نزاع الكويت والسعودية.. هل يضع أوزاره باتفاق "المنطقة المحايدة"؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

منذ أن أصبح وليا للعهد في المملكة السعودية، سعى محمد ابن سلمان لإقناع الكويت باستئناف النفط في المنطقة المحايدة، وكثف نشاطه في هذا الجانب بعد النفقات الهائلة التي تكبدتها الرياض، إثر إعلان "عاصفة الحزم" في الحرب باليمن، التي ستدخل عامها السادس نهاية مارس/آذار 2020.

أجرى الأمير السعودي عدة زيارات للكويت، لكن فريقا في القيادة الكويتية رفض استئناف إنتاج النفط قبل الاعتراف بأن المنطقة الواقعة تحت إشراف الكويت منطقة تابعة لسيادتها، وفق ما قاله الأمير في مقابلته مع وكالة "بلومبرغ" الأمريكية.

أخيرا، صادق البرلمان الكويتي على اتفاقية "المنطقة المحايدة" التي أبرمت مع السعودية، بأغلبية 55 صوتا، ورفض 7 أعضاء، من إجمالي الحضور البالغ عددهم 62 عضوا.

وقضى الاتفاق الذي وقعته الكويت والسعودية نهاية ديسمبر/كانون الثاني 2019 باستئناف إنتاج النفط فيما يسمى "المنطقة المحايدة" الحدودية بين البلدين، لينتهي بذلك نزاع استمر نحو 5 سنوات بين البلدين.

وقع الطرفان اتفاقية ملحقة تقضي بحق كل دولة في ممارسة سيادتها الكاملة على الجزء الخاضع لإشرافها، واعتماد الخط الحدودي الدولي كخط فاصل.

المنطقة المحايدة

ظلت المنطقة المحايدة ومساحتها 5770 كيلو مترا مربعا، معلقة السيادة لأكثر من 50 عاما، بسبب تداخل الحقول النفطية فيها، حيث تم الاتفاق على الإشراف الفني المشترك عليها وتقسيم الحقول النفطية المتداخلة بين البلدين لحين حل مشكلة السيادة.

تقع المنطقة المحايدة على الحدود السعودية الكويتية، وتحديدا في المنطقة الجنوبية بالنسبة للكويت، والمنطقة الشمالية الشرقية بالنسبة للسعودية، وتنقسم لجزء شمالي يقع في الجغرافيا الكويتية ويوجد فيه حقل "الوفرة"، وتديره شركة شيفرون الأمريكية ممثلة عن الجانب السعودي، وكذلك شركة نفط الخليج الكويتية ممثلة عن الجانب الكويتي.

 أما الجزء الجنوبي، فيقع في السعودية، ويوجد فيه حقل "الخفجي" وتديره شركة أرامكو السعودية ممثلة عن السعودية، وشركة نفط الخليج الكويتية ممثلة عن الكويت.

معاهدة "عقير"

في ديسمبر/كانون الأول 1922 تم إنشاء الحدود بين الكويت و سلطنة نجد، وتركت هذه المساحة بوصفها منطقة ذات سيادة محايدة، بموجب معاهدة "عقير" التي رسم حدودها وخط اتفاقيتها السياسي البريطاني بيرسي كوكس.

وبعد اكتشاف النفط في 1938، برزت أهمية المنطقة وبدأ الحديث عن حق كل دولة في الاستفادة من الحقول النفطية في هذه المنطقة، لتتفق الدولتان بعد سنوات من التفاوض على تقاسم الموارد الطبيعية عام 1960.

تم توقيع الاتفاقية عام 1965 أي بعد 5 سنوات من الاتفاق، ونصت الاتفاقية على أن يبقى حقل الخفجي النفطي تحت إدارة السعودية، ويبقى حقل الوفرة تحت الإدارة الكويتية، مع بقاء الجانب السيادي معلقا دون حسم إلى أجل غير مسمى.

ورغم تسوية الحدود الدولية بين البلدين عام 1969، إلا أن  مبدأ "تقاسم الموارد" في المنطقة المحايدة ظل قائما، حيث كان البلدان يتقاسمان بالتساوي الإنتاج اليومي النفطي الذي تراوح بين 500 ألف و600 ألف برميل يوميا، وفقا لتقييم إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

حسب تقرير نشرته مجموعة "وود ماكنزي Wood Mackenzie" العالمية لأبحاث واستشارات الطاقة. فإن حقل الخفجي كان ينتج أكثر من 260 ألف برميل من النفط الخام يوميا، وهي النسبة التي تمثل نحو 2.5 % من إنتاج السعودية بشكل يومي.

في حين كان إنتاج حقل الوفرة يصل لحوالي 220 ألف برميل يوميا، وهو الحجم الذي يمثل نحو 9.8 % من الإنتاج الكلي للكويت، ويشكل ناتج الإجمالي العام للحقلين نحو 0.5% من حجم الطلب اليومي على النفط الخام، وهي الحصيلة التي كان يتقاسمها الطرفان مناصفة بواقع 50 % لكل جانب.

استمر الوضع على ذلك النحو حتى قررت السعودية إغلاق حقل الخفجي في أكتوبر/تشرين الأول 2014، ثم ترتب عليه إغلاق حقل الوفرة في مايو/آيار 2015 إثر نزاع بين الجانب الكويتي والسعودي بدأ عام 2009.

أدى القرار السعودي إلى تكبد الكويت خسارة تقدر بـ 23 مليار دولار، ونحو 10% من إنتاجها اليومي من النفط، خلال 5 سنوات، وهي القيمة التي تعادل 250 ألف برميل من النفط يوميا، بمتوسط 50 دولار للبرميل الواحد.


بداية النزاع

رغم بروز الخلاف إلى الواجهة في 2009، واستمر لأكثر من 5 سنوات حتى تم إغلاق الحقلين إلا أن جذور النزاع بدأت منذ اتفاقية العقير سنة 1922، حيث رأى الكويتيون أن الاتفاقية لم تراع مصالحهم الوطنية.

وبهذا ظل الاعتقاد سائدا حتى برز إلى الواجهة في 2009، عندما مددت السعودية العقد لشركة شيفرون النفطية، التي تمثلها في الكويت حتى عام 2039، دون تنسيق مع الجانب الكويتي، وهو الأمر الذي ينبني عليه ترتيبات فنية ولوجستية كان يفترض أن يوافق عليها الأخير.

وقعت تلك الأزمة إثر إغلاق الحقلين النفطيين، وتصاعدت إثر ما تم اعتبارها "مشاكل بيئية" خلفتها شركة شيفرون السعودية في الأراضي الكويتية.

انقسمت الأسرة الكويتية الحاكمة في كيفية التعامل مع الجانب السعودي، حيث طالب جناح منها بالتعامل بقوة وحزم مع الرياض، وهدد بالذهاب لمحكمة العدل الدولية، وهو الأمر الذي أجابت عليه السعودية بالقول: "اذهبوا إلى حيث تريدون، هذا سيكلفكم الكثير من الملايين، علاوة على أن بحث المحكمة لهذه الأزمة قد يستمر لسنوات".

في حين رأى جناح آخر معتدل، التعامل مع الموضوع بهدوء وحله عبر التفاهم والحوار، ودعا إلى عدم التصعيد.

حقل الدرة

فاقم من خلاف البلدين حينها، أن إيران تنازع الكويت والسعودية في حقل الدرة للغاز الطبيعي الذي يوجد في منطقة الزور، وهو حقل مشترك في المنطقة البحرية المشتركة بين السعودية والكويت.

ففي حين أجرت الكويت حوارا مع إيران، رفضت الرياض إجراء أي حوار مع طهران، ما اعتبرته الكويت رميا بالعبء على كاهلها.

حسب خبراء، فمن المتوقع أن يثير اتفاق المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية، وإعلان تنفيذ مشاريع مشتركة، في حقل الدرة، النزاع من جديد بين إيران من جهة، والسعودية والكويت من جهة أخرى.

تم اكتشاف الميدان الغازي في حقل الدرة عام 1962، ويقدر مخزونه بنحو 200 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، ويقع في المنطقة البحرية المتداخلة التي لم يتم ترسيمها بين الكويت وإيران.

ويعود الخلاف على حقل "الدرة" إلى ستينيات القرن الماضي، وقت اكتشافه؛ حيث كان محل تنازع بين إيران والكويت، بشأن استغلال ثرواته من النفط والغاز، ومنحت إيران امتياز التنقيب والاستغلال للشركة الإيرانية - البريطانية للنفط، في حين منحت الكويت الامتياز لشركة "رويال داتش شل"، وقد تداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من حقل الدرة.

عاد النزاع مجددا بين إيران والكويت، إثر طرح إيران في 2015، مشروعين لتطوير حقل الدرة النفطي، حسبما ذكرت الخارجية الكويتية، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى استدعاء القائم بأعمال سفارة طهران، وتسليمها احتجاجا على طرح إيران مشروعا لتطوير الحقل.

دفع ذلك الاحتجاج إيران لاحقا لتوقفها عن استخراج الغاز في حقل الدرة، وأعلن المدير التنفيذي لشركة نفط الجرف القاري الإيرانية، حميد بور  أن وزارة الخارجية في بلاده أصدرت قرارًا بمنع الشركة من استخراج النفط من حقل الدرة النفطي المشترك بين إيران والسعودية والكويت.

وقال حميد بور في تصريحات على هامش معرض الصناعات النفطية والغازية بطهران: ”هناك خلافات حدودية بهذا الشأن، وعملية الاستخراج متوقفة في هذا الحقل".

ومنذ ذلك الحين وإجراءات تطوير الحقل معلقة، وكذلك عملية استخراج الغاز، لكن يتوقع إحياء النزاع الإيراني الخليجي من جديد خاصة بعد اتفاق المنطقة المحايدة مؤخرا.

المانع الوحيد لإحياء هذا النزاع، حسب مراقبين، هو أن تقوم الكويت بالاتفاق مع إيران على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وتحديد النسبة الدقيقة لنصيب طهران من الحقل، وهي الخطوة التي تمت مؤخرا بين الكويت والسعودية.


المصادر