"الأسد أقوى من كورونا".. متى يعلن العالم حالة الطوارئ لمواجهته؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، تقريرا سلطت فيه الضوء على "معرة النعمان"، المدينة الثانية في محافظة إدلب آخر معاقل المعارضة السورية، بعد وقوعها تحت قبضة قوات نظام بشار الأسد، الذي وصفه أحد المعارضين بأنه "أخطر من فيروس كورونا المستجد".

ويشير المعارض بذلك إلى الوباء الفيروسي التنفسي المميت الذي ظهر للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأودى بحياة أكثر من 300 شخص وأصاب أكثر من 14 ألفا آخرين، وانتشر ليصل إلى أكثر من 20 دولة حول العالم، بحسب الصحيفة.

مدينة أشباح

وقالت "ليبراسيون" في تقرير أعدته الصحفية هالة قضماني: إن "معرة النعمان ثانية كبرى مدن محافظة إدلب، والواقعة على الطريق السريع الرئيسي الذي يربط بين العاصمة دمشق ومدينة حلب في الشمال، سقطت بيد قوات النظام السوري، في 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، إثر غارات مدمرة تسببت بنزوح 150 ألف من سكانها.

وأوضحت قضماني: "تجسد كآبة رجل عجوز يبكي أحدث حلقات المأساة التي تشهدها منطقة إدلب، حيث انتشرت صورة مؤثرة على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للسوريين في الأيام الأخيرة".

وبيّنت أن هذه الصورة لزوجين في سيارة يرتديان ملابس تقليدية، وربما لأول مرة في حياتهما الطويلة، يتركان منزلهما بمعرة النعمان، حيث علق الصحفي الناشط هادي العبدالله، قائلا: "يا كل قهر الدنيا وعذاباتها يا كل وجع الأرض، وأرضنا باتت تشبهك في كل شيء يا عمّي، وتفاصيل وجهك تحكي أيضا كل شيء! قهرنا وعجزنا ودموعنا وخذلاننا!".

ووفقا لقضماني، فإن "سقوط معرة النعمان جاء بعد حملة قصف جوي مدمرة، جعلت هذه المدينة مهجورة من قبل سكانها البالغ عددهم 150 ألفا".

ونقلت عن متحدث باسم جيش النظام السوري، قوله: إن "السيطرة على معرة النعمان جاءت "بعد مواجهات عنيفة مع مقاتلي ما يعرف بهيئة تحرير الشام، التي تسيطر على إدلب، لكنهم انسحبوا في نهاية المطاف إلى الشمال باتجاه سراقب وأريحا".

وذكر مراسل وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن "القوات الحكومية سيّرت دوريات في أحياء معرة النعمان صباح الأربعاء 29 يناير/كانون الثاني الماضي، وعملت على تفكيك الألغام والسيارات المفخخة، وتمشيط الأنفاق".

وفي السياق، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان: بأن "قوات المعارضة انسحبت من معرة النعمان يوم الثلاثاء، وأن القوات الحكومية سيطرت منذ يوم الجمعة، على 25 قرية وبلدة أخرى، مدعومة بغطاء جوي روسي". وأضاف: أن "نحو 147 من مقاتلي النظام السوري و151 مقاتلا من المعارضة قتلوا جراء تلك المعارك".

ونقلت قضماني عن مراسل "فرانس برس" الذي دخل المدينة مثل صحفيين آخرين مع قوات الأسد إن "معرة النعمان تعد دليلا حيا على الخراب: المباني مدمرة أو سويت بالأرض، الحطام على طول الطرق، والأبواب المعدنية على المحلات التجارية كسرت أو مغربلة بالرصاص، فالمدينة التي كانت مزدحمة ذات يوم، تحولت إلى مدينة أشباح".

وضع حرج

وبينت الصحيفة أنها "كواحدة من ضمن المناطق الأخيرة التي استعاد النظام السوري السيطرة عليها بدعم من روسيا، كانت لمعرة النعمان رمزية خاصة قبل هزيمة المعارضة المدنية والديمقراطية ضد سلطة دمشق".

وتابعت: "لأنه على الرغم من هيمنة المعارضة على المنطقة بأسرها، ولا سيما تلك التي كانت تابعة لجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، فقد نجحت المدينة في استبعاد المسلحين، حيث كانت المظاهرات ضدهم وضد نظام الأسد تجوب شوارعها خلال الأسابيع الأخيرة".

ولفتت قضماني إلى أن "معرة النعمان، التي يديرها مجلس مدني منتخب من السكان، كانت المركز الأخير للنشاط المكثف لمنظمات المجتمع المدني السوري، إذ تم حشد النساء بشكل خاص هناك للتعليم والتدريب والعمل الاجتماعي".

ويوم الخميس الماضي كتب منظمة نسائية غير الحكومية على صفحتها في "فيسبوك"، أنه "أصبح فريق (النساء من أجل التنمية) مشردين الآن. كان عليهم التخلي عن ممتلكاتهم وذكرياتهم، قبل أن تهرب منى مع ابنها البالغ من العمر 7 سنوات، قبّلت جدران منزلها وهي تذرف الدمع".

700 ألف نازح

وتسببت حملة قوات النظام السوري لاستعادة محافظة إدلب، المعقل الأخير لمقاتلي المعارضة، في موجة نزوح جديدة لآلاف المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، باتجاه الحدود مع تركيا التي تدعم بعض الفصائل المعارضة المقاتلة.

وبينت قضماني أنه "على غرار مئات الآلاف من النازحين الآخرين الذين فروا من القصف المتواصل للقوات السورية والروسية على مدار لأسابيع، ازدحم الطريق في الاتجاه الشمالي بسيارات وشاحنات أهالي معرة النعمان، المحملة بأكوام من الفراش والأمتعة".

ونوهت إلى أن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، قال خلال مؤتمر صحفي: إن هذا النزوح الجديد لـ 700 ألف شخص، نزحوا بالفعل داخليا في طريقهم مرة أخرى نحو الحدود التركية، الأمر الذي سيخلق أزمة دولية جديدة، مشيرا إلى رصد 200 غارة جوية للنظام الروسي والسوري في ثلاثة أيام على معرة النعمان.

وختمت قضماني تقريرها بما دوّنه أحد سكان إدلب على حسابه في "فيسبوك"، قائلا: "الأسد أقوى بكثير من فيروس كورونا. إنه يقتل في يوم واحد أكثر مما يقتله الفيروس بأسبوع. متى يعلن العالم حالة الطوارئ في مواجهة جرائم الأسد؟".