مساعدات مالية وقاعدة عسكرية.. ماذا تريد الإمارات من موريتانيا؟

زياد المزغني | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مليارا دولار خصصتها الإمارات من أجل إقامة مشاريع استثمارية وتنموية وتقديم قروض ميسرة لموريتانيا، حسبما أوردت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، ووفق نفس المصدر، "تأتي المبادرة تنفيذا لتوجيهات رئيس الإمارات خليفة بن زايد وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد".

زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني إلى أبوظبي في 2 فبراير/شباط 2020، شهدت توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم بين البلدين في مجالات الإعفاء المتبادل من التأشيرات، والمجالات التعليمية والعسكرية والفنية والأمنية والتنموية والاستثمارية، إضافة إلى المجالات الإنسانية والرعاية الاجتماعية.

دخول الإمارات بقوة في المجالات الاقتصادية والعسكرية وحتى الإعلامية في موريتانيا مؤخرا، أثار جدلا واسعا في الشارع الموريتاني، فيما يتساءل المراقبون عن الثمن الذي ستدفعه نواكشوط مقابل هذه المساعدات؟

أحزاب موريتانية تتهم الإمارات بأنها تتدخل في شؤونها الداخلية مثلما كانت تدعم الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز ضد المعارضة في البلاد، ودفعته لإغلاق جمعيات ومؤسسات تابعة لهذه الأحزاب خاصة ذات التوجه الإسلامي منها.

مطلع فبراير/شباط 2020، زار موريتانيا وفد عسكري إماراتي لدراسة مشروع تطوير مطار عسكري شمالي البلاد، حسب مصادر عسكرية قالت: إن "الوفد عقد اجتماعات مع عدد من المسؤولين في الجيش وخاصة قادة المنطقة الشمالية". 

الزيارة الأولى

في أول زيارة له خارج البلاد، توجه الرئيس الموريتاني الجديد محمد ولد الغزواني إلى الإمارات للقاء ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، حيث عقدا مباحثات تناولت العلاقات الثنائية بين الدولتين في مختلف المجالات.

وحسب وكالة الأنباء الإماراتية تطرقت المباحثات إلى العلاقات الإماراتية - الإفريقية بوجه عام والقضايا والملفات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

وقال ابن زايد: "العلاقات بين دولة الإمارات وموريتانيا علاقات تاريخية، وكان الوالد الشيخ زايد رحمه الله، حريص على تعميق هذه العلاقات، حيث قام بزيارة موريتانيا عام 1974، وكان لهذه الزيارة عميق الأثر في وضع الأسس القوية للعلاقات بين البلدين وشعبيهما الشقيقين".

وأضاف ابن زايد: "الإمارات وموريتانيا لديهما مواقف موحدة في مواجهة الإرهاب والتطرف، وتعد موريتانيا من الدول الفاعلة في مواجهة الإرهاب في المنطقة العربية، ونحن نقف معا من أجل التصدي لهذا الخطر الذي يهدد المجتمعات العربية في أمنها واستقرارها وتنميتها وحاضرها ومستقبلها".

من جهته قال ولد الغزواني: "في موريتانيا ننظر إلى دولة الإمارات كونها أهم شريك إستراتيجي، ونسعى من خلال هذه الزيارة إلى ترجمة ‏هذه العلاقات في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والعلمية ‏والارتقاء بها إلى مستويات عالية في ظل الإمكانات المتاحة لذلك".

وأكد الرئيس الموريتاني أن العلاقات بين الإمارات وبلده قائمة على الشراكة والثقة المتبادلة والتطابق التام في وجهات النظر حول القضايا السياسية والتحديات الإقليمية والدولية. 

قاعدة عسكرية

حملت الزيارة الأخيرة للرئيس الموريتاني في طياتها دعما إماراتيا سخيّا جدا، حيث أعلنت الإمارات تخصيص ملياري دولار لإقامة مشاريع في موريتانيا، بحسب ما أوردت وكالة أنباء الإمارات.

وقالت الوكالة: إن المبلغ سيتم تخصيصه "لإقامة مشاريع استثمارية وتنموية بقروض ميسرة" في موريتانيا.

هذه المنحة تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة المغاربية تطورات متسارعة، خاصة في علاقتها بالملف الليبي الذي يشهد تدخلا من بعض دول الإقليم، من بينها الإمارات التي تدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

المنحة تأتي أيضا بعد أيام قليلة من الحديث عن نية الإمارات إقامة قاعدة عسكرية شمال موريتانيا بمحاذاة الحدود الجزائرية، وذهبت مصادر إعلامية جزائرية خلال اليومين الماضيين إلى التأكيد أن الجزائر قد عبرت عن مخاوفها من الخطوة الموريتانية الإماراتية.

وكشفت صحيفة "Patriotique Algérie" الجزائرية مؤخرا عن "سعي حكومة أبوظبي لإقامة قاعدة ومطار عسكري لها في شمال موريتانيا على مقربة من الحدود الجنوبية لدولة الجزائر"، ووصفت الصحيفة الخطوة الإماراتية بـ"محاولة تطويق للجزائر وتهديد لأمنها القومي".

وذكرت عدد من وسائل الإعلام الدولية أنه "تم الاتفاق في زيارة سابقة لقائد أركان القوات الجوية الإماراتية لموريتانيا على تطوير المطار الواقع في القاعدة العسكرية الشمالية وهو اتفاق يندرج في إطار التعاون العسكري بين البلدين".

ويقع المطار في منطقة إستراتيجية قريبة من الحدود بين موريتانيا ومالي من جهة، وموريتانيا والجزائر من جهة أخرى.

وإضافة إلى تبادل الزيارات والاجتماعات التي يتكتم الجانبان على نتائجها، منحت الإمارات قبل أشهر الجيش الموريتاني طائرة عسكرية تعمل في مهام الاستطلاع الجوي والإنزال المظلي ونقل الجنود والمؤن، كما قامت بافتتاح كلية للدفاع في العاصمة الموريتانية نواكشوط أطلق عليها اسم كلية محمد بن زايد. 

ومع نهاية 2018 صادقت الحكومة الموريتانية خلال اجتماع استثنائي، على مرسوم يتضمن المصادقة على عقد تنازل عن مطارها الدولي "أم التونسي" لصالح شركة (Afro Port) الإماراتية.

وحسب تلك الصفقة تتنازل نواكشوط للشركة الإماراتية عن تسيير البوابة الجوية الوحيدة للبلاد لمدة 25 سنة، فيما لم تعلن الحكومة الموريتانية ولا الشركة الإماراتية عن تفاصيل الصفقة أو الامتيازات التي سيستفيد كل طرف منها، وهو ما أثار حفيظة أحزاب المعارضة التي وصفتها بـ"الصفقة المشبوهة".

أجندة خبيثة

يعود التقارب الإماراتي الموريتاني إلى السنوات القليلة الماضية، حين قررت موريتانيا تحت رئاسة محمد ولد عبدالعزيز المشاركة في العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، من ثم إعلان مشاركتها في حصار دولة قطر في العام 2017.

وبعد وصول الرئيس الجديد محمد ولد الغزواني إلى سدة الحكم في موريتانيا، جاءت المساعي الإماراتية لاستغلال الوضع الاقتصادي الصعب للبلد المغاربي، ومحاولة التأثير على الوضع الداخلي خاصة في التصدي للتيار الإسلامي وفرض أجندتها المضادة للربيع العربي بالمنطقة.

حسب متابعين، فإن التغلغل الإماراتي في موريتانيا يعبر في جزء منه عن رغبة الأولى في الاستفادة من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعاني منها الأخيرة، لتوطيد نفوذها في بلد له أهمية كبيرة من الناحية الجيو إستراتيجية بالنسبة للإمارات، خاصة فيما يتعلق بمساعي التغلغل في إفريقيا والتأثير في المغرب العربي.

يبدو أن المشروع الإماراتي يلاقي صعوبات في المنطقة، أمام تعثر حفتر في حملته العسكرية المدعومة إماراتيا للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، خاصة بعد دخول أنقرة على الخط، وتوقيع اتفاق تعاون عسكري بين حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا وتركيا.

تركيا التي لا تخفي الإمارات عداءها لها، تنامى تأثيرها في المنطقة المغاربية مؤخرا، فبعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتونس في يناير/كانون الثاني 2020، التقى أردوغان الرئيس الجزائري الجديد عبدالمجيد تبون، وعبر الرئيسان عن مواقف متقاربة في الملف الليبي ودعمهما لحكومة الوفاق.