رئاسة حكومة انتقالية بالعراق.. لماذا عبدالمهدي المرشح الوحيد؟

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لا تزال القوى السياسية العراقية تبحث عن مرشح لرئاسة حكومة انتقالية تمهد لإجراء انتخابات مبكرة استجابة لمطالب المتظاهرين، وفي ظل هذه الأزمة، طرح البعض إعادة تكليف رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي، ما اعتبره آخرون عودة للمربع صفر.

عبد المهدي الذي تواجه حكومته اتهامات بقتل نحو 600 متظاهر وجرح أكثر من 30 ألفا آخرين، لا يزال يدير حكومة تصريف أعمال بسبب عدم اتفاق القوى السياسية على شخصية تنال رضا المتظاهرين الذين يلازمون الشارع للشهر الرابع على التوالي.

دعوة رئاسية

دعوات إعادة تكليف عبدالمهدي برئاسة الحكومة الانتقالية، كان أول من أطلقها الرئيس برهم صالح، فيما أيدت كتل سياسية شيعية وكردية هذا الطرح بدعوى أنه "عامل استقرار ولديه من الخبرة والقدرة على إدارة المرحلة الانتقالية".

وقال النائب حسن المسعودي عن تحالف "سائرون" المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في تصريحات صحفية: "رئيس الجمهورية برهم صالح أول من تحدث عن إمكانية إعادة التكليف، وذلك نتيجة احتدام الخلاف على شخص بديل عن عبدالمهدي".

ولفت إلى أن "زيارة عبدالمهدي الأخيرة إلى إقليم كردستان في 11 يناير/ كانون الثاني 2020، شهدت طرح العديد من الملفات في مقدمتها موضوع إخراج القوات الأجنبية من البلاد، إضافة إلى حصول الدعم بخصوص إعادة التكليف".

وفي موقف مؤيد لخطوة صالح، أكد مهدي عبدالكريم عضو "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، وجود موافقات كردية على إعادة تكليف عبدالمهدي لرئاسة الحكومة مجددا لإكمال المرحلة الانتقالية.

وقال عبدالكريم، في حديث صحفي: "هناك الموافقات الكردية على إعادة تكليف عبد المهدي، تأتي لما يمتلك من الخبرة والقدرة على إدارة المرحلة الانتقالية. الأوضاع التي تمر بها البلاد سببها عدم وجود رئيس حكومة كامل الصلاحيات".

وعلى نحو مماثل، دعت كتلة "عطاء" في البرلمان، التي يتزعمها رئيس هيئة "الحشد الشعبي"، فالح الفياض، إلى إعادة تكليف عبدالمهدي برئاسة الحكومة.

وقال النائب عن الكتلة، حيدر الفوادي في تصريحات صحفية: "عبدالمهدي استطاع خلال فترة قصيرة تقديم مشاريع حقيقية على مستوى القطاع الصحي والتعليمي وقطاع الكهرباء"، داعيا إلى إعادة تكليفه وترك حق الاختيار له في تشكيل كابينة وزارية مستقلة، بعيدا عن الأحزاب السياسية.

كما ذكر نواب من كتلتي "الفتح" و"دولة القانون" البرلمانيتين، أن حظوظ رئيس الوزراء المستقيل، لتكليفه برئاسة الحكومة الانتقالية المقبلة، تعززت بشكل كبير بعد موقفه المطالب بإخراج القوات الأجنبية.

وقال النائب عن كتلة "الفتح" مختار الموسوي، في تصريح صحفي: "زعيم تحالف الفتح هادي العامري التقى بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في إيران وتم التباحث بشأن موضوع تسمية المرشح لرئاسة الحكومة الانتقالية".

من جهته، أكد النائب عن "ائتلاف دولة القانون" علي الغانمي، أن "الأمور تسير باتجاه إعادة ترشيح عبدالمهدي بعد عجز الكتل والأطراف السياسية عن إيجاد بديل عنه على مدار الأيام الماضية".

ولفت إلى أن "حضور عبدالمهدي للبرلمان وتقديمه طلبا لإخراج القوات الأجنبية من العراق عزز مسألة بقائه في المنصب لدى غالبية القوى الشيعية"، مشيرا إلى أن "الحكومة المؤقتة التي يقودها عبدالمهدي ستأتي بوزراء جدد".

جهات مناوئة

وعلى الجهة المقابلة، فإن كتلا سياسية أخرى ترفض عودة عبدالمهدي أو مجرد التفكير في طرح اسمه مرة ثانية، ويقف بمقدمة هذه القوى، تحالفا "سائرون" و"النصر" بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.

وقال النائب حسن المسعودي: "منح فرصة لعبدالمهدي من أجل تشكيل حكومة جديدة لا تختص به القوى السياسية فقط، وإنما الحراك الشعبي الرافض لتدوير الوجوه ومنح فرصة لمن لم ينجح خلال المدة الماضية".

ولفت إلى أن "الشروط التي وضعها المتظاهرون بالنسبة لمرشح رئيس الوزراء لا تنطبق على عبدالمهدي، وبالتالي فإن أغلب الكتل السياسية لن تمنحه الثقة مرة أخرى داخل مجلس النواب".

وأكد المسعودي أن "الإصرار على التجديد لعبدالمهدي سوف يؤجج الشارع ويزيد من حدة الأزمات في وقت تبحث الكتل السياسية عن حلول سريعة".

واتساقا مع هذا الرأي، أكد عضو ائتلاف "النصر"، جاسم حمود العلياوي، "اعتراضهم على ما طرحته الكتل السياسية بإعادة تكليف عادل عبدالمهدي بتشكيل الحكومة، لأن هذا الطرح يتناقض مع مطالب الجماهير، فهناك دماء سالت، ويجب أن لا تتم الاستهانة بدماء الشهداء".

وأضاف في تصريحات صحيفة أن ائتلافه "طالب قبل الحراك الجماهيري بالتغيير، وقلنا إن عبدالمهدي لا يمكن أن يكون رجل المرحلة، وفشل فيما لا يقبل الشك في إدارة البلاد، ومكبل اليدين".

وأشار العلياوي إلى أن "الحكومة الآن صامتة تجاه الاغتيالات التي تطال الناشطين، وكانت تدعي أنها حكومة تصريف أعمال، إلا أن الملف الأمني لا يزال بيدها، ومن المفترض أن يكون هناك حساب سواء للقادة الأمنيين أو حتى القائد العام للقوات المسلحة ولنا في قادم الأيام الكثير".

عوائق التكليف

وبخصوص قانونية تكليفه مرة ثانية، قال الخبير القانوني طارق حرب  لـ"الاستقلال": "شروط اختيار رئيس الوزراء التي حددها الدستور، تشمل الجنسية والعمر والتحصيل الدراسي، والخبرة والكفاءة، لكن ليس من بينها ألا يكون قد كلف سابقا بالوزارة، أو حرمان من استقال من رئاسة الحكومة".

وحسب حرب، فإن عائقين كبيرين يقفان أمام عودة عبدالمهدي: "الأول يتمثل في أن إعادة تكليفه يجب أن تخضع لتصويت الكتل السياسية في البرلمان، ولا يكتفى فقط بإلغاء استقالته، لأنه يعتبر تكليفا جديدا بتشكيل الحكومة".

أما الأمر الثاني، فإن "واقع العراق والأحزاب السياسية خلاف ما نقوله، لأن مقتدى الصدر يقف ضد إعادة تكليف عبدالمهدي، فضلا عن أن الأخير كان سببا في تقوية المليشيات".

وأوضح الخبير السياسي والقانوني أن "المليشيات عرفت مكانها ودورها واستعملت جبروتها في عهد عبدالمهدي"، مؤكدا أن "الأكثرية ضد تكليفه مرة ثانية، نوابا وحراكا شعبيا".

وبخصوص حديث البعض عن أن الدستور في مادته الـ (77) لا يتيح للرئيس إعادة تكليف رئيس حكومة أخفق في عمله، وأن استقالة عبدالمهدي تعتبر إخفاقا، قال حرب: "المادة تقول إذا أخفق في تشكيل الحكومة ضمن مدة زمنية، وليس عندما كان يدير الحكومة".

وأوضح الخبير القانوني أن "المادة الدستورية آنفة الذكر، تعني أنه رئيس الجمهورية إذا كلف شخصية لرئاسة الحكومة، وأخفقت في تشكيل الوزارة خلال مدة شهر، فعليه تكليف شخص آخر".

وفي السياق ذاته، رأى المحلل السياسي وائل الركابي، أن إمكانية عودة عبدالمهدي لمنصبه "ضعيفة، في ظل التوتر السياسي والانسداد الحاصل بين الفرقاء".

وأضاف في تصريح صحفي، أن "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يصر على استبعاد عبدالمهدي من المنصب، وتعيين شخصية مستقلة، وهو رأي ساحات الاحتجاج أيضا، ما يعني صعوبة بالغة في إعادته إلى المنصب".

ولفت الركابي إلى أن "المساعي التي يجريها عبدالمهدي، تستلزم تنازلات كبيرة للكتل الكردية والسنية، وربما لا ينجح في إقناع هؤلاء بعودته إلى المنصب، وإن كانت هناك رغبة كردية، لإبقائه".

وأردف المحلل السياسي العراقي: "لكن مسألة اصطفافه (عبدالمهدي) أخيرا مع الأطراف الموالية لإيران، بشأن قرار سحب القوات الأجنبية من البلاد، جعل الكرد يتراجعون عن دعمهم المطلق له".

من جهته، قال المحلل العراقي رئيس مركز "التفكير السياسي" إحسان الشمري في تغريدة عبر "تويتر": أشار إلى أن خطبة المرجعية الدينية، في 24 يناير/كانون الثاني 2020، قطعت الطريق أمام عودة عبد المهدي مرة أخرى إلى المنصب.