محمد العيسى.. شيخ سعودي يحيي "الهولوكست" ويصف المقاومة بالعنف

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بالتزامن مع ذكرى المحرقة اليهودية "الهولوكست"، أجرى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ السعودي محمد العيسى زيارة لمعسكر أوشفيتز في مدينة وارسو البولندية، حيث الإبادة الجماعية لنحو مليون و100 ألف يهودي إبان الحرب العالمية الثانية.

مع لفيف من العلماء ورجال الدين (مسلمين ومسيحين ويهود) الذين تم جلبهم من عدة مناطق من أنحاء العالم، أحيا الشيخ السعودي الذكرى الـ 75 للمحرقة اليهودية، وأدى الصلاة في المعسكر.

ازدواجية المواقف

الرابطة التي يرأسها العيسى ذكرت على موقعها الإلكتروني، أن الزيارة تأتي لـ"التنديد بكل عمل إجرامي أيا كان مصدره وعلى أي كان ضرره وأثره، وأن هذه هي قيم الإسلام".

الموقع أضاف: "سيُعَبِّر عن ذلك جمع غفير من القيادات الإسلامية من كبار العلماء الذين سيقومون بتلك الزيارات، والتأكيد كذلك على أن الموقف الإسلامي لا يحمل سوى قيمه الرفيعة المجردة، ليُعبّر عن عدالة الإسلام مع الجميع وأنه دين رحمة وإنصاف وأنه ضد كل ممارسات الشر وأن هذا الموقف لا يقتصر على داخله الإسلامي فقط، بل يشمل الجميع فعدالة الإسلام ورحمته عامة".

الغريب أن الشيخ العيسى لم يستحضر القيم الإسلامية العظيمة، إلا في هذه الأثناء، فلم يُسجل في تاريخ الشيخ فعالية لإحياء ذكرى الضحايا المسلمين الذين قتلوا على أيدي الكيان الصهيوني.

الشيخ الذي اعتبر المقاومة الفلسطينية ضد الإسرائيليين عنفا غير مشروع، لم يعرف عنه أنه تحدث عما حدث في مذبحة صابرا وشاتيلا بداية الثمانينيات، ولم تشمل القيم الإسلامية التي تحدث عنها العيسى، مسلمي الإيجور وكشمير ومخيمات المضطهدين الروهينجا في ميانمار، والمخيمات السورية.

العيسى، له سوابق عديدة في التطبيع مع الكيان الصهيوني والتواصل مع اليهود، حيث دعا في أكثر من مناسبة إلى تجاوز الخلافات، كما تمت استضافته في كثير من المناسبات اليهودية.

تاريخ حافل!

لم تقتصر زيارة الوفد على إحياء ذكرى المحرقة، بل تضمن زيارة للكنيس ومتحفا لتاريخ اليهود، وأكد كينيث بادلر، المتحدث باسم اللجنة اليهودية الأمريكية، أن العيسى ورجال الدين المسلمين والمسؤولين المرافقين له يقومون بجولة في متحف تاريخ يهود بولندا في وارسو، ويزورون أيضا كنيس "نوزيك" في العاصمة البولندية، ومسجد محلي.

كما تضمن جدول الزيارة برنامج لقاء ليهود ناجين من المحرقة، وذكر الموقع الإلكتروني "تايمز أوف إسرائيل"، أن العيسى برفقة قادة دينيين مسلمين آخرين من أكثر من 24 بلدا يعتزمون لقاء ناجين من المحرقة في الكنيس ـ بحسب شخص مطلع على تفاصيل الرحلة والذي طلب عدم ذكر اسمه.

ونقلت صحيفة ذا تايم أوف إسرائيل أن العيسى كتب في مقال له، "أحث جميع المسلمين على تعلم تاريخ المحرقة وزيارة النصب التذكارية والمتاحف لهذه الحدث المروع لتعليم دروسه لأطفالهم".

في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، شارك العيسى في ندوة بعنوان "حسن الجوار والعيش المشترك" في مدينة ميلوز الفرنسية، بمشاركة الحاخام الصهيوني إلي حيون.

وخلال زيارته لباريس، أجرى العيسى زيارة لأكبر كنيس يهودي في العاصمة الفرنسية، بدعوة من الحاخام الأكبر ليهود فرنسا حاييم كورسي، وحاخام كنيس باريس موشي صباغ.

وأكدت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية أن زيارة المسؤول السعودي "تعتبر تاريخية ومؤشرا جديدا على دفء العلاقات بين إسرائيل والسعودية"، مشيرة إلى أن السفير السعودي في باريس "رافق وزير العدل السابق خلال زيارته للكنيس".

صلاة جديدة

زيارة العيسى أثارت غضب واستياء العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، من بين هؤلاء الغاضبين الناشط أحمد العيناوي الذي غرد على تويتر قائلا: "الشيخ السلفي السعودي محمد العيسى اخترع صلاة جديدة تسمى صلاة ذكرى الهولوكوست وهو ما اعتبره المتحدث باسم جيش الاحتلال (بالإسلام الحقيقي) الذي بشر به ابن سلمان".

العيناوي أضاف: "وغدا سنرى عبدالرحمن السديس يصلي عند حائط المبكى إحياء لذكرى هيكل سليمان ووسيم يوسف كذلك سيصلي صلاة التسامح الجديدة". 

اقتراب العيسى من دائرة السلطة في النظام السعودي، وولي العهد شخصيا، واستعداده للتطبيع مع الكيان الصهيوني، أمور أهلته ليرأس رابطة العالم الإسلامي التي يقع مقرها في السعودية.

منذ توليه رئاسة الرابطة والعيسى يخضعها لأجندة سياسية سعودية، حيث أصبحت، في عهده، تمثل الواجهة الدينية لسياسة التطبيع والانفتاح، ووجهة نظر محمد بن سلمان.

كتب روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى قائلا: "المنظمة (رابطة العالم الإسلامي) نشرت تاريخيا سلالة خبيثة من الكتابات والأفكار والمواعظ المعادية لإسرائيل وللسامية، ولكن تحت قيادة العيسى كان هناك تغيير جذري في نهجها، حيث تصدت للمتشددين وزادت من تواصلها مع الأديان الأخرى".

وأضاف "حقيقة أن الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، التي مثلت (يوما ما) الوجه الأسوأ للقيادة الإسلامية في القضايا المتعلقة باليهود والتاريخ اليهودي، سيقوم بزيارة أوشفيتس – وتطبيع النقاش حول المحرقة وتهميش ناكري المحرقة- وهذا شيء رائع".

وفق متابعين، فإن الرابطة التي تدعو إلى العيش بسلام مع إسرائيل، غاب صوتها عن قضايا العالم الإسلامي منذ سنوات، ولم تسجل موقفا صريحا يجسد أهداف الدول التي اتفقت على تأسيسها، مثل الوقوف إلى جانب المظلومين في العالم الإسلامي، لا سيما في فلسطين، وخصوصا حصار غزة، والانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين، وقتل المدنيين في اليمن والعراق، أو جرائم بشار الأسد التي يرتكبها منذ سنوات في سوريا.

بل وصل الأمر لدى الشيخ العيسى إلى اعتبار المقاومة الفلسطينية ضد الإسرائيليين "عنفا غير مشروع"، حسب تصريحه في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2017: "أعمال العنف غير مشروعة بأي مكان، حتى في "إسرائيل".

تغيير جذري

في يناير/ كانون الثاني 2019، كتب "العيسى" مقال رأي في صحيفة "واشنطن بوست"، أدان فيه "الجرائم البشعة" التي ارتكبها النازيون، مشيرا إلى أن "المسلمين حول العالم يتحملون مسؤولية تعلم الدروس من المحرقة".

وقال العيسى: "أحث جميع المسلمين على تعلم تاريخ المحرقة وزيارة النصب التذكارية والمتاحف لهذا الحدث المروع"، مضيفا أنه "يجب عليهم تعليم هذه الدروس لأطفالهم".

ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن المدير التنفيذي لمعهد سياسات الشرق الأدنى، روبرت ساتلوف، قوله: "إن رابطة العالم الإسلامي نشرت تاريخيا، سلالة خبيثة من الكتابات والأفكار والمواعظ المعادية لإسرائيل وللسامية، ولكن تحت قيادة العيسى كان هناك تغيير جذري في نهجها، حيث تصدت للمتشددين وزادت من تواصلها مع الأديان الأخرى".

وأضاف ساتلوف: "حقيقة أن الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، التي مثلت سابقا الوجه الأسوأ للقيادة الإسلامية في القضايا المتعلقة باليهود والتاريخ اليهودي، سيجري زيارة إلى أوشفيتز ويعمل على تطبيع النقاش حول المحرقة وتهميش ناكريها، أمر رائع".

وكانت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، قد نقلت عن "العيسى" قوله: إن "أي عمل عنف أو إرهاب باسم الإسلام غير مبرر في أي مكان، حتى في إسرائيل"، وذلك خلال محاضرة له في الأكاديمية الدبلوماسية الدولية في باريس، خلال شهر نوفمبر/تشرين الأول 2017.

الشيخ الحليف

ولد محمد العيسى عام 1385 هجرية، وحصل على البكالوريوس من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكما حصل على الماجستير والدكتوراه في الفقه المقارن من المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام.

في عام 2009 تم تعيينه وزيرا للعدل، وبعد إعادة تشكيل مجلس الوزراء السعودي، صدر أمر ملكي بتعيينه مستشارا بالديوان الملكي بمرتبة وزير.

وإلى جانب المناصب التي يتبوؤها العيسى، فإنه يعد عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالمملكة العربية السعودية.

عرف العيسى بقربه من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ونقلت صحيفة ذا تايم أوف إسرائيل، أن العيسى، يعد حليفا مقربا من ولي العهد، وتم تعيينه عام 2016 أمينا عاما لرابطة العالم الإسلامي، ورئيسا لمجلس هيئة علماء المسلمين.