"ماغنتيسكي".. هل تعاقب واشنطن قادة لبنان لإنهاء الأزمة؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "ذي هيل" الأمريكية، تقريرا للباحثين حنين غدار وماشيو ليفيت، تناولا فيه تردي الوضع الاقتصادي في لبنان الذي يشهد حراكا شعبيا منذ ثلاثة أشهر، مؤكدا أهمية اضطلاع الحكومة اللبنانية الجديدة بمكافحة الفساد والمحسوبية السياسية.

وقال التقرير: إنه "على خلفية ثلاثة أشهر من الاحتجاجات السياسية والاقتصادية، يبدو أن السياسيين اللبنانيين توصلوا إلى اتفاق لتشكيل حكومة تكنوقراط في بيروت، لكن لا تزال الحكومة مدينة في تشكيلها لحزب الله، إلى جانب تأييد سني أو درزي ضعيف".

"حكومة الهالوين"

وأوضح التقرير، أن بعض المتظاهرين يصفون الحكومة بأنها "حكومة الهالوين" لأنها تعطي غطاء مقنعا للسياسيين المخضرمين، لكن من غير المحتمل أن تكون الحكومة الجديدة قادرة على مواجهة التحدي الأكبر الذي تواجهه؛ الفساد المتفشي المسؤول عن الأزمة المالية الحادة في البلاد.

وأردف: "كان تشكيل حكومة لبنانية جديدة مطلبا رئيسيا للمجتمع الدولي وشرطا أساسيا ضروريا لأي مساعدة دولية، ولكن هذا لا يكفي. يجب على الحكومة اتخاذ إجراءات سريعة لمحاربة الفساد وتعزيز الشفافية، فبالنسبة لبلد يعمل على الفساد والمحسوبية السياسية، سيكون هذا بمثابة عبء ثقيل للغاية".

ومضي التقرير يقول: "جميع المؤسسات السياسية اللبنانية تقريبا متورطة في أزمة الفساد العميقة في بيروت، التي تتخطى الفجوة الطائفية. ويحتل لبنان المرتبة 138 من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية لمراقبة الفساد".

وتابع: "في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أصدرت مجموعة الدعم الدولية للبنان بيانا نهائيا في باريس تحث فيه السلطات اللبنانية على اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة الفساد والتهرب الضريبي مع تحسين الإدارة الاقتصادية وبيئة الأعمال في البلاد".

وأوضح التقرير أنه "في ذلك الوقت، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو: إنه على الرغم من أن لبنان يجب أن يتخذ هذه الخطوات، فإن الولايات المتحدة مستعدة للقيام بالأشياء التي يمكن للعالم فعلها لمساعدة الشعب اللبناني على تصحيح اقتصاده وتصحيح عمل حكومته".

وتابع الباحثان: "اليوم، يتعين على الولايات المتحدة اتخاذ إجراء من شأنه أن يعزز يد الحكومة الجديدة ويمكنها من مواجهة المؤسسة السياسية الفاسدة، وهو أمر لا تستطيع أي حكومة لبنانية القيام به من تلقاء نفسها".

عقوبات "ماغنتيسكي"

وبحسب التقرير، فعلى واشنطن ضرورة إصدار عقوبات تستهدف بعض أكثر الجهات الفاعلة صارخة الفساد في الطيف السياسي والطائفي اللبناني بموجب قانون "ماغنيتسكي" العالمي.

وأضاف: "يسعى الزعماء الفاسدون إلى الربح والقوة السياسية التي تأتي مع تمويل مشاريع الرعاية. إن عقوبات (غلوبال ماغنتيسكي) لن تؤدي فقط إلى تسمية وفضح أكثر الجهات الفاعلة في لبنان فسادا، بل ستحظر جميع الممتلكات والمصالح التي تملكها في الولايات المتحدة ، والتي من المحتمل أن تكون كبيرة".

وأشار التقرير إلى أن "هناك أدوات أخرى متاحة للفساد السياسي المحدد - مثل القسم 7031(c) من قانون اعتمادات وزارة الخارجية والعمليات الخارجية والبرامج ذات الصلة لعام 2020".

وتابع: "استخدمت وزارة الخارجية هذه الأداة في وقت سابق من هذا الشهر لاستهداف الفساد في مولدوفا، لكنها تشمل فقط فرض حظر على تأشيرة لدخول الولايات المتحدة للموظفين وأفراد أسرهم، ويفتقر إلى سلطة منع الأموال الموجودة في الولايات المتحدة"، موضحا أن "غلوبال ماغنيتسكي" سيكون لائقا بشكل أفضل في حالة لبنان.

واستطرد التقرير "أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تسميات لمكافحة الفساد بموجب قانون غلوبال ماغنيتسكي الذي استهدف الكيانات في كمبوديا ولاتفيا وصربيا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ولا يوجد نقص في المرشحين الأقوياء لمثل هذا العمل بين النخبة السياسية في لبنان اليوم".

وأوضح "تحت مظلة مثل هذا الإجراء الأمريكي، يمكن تفويض الحكومة اللبنانية لاتخاذ هذا النوع من الإجراءات اللازمة لتمهيد الطريق لحزمة المساعدات الدولية التي تحتاجها البلاد بشدة".

ولفت التقرير إلى أنه "مثل هذا الإجراء سيكون له دعم شعبي واسع. منذ أن خرج الشعب اللبناني إلى الشوارع في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، دعم المسؤولون الأمريكيون مطالب المحتجين بإجراءات وإصلاح الفساد".

معاداة الطائفية

ورأى الباحثان أن "الفساد هو السبب الرئيسي وراء الانهيار الاقتصادي الذي دفع الناس إلى الشوارع. إنهم يعارضون بوضوح الحكومة الجديدة، التي تمنح وزير الخارجية السابق جبران باسيل، حليف حزب الله وواحد من أكثر الشخصيات السياسية محل الاعتراض، السيطرة على ثلث مجلس الوزراء، وبالتالي، سلطة عرقلة التشريعات التي لا تروق له أو لحزب الله".

وأكدا أنه "مما لا شك فيه أن المتظاهرين سوف يهتفون بالعقوبات ضد السياسيين الفاسدين وممثليهم من رجال الأعمال".

وأشار التقرير إلى أنه "كان أبرز مظاهر الاحتجاجات اللبنانية خطابها المعادي للطائفية، وأن المشاركة بها كان عابرا للطوائف. تجمع الناس من جميع الطوائف والمناطق في لبنان للمطالبة بإنهاء النظام الطائفي وتطبيق المساءلة للسياسيين الفاسدين".

ونوه إلى أن "هذا ليس من قبيل الصدفة. العلاقة بين الزعماء الطائفيين في لبنان وأزمة الفساد الحادة في البلاد قوية للغاية ، لأنهم يستخدمون المحسوبية ويستغلون مؤسسات الدولة لتعزيز السيطرة على دوائرهم الانتخابية".

وأكد التقرير أن "تورط هؤلاء الزعماء الطائفيين في قائمة غسيل للصفقات والمعاملات الفاسدة المستخدمة لبناء إمبراطورياتهم المالية من خلال المساعي المبذولة لرجال الأعمال الفاسدين المتحالفين معهم سياسيا. لا يحتاج المرء إلى النظر إلى أبعد من قطاعات الكهرباء والغاز والقمامة في لبنان ليرى كيف استنفذ الفساد موارده وأدى إلى الأزمة الاقتصادية".

وخلص الكاتبان إلى أن "تصنيف رجال الأعمال والمسؤولين اللبنانيين الفاسدين بموجب قانون (غلوبال ماغنيتسكي) سوف يقدم ردا ملموسا على المطالب المستمرة للمتظاهرين اللبنانيين، لأن هذا العمل سوف يستهدف الأفراد الفاسدين من جميع الطوائف ويكمل الخطاب المعادي للطائفية في الشارع اللبناني".

واختتما تقريرهما، بالقول: "الآن وقد تم تشكيل حكومة، فمن غير المرجح أن تكتسب ثقة الشارع أو المجتمع الدولي، وهذه هي اللحظة المثالية لإرسال رسالة دعم للشعب اللبناني".