"هدنة مؤقتة".. كيف تتأثر تركيا بالاتفاق التجاري بين أمريكا والصين؟

12

طباعة

مشاركة

مع انطلاق عام 2020، يترقب العالم تغيرا عالميا هو الأكبر من نوعه فيما بات يعرف بمعادلة الطاقة، ففي الوقت الذي تهدف الولايات المتحدة إلى زيادة صادرتها من الطاقة، فإن الصين الشعبية تعمل على زيادة الواردات الأمر الذي يعني تنويع مصادر هذه الطاقة.

وفي ظل صراع قطبي الاقتصاد العالمي، يرى الكاتب كرم الكين في صحيفة "صباح" التركية، أن "تركيا يجب أن تكون حاضرة في هذا المشهد الاقتصادي العالمي، ولا سيما مع خططها الرسمية لزيادة صادرتها، وخطواتها المتشعبة مع روسيا وغيرها من أجل أن تغدو تركيا مركزا عالميا في مجال الطاقة".  

أمريكا والصين

وأوضح الكاتب، أنه ومع الوقت ستصبح الصين، أكبر بلد مستورد للنفط في العالم، بعد أن ألغت الحظر المفروض على تصدير النفط والغاز الطبيعي المنتج في أراضيها في عام 2013، دخلت الولايات المتحدة فترة تلبي احتياجاتها من المصادر المحلية، ولا سيما مع مرافقها "للغاز الصخري"، وتسعى جاهدة أيضا لأن تكون مصدرا أكثر طموحا.

وتابع: أن الولايات المتحدة، التي تستورد 10 ملايين برميل يوميا من العالم منذ عام 2003، باتت تميل إلى خفض وارداتها إلى 4 ملايين دولار في عام 2023؛ وعليه أضحت الصين في المرتبة الأولى، حيث تستورد 12 مليون برميل يوميا وهي أي الصين، التي استوردت 9 ملايين برميل من النفط في عام 2018، تستورد الآن 10 ملايين برميل بحلول بداية عام 2020.

وبحسب الكاتب، فإن الصين تستورد نفطا بقيمة 40 مليار دولار من روسيا، ومن السعودية بقيمة 30 مليار، ومن أنغولا بـ25 مليار ومن العراق بقيمة 23 مليار دولار، أما من عُمان فتستورد نفطا بقيمة 18 مليار دولار، فيما البرازيل تستورد الصين منها نفطا بقيمة 17 مليار، وأقل بمليارين من إيران، وأن هذه الأرقام مجتمعة تصل إلى 144 مليار دولار، وقد تصل إلى 250 مليار دولار خلال العام الجاري.

ولفت إلى أن "الصين زادت وارداتها النفطية من ليبيا بنسبة 250 بالمئة، أما من الولايات المتحدة الأمريكية، فزادت بنسبة 113بالمئة، وعليه فإن صادرات النفط الأمريكية إلى الصين تتجاوز الإمارات".

ما هو مثير للاهتمام- بحسب الكاتب- أن اتفاقية التجارة "المرحلة الأولى" الموقعة بين الولايات المتحدة والصين في الأسبوع الماضي، حيث تمكنت واشنطن من تصدير 185 مليار دولار إلى الصين في عام 2017، مضيفة 76.7 مليار دولار أخرى في عام 2020، بإجمالي 261.7 مليار دولار، ومع إضافة 123 عام 2021، سيصل حجم الصادرات الأمريكية إلى الصين إلى 308.3 مليار دولار.

وفي الوقت نفسه، رأى الكاتب أنه رغم زيادة بنسبة 113 في المئة خلال عام 2018، فإن الولايات المتحدة، التي كانت قادرة على تصدير 6.8 مليار دولار من النفط إلى الصين، ستقوم بتصنيع النفط الخام والمنتجات البترولية والغاز الطبيعي المسال إلى الصين، وذلك بفضل اتفاقية التجارة "المرحلة الأولى"، والتي ستزيد المنتجات المصدرة وصادرات الفحم بمقدار 18.5 مليار دولار في عام 2020 و33.9 مليار دولار في عام 2021.

وبحسب الكاتب، فإن الولايات المتحدة الأمريكية زادت صادراتها من الطاقة إلى الصين بمقدار 50 مليار دولار في عام 2020، حيث زاد الإنتاج اليومي من النفط في الولايات المتحدة الأمريكية بمقدار 12.9 مليون برميل، أي أعلى من المملكة العربية السعودية البالغ عدد برامليها إلى الصين بـ12 مليون يوميا، ومتخطية أيضا الصادرات الروسية البالغة 11.2 مليون برميل يوميا.

وأكد أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة خفضت صادرات النفط الإيرانية بنسبة 95 في المئة بسبب الحظر الشديد التي فرضته عليها، فإن الصين لا تزال تستورد معظم الصادرات المتبقية. ولهذا السبب، صرح وزير الخزانة الأمريكي بأن الصين ملتزمة بـ "إعادة ضبط" واردات النفط من إيران، وأن جميع الشركات الصينية التي تتوسط في واردات النفط من إيران سوف تتم تغطيتها بواسطة "الحظر".

وأردف الكاتب: كل هذه التفاصيل تشير إلى أن الولايات المتحدة تريد إغلاق الخلل في التجارة الخارجية مع الصين، بجعل الأخيرة تستورد واردات جدية، وخاصة واردات الطاقة. لذلك، إذا تم تعطيل إيران، التي تصدر 15 مليار دولار إلى الصين، وفنزويلا التي تصدر 7 مليارات دولار، وليبيا التي تصدر 5 مليارات دولار، فسيطلب من الصين تلبية هذه الحاجة من أمريكا.

وتساءل كرم الكين، فيما إذا كانت الأخيرة التي قامت قوات حفتر في ليبيا من إغلاق موانئ تصدير النفط في البريقة وغيرها من المناطق، التي تسمى "منطقة الهلال النفطي"، في 18 يناير/ كانون الثاني الجاري، مفاجئة للجميع؟ ورأى الكاتب: هذا ما يستدعي من تركيا التفكير عميقا بما يجري عالميا إذا هذه الأرقام المهولة التي يجري الحديث عنها خاصة مع الخطوات المترقبة في شرق المتوسط.

أين تركيا؟

وفي الأثناء، عرّج الكاتب سامي ألتن كايا في مقال نشره بصحيفة "دنيا" التركية على ما وصفها "الحرب التجارية"، مؤكدا أن "هذه الحرب التي تقود غمارها كل من الصين والولايات المتحدة ستتأثر بها بشكل قطعي تركيا، وأن نصيب أنقرة في التجارة العالمية تسعة في الألف".

ونقل ألتن كايا عن مساعد وزير الخارجية التركية، قوله: إن "هناك خطة تصدير تركية، أعلن عنها في أغسطس/آب الماضي، عبر استهداف 17 دولة والتركيز على 5 قطاعات. وتبلغ حصة هذه البلدان المستهدفة البالغ عددها 17 دولة في إجمالي الناتج المحلي العالمي حوالي 60 بالمئة وحصتها في إجمالي الواردات العالمية نحو 40 بالمئة. وتبلغ حصة الاستيراد التركي من هذه البلدان حوالي خمسة في الألف، ومع تخطيط لتقنينها إلى واحد في الألف مستقبلا".

ووقعت الولايات المتحدة والصين، في 15 يناير/ كانون الثاني الجاري، المرحلة الأولى من الاتفاقية التجارية بينهما، حيث استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الصيني شي جينبينغ في البيت الأبيض.

وتعهدت الصين بشراء بضائع أمريكية إضافية بقيمة 200 مليار دولار خلال السنتين المقبلتين، بموجب الاتفاق الذي يتضمن أيضا بنودا تتعلق بحماية الملكية الفكرية استجابة لمطلب أمريكي آخر، وقد تشكل الاتفاقية "هدنة مؤقتة" يمكن أن تمهد لإنهاء الحرب التجارية المستعرة بينهما منذ سنتين، ومن شأن المرحلة الأولى من هذا الاتفاق أن تخفف من حدة النزاع التجاري بين البلدين.