قاسم الريمي.. جندته أمريكا لقتال السوفييت ثم اغتالته بعد 30 عاما

آدم يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

لم يكن يعلم قاسم الريمي، زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، أن الولايات المتحدة التي دفعته للحرب في أفغانستان ضد القوات السوفيتية، هي من ستقتله بعد 30 عاما من تلك المهمة.

كان الريمي ضمن الشباب الذين جندتهم الولايات المتحدة عبر الحكومة اليمنية في الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي، للسفر والجهاد في أفغانستان، ضد القوات السوفيتية، في المعارك التي بدأت أواخر السبعينيات، وألقت أوزارها في أبريل/نيسان 1992.

حكومات عربية، من بينها اليمن والسعودية والكويت ومصر، استجابت وقتها لمطالب أمريكية بدفع الشباب إلى أفغانستان، للقتال ضد السوفييت، أثناء الحرب الباردة، وبالفعل، قامت تلك الحكومات بدورها عبر المساجد والمراكز الدينية بدفع الشباب للقتال في أفغانستان، ونظمت حملات تجنيد لهم، تحت مبرر مساندة المسلمين الأفغان ضد الشيوعيين (الكفار)، مستغلة حماسهم واندفاعهم ورغبتهم في نصرة إخوانهم (المستضعفين).

وبطبيعة الحال والظرف حينها، قام الشباب بدورهم في التدرب والتسلُّح، وانخرطوا في تنظيمات جهادية، وقاموا بمواجهة أمريكا أثناء اجتياحها لأفغانستان، وهو الأمر الذي شكل لهم عقبات وخلق متاعب استمرت حتى يومنا هذا.

جنديّة وقيادة

ولد قاسم عبده محمد أبكر، (قاسم الريمي)، أو "أبو هريرة الصنعاني" كما هي كنيته أو اسمه الحركي، عام 1978، سافر إلى أفغانستان عام 1992، للمشاركة في قتال الحكومة الموالية لروسيا التي استمرت حتى أبريل/نيسان 1992، وتلتها بعد ذلك دعوات للمشاركة في الأعمال الإغاثية للنازحين داخل أفغانستان عقب انتهاء الحرب. 

قضى الريمي سنوات حياته الأولى في اليمن، حتى سن 15 عاما، وهي السن التي سافر فيها إلى أفغانستان للجهاد، وهناك تلقى تدريباته، وتدرج في المناصب القيادية في التنظيم.

في عام 2001 ومع الغزو الأمريكي لأفغانستان، شارك الريمي في الحرب ضد القوات الأمريكية، وعمل مدربا في معسكر تابع لتنظيم القاعدة، تحت إشراف زعيم التنظيم الراحل أسامة بن لادن.

في عام 2004، عاد الريمي إلى اليمن، لكن السلطات اعتقلته مع عدد من العائدين من أفغانستان، ولم يمر سوى عام، أي في العام 2005، حتى حكم عليه بالسجن بتهمة التخطيط لاغتيال السفير الأمريكي في اليمن.

وفي يوليو/تموز 2007، ورد اسم الريمي في الهجوم الذي استهدف مجموعة مع السياح الأسبان، وأسفر عن مقتل 8 منهم في مأرب وسط اليمن.

ومنذ عودته إلى اليمن، عمل الريمي على تجنيد الشباب للانضمام إلى تنظيم القاعدة، واقترن اسمه بعدد من العمليات كمحاولة تفجير طائرة متجهة لأمريكا سنة 2009، وإرسال طرود مفخخة للولايات المتحدة في 2010.

كما خطط وأشرف على عدد من العمليات، أبرزها تلك التي استهدفت المدمرة الأمريكية "يو إس إس كول" في خليج عدن، والتي أسفرت عن مقتل 17 عسكريا أمريكيا، وكذلك الهجوم على مبنى السفارة الأمريكية في صنعاء عام 2008، وهي الحادثة التي أسفرت عن مقتل 16 شخصا. 

في عام 2006، تمكن الريمي من الهرب من سجن الأمن السياسي بصنعاء، في عملية هروب جماعي لأكثر من 20 عنصرا من التنظيم، وهي العملية التي أثارت جدلا كبيرا في الأوساط اليمنية، حيث كانت هناك مزاعم تتهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بتسهيل عملية هروبه، من أجل الضغط على الولايات المتحدة، وابتزازها لدفع مزيد من الأموال لمكافحة التنظيم وملاحقة الهاربين.

وفي 2013، ظهر الريمي في فيديو ليعلن مسؤولية القاعدة عن الهجوم الدامي الذي طال مستشفى وزارة الدفاع اليمنية في صنعاء، وقال في الفيديو: إن استهداف المرضى والأطباء كان نتيجة خطأ في التنسيق، وأعلن اعتذاره لأهالي الضحايا، واستعداد التنظيم لتعويض عائلاتهم، وهو الأمر الذي أثار غضب اليمنيين، ولم يتم قبول اعتذاره.

في نفس العام، سجل الريمي مقطعا صوتيا حذر فيه الشعب الأمريكي، من أن تفجيرات بوسطن كشفت عن هشاشة الأمن الأمريكي، وأظهرت أن تصنيع القنابل بات في متناول أي شخص. وحث الريمي المسلمين في أمريكا للقيام "بواجبهم والدفاع عن دينهم وأن يقتدوا بمن سبقوهم".

في عام 2015، تولى الريمي قيادة تنظيم القاعدة في "جزيرة العرب" خلفا للزعيم السابق ناصر الوحيشي، عقب مقتله بغارة لطائرة أمريكية من دون طيار في المكلا شرق اليمن.

وأعلن عن تأسيس "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" بعد دمج فرعي التنظيم في اليمن والسعودية عام 2009، وكان الريمي أحد من أسهموا في عملية الدمج.

مكافأة مضاعفة

في 2010، أدرجت الولايات المتحدة الأمريكية اسم الريمي على قائمة الإرهاب وفرضت عقوبات اقتصادية عليه، من بينها تجميد أرصدته داخل الولايات المتحدة، وهو إجراء رمزي، مع العلم بأنها تطال حتى من لا أرصدة لهم في الولايات المتحدة، وفي  نفس العام تم إضافة اسم الريمي إلى قائمة العقوبات في الأمم المتحدة.

بعد ذلك رصدت الولايات المتحدة مبلغ 5 ملايين دولار جائزة لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه، غير أنها ما لبث أن ضاعفت المكافأة إلى 10 ملايين دولار، ثم إلى 11 مليون دولار، ومؤخرا ضاعفتها إلى 15 مليون دولار.

وتم الإعلان عن تلك الجائزة المالية، بعدة وسائل، منها إلقاء طائرات أمريكية مسيرة منشورات مرفقة بصورته في مديرية "حريب"، بين محافظتي مأرب وشبوة.

 وورد في أحد المنشورات نصا باللغة العربية يشبه الإعلانات التجارية مكتوبا عليه "هذا هو قاسم الريمي المكنى بأبوهريرة الصنعاني... بمنصبه كزعيم لتنظيم القاعدة في اليمن، أصبح ثريا على حسابك وحساب عائلتك".

وأضاف الإعلان (الآن يختبئ في وكره كجرذ، انظر إلى ما حولك، هل هذا ما تريده؟) وكتب في الإعلان: "هل تعرف مكان وجوده؟ اتخذ القرار الصحيح وستستلم حياة أفضل تستحقها عائلتك.. مكافأة 11 مليون دولار"، وتضمنت المنشورات أرقاما للاتصال وإرسال رسائل "واتس آب"، للإبلاغ عنه.

تم استهداف الريمي مرات عدة إلى جانب قادة آخرين، حيث تم الإبلاغ عن وفاته المرة الأولى عام 2007، وكذلك كان هدفا لغارة جوية على معسكرات القاعدة في اليمن عام 2009، وفي عام 2010 انتشرت أنباء عن مقتله في غارة لقوات الأمن اليمنية.

 وفي 7 فبراير/شباط 2020، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مقتله خلال عملية عسكرية في اليمن، بعد عملية تتبع دامت لأكثر من 5 سنوات، وعدة غارات لم تتمكن من مقتله، لكنه لم يحدد هذه المرة ظروف مقتله، لكنه قال: إنه قتل في طائرة أمريكية مسيرة في منطقة وادي عبيدة، شرق مدينة مأرب.