لوفيجارو: أسباب كذب تنظيم الدولة بشأن هوية زعيمه الجديد

12

طباعة

مشاركة

لم يكن أبو إبراهيم القرشي، غير المعروف حتى الآن، هو خليفة أبو بكر البغدادي، الذي أعلن عن اسمه بعد وقت قصير من مقتل زعيم تنظيم الدولة، حيث أن خليفته هو أمير محمد عبد الرحمن المولى الصلبي.

وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية مقتل البغدادي في غارة شنتها على مكان اختبائه شمال غربي سوريا في أكتوبر/تشرين الأول 2019.

وقال الكاتب في صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية جورج مالبرونو: إنه في أكتوبر/تشرين أول الماضي، وعدت وزارة الخارجية الأمريكية بمكافأة قدرها 5 ملايين دولار لأي شخص يقدم معلومات عن الصلبي.

من هو الصلبي؟

الصلبي هو أحد أفراد الأقلية التركمانية في العراق، وأحد القلائل غير العرب في قيادة تنظيم الدولة، فبعد تخرجه من جامعة الموصل، قيل إنه لعب دورا رئيسيا في اضطهاد الأيزيديين، إحدى الجماعات الدينية التي جرى استهدافها في العراق من قبل المتطرفين عام 2014. 

ونقلت صحيفة الجارديان عن مسؤولين من جهازي مخابرات غير محددين، أن زعيم تنظيم الدولة الجديد "يعتبر أحد منظري" التنظيم وتولى المهمة بعد مقتل البغدادي.

والصلبي المولود في تلعفر، لا تتوفر إلا معلومات قليلة عنه، حيث لديه ابن واحد. وفي عام 2004، أي بعد عام من الإطاحة بالرئيس السابق صدام حسين من قبل الولايات المتحدة، سُجن في مركز الاعتقال الأمريكي في معسكر بوكا، جنوب العراق، حيث التقى بأبي بكر البغدادي.

وبحسب الكاتب الفرنسي فإنه عند وفاة زعيمه، سعى تنظيم الدولة إلى تشتيت الانتباه عن طريق الإعلان عن تعيين القرشي كخليفة للبغدادي، لكن في الواقع، تولى الصلبي على الفور مقاليد الأمور في سوريا والعراق، حيث لا يزال لديه خلايا نائمة في هذين البلدين.

ويقول مالبرونو: إن الأمر استغرق عدة أشهر لكي تكشف المخابرات الغربية الحيلة وتجمع معلومات عن قائد التنظيم الجديد.

فوفقا لصحيفة الجارديان، فإن الصلبي الذي يكنى بالحاج عبد الله، أشرف على العمليات الإرهابية التي ينفذها عناصر التنظيم خارج "الخلافة" السابقة في العراق وسوريا.

تعزيز العمل

وأشار إلى أنه منذ تعيينه خليفة للبغدادي، سعى الصلبي إلى تعزيز القيادة الجديدة للتنظيم، فمعظم أفراده ليسوا من جيله الذين سجنوا في سجون ما بعد صدام حسين وشكلوا النسخة الأولى من المنظمة الإرهابية خلال الحرب الأهلية العراقية التي تلت سقوط الديكتاتور.

وأضاف الكاتب الفرنسي: "إذا كان مقاتلو التنظيم اضطروا إلى الانسحاب من سوريا والعراق، فإنهم ما زالوا يتمتعون بقدرة حقيقية على العمل في المناطق الريفية والصحراوية والجبلية في هذين البلدين، خاصة في سوريا، حيث استفادت هذه العناصر من الانسحاب الجزئي للقوات الأمريكية".

فبين 20 ديسمبر/ كانون أول و26 من الشهر نفسه، أعلن تنظيم الدولة أنه نفذ 106 هجمات انتقاما لمقتل البغدادي، وقال: إن الدرس الذي استخلصه هو أن خليفته الجديد لم يعش في شمال غرب سوريا، ولكن في قرى غرب مدينة الموصل بالعراق، وحتى تعيينه، كان زعيم التنظيم الجديد على اتصال مع شقيقه عادل اللاجئ في تركيا.

وفي 27 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقتل البغدادي في عملية نفذتها وحدة كوماندوس في شمال غرب سوريا على بعد كيلومترات من الحدود التركية.

وقال ترامب حينها: إن البغدادي (48 عاما)، قتل لدى تفجيره سترة ناسفة كان يرتديها، بعدما حاصرته قوات أمريكية خاصة في نفق مغلق في قرية باريشا في شمال غرب سوريا.

مقتل البغدادي

وأكد أن البغدادي الذي سعى بكل ما أمكنه لترهيب الآخرين، "قضى لحظاته الأخيرة في هلع تام وذعر كامل ورعب من القوات الأمريكية التي كانت تنقض عليه"، مبينا أن "زعيم التنظيم الإرهابي لم يمت بطلا، بل جبانا، فقد كان يبكي وينتحب ويصرخ".

كما كشف ترامب أن ثماني طائرات هليكوبتر شاركت في العملية وكانت تحلق على مستوى منخفض، لافتا إلى وجود تنسيق مع روسيا والعراق وتركيا والقوات الكردية وأن زوجتين للبغدادي قتلتا أيضا في العملية، التي شاركت فيها قوة أمريكية فقط، وكانتا ترتديان أحزمة ناسفة.

وكان الظهور الأول للبغدادي في جامع النوري في الموصل شمالي العراق في يوليو/تموز 2014، عندما أعلن "دولة الخلافة" المزعومة ونصب نفسه أميرا.

وتقول "لوفيجارو": إنه "على غرار أسامة بن لادن الذي أعطى مسدسا إلى ناصر البحري، حارسه الشخصي، ليقضي عليه حال تعرضه لهجوم أمريكي على مخبئه الأفغاني، كي يتجنب إهانة الاستجوابات من قبل أعدائه الأمريكيين، اختار البغدادي الحزام الناسف الذي فجره في وجه الكوماندوز عندما جاء للقضاء عليه في شمال غرب سوريا". 

وأكدت أنه واحد تلو الآخر، يختفي قادة المنظمات الإرهابية بأسرارهم، لكن تنظيم الدولة مثل القاعدة في عام 2011، سينجو بعد مقتل زعيمه، فهي وفاة مسجلة كمرحلة طبيعية في معركة يتم شنها على وجه التحديد حتى الموت.

ويشير مسؤول كبير للصحيفة إلى أن تنظيم الدولة يتوقع وفاة زعيمه، أو حتى الرجل الثاني في أي وقت، لذلك فإن مجلس الشورى، الذي يدير التنظيم، والمؤلف من 80٪ من عراقيين، 18٪ من السوريين، و2٪ المتبقية من الأجانب في المنطقة، يختار بالفعل حلفاءه.

وتنوه "لوفيجارو" أنه بعد خسارة التنظيم الخلافة في العراق وسوريا، إذا كانت وفاة زعيمه هزيمة كبرى فهي تعد رمزية وليست إستراتيجية، فلا يزال لدى المنظمة أصول تتيح لها شن هجوم في بلاد الشام، ولكن أيضا في قارات أخرى، حيث انتشر مقاتلوها وأيديولوجيتها.