صحيفة بريطانية: صفقة القرن خطة تؤسس لنظام "أبارتهيد" جديد

12

طباعة

مشاركة

تساءلت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية عما إذا كانت ما يوصف بـ"صفقة القرن" التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمثابة طريق للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين أم أنها طريق لتأسيس نظام عنصري جديد على غرار "الأبارتهيد" في جنوب إفريقيا.

وبحسب مقال للكاتبة بيل ترو، فإن الصفقة حظيت بإشادة من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ومصر ومعظم دول الخليج، على اعتبار أن الخطة المكونة من 181 صفحة تمثل نقطة انطلاق عملية لبدء مفاوضات طويلة الأمد.

يكتنفها الغموض

وأضافت: "لكن القيادة الفلسطينية المنقسمة أدانتها في لحظة وحدة نادرة، باعتبارها هراء ومؤامرة". وأردفت: "في الوقت نفسه، قالت جماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية إنها بدلا من أن تبني السلام، فإنها تؤسس لنظام فصل عنصري، وقالت إحدى هذه الجماعات إن الخطة منفصلة عن الواقع بشكل لافت للنظر".

ورأت الكاتبة أن "هذه الصفقة أدت إلى استقطاب حاد في الرأي بشكل دراماتيكي، وتقدم تفاصيل بشكل غريب في بعض النواحي. ففي إحدى النقاط تخصص الأموال لبرامج تدريب لفلسطينيي الداخل لمدة سنة في الخارج".

وتابعت: "مع ذلك، في جوانب أخرى أكثر أهمية في قلب الصراع، يكتنفها بعض الغموض، مثل ما يجب فعله حيال أكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني منتشرين في جميع أنحاء العالم والذين ظلوا على مدار عقود من الزمن يحتفظون بالحق في العودة إلى بلادهم القريبة جدا من قلوبهم".

واستطردت الكاتبة، تقول: "كما تنص على أن القدس ستكون عاصمة إسرائيل غير المقسمة، وبإمكان تل أبيب ضم غور الأردن وجميع مستوطناتها تقريبا في الضفة الغربية المحتلة، رغم أنها غير قانونية بموجب القانون الدولي".

وزادت: "سيكون هناك مقايضة للأراضي وقيود على التوسع الاستيطاني، لكن يبدو أنها تلبي معظم المطالب الإسرائيلية الرئيسية"، مشيرة إلى أنه "لهذا السبب وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على توقيع الصفقة ووصفها بأنها أفضل خطة لإسرائيل وأفضل خطة للسلام. لكن هذا هو السبب أيضا في أنها تظل مجرد رؤية يرفضها الفلسطينيون بشدة".

ولفتت الكاتبة إلى أن "صفقة القرن تضعف مبادئ السلام المقبولة سابقا واللغة المستخدمة تصل إلى حد إلحاق ضرر بالفلسطينيين لا يمكن إصلاحه"، منوهة إلى أنه "من خلال إعادة صياغة شروط النزاع، تتحقق نقلة نوعية في المواقف تجاه ما ينبغي أن تكون عليه خطوط الأساس".

وبحسب بيل ترو، فإن "صفقة القرن هذه، على عكس الجزء الاقتصادي الذي أطلقه صهر ترامب جاريد كوشنر العام الماضي، ترسخ رؤيتها بشأن حل الدولتين، وهي الطريقة المقبولة على نطاق واسع لحل النزاع".

واستدركت: "لكن الصفقة تعترف بأن ما يشكل دولة للفلسطينيين يجب أن يتغير، ومعها فكرة تقرير المصير". وأضافت: "السيادة مفهوم غير متبلور تطور مع مرور الوقت، وفي الخطة تتحدد دولة فلسطين المستقبلية، بحيث لا يكون لها سيطرة تذكر على حدودها أو أمنها الداخلي أو مجالها الجوي أو البحر".

ونقلت الكاتبة عن "فقرة في الصفقة، تقول: إن المخاوف العملية والتشغيلية، وخصوصا أمن إسرائيل، يجب أن تأتي أولا". وتابعت: "إذا وافق الفلسطينيون على التوقيع على الاتفاقية، يمكن لدولة فلسطين الجديدة أن تتمتع باستثمار بقيمة 50 مليار دولار على مدى العقد المقبل".

ومضت تقول: "على الرغم من أن الصفقة لا توضح من أين ستأتي هذه الأموال، فإن الجزء الاقتصادي يسلط الضوء على مجموعة من الاستثمارات في المستشفيات ومرافق النفايات والطرق والصناعات والتعليم وكذلك في إسرائيل وجيران فلسطين - وصلات النقل إلى لبنان ومحطات الطاقة في مشاريع سيناء وتحلية المياه في الأردن".

نظام عنصري

وتابعت تقول: "لكن بصرف النظر عن هذه الجزرة، يبدو أنها كلها بمثابة عصا. من الصعب أن نرى كيف سيكون للدولة الجديدة أي سيادة على الإطلاق". وأردفت "تقارن منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية رؤية ترامب ببانتوستانات في نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، قائلة: إن الفلسطينيين سيتم حصرهم في جيوب صغيرة معزولة، دون سيطرة على حياتهم".

وذكرت الكاتبة: "كما كررت (مجموعة كسر الصمت)، وهي مجموعة أخرى مماثلة، هذه الكلمات، قائلة: إنها تقوي الاحتلال والتفتت والتمييز الذي يعني الفصل العنصري".

وبحسب بيل ترو، فإنه "وفقا للخطة، ستستمر قوات الأمن الإسرائيلية في نشرها داخل فلسطين، والتي يجب أن تكون منزوعة السلاح. وسيكون لقوات الأمن نفسها السيطرة على جميع المعابر الدولية إلى البلاد".

وأكدت الكاتبة، أنه "لن يسمح لفلسطين، التي لها واجهة بحرية في غزة، بأي موانئ بحرية في الوقت الحالي، بل بمحطات معينة في حيفا وأشدود والعقبة، إذا وافق الأردنيون".

وأردفت: "سيكون للإسرائيليين سيطرة تشغيلية على المجال الجوي الفلسطيني. لن يكون هناك مطار فلسطيني. سيكون للبحرية الإسرائيلية الحق في منع الأسلحة والمواد المحظورة من دخول فلسطين".

ولفتت الكاتبة إلى أنه "في الممارسة العملية، يشمل هذا عددا من السلع، مثل كابلات الألواح الشمسية، والتي يتم حظرها غالبا تحت حجة الاستخدام المزدوج على الرغم من عدم وجود غرض عسكري". وأضافت: "سيكون لإسرائيل الحق في شن غارات على فلسطين، والتي لن يكون لها قواتها المسلحة".

وأضافت: "لا يمكن أن يستمر التوسع في المستوطنات الإسرائيلية، لكن هدم المنازل الفلسطينية ممكن إذا رأت إسرائيل أن المباني تشكل خطرا على السلامة أو إذا كانت جزءا من إجراءات عقابية تلي هجمات".

مصير اللاجئين

ونوهت الكاتبة إلى أنه "بحسب الصفقة، فإن حق عودة أي لاجئي فلسطين محظور. وفي إحدى الفقرات في صفحة 43 يتعين على السلطة الفلسطينية رفض جميع الإجراءات المعلقة ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية وجميع المحاكم الأخرى".

ونقلت عن المحكمة الجنائية الدولية، قولها مؤخرا: "إنها تخطط لإجراء تحقيق في جرائم الحرب المرتكبة في الأراضي الفلسطينية".

وأشارت الكاتبة إلى أن "خريطة ترامب، التي قام بنشرها، تُظهر جزيرة مثقوبة على شكل جنين داخل إسرائيل، مع قطاع غزة المنفصل وسلسلة رقيقة من القرى جنوبها". وأردف يقول: "سيتم ربط الأحياء الفلسطينية داخل إسرائيل ببعضها البعض عبر ممرات يمكن تحويلها إلى قطارات عالية السرعة".

و نوهت إلى أن "المطلب رئيسي للفلسطينيين الذين يريدون العودة إلى الحدود قبل حرب عام 1967، هو أن تكون القدس عاصمة. لكن وفق الصفقة فإنه بدلا من ذلك، ستتمركز العاصمة في ضواحي شرق المدينة، خلف حائط إسرائيل المثير للجدل".

وبحسب الكاتبة، فقد انتقدت جماعات حقوق الإنسان الخطة بشدة كما فعل الفلسطينيون. ونقلت عن "أوكسفام" قولها: "إنها تقوض فرص السلام العادل والدائم، بينما تنتهك القانون الدولي".

واختتمت بيل ترو مقالها، بموقف جماعة "السلام الآن"، وهي جماعة إسرائيلية، التي قالت: "إنها (صفقة القرن) لن تجلب الاستقرار، بل تعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لضم المستوطنات مقابل قيام دولة فلسطينية مثقبة".