حرب ضد الشعب الفلسطيني، من قبل تحالف أمريكي إسرائيلي له عدوانية غير مسبوقة".

ولكن السبب في تخليد ذلك اللقاء أثناء الإعلان عن الخطة، يعود وفق الصحيفة لأنه "نادرا ما أظهر زعيمان في مواجهة العالم مثل هذا الاتفاق الشخصي من التضامن الثابت، وهذا على حساب طرف ثالث، جرى استدعاؤه للاستسلام في مواجهة إملاءاتهم".

وتنص "صفقة القرن" على الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، على أن تقام، وفق الخطة، عاصمة لدولة فلسطين المستقبلية في بلدة أبو ديس الواقعة شرق القدس، كذلك على ضم "تل أبيب" غور الأردن وأكثر من 130 مستوطنة تقع في الضفة الغربية المحتلة.

دعاية انتخابية

ونوهت "لوموند" بأنه جرى الإعلان عن "خطة السلام" في خضم قضية إقالة ترامب من منصبه (تمت تبرئته بعد ذلك). وفي نفس اليوم الذي أصبحت فيه لائحة اتهام نتنياهو بالفساد والاحتيال وانتهاك الثقة رسمية. 

ولفتت إلى أن المناورة تتجاوز هذه الأمور المزعجة في حد ذاتها، فهي تهدف إلى ترسيخ القاعدة الانتخابية من 20 إلى 30٪ من المؤيدين دون قيد أو شرط، وهو ما سيسمح لنتنياهو بالحفاظ على منصبه، بعد انتخابات 2 مارس/ آذار المقبل، والأمر كذلك بالنسبة لترامب خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/ تشرين ثاني القادم.

وبينت أن ركيزة هذا الاتفاق في الولايات المتحدة هم "الصهاينة المسيحيون" أي العقيدة البروتستانتية الأصولية، التي تؤمن بضرورة عودة الشعب اليهودي إلى أرضه الموعودة في فلسطين، وإقامة كيان يهودي فيها يمهد للعودة الثانية للمسيح وتأسيسه لمملكة الألف عام، ويدعمون بثبات ضم الضفة الغربية.

لكن على العكس من ذلك، فإن اليهود الأمريكيين منقسمون بشدة بسبب هذا التصعيد، باستثناء بعض من المليارديرات الذين يريدون مصلحتهم مثل شيلدون أديلسون.

وأوضحت "لوموند" أن المفارقة تكمن في أن الضم الوارد لمستوطنات الضفة الغربية في "خطة السلام" لترامب، يبدو أنه يقسم كتلة نتنياهو: مؤيدو الأمر الواقع، راضون عن الاستمرار في ضم الأراضي الفلسطينية، ويشعرون بالقلق إزاء أقصى اليمين اليهودي المسيحي، الأمر الذي سيجبرهم على إضفاء الطابع الرسمي على التمييز المفروض بحكم الأمر الواقع على السكان العرب.  

ولفتت إلى أن رئيس الوزراء، الذي كان دائما ما يميز الحقائق المنجزة خلال السنوات العشر التي أمضاها في السلطة على حساب الضم العلني، أيد ذلك هربا من الفخ القضائي، فمثل هذا التغيير، المسؤول المباشر عن الإعلان عن "خطة سلام" مؤجلة بالفعل منذ عامين، لا يبدو أنه في هذه المرحلة أقنع الناخبين الإسرائيليين.

وأشارت الصحيفة إلى أننا سنعرف، في الثاني من مارس/آذار، عما إذا كانت الانتخابات العامة الثالثة خلال سنة بإسرائيل، ستقدم في النهاية أغلبية واضحة لنتنياهو، مما يعزز رهانه على "خطة" ترامب.

رد فعل فاتر

وفقا للصحيفة الفرنسية، إلى جانب هذه الدعائم السياسية المنخفضة، ينبغي التفكير في عدم قدرة ترامب على دعم تصريحاته المدوية، إذ أدى اعترافه بالقدس كعاصمة لإسرائيل عام 2017 إلى نقل السفارة الأمريكية إلى المدينة المقدسة، وهي سابقة نفذتها حتى الآن غواتيمالا وحدها.  

هذا التأثير المحدود موجود كذلك في "خطة السلام"، فلا يمكن لفلسطيني تأييد البنود الواردة بخطة الرئيس الأمريكي.

كما أكدت "لوموند" أن السرعة التي تخلى بها ترامب مؤخرا عن شركائه الأكراد في الحرب ضد تنظيم الدولة، يزيد قبوله الفعلي للسيطرة الإيرانية على العراق، مما يسبب مشكلة حتى بين الأنظمة العربية الأكثر ولاء للولايات المتحدة. 

وتقول: إن "رفض جامعة الدول العربية لخطة السلام فاجأ واشنطن بشكل واضح، التي قللت من معارضة الأردن، المحذرة من أي تعديل على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة بالقدس".

ورأت الصحيفة أنه إذا كان هناك مصطلح واحد صاغه ترامب في 28 يناير/ كانون الثاني إلى جانب نتنياهو، فهو "التحالف" للدفاع عن "أمن" إسرائيل. وأكدت أن رد الفعل الفاتر لحلفاء الولايات المتحدة في الغرب على خطة تهدد أسس القانون الدولي هو أمر غير مفهوم.

وخلصت إلى أنه على فرنسا والاتحاد الأوروبي أخذ زمام المبادرة، أو على الأقل أن يتذكرا القيم والمبادئ التي التزموا بها، في مواجهة "الخطة" التي من المحتمل فشلها بالفعل، بعد أقل من شهر على إعلانها.

وأوضحت أن مستقبل الشرق الأوسط، وبالتالي أمن العالم، على المحك، "ولهذا وجب التدخل بدلا من ترك شخصين غير مسؤولين، مرتبطين باتفاق بقاء سياسي قصير النظر للغاية، يجران المنطقة بأسرها إلى الهاوية".