بعد اغتيال سليماني.. ما الدور المنوط بتركيا لتجنيب المنطقة الحرب؟

12

طباعة

مشاركة

رصد موقع "يونايتد ورلد إنترناشيونال" التطورات التي يمكن أن يشهدها الشرق الأوسط في أعقاب اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، عبر مقابلات أجرتها الباحثة "إليف إلهام أوغلو" مع مجموعة من الخبراء والمتخصصين.

وقال الفريق المتقاعد إسماعيل حقي بيكين، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية التركية: إن قتل سليماني ليست مجرد جريمة قتل أمريكية أخرى يتبعها انتقام إيراني، لكنها نقطة تحول. 

وتابع بيكين بقوله: "سافر قاسم سليماني إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط وكانت الولايات المتحدة تتابعه عن كثب. لماذا قرروا قتله الآن؟ أعتقد أنه من المخطط إجراء تغيير كبير في المنطقة".

ويوضح أنه "قد ينشأ موقف يتصاعد فيه العنف والفوضى ويعمق تفكيك العراق وسوريا. كلها نتائج محتملة. لم يكن هذا مجرد اغتيال، نحن بحاجة إلى أن ننظر بشكل أوسع".

وأردف بيكين "ضع في الاعتبار أن ترامب قد قرر في وقت سابق سحب جميع القوات الأمريكية من المنطقة. يبدو أنه محاصر من خلال عملية عزله، ويتصرف من أجل ضمان عدم انسحاب القوات من المنطقة. هذا موقف تظهر فيه التناقضات الداخلية للولايات المتحدة".

ميزان القوى

وأضاف "أعتقد أنه بمقتل قاسم سليماني، تحاول واشنطن تغيير ميزان القوى. لدى إيران حاليا قوات فاعلة في المنطقة تقاتل ضد الولايات المتحدة، وتحاول واشنطن مواجهة نفوذها".

ويرى أنه "من الآن فصاعدا، سياسات الولايات المتحدة في المنطقة سوف تتغير بشكل كبير. ودور تركيا حاسم هنا".

ومضى يقول: "قد تحاول الولايات المتحدة قيادة دول المنطقة إلى صراع طائفي بين السنة والشيعة. إذا وافقت واشنطن على مثل هذه الخطة، فستحاول على الأرجح الضغط على تركيا لتكون في صفها". 

وأضاف "في هذه الحالة، كما كان الحال فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على إيران، قد تهدد الولايات المتحدة تركيا اقتصاديا. يجب أن تكون أنقرة حذرة للغاية في هذا الموقف وأن تشارك في تحليل دقيق وتجنب استفزازات واشنطن الطائفية". 

ويعتقد أن "هدف الولايات المتحدة هو صف بلدان المنطقة ضد بعضها البعض، وخاصة دول الخليج وإيران. تأمل أمريكا أن تضع بلدان المنطقة ضد بعضها البعض في حرب بالوكالة لتفادي الاضطرار إلى الدخول في معركة بنفسها. يجب أن تكون تركيا حذرة للغاية، ولكن في الوقت الحالي ، فإن رسالة أنقرة إيجابية وجيدة". 

وتابع "تركيا تقول بشكل أساسي: إيران جارتنا، لذلك يجب علينا اجتياز هذه العملية من خلال الدخول في حوار معها"، مضيفا: "يجب ألا تجعل تركيا طهران هدفا. لقد تجنبت حتى الآن القيام بذلك".

صراع النفوذ

من جهته، قال البروفيسور محمد سيف الدين، رئيس مركز أنقرة للأزمات والأبحاث السياسية (ANKASAM): إن اغتيال سليماني يسلط الضوء على الصراع على النفوذ بين طهران وواشنطن في العراق، مشيرا إلى أن هذا الصراع يحتل مركز الصدارة.

ومضى يقول: "لوقت طويل، كانت إيران تشن حربا بالوكالة ضد الولايات المتحدة في العراق وسوريا واليمن، وفي هذا السياق أعلنت واشنطن أن فيلق القدس والحشد الشعبي والحرس الثوري منظمات إرهابية. بمعنى آخر ، لم يكن هذا الهجوم مفاجئا".

وتابع "من خلال مسار العمل هذا، تُظهر الولايات المتحدة لمجتمعها المحلي والمجتمع الدولي أنهم ما زالوا يلعبون دورا قياديا في مكافحة الإرهاب". 

وأضاف "في الواقع، فإن العملية محاولة لتخويف إيران بشكل خطير بعد الإجراءات في السفارة الأمريكية في كركوك. ومن خلال قتل سليماني، تقول واشنطن إنها قادرة على القضاء على أقوى قائد إيراني في أي مكان وفي أي وقت". 

وأردف سيف الدين بقوله: "علاوة على ذلك، فإن التعبير الذي يستخدمه المسؤولون الأمريكيون مهم أيضا: لقد انتقمنا للمقاول العسكري الذي قُتل في كركوك". 

مؤامرة مشتركة

وأوضح أن هذا الرد غير متناسب وستحتاج إيران إلى الرد عليه، لا سيما في حالة وقوع هجوم أمريكي آخر على الوجود الإيراني في المنطقة.

وتحدث عن تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي حذر فيها من أن إيران لم تفز مطلقا بأي حرب، لكنها لم تخسر أي مفاوضات، "وهذا يعني أن الصراع قد يكون الطريقة الوحيدة حتى يكون للأمريكيين اليد العليا، وقد يكون الهجوم محاولة لإحضار إيران إلى طاولة المفاوضات بطريقة مختلفة عن ذي قبل".

وتساءل: "كيف يجب أن ترد إيران على كل هذا؟ رأيي هو أنها لن تنفذ هجوما مباشرا، بل ستحاول استخدام عناصرها ومليشيات في سوريا والعراق وحتى في أفغانستان، وهي المناطق التي يوجد فيها وكلاء أمريكيون وإسرائيليون".

ويرى أن إيران تعتبر هذا الاغتيال مؤامرة من أمريكا وإسرائيل. لذلك، فإن أهداف الدولتين مشروعة، مضيفا: "في كل مكان يوجد فيه الأمريكيون في الشرق الأوسط، وخاصة في المنطقة المجاورة مباشرة لإيران، فهم هدف ممكن".

وتابع "في لبنان عام 1983، كانت هناك هجمات من قبل حزب الله ضد قوات المارينز الأمريكية أسفرت عن مقتل مئات الجنود. بهذا المعنى، فإن الهجوم على القواعد العسكرية الأمريكية يقع في نطاق الاحتمال".

دور تركيا

وحول تأثير هذه العملية على المنطقة وتركيا، قال سيف الدين: "نحن نعلم أنه في السنوات القليلة الماضية، كانت هناك مصادمات بين الولايات المتحدة وإيران، خاصة بشأن عقوبات ترامب التي تستهدف السياسة الداخلية الإيرانية واقتصادها واستقرارها السياسي".

ولذلك فهو يعتقد أن تصرفات واشنطن هي محاولة لفرض تغيير جاد في موقف النظام الإيراني من أمريكا وسياساتها الخارجية. وأشار إلى أن هذا الاغتيال زاد من عدم الاستقرار وعدم اليقين في المنطقة، على الرغم من أن العراق هو البلد الأكثر تضررا. 

وتابع "على الرغم من أن طرفي الصراع يبدو أنهما إيران والولايات المتحدة، فقد أصبح العراق بوضوح هو الخط الأمامي لهذه المواجهة". 

وأضاف "من المؤكد أن تركيا ليست متأثرة بشكل مباشر مثل العراق، لكنها من بين البلدان التي ستتأثر بشدة. قد يتعين عليها أن تختار؛ ستزيد الولايات المتحدة من ضغوطها على أنقرة حول هذه القضية، وقد تنشأ تهديدات اقتصادية، كما كان الحال عندما اتخذت موقفا لصالح إيران في ضوء العقوبات الأمريكية. يجب على تركيا دعوة الجانبين للتهدئة".

من ناحية أخرى، قال الصحفي رمضان بورصا: "لا يكفي القول إن هذا الحادث وقع ببساطة نتيجة غارة السفارة الأمريكية في بغداد. أجرى قاسم سليماني العديد من الإجراءات الهادفة إلى كسر قبضة الولايات المتحدة على بلدان الشرق الأوسط، وخاصة في سوريا والعراق ولبنان واليمن".

ولذلك فإن الولايات المتحدة تريد الثأر، ليس فقط في بغداد، بل في كل الأحداث الأخرى التي تورطت فيها إيران. 

وأوضح أن الولايات المتحدة منزعجة بشكل خاص من تأثير الحشد الشعبي في العراق، مضيفا "تريد واشنطن حل ألوية الحشد، وإزالة أسلحته الثقيلة وإغلاق قواعده في المنطقة".

ونوه بأن الرد الإيراني قد يكون في أفغانستان، حيث توجد قواعد أمريكية أو جنود لها. وتابع "هذا الحادث سيؤثر على المنطقة بأسرها وتركيا خصوصا، جارة إيران. لكي تتمكن أنقرة  من الخروج من هذا الوضع بأقل قدر من الضرر، من الضروري أن تتصرف مع دول المنطقة، ومع طهران في المقام الأول".