نتنياهو والبرهان.. ماذا سيحدث بعد أول لقاء لتطبيع العلاقات؟

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة "جيروزاليم بوست": إن لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان في أوغندا، قد يكون بالون اختبار لمزيد من الانفتاح والتطبيع في الشرق الأوسط، أو يمكن أن يساعد الخرطوم في علاقاتها الخاصة مع واشنطن وبلدان أخرى.

وأعلن مكتب نتنياهو يوم 3 فبراير/شباط 2020 أنه التقى البرهان في العاصمة الأوغندية عنتيبي وأنهما اتفقا على بدء الحوار من أجل "تطبيع العلاقات" بين البلدين. ووصف نتنياهو اللقاء في تغريدة له بأنه "تاريخي".

ونقلت وسائل إعلام عن مسؤولين سودانيين أن الإمارات العربية المتحدة لعبت دور الوسيط في ترتيب اللقاء وهي تسعى أيضا لدى الإدارة الأمريكية إلى رفع العقوبات المفروضة على السودان.

وبحسب مقال لـ"سيث فرانزمان"، فإن "هذا إنجاز مهم يتوافق مع النجاحات الدبلوماسية الأخرى في السنوات الأخيرة. فعلى سبيل المثال، أجرى نتنياهو زيارة مفاجئة إلى عمان في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وجددت إسرائيل علاقاتها مع تشاد في يناير/كانون الثاني 2019". 

محاولات التطبيع

أشار الكاتب إلى أن الزعيم السابق للسودان عمر البشير كان ينظر في تغيير العلاقة مع إسرائيل (قبل أن يتم عزله عبر ثورة شعبية وإدخاله إلى السجن بسبب الفساد). وتابع: "كان للسودان صلات أخرى بالتاريخ الإسرائيلي، حيث فر اليهود الإثيوبيون إلى إسرائيل عبر السودان في الثمانينيات.

وفقا لوكالة أسوشيتيد برس عام 1985، التقى الزعيم السوداني السابق جعفر نميري مع أرييل شارون وزير الجيش آنذاك، لمناقشة النقل الجوي لليهود الإثيوبيين. وادعى صحفي مصري أن الاجتماع تم ترتيبه من قبل المليونير السعودي عدنان خاشقجي".

وأردف يقول: "في العقد الماضي، ألقت تقارير وسائل الإعلام الأجنبية باللوم على إسرائيل في الغارات الجوية على السودان في 2009 و2012. كما قالت في 2015: إن السودان أسقط طائرة إسرائيلية بدون طيار. 

ومضى يقول: "السودان بلد مهم لأنه جزء من جامعة الدول العربية ولأنه كان في مركز التنافس بين الرياض وأنقرة. كانت تركيا تأمل في زيادة الاستثمار في السودان واستأجرت جزيرة هناك. رحبت السعودية، التي قطعت العلاقات مع قطر حليفة تركيا في عام 2017 بالتغيير في الخرطوم".

ونوه أن التواصل الإسرائيلي مع تشاد مهم في السياق السوداني، مضيفا: "في يناير/كانون الثاني 2019، التقى نتنياهو ورئيس تشاد إدريس ديبي لتجديد العلاقات في القصر الرئاسي في نجامينا. وجاء استئناف العلاقات بعد عقود من الزمن، وهو يبشر بمشاركة إسرائيلية أكبر في إفريقيا". 

ومضى يقول: "لقد دفع نتنياهو لمزيد من المشاركة في إفريقيا، مثلما فعل وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان. وهذا يعني المزيد من الزيارات التاريخية وكذلك مبعوثين جدد تم إرسالهم إلى إسرائيل".

ولفت إلى أن السودان اختلف بعض الشيء عن بعض دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لأنه يمتلك قدما في كل من القارة السمراء والعالمين العربي والإسلامي. 

بالون اختبار

وأردف: "قد يكون السودان بالون اختبار لمزيد من العلاقات مع العالم العربي. المفارقة في الاجتماعات رفيعة المستوى مع عُمان، والآن السودان، هي أن إسرائيل نادرا ما تعقد اجتماعات بهذا المستوى مع مصر والأردن، وهما الدولتان العربيتان اللتان تحظيان باتفاق سلام مع تل أبيب".

وتربط إسرائيل وتركيا علاقات دبلوماسية، لكن أنقرة هي واحدة من أقسى منتقدي إسرائيل في المنطقة وتستضيف وفود حركة المقاومة الإسلامية حماس بانتظام، وفق الكاتب.

وتابع: "عندما كان البشير لا يزال مسؤولا في السودان، نفذ أول رحلة كزعيم عربي إلى دمشق منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا في عام 2011. كانت هذه الرحلة في ديسمبر/كانون الأول 2018 بمثابة بالون اختبار لدول أخرى، مثل الإمارات العربية المتحدة أو مصر، لفتح مناقشات مع النظام السوري".

ووصف موقع "هاموديا" نقلا عن وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية الاجتماع السوداني والإسرائيلي بأنه إنجاز دبلوماسي كبير مع دولة عربية إفريقية، بعد يومين من رفض جامعة الدول العربية خطة الرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط المعروفة بصفقة القرن.

وأضافت الوكالة: "رغم أنه تم إبقاء الاجتماع الأوغندي بين الجنرال عبد الفتاح برهان، رئيس الإدارة الانتقالية السودانية، ونتنياهو سريا، لكنه احتل العناوين الرئيسية عندما أعلن المسؤول الإسرائيلي أن الطرفين شرعا في محادثات حول تطبيع العلاقات بين بلديهما".

وألمحت الوكالة إلى احتمال وجود صلة بين هذا الاجتماع ومحاولات السودان رفع العقوبات المرتبطة بإدراجها من قبل الولايات المتحدة كدولة راعية للإرهاب، وهي خطوة أساسية نحو إنهاء عزلتها وإعادة بناء الاقتصاد بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالسلطة الاستبدادية عمر البشير في العام الماضي.

ومضت تقول: "لكن الخرطوم عضو منذ فترة طويلة في جامعة الدول العربية وانضمت إلى أعضاء آخرين في رفض خطة ترامب في اجتماع عقد في القاهرة قبل أيام".  

ما بعد اللقاء

ونقلت عن  هـ. ع. هيليرر، الزميل البارز في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، قوله: إن الخرطوم تخاطر باتلاف العلاقات مع العالم العربي الأوسع - بالإضافة إلى معارضة في الداخل حتى للاتجاه نحو التطبيع مع إسرائيل.

وأضاف: "إنه خيار ساخر. الخرطوم في وضع سيء للغاية، ويبدو أنها تتوقع القليل من المساعدة في مواجهة الولايات المتحدة من إخوانها العرب". وتابعت الوكالة: "بالنسبة لإسرائيل، هناك العديد من الانقسامات تتجاوز البصريات الخاصة بإقامة علاقات مع دولة عربية أخرى وتقديم أوراق اعتمادها الدبلوماسية".

وتتوقع إسرائيل أن تُمنح الموافقة على التحليق فوق الأجواء السودانية، مما سيؤدي إلى تقصير أوقات الرحلات إلى أمريكا الجنوبية، وتأمل أيضا أن تتمكن من استقبال أكثر من 8000 طالب لجوء سوداني إلى تل أبيب.

وأضاف تقرير الوكالة: "على وسائل التواصل الاجتماعي، ندد بعض السودانيين بالاجتماع، متهمين البرهان بمحاولة الوصول إلى الجانب الجيد لإدارة ترامب عبر إسرائيل".

ونقلت عن مسؤول عسكري سوداني رفيع المستوى قوله: إن الاجتماع نُظم من قبل دولة الإمارات وكان يهدف إلى المساعدة في إزالة قائمة الإرهاب السودانية التي يعود تاريخها إلى التسعينيات، عندما استضاف السودان لفترة وجيزة أسامة بن لادن (زعيم تنظيم القاعدة)، وغيره من المطلوبين.

وتابع المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مصرح له بالتحدث إلى وسائل الإعلام، أن البرهان وافق على مقابلة نتنياهو لأن المسؤولين اعتقدوا أن ذلك سيساعد على تسريع عملية الإبعاد من قائمة الإرهاب.  وأضاف: "أن دائرة صغيرة من كبار المسؤولين في السودان، وكذلك السعودية ومصر، كانتا على علم بالاجتماع".

واشتهر السودان باستضافة قمة جامعة الدول العربية بعد حرب الأيام الستة، وهي القمة المشهورة بتأسيس "اللاءات الثلاثة مع إسرائيل": لا للسلام، لا للاعتراف، لا للمفاوضات". وقال موقع "سي بي إن نيوز": إن الاتفاق يمثل تحولا جذريا في العلاقات بين إسرائيل والأمة الإسلامية. 

وقال المسؤول: "السودان عدو تل أبيب تاريخيا وخاض الحرب ضد الدولة اليهودية خلال حرب إسرائيل عام 1948 من أجل الاستقلال. كما انضمت الخرطوم إلى الجيوش العربية في القتال ضدها خلال حرب الأيام الستة عام 1967".

وأضاف: "ليس لإسرائيل والسودان علاقات ثنائية رسمية، لكن الولايات المتحدة ودول غربية أخرى شجعت البلدين في السابق على تحسين العلاقات".