سيطرة تامة.. دور اللوبي اليهودي بتوقيع ترامب على صفقة القرن

12

طباعة

مشاركة

تتواصل ردود الفعل المختلفة حول إعلان الرئيس الأمريكي "خطة السلام" الخاص به، والتي باتت تعرف بصفقة القرن، وفي وقت رأى البعض أن "الصفقة" برمتها هي يهودية، أكد آخرون أن ترامب لا يهدف إلى إحلال السلام بقدر ما يهدف لتقوية إسرائيل وتدمير فلسطين.

وفي مقال للكاتب عمر لكاسيز، نشرته صحيفة "يني شفق" التركية، قال: إن "صفقة القرن، قد تكون الخطأ الأخير ضمن سلسلة أخطاء عاشتها الأراضي الفلسطينية عبر مدار تاريخ طويل من الخيانة وبيع الأراضي والتنازلات".

خسارة للمسلمين

 الأمر المحزن، بحسب لكاسيز، أن "هذه الصفقة إن تمت فهي تعد نصرا جديدا لليهود والمسيحيين وخسارة أخرى عند المسلمين، يضاف إلى الخسارات المتواصلة منذ أن جعلت بريطانيا فلسطين قبلة الهجرة اليهودية، ومن ثم عملت على إنشاء هذه الدولة واحتلت عبرها القدس متبرعة لها أن تكون عاصمة الدولة اليهودية الراهنة".

ولفت الكاتب أن اليوم الذي سيتنازل فيه رسميا عن القدس، هو اليوم الذي سنترقب فيه التنازل عن مكة، لكن هذا الوضع "المخيف لا يهم المملكة العربية السعودية أو غيرها من الحكومات العربية الراهنة خاصة حكومات مصر وعمان والإمارات".

وشدد لكاسيز على أن "الانقسام الفلسطيني والصراع بين حماس وفتح حاليا لن يسهم في موقف حقيقي يدافع عن فلسطين، ولا سيما وإنهم خبروا العداء المتبادل أكثر من شيء آخر على مدار سنين طويلة خلت". وتابع: "علينا أن نجد على وجه السرعة وسيلة لإنهاء الفخ الذي نعيش فيه بالوقت الحاضر".

تأثير اليهود

بدوره، رأى الكاتب يوسف كابلان في مقالة نشرتها الصحيفة ذاتها، أن "اليهود لهم أدوار مؤثرة داخل المؤسسات العالمية، ولا سيما وأن الرأسمالية هي عمل اليهود وكذلك البريطانيين؛ ولذا يتم السيطرة على العالم كله أيضا من البريطانيين واليهود".

وتابع: "وكما نعرف، فإن النظام العالمي الذي استمر قرنين من الزمان، ووصلت فيه الحداثة إلى ذروتها وتطورت إلى ما بعد الحداثة، له ممثلان مؤسسان أساسيان، هما: البريطانيون واليهود".

ولفت الكاتب إلى أن "الثورة الصناعية هي بالطبع عمل البريطانيين، وهي أي الثورة البريطانية السياسية ومخرجاتها وضعت أسس الرأسمالية، وبالتالي نموذج الناقل لها "رجل اقتصادي"، تم تطويرها من البريطانيين. أما تطويرها من قبيل، الكمبيوتر والثورة الرقمية، فهي عمل اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية".

وبيّن: "هؤلاء هم الغزاة الأوروبيون، اللصوص، المستعمرون البيض المارقون، الذين يحتل مركزهم القارة الأمريكية من البريطانيين والهولنديين والفرنسيين والألمان والإسكتلنديين والإيطاليين والإيرلنديين، ويمحو الثقافات والحضارات الهندية القديمة من التاريخ".

وزاد الكاتب قائلا: "هؤلاء، خلال نصف القرن الماضي، فقدوا سيادتهم في الولايات المتحدة الأمريكية. ترامب هو ممثلهم والعنوان العريض، أن الولايات المتحدة تحت احتلال السلطة اليهودية، حيث تحتل الولايات المتحدة قوة يهودية من جميع النواحي، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، وعليه انتقلت إلى أيدي اليهود بكل مؤسساتها".

سيطرة اليهود

وأشار إلى أن الدولة العميقة الأمريكية وهو ما يعرف بـ"النظام المؤسسي" تحت سيطرة القوة اليهودية سواء من الزوايا المالية، والاقتصاد، والنظام المصرفي، والجامعة، وهوليوود، ووادي السليكون، والبنتاغون، ووكالة الاستخبارات المركزية، وصناعة الأسلحة، ووسائط صناعة الأسلحة الخفيفة، تحت سيطرة اليهود.

وبعد استفحال هذا الأمر، أضاف الكاتب جيء بترامب للعمل على إنقاذ الولايات المتحدة من هذه القوة اليهودية (اللوبي اليهودي)، لكنه وبما أنه كان يعلم جيدا أن اليهود يسيطرون على الولايات المتحدة من جميع النواحي، فقد وقّع على وثيقة بربرية أسماها "صفقة القرن" حتى يحافظ على مقعده في الانتخابات المقبلة، وقبلها أعلن أن القدس عاصمة لإسرائيل. وهذا يعني باختصار الانصياع تماما لهذه القوة المسيطرة.

والسؤال الآن، هل سيكون بمقدور ترامب ضرب القوة اليهودية في الولايات المتحدة؟ يجيب كابلان على هذه النقطة: بـ"نعم، حيث القوة اليهودية، وخاصة مراكز اليهود في أمريكا، بدأت بالفعل بمغادرة الولايات المتحدة واستقرارها في الصين".

ووصف كابلان سطوة اليهود بأنها "سطوة إلهية، حيث رأس المال على شكل صناعة وتكنولوجيا وسياسة في أيديهم، ولعل الجميع يعرف أن حفنة من الشركات اليهودية تهيمن على الولايات المتحدة وتحكم العالم، وهي القوة التي اخترعت المنظمات الإرهابية، وتحمي الأنظمة الديكتاتورية في العالم الذي يعرف ما بعد الحداثة".

وأردف: القوة اليهودية صاغت عالم ما بعد الحداثة من بعد الفوضى، إذ جرى إنشاء جميع المؤسسات العالمية التي أعقبت  الحرب العالمية الثانية، لتوطيد وإضفاء الشرعية على قوى اليهود بالعالم، لقد تم تحويل الحلم المزعوم "أرض الميعاد" إلى واقع خطوة بخطوة، وهي علامة على البربرية التي ستحول العالم كله، وخاصة المنطقة، إلى جحيم.

ورأى كابلان أن "المؤسسات العالمية مثل الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وحلف الناتو، تعمل فقط على تعزيز القوة اليهودية، العالم الآن لديه مشكلة يهودية أو تهديد صهيوني لا يتردد في إطلاق الفتيل الذي سيجعل العالم جهنم بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل".

وتابع: "إذا كانت هذه القوى اليهودية الشاذة والخطط الصهيونية لا يمكن إيقافها، فسيضطر العالم إلى الوصول للقضاء على نفسه بنفسه".

تشطيب بالمجان

أما الكاتبة هلال كابلان، فكتبت في صحيفة "صباح"، أن المدهش أن تسمى "صفقة القرن" باتفاقية أصلا، ولا سيما أن المنطقة لا يوجد فيها اتفاق واحد حتى ينجح هذا الاتفاق المثير للجدل برمته، لافتا إلى أن "ترامب قطع كل المساعدات الأممية المقدمة للضفة الغربية وغزة في فبراير/شباط 2019".

ووصفت كابلان إستراتيجية ترامب هذه بأنها "امتداد لطريقته في التشطيب بدون مال" والتي لم تسبب أي تغيير في سياسات السلطة الفلسطينية، وهذه المرة أيضا أقحم الأموال في سياسته، وهي 50 مليار دولار مقابل صفقة القرن، دولة منزوعة السيادة والأرض وحتى المقدسات.

وتابعت: "يكفي أن ننظر إلى الخريطة التي تصوروها في الأصل لمعرفة سبب عدم نجاح الخطة، فوفقا للخريطة، تُترك الضفة الغربية وقطاع غزة للفلسطينيين، ولكن تبقى جميع المستوطنات غير الشرعية لإسرائيل في مكانها وتصبح أرضا إسرائيلية قانونية ضمن الخطة".

وأردفت الكاتب: "على سبيل المثال، يتم ضم وادي الأردن، وربع الضفة الغربية، لإسرائيل؛ وهكذا، فإن الأخيرة، وليست فلسطين، تجاور الأردن وتستمر السيطرة على حدودها، وإضافة إلى أراضيها المقسمة، من المتوقع أن تعترف فلسطين بالقدس عاصمة لإسرائيل".

ونوهت إلى أنه "في أي خطة سلام بالعادة هناك مجموعة معقولة من التنازلات بين الطرفين، ولكن في خطة ترامب يعمد بالتعاون مع السعودية والإمارات ومصر لتحقيق أهداف أهمها: تطبيع الاحتلال ليغدو دولة ذات سيادة بعد زمن طويل مرّ عُرف دوليا على أنه احتلال، وكذا إضفاء الشرعية على مستوطناته خاصة في الضفة غير المعترف بها أمميا، وأيضا التوسع في هذه السياسة الاستيطانية بدعم عالمي هذه المرة وباعترافه".

وتنقل كابلان تصريحات مستشار الرئيس الأمريكي وصهره، جاريد كوشنر، حيث قال: إن القادة الفلسطينيين يبدون "حمقى للغاية" لرفضهم الفوري لما سمي بـ"صفقة القرن" التي تهدف لوضع حد للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

وأضاف كوشنر أنه قرأ 25 كتابا من أجل حل هذه المعضلة، وقال موجها كلامه للفلسطينيين: "إنهم سوف يضيعون فرصة أخرى، مثلما ضيعوا كل الفرص التي أتيحت لهم. لقد مهد الرئيس ترامب الطريق أمام الفلسطينيين ليصبحوا دولة ويستعيدوا سمعتهم".

وبحسب الكاتبة، فإنه "سيكون لهذه الخطة العديد من النتائج، مثل ضم إسرائيل الكامل للضفة الغربية، وزيادة الاحتلال العسكري، وعزل الفلسطينيين الإسرائيليين عن حقوقهم في المواطنة، وستستجيب إسرائيل والولايات المتحدة لردود الفعل المستقبلية باعتبارها "منحنا الفلسطينيين فرصة ولكن..".

ورأت كابلان في ختام حديثها أنه "لا توجد إمكانية لإحلال السلام بين إسرائيل وفلسطين تحت إدارة ترامب؛ لم تكن هذه النية موجودة من البداية ولكن  خطته عبارة عن تنمية إسرائيل ومحو فلسطين، ولكن تحت مظلة دبلوماسية".