"تمخض فولد فأرا".. مؤتمر برلين يضع سكان طرابلس بين المقاومة والرحيل

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، الضوء على مؤتمر برلين، الذي عقد في 19 يناير/كانون الثاني الجاري، من أجل البحث عن "حل سياسي" لأزمة ليبيا بدعم من ممثلي إحدى عشرة دولة وأربع منظمات دولية، مؤكدة أنه "تمخض فولد فأرا"، ونتائجه لم ترض طرابلس.

وفي تعليقها على نتائج مؤتمر برلين، قالت الصحيفة: "فيما تضعف الهدنة السارية منذ 12 يناير/ كانون ثاني الجاري، يرى سكان العاصمة التي تحاصرها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أن المؤتمر الدولي لم يحل أي شيء".

ونقلت الصحيفة عن ضابط القوات الجوية السابق في عهد معمر القذافي، قوله: إنه "منذ الساعات الأولى للهدنة، فقدنا رجلا، إذ رحل عبد السلام ناصر، وهو مقاتل في عملية بركان الغضب التي تدافع عن طرابلس".

وأعرب الضابط بعد يوم من المؤتمر عن غضبه لأن رجال خليفة حفتر لم يحترموا الهدنة التي أعلن عنها في 12 من الشهر الجاري، مشيرا إلى أنه "في يوم المؤتمر، استمروا في إطلاق النار علينا، لم يكن لدينا أية إصابات هذه المرة، لكن إذا قالت إنجيلا ميركل إن الاجتماع كان خطوة صغيرة إلى الأمام، فهذا يعني أن لدينا الحق في الرد، أليس كذلك؟ لدي سبعة أطفال من بينهم خمس بنات، لن أدعهم يأتون إلى منزلي"، في إشارة إلى قوات حفتر.

أما بالنسبة لمحمد، مدير الخدمات اللوجستية في "بركان الغضب" بعين زارة، على الجبهة الجنوبية الشرقية، على بعد خمسة عشر كيلومترا من وسط طرابلس، فيقول للصحيفة: أثبتت قمة برلين أن فرنسا لم تعد تدعم بالتأكيد "المعسكر الثوري لعام 2011" الذي دعمته في ذلك الوقت للإطاحة بنظام العقيد القذافي.

وتابع: "لم يطلب ماكرون من حفتر سحب قواته من غرب ليبيا خلال المؤتمر، بل يظهر أنه يحميه، والطريقة الوحيدة الآن، هي إخراج حفتر وجيشه المزعوم بالقوة".

الوضع بطرابلس

وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإن هناك حالة ذهنية حربية مشتركة حتى في المقاهي الأنيقة في حي الأندلس المزدهر جدا، إذ نقلت عن التاجر صلاح (44 عاما) تعليقه على مؤتمر برلين، بالقول: "لإحياء النقاش السلمي، يجب أولا إجبار رجال حفتر على مغادرة ضواحي المدينة، لهذا، يبدو لي أن مساعدة الأتراك حتمية. هذا ما أتذكره مما حدث في ألمانيا".

ونقلت أيضا عن سفيان جريتلي، أب لعائلة تعيش على بعد ستة كيلومترات من الخط الأمامي، في حي صلاح الدين، جنوب العاصمة، قوله: "أخطط للمغادرة، إن أصوات الطلقات أعلى من صوتها في عام 2011. بصفتي ليبييا، لا أريد أن أغادر بلدي، لكننا سنضطر إلى فعل ذلك مثل العراقيين والسوريين".

وأوضحت "ليبراسيون" أنه في الشوارع المزدحمة بالقمامة – إذ لم يعد من الممكن الوصول إلى المكب الرئيسي منذ بداية الهجوم في 4 أبريل/ نيسان - تظهر علامتان تدلان على أن مؤتمر برلين لم تقنع طرابلس وهما: "الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود أصبحت أكثر، مما يدل على أن السائقين يخشون إغلاق حفتر منشآت نفطية، كما أنه في ساحة برج الساعة، في قلب المدينة القديمة، تم تداول اليورو في يوم المؤتمر، بسعر 4.65 دينار ليبي مقابل 4.5 في اليوم السابق".

وأكدت الصحيفة أنه "في الليل من الأحد إلى الاثنين (يوم مؤتمر برلين)، سمع الكثير من الناس، بوسط المدينة، صوت الأسلحة الثقيلة، إضافة إلى الاشتباكات في الجنوب الشرقي، حيث استؤنف القتال بشكل مكثف في الجنوب، بالقرب من المطار الدولي السابق، على بعد 30 كم من طرابلس".

كما هاجمت الطائرات التابعة لقوات حفتر، الاثنين (يوم انعقاد مؤتمر برلين)، مواقع التحالف المسلح التابع لحكومة فايز السراج، ونُفذت ضربات بالقرب من بلدة مصراتة، على بعد 200 كيلومتر شرق العاصمة، بحسب الصحيفة.

ونقلت عن مصطفى، قوله: "سوف يأتي الأتراك لمساعدتنا، كررها أردوغان في برلين، كما وقعت تركيا اتفاقا يسمح رسميا بإرسال قوات، لم يكن الأمر سرا، مثل المرتزقة الروس والسودانيين الذين يقاتلون مع حفتر".

ويدرك هذا العضو في غنيوة، أحد الفصائل المسلحة الأربعة الذين يسيطرون بحكم الأمر الواقع على طرابلس منذ عام 2016 في مقابل ولاءئهم لحكومة الوحدة الوطنية، أنه بدون مساعدة خارجية لن يستطيع أن يصمدوا أمام "قوات العدو".

أما وضاح، الذي لم يمس أي سلاح منذ سقوط القذافي، فيقول للصحيفة: النظام العسكري لحفتر، لن يهزم إلا بعودة الفصائل المسلحة إلى الواجهة في طرابلس: ليس فقط تلك الموجودة في العاصمة، ولكن أيضا تلك الموجودة في الخارج مثل مصراتة والزنتان وقد تسبب هذا بالفعل في تقسيم البلاد عام 2014"، مضيفا: "سيكون لدينا جنود أجانب، لقد حان الوقت لمغادرة ليبيا. ألمانيا تبحث عن عمال، أليس كذلك؟".

"بيان متواضع"

وفي تقرير آخر تحت عنوان "قمة برلين تلد فأرا"، أكدت "ليبراسيون" أن "المؤتمر الذي استضافته ألمانيا بحضور حفتر والسراج ومبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة والمستشارة ميركل، بعد الفرصة الضائعة بموسكو، لم يؤد إلى معجزة، وانتهت قمة برلين ببيان نهائي متواضع أقره جميع الفاعلين الدوليين المدعوين وهو بيان يمثل الحد الأدنى من التسوية في ليبيا".

وأوضحت أن البيان نص على ضرورة الاحترام الصارم للحظر المفروض على المعدات العسكرية، ورغم ذلك فإن الحصار يُنتهك في الوقت الراهن، بمعرفة وتحت نظر الجميع حتى من الدول الموقعة على البيان.

من جهته، قال محمد عصيد من "المعهد الفرنسي للجغرافيا السياسية" للصحيفة الفرنسية: إن "نجاح هذا المؤتمر نسبي للغاية. الخروج باتفاق قوي يعد مخاطرة قد يتم رفضها من جانب واحد أو أكثر من أطراف النزاع، كان من الأفضل إصدار تذكير بالمبادئ دون أي ضمان للتنفيذ".

وأضاف: "قبل بضعة أشهر، اشترطت حكومة الوحدة الوطنية وقف إطلاق النار مقابل انسحاب قوات حفتر من موقعها قبل 4 أبريل / نيسان الماضي، (بداية الهجوم على طرابلس) اليوم، لم يعد وقف إطلاق النار ضروريا بهذه الشروط. هذه بالفعل خطوة للأمام لمعسكر حفتر".

وأكد الباحث في حديثه للصحيفة، أن "المشاركين اتفقوا على إنشاء لجنة متابعة دولية، تجتمع شهريا لتقييم تنفيذ توصيات المؤتمر، لكن الاختبار الحقيقي سيقاس في ساحة المعركة، فعلى جبهة طرابلس، أن تدعو الجماعات المسلحة للسماح بتحركاتنا لقياس صدق الرعاة الدوليين، الذي سيقولون هل كان مؤتمر برلين فاعلا أم مجرد واجهة فقط؟".

يشار إلى أن قمة برلين عقدت في 19 يناير/ كانون الثاني الجاري، بحضور قادة ومسؤولين يمثلون إحدى عشرة دولة وأربع منظمات دولية (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي).