فيروس "كورونا" يهدد العلاقات بين السعودية وروسيا.. كيف؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا أعده ستانلي ريد، سلط فيه الضوء على توتر التحالف السعودي الروسي على خلفية تأثير تفشي فيروس "كورونا" على معدلات الطلب على النفط، بعدما أصيب اقتصاد الصين بالشلل نتيجة انتشار الوباء على أراضيها.

وقال تقرير الصحيفة: إن التحالف بين السعودية وروسيا ساعد في دعم أسعار النفط على مدار الأعوام الثلاثة الماضية. لكن المنتجين الرئيسيين للنفط لم يكونا في وئام تام هذا الأسبوع، حيث حاولا إعادة ضبط أهداف الإنتاج لمواجهة انخفاض الطلب على الخام من الصين، التي أصيب اقتصادها بالشلل بسبب وباء فيروس كورونا.

وأضاف: "أراد وزير النفط السعودي، عبدالعزيز بن سلمان، المضي قدما بسرعة في اجتماع للنظر في تخفيضات الإنتاج الجديدة، لكنه كافح لإقناع موسكو، حتى بعدما اتصل والده  الملك سلمان، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس روسيا".

وأشار التقرير إلى أنه "بدلا من ذلك، أسفرت اجتماعات مطولة استغرقت 3 أيام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، عن توصية بخفض الإنتاج بمقدار 600 ألف برميل، وهو ما يمثل حوالي 30 بالمئة، إضافة إلى القيود المتفق عليها في ديسمبر/كانون الأول، ولكن ربما أقل مما يريده السعوديون، وفقا لبعض المحللين".

وأردف: "مع ذلك، قال ممثلو روسيا للمجموعة: رغم أنهم وجدوا التوصيات معقولة، إلا أنهم يحتاجون إلى مزيد من الوقت للنظر فيها، وفقا لما قاله شخص مطلع على الموضوع".

ولفت تقرير الصحيفة إلى أن عدم القدرة على الوصول إلى إجماع سريع أثار حتما المخاوف بشأن ما إذا كانت السعودية وروسيا ما زالتا قادرتين على العمل معا لتنسيق سياسة النفط.

تأثير كورونا

ونقلت "نيويورك تايمز" عن حليمة كروفت، رئيسة إستراتيجية السلع العالمية في "RBC Capital Markets"، قولها: "السؤال الحقيقي، هو ما إذا كان الروس والسعوديون على اتفاق حول ضرورة العمل الجماعي؟" وتوقعت أن "تسير روسيا ببطء في التخفيضات، على الرغم من أنها تتوقع أن موسكو ستأتي في الوقت المناسب".

وبحسب الصحيفة، فإن "حقيقة أن الاجتماعات قد حدثت، واحتمال حدوث مزيد من التخفيضات في الطريق، كانت كافية على الأقل مؤقتا لوقف الانخفاض الحاد في أسعار النفط منذ اندلاع فيروس كورونا، الذي أودى بحياة أكثر من 600 شخص في الصين".

ونقل التقرير عن بيورنار تونهوجن، رئيس أبحاث سوق النفط في شركة أبحاث Rystad Energy""، قوله إن "الخفض البالغ 600 ألف برميل يوميا الذي تمت مناقشته رقم معقول للغاية".

وتابعت الصحيفة: "بينما تتساءل أوبك عما يجب فعله، فإنها تواجه تقدير موقف صعب. لم تُعرف بعد درجة تأثير تفشي فيروس كورونا على الطلب على النفط ، رغم أنه من المتوقع أن يكون كبيرا. يبدو أن العديد من المدن الصينية قد أغلقت، مع توقف بعض المصانع وإلغاء الرحلات الجوية".

ونوه التقرير إلى أن تقليص النشاط الاقتصادي سيؤدي إلى انخفاض كبير في استهلاك الطاقة، وهو مصدر قلق كبير لدى أوبك لأن الصين أكبر مستورد للطاقة في العالم وعميل رئيسي.

ونقل عن الشركة المتخصصة في أبحاث السوق وود ماكنزي، قولها إن الطلب على النفط للأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام سيتم خفضه بنحو 900 ألف برميل يوميا، أو ما يقرب من 1 بالمئة من الاستهلاك العالمي".

وأضاف: "نرى بالفعل آثار انخفاض استخدام الطاقة في السوق على الغاز الطبيعي المسال". وتابع: "تقدر (Rystad Energy) أن الواردات الصينية من الغاز الطبيعي المسال انخفضت بنسبة 10 بالمئة في يناير/كانون الثاني مقارنة بالعام السابق".

القوة القاهرة

ويقول المحللون إنه "مع عدم احتياج العملاء إلى الكثير من الوقود كما كانوا يعتقدون، يحاول المشترون الصينيون إيقاف أو إعادة جدولة الشحنات، حيث يذهب بعضهم إلى الخيار المتطرف المتمثل في إعلان القوة القاهرة، وهو مصطلح قانوني لظروف غير متوقعة تبطل العقد".

ونوه تقرير الصحيفة الأمريكية إلى أن شركة النفط الفرنسية "توتال" أعلنت أنها رفضت مؤخرا استخدام مشتر من الصين للقوة القاهرة لإبطال عقد غاز طبيعي مسال.

وبسحب قول المحللين، فإنه "من المحتمل أن يزداد الوضع سوءا، حيث تُجبر السفن المحملة بالغاز على الذهاب إلى أي مكان آخر، وكل ذلك بينما سوق الغاز المسال مزودة بالفعل بكميات كبيرة، وأن الأسعار في الحضيض".

ونقل التقرير عن فرانك هاريس، رئيس استشارات الغاز الطبيعي المسال في "وود ماكنزي"، قوله: "من الواضح أن هناك قضية رئيسية في الصين تتمثل في قدرتها على أخذ الغاز المسال".

ومضى التقرير يقول: "في سوق النفط، هناك عوامل موازنة. انخفض إنتاج صناعة النفط الليبية بنحو مليون برميل في اليوم، أو حوالي 1 بالمئة من الطلب العالمي، بسبب الاضطرابات السياسية. في حين يُفترض على نطاق واسع أن النفط الليبي سيعود إلى السوق قريبا، إلا أنه لا يوجد أحد متأكد من ذلك".

ولفت إلى أنه "مع بدء صناعة النفط للتو في التعامل مع تداعيات فيروس كورونا، هناك حجة للانتظار حتى اجتماع أوبك المقبل، المقرر عقده في أوائل مارس/ آذار المقبل، لاتخاذ القرارات".

تزايد الانقسام

ونقلت الصحيفة عن بيل فارين برايس، مدير الاستخبارات في مجموعة "RS Energy"، وهي شركة لأبحاث السوق، قوله: "لا أعرف لماذا هناك حاجة ملحة".

وأشار التقرير إلى أن "تزايد الانقسام بين روسيا والسعوديين سيتضح فقط مع مرور الوقت، لكن بعض المحللين يقولون: إن لدى روسيا سبب وجيه لمواصلة تنسيق السياسة مع أوبك".

ويقول محللون للصحيفة إن "بوتين يستفيد من اللعب مع السعوديين، حيث أن العمل مع أوبك يمنح روسيا مقعدا على الطاولة، حيث تتفاوض مع العديد من أكبر منتجي النفط في العالم على قرارات الإنتاج التي لها تأثير على الأسعار".

وتابع التقرير: "تتناسب العلاقات مع السعوديين أيضا مع جهود بوتين لتوسيع نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، في بلدان مثل سوريا والعراق، وكذلك في ليبيا، حيث تتشكل شبكة من العلاقات التجارية بين الشركات الروسية والرياض وحلفائها مثل أبوظبي، حيث أصبحت شركة (لوك أويل) مؤخرا أول شركة روسية تحصل على مشاركة في إنتاج الغاز الطبيعي".

ونقل التقرير عن فارين برايس، قوله: "يبدو أن الروس راضون عن كونهم جزءا من هذا الائتلاف ويحافظون على هذا الدور السياسي، حتى لو كان تطبيقهم للتخفيضات محدودا للغاية".