صحيفة تركية تكشف حقيقة الموقف الأمريكي من الأزمة الليبية

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "ملييت" التركية، مقالا للكاتب علي تشينار، سلط فيه الضوء على الأزمة الليبية وموقف الولايات المتحدة الحقيقي منها، لافتا إلى أن القمة التي عقدت بمدينة برلين في يناير/كانون الثاني الماضي، حول ليبيا لم يكن ينتظر منها الشيء الكثير.

وقال الكاتب: إن "موقف الولايات المتحدة تجاه ليبيا لا يزال غير واضح؛ فعلى الرغم من وجود وزير الخارجية الأمريكي بومبيو في مؤتمر برلين، وقد أعطى إفادات مؤيدة لوقف إطلاق النار، إلا أن هناك علامات استفهام في كل من شرق البحر المتوسط وليبيا".

اليونان تنقّب

وذكّر تشينار بموقف الولايات المتحدة وقلقها "العميق" -حسب تعبير واشنطن- من عمليات الحفر في شرق البحر المتوسط، ولا سيما وأن الجميع يعرف أن أمريكا تميل إلى قبرص الرومية واليونان في سياساتها المتعلقة بقضايا الثروات في شرق المتوسط.

وتابع: يجري ذلك في وقت كان أول من بادر إلى التنقيب عن الغاز هو اليونان وقبرص الرومية، والتي أوكلت فيها عمليات التنقيب عن الغاز لشركة "إكسون موبيل" الأمريكية منذ العام 2018، وكانت اليونان هي أول من بدأت الأزمة وعملت على التحرك من جانب واحد.

وأشار الكاتب إلى أن وزارة الخارجية التركية، حذرت في حينها شركة "إكسون موبيل" الأمريكية النفطية العملاقة، من القيام بأي عمليات تنقيب عن الهيدروكربون "النفط والغاز" قبالة شواطئ جزيرة قبرص، قائلة: "إن هذا لن يساهم في استقرار المنطقة".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أقصوي، في بيان صدر آنذاك: "إن تنقيب إكسون موبيل عن الغاز لمصلحة الشطر القبرصي اليوناني في القطعة 10 التي يزعم ملكيتها، يمكن أن يغير توازنات حساسة من حيث إيجاد حل لأزمة الجزيرة".

الأزمة الليبية

ويبدو أن الرئيس ترامب، بحسب الكاتب، يواصل سياسة واشنطن في البحر المتوسط بخصوص ليبيا التي كانت في عهد أوباما، ففي 7 نيسان/أبريل 2019، سحبت الولايات المتحدة قواتها بشكل غير متوقع من ليبيا، ولاسيما أنه وأثناء الانسحاب، لم يكن هناك أي تصريح مفاده بأنه "سنواصل دعم حكومة التوافق الوطني".

وأردف: في تلك الفترة كان هناك عملية عسكرية موجهة إلى حفتر، وهذه الخطوة الأخيرة كانت مفاجئة للجميع، خصوصا وأنها تصب في مصلحة الأخير، وما زاد الطين بلة هو اتصال هاتفي جرى بعد أسبوع تقريبا من خطوة الانسحاب الأمريكي أجراه الرئيس ترامب بحفتر.

وقال الكاتب: "على الرغم من محاولات الولايات المتحدة إظهار أنها لا تتماشى مع روسيا في الشأن الليبي، إلا أن الإمارات ومصر في خطواتهما دائما ما يظهر تأثير ترامب عليهما، وبالتالي التماهي بشكل أو بآخر مع السياسات الروسية المتبعة".

ورأى أن الموقف الأمريكي من التطورات كان غير مكترث، وقد رأينا ذلك في أكثر من موقف، فيما يواصل حفتر هجماته وهو الذي لم يوقع على اتفاقية إطلاق النار ويعي جيدا أن أحدا لن يوقفه.

والسبت الماضي، أعلن الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر في كلمة لأنصاره، رفضه وقف إطلاق النار، وتصميمه على مواصلة الهجوم الذي بدأه على طرابلس في الرابع من أبريل/نيسان 2019، بهدف وضع حد لما يسميه "حكم المليشيات".

وتؤكد حكومة الوفاق الوطني (معترف بها دوليا)، أن أي تسوية يجب أن تفضي لانسحاب قوات حفتر إلى المناطق التي جاءت منها وقبل أيام تبنى مجلس الأمن الدولي القرار 2510 الذي تبنى فيه مخرجات مؤتمر برلين، وخاصة ما يتعلق بتحويل الهدنة التي أعلنتها تركيا وروسيا بداية من 12 يناير/كانون الثاني الماضي، إلى وقف دائم لإطلاق النار.

ونوه الكاتب إلى أن المحادثات بين ضباط يمثلون قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية، وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر هي ثمرة لمؤتمر برلين الذي عقد يوم 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بمشاركة 16 دولة ومنظمة، ودعا لتحويل الهدنة الهشة في ليبيا إلى وقف دائم لإطلاق النار.

يأتي هذا فيما اتفق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في ختام اجتماع بروكسل على أن يبدأ الاتحاد مهمة جديدة في البحر المتوسط لمراقبة تطبيق الحظر الأممي على إرسال الأسلحة في ليبيا.

ووافقت الدول الأعضاء في الاتحاد البالغ عددها 27 دولة، على تقديم سبع طائرات وسبع سفن للمهمة، وقال مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد جوسيب بوريل: إن دولا عدة أعربت عن استعدادها للمشاركة في هذه المهمة، مرجحا أن يبدأ عمل المهمة الأوروبية نهاية مارس/آذار المقبل.

صفقة القرن

وتطرق الكاتب إلى قضية أخرى، وهي استضافة ترامب كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، ومنافسه زعيم حزب "أزرق أبيض"، في ظل التوترات القائمة جراء إعلان الرئيس الأمريكي عن "صفقة القرن" فيما لن يكون في البيت الأبيض أي طرف فلسطيني، وهذا كله في حضور عراب الصفقة ومسوقها الأول صهر ترامب، جاريد كوشنر.

وخلص تشينار في مقاله إلى أن "هذه الصفقة لم تشكل أي عامل مفاجئ والكل يعرف حجم الدعم الهائل الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل في المنطقة، فبعد إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، أعلنت دعمها لخطوات الضم وتأييدها لتل أبيب، ضم أراضي الجولان المحتلة، وأنها جزء لا يتجزأ من الأراضي الإسرائيلية بدون أي اكتراث للرأي العام العالمي".

واختتم الكاتب مقاله بالقول: إنه وبدون تركيا لم يكن هناك ردة فعل حقيقية لأي دولة تقريبا وهي – أي الصفقة- تضمنت موادا تعترف بإسرائيل كدولة عاصمتها القدس، وتضم أراض لا حصر لها من الضفة الغربية المحتلة، ضمن الحدود الإسرائيلية، فضلا عن تقطيع أواصر الدولة الفلسطينية المستقبلية.