واشنطن بوست: مجلس الشيوخ الأمريكي يقترب من تبرئة ترامب

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا، قالت فيه: إن مجلس الشيوخ الأمريكي أصبح قاب قوسين أو أدنى من اتخاذ قرار بتبرئة رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، بعدما صوت المجلس على أغلبية الجمهوريين برفض الاستماع إلى الشهود أو استدعاء أدلة جديدة.

وبحسب الصحيفة، فإن مجلس الشيوخ قد صوت بمنع استخدام أدلة جديدة في محاكمة الإقالة أمس الجمعة، مما يمهد الطريق لبراءة الرئيس ترامب حتى مع إقرار العديد من كبار الجمهوريين بأن أفعاله تجاه أوكرانيا لم تكن مناسبة.

نسبة التصويت

وأشارت إلى أنه بعد 11 يوما من المحاكمة، كشف التصويت المتقارب للغاية، والذي جاءت نتيجته 51 إلى 49، عن الانقسامات الحزبية في مجلس الشيوخ حول ما إذا كان يجب استدعاء الشهود والوثائق، وهي خطوة اعتبرها الديمقراطيون حاسمة في تقدير ما إذا كان ترامب قد أساء استغلال سلطته في الضغط على أوكرانيا للتخلص من منافسيه السياسيين، ومن بين الجمهوريين، أيد القرار فقط السيناتورين سوزان كولينز، وميت رومني.

وأكدت الصحيفة أن مجلس الشيوخ في رفضه إضافة أدلة أو الاستماع إلى الشهود، للقضية التي قدمها الديمقراطيون في مجلس النواب، حيث حقق مجلس الشيوخ انتصارا للبيت الأبيض تضمن جميعا بقاء ترامب في منصبه، مع التصويت النهائي على مواد المساءلة المقررة، يوم الأربعاء المقبل، جادل الديمقراطيون بأن تبرئة ترامب المتوقعة ستكون غير شرعية، مما يعتبر اعترافا بهزيمتهم الوشيكة.

ونقلت عن النائب آدم شيف، قوله: "إذا كان قاض أو رئيس يعتقد أنه من مصلحته أن تكون هناك محاكمة بدون شهود، فسوف يستشهدون بقضية دونالد ترامب". وقال أحد مدراء مجلس النواب: "سوف يقدمون حجة مفادها أنه يمكنك الفصل في ذنب أو براءة الحزب دون سماع شاهد واحد، دون مراجعة وثيقة واحدة. أود أن أؤكد أن هذه ستكون سابقة خطيرة للغاية وطويلة الأمد وسيتعين علينا جميعا التعايش معها".

وأكدت الصحيفة أنه "قريبا، ستنتقل الأسئلة المحيطة بتصرفات ترامب تجاه أوكرانيا من قاعة مجلس الشيوخ إلى مسار الحملة الانتخابية، حيث سيقارن الناخبون بدلا من المشرعين الأدلة في خضم انتخابات عام 2020 الرئاسية".

ومن ناحية أخرى، تقول الصحيفة: إن الديمقراطيين في مجلس النواب وعدوا بمواصلة التحقيق مع ترامب، ويمكن أن تظهر معلومات جديدة قد تكون ضارة كما حدث في بعض الأحيان أثناء محاكمة زميل سابق للمحامي الشخصي لترامب رودولف جولياني، وكتاب سيصدر قريبا لجون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق.

لكن يوم الجمعة، قال جمهوريون في مجلس الشيوخ: إنهم انتهوا من دراسة المسألة، مؤكدين أنهم متحدون خلف قرارهم، حتى لو عرض الأعضاء أسبابا متباينة وأحيانا متضاربة للحصول على أصواتهم، بحسب الصحيفة.

جدير بالذكر أن ترامب متهم بحجب المساعدات العسكرية واجتماع المكتب البيضاوي لدفع الرئيس الأوكراني إلى الإعلان عن تحقيقات تخص الديمقراطيين، بمن فيهم نائب الرئيس السابق جو بايدن، المرشح الرئاسي الآن، وابنه هنتر، حيث قرر مجلس النواب توجيه الاتهام لترامب في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بتهمتين: إساءة استخدام السلطة، وعرقلة الكونجرس.

ونقلت الصحيفة عن زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر، وصف نتيجة المحاكمة بأنها "واحدة من أسوأ المآسي التي تعرض لها مجلس الشيوخ على الإطلاق". وقال للصحفيين بعد التصويت: "سوف يعلم الأمريكيون أن هذه المحاكمة لم تكن تجربة حقيقية، لم يكن هناك شهود ولا وثائق، إنها مأساة على نطاق واسع جدا".

وأشارت الصحيفة إلى أنه فور انتهاء مجلس الشيوخ من التصويت، الذي جاء في صالح ترامب، اتهم الأخير الديمقراطيين بأنهم يحاولون خداع الأمريكيين. وأضاف ترامب أن اليسار الراديكالي، لا يفعل شيئا، في حين، ما زال الديمقراطيون يرددون الإنصاف، كانوا ينصبون الشرك لخداع الأمريكيين داخل مجلس الشيوخ.

حدثان رئيسيان

وعلى صعيد المحاكمة، وافق مجلس الشيوخ على قرار وضع الحجج الختامية الاثنين، حيث ستتاح الفرصة أمام أعضاء مجلس الشيوخ لإلقاء الخطب، خلال الأيام المقبلة: الاثنين والثلاثاء والأربعاء، حول كيفية تخطيطهم للتصويت.

وبعد تأجيل المرحلة الأخيرة من المحاكمة حتى الأسبوع المقبل، سيُسمح لأعضاء مجلس الشيوخ بالحصول على عطلة نهاية أسبوع كاملة، وكان ذلك بمثابة ارتياح للكثيرين الذين اشتكوا من ساعات طويلة وظروف غير مريحة في مجلس الشيوخ.

لكن من ناحية أخرى، تؤكد الصحيفة، يعني  تمديد الجدول الزمني إلى، الأسبوع المقبل، أن المحاكمة ستصطدم بحدثين رئيسيين آخرين على الجدول السياسي - مؤتمرات "أيوا"، الاثنين، التي يتنافس فيها أربعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، وخطاب ترامب عن حالة الاتحاد، حيث اتصل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل بترامب لاطلاعه على الجدول الزمني المحدث، ووقّع عليه الرئيس، وفقا لمسؤول مطلع على المحادثة.

وفي نهاية يوم التصويت، تأكد نجاح جهود الجمهوريين بإقناع باقي أعضاء مجلس الشيوخ بدعم رفض استدعاء الشهود وإضافة أدلة جديدة، بعد ما مر بمرحلة فشل عندما قالت ليزا موركوفسكي في التصويت البديل المحوري: إنها ستعارض الاقتراح.

من جهة أخرى، في بيان شديد اللهجة، انتقدت موركوفسكي عملية المساءلة التي بدأت في الخريف الماضي في مجلس النواب. وقالت: "بالنظر إلى الطبيعة الحزبية لهذا المساءلة من البداية وحتى النهاية ، توصلت إلى استنتاج بأنه لن تكون هناك محاكمة عادلة في مجلس الشيوخ"، "لا أعتقد أن استمرار هذه العملية سيغير أي شيء ، إنه لأمر محزن بالنسبة لي أن أعترف بأن المؤتمر ، كمؤسسة ، قد فشل".

وذكرت الصحيفة، أنه كان بإمكان موركوفسكي أن يقدم اقتراح بالتصويت الثالث للشهود، وهو ما كان سيؤدي إلى تعادل الأصوات 50 مقابل 50، في حين كان الديمقراطيون يضغطون على رئيس المحكمة جون جي روبرتس جونيور، الذي يترأس المحاكمة، لبحث الموقف في تلك المرحلة والسماح للشهود أو غيرها من الأدلة بدلا من ترك الاقتراح يفشل في التصويت المشروط، إلا أنه قال إنه لن يتدخل.

ونقلت عنه قوله أمام أعضاء مجلس الشيوخ: "أعتقد أنه سيكون من غير المناسب بالنسبة لي، وهو مسؤول غير منتخب من فرع حكومي مختلف، أن أؤكد القدرة على تغيير تلك النتيجة حتى تنجح الحركة".

إقرار الجمهوريين

بينما قالت موركوفسكي: إن قرارها كان مبنيا على استيائها من العملية، أقر جمهوريون آخرون بدرجات متفاوتة بأن الرئيس كان مذنبا - وهو تحول في موقف البعض الذي أبعدهم عن البيت الأبيض وكان بمثابة محاولة لحماية أنفسهم إذا تم تجريمهم عبر ذكر تفاصيل.

من بين الجمهوريين الذين جادلوا بأن سلوك ترامب كان خاطئا أو إشكاليا، هم السيناتور ماركو روبيو، وروب بورتمان، وباتريك تومي، ولامار ألكسندر. وقال بورتمان في بيان: "لقد كانت تصرفات الرئيس خاطئة وغير مناسبة" ، "لكنني لا أعتقد أن تصرفات الرئيس ترتفع إلى مستوى عزل رئيس منتخب حسب الأصول من منصبه".

أخبر ألكساندر "الواشنطن بوست"، بعد إعلانه في الليلة السابقة أنه لن يدعم استدعاء الشهود، أن هناك فرقا بين السلوك غير اللائق، وهو ما يبدو بوضوح، والخيانة العظمى، والرشوة، والجرائم المرتفعة والجنح، هناك فجوة كبيرة بين هذا السلوك والسلوك الذي يتعذر الوصول إليه".

ونقلت الصحيفة عن زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ سوط ريتشارد دوربين، قوله: إنه كان يأمل في أن يحصل ألكساندر على "لحظة هوارد بيكر"، في إشارة إلى السناتور الجمهوري عن ولاية تينيسي الذي لعب دورا رئيسيا في إنهاء رئاسة ريتشارد نيكسون خلال قضية "ووترجيت".

وبالإشارة إلى كتاب جون بلتون الذي سينشر قريبا، قالت الصحيفة: إن "نيويورك تايمز ذكرت، أن بولتون يكتب في كتابه القادم أن ترامب أخبره في أوائل مايو/ أيار الماضي، باستدعاء الرئيس الأوكراني المنتخب حديثا فولوديمير زيلينسكي ويطلب منه مقابلة جولياني الذي كان يضغط من أجل إجراء تحقيقات في بايدن ونظرية متنازع عليها على نطاق واسع عملت أوكرانيا مع الديمقراطيين لتقويض ترامب خلال انتخابات عام 2016".

وبحسب ما ورد، فإنه تم التوجيه إلى بولتون خلال اجتماع ضم جولياني، القائم بأعمال رئيس أركان البيت الأبيض ميك مولفاني، ومستشار البيت الأبيض بات سيبولوني، الذي قاد دفاع ترامب في مجلس الشيوخ، إذا كان هذا صحيحا، فستكون أول مثال تم الإبلاغ عنه لمشاركة ترامب المباشرة في حملة الضغط ضد أوكرانيا. 

من جهة أخرى، نفى ترامب ما جاء في التقرير عبر بيان له، قائلا: إن الاجتماع "لم يحدث أبدا".

ونقلا عن كتاب بولتون أيضا، ذكرت صحيفة "التايمز" في وقت سابق، أنه خلال محادثة مع بولتون في أغسطس/آب الماضي، ربط ترامب قبضته المباشرة على 391 مليون دولار من المساعدات العسكرية للتحقيقات في الديمقراطيين.

رسالة بارناس

وذكرت "واشنطن بوست" أن ليف بارناس، شريك جولياني السابق الذي يواجه الآن اتهامات تتعلق برسوم تمويل الحملة الانتخابية، أرسل خطابا إلى ماكونيل، أمس الجمعة، يعرض فيه الإدلاء بشهادته حول مشاركته في محاولة للإطاحة بالسفير الأمريكي السابق في أوكرانيا ماري يوفانوفيتش وجمع المعلومات الضارة  عن جو وهنتر بايدن.

وبحسب الصحيفة، فقد ذكرت الرسالة، التي كتبها محامي بارناس، أن الجهود شملت مجموعة كبيرة من كبار المسؤولين والعمال الجمهوريين، بمن فيهم نائب الرئيس بنس، ووزير الطاقة آنذاك ريك بيري ، ووزير الخارجية مايك بومبو، والنائب العام ويليام بار، والنائب ليندسي جراهام والنائب ديفين نونيس.

كان بارناس قد كشف الكثير من المعلومات الواردة في الرسالة في المقابلات الإعلامية الأخيرة. وقد تم الطعن في ادعاءاته من العديد من القادة الجمهوريين، بما في ذلك بينس وبار.

ووفقا للصحيفة الأمريكية، فقد وصف رئيس أركان ترامب السابق، جون كيلي، الذي قال في وقت سابق من الأسبوع: إنه يعتقد أن "محاكمة مجلس الشيوخ نصف محاكمة" إذا لم يتم استدعاء أي شهود.

وقال كيلي في مقابلة صحيفة: "لقد تم إنجاز نصف المهمة فقط، وأن مجلس الشيوخ لم يضطلع بمسؤولياته كافة تجاه القضية".

ومن المقرر أن يلقي ترامب خطاب حالة الاتحاد قبل تبرئته المتوقعة، وهو "انقلاب صغير في الرسائل للديمقراطيين، قلل من شأن البيت الأبيض"، بحسب الصحيفة.

وبحسب إريك أولاند، مدير الشؤون التشريعية في البيت الأبيض، قال: "الرئيس مسرور لأنه أخيرا، بعد فترة طويلة، وبعد عدة تأخيرات، سيضع مجلس الشيوخ جدولا لتبرئته الأسبوع المقبل، لا نعتقد أن الجدول الزمني يتعارض مع قدرته على تقديم رسالة قوية وثقة عن حالة الاتحاد خلال خطابه في مجلس النواب إلى البلاد".

واختتمت الصحيفة تقريرها، بالقول: "في الوقت نفسه، فإن أعضاء مجلس الشيوخ الأربعة الذين يخوضون الانتخابات الرئاسية يعيدون صياغة جداولهم بشغف للاستفادة من عطلة نهاية الأسبوع المجانية".