موت بطيء.. هكذا يعاقب النظام البحريني سجناء الرأي المرضى

12

طباعة

مشاركة

رغم إثبات عدد من المنظمات الحقوقية والتقارير الدولية، أن مملكة البحرين لا توفر الرعاية الطبية اللازمة للسجناء وخاصة معتقلي الرأي، إلا أن ذلك لم ينتج عن أي تحرك دولي أو رد فعل يردع السلطات ويلزمها بإنهاء معاناة المعتقلين وخاصة المرضى.

الأمر الذي صعّد من حدة الأزمة ودفع الناشطين عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، لإطلاق الحملات التضامنية معهم، آخرها حملة #السجناء_المرضى_في_البحرين، والتي أكدوا خلالها أن سلطات البحرين تتعامل مع السجناء في المعتقلات كرهائن.

وأوضحوا أن السلطات لا توفر للمعتقلين أبسط احتياجاتهم للعلاج أو الحق الطبيعي للمسجون، وفي وقت أكدوا أن إنقاذهم مسؤولية المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الحقوقية، طالبوا المعنيين في الأمم المتحدة بتطبيق التزاماتهم تجاه أبسط حقوق المسجونين.

وحمّل الناشطون مسؤولية ما يتعرض له المعتقلون إلى النظام البحريني والدول الداعمة له خاصة في تجارة السلاح وغيرها بزعم التزام النظام البحريني بالحقوق والحريات، في حين يمنع الدواء والعلاج والطبابة عن معتقلين كل جريمتهم أن لهم رأي غير رأي السلطة.

أساليب السلطة

الناشطون رصدوا عبر الهاشتاج معاناة المعتقلين المرضى من بعض الأمراض أبرزها السرطان والجرب وهشاشة العظام وآلام الأسنان وغيرها، ولفت النائب البحرين السابق علي الأسود إلى أن من أساليب منع العلاج للمرضى في البحرين، الحرمان من عيادة الطبيب، ومنع الحصول على الدواء، والتأخير في إجراء العمليات الضرورية، وغيرها الكثير.

وأكد أن #السجناء_المرضى_في_البحرين يعانون الأمرين، الحرمان من الحرية والحرمان من الدواء، مخاطبا الخارج قائلا: "هذا نداء بأمر المجتمع الدولي إلى منظمة هيومن رايتس ووتش وجميع المنظمات".

ورصد الناشطون أبرز الأمراض التي يعاني منها المعتقلون مع ذكر بعض أسماء المعتقلين المرضي الذين برزت ذكر حالاتهم مؤخرا، وأوضحت ابتسام الصايغ، الناشطة الاجتماعية والحقوقية، أن "السجون البحرينية بها أكثر من 20 سجينا مصاب بالسكر يعانون من ظروف صعبة وأجواء غير محتملة لأجسادهم الضعيفة".

وأشارت إلى أن "معاناة المعتقل حسين ضيف مضاعفة، إذ أصيب بعدوى السل الرئوي، فيما يصارع محمد الدقائق الأمرين داء السكر، والعيب الخلقي، حيث ولد بكلية واحدة والتهديد يحيطهم كل لحظة #السجناء_المرضى_في_البحرين."

ومن أبرز أسماء المعتقلين المرضى أيضا التي رصدها الناشطون عبر الهاشتاج، معتقل الرأي فاضل عباس، موضحين أنه "مصاب بمرض الذئبة الحمراء منذ عام ووصل إلى كليته نتيجة عدم توفير إدارة السجن الرعاية الصحية اللازمة له، كما يعاني من ارتفاع متواصل في درجة الحرارة، وآلام حادة، وانتفخات في الوجه، وتقرحات حمراء وسوداء".

وأشار الناشطون إلى أن "معتقل الرأي حسن مشيمع، يعاني من أمراض مزمنة منها السكري وضغط الدم والنقرس"، لافتين إلى أنها "تحتاج إلى علاج دائم ودقيق، ولكنه محروم منه".

وذكروا أن "معتقل الرأي الشيخ محمد المقداد يعاني من  آلام حادة في معدته تجعله غير قادر على الحركة، وسط الإهمال الطبي الممنهج ومنعه من العلاج، ونتيجة ذلك ساء وضعه أكثر".

وأشار الناشطون إلى أن "المعتقلين المصابين بالحساسية أو الجرب لا يقدرون على النوم ليلا، ويحتاجون إلى أدوات نظافة وأدوات صحية طبية، وصابون وكريمات، وثياب قطنية للتخفيف من حرارة مرض الحساسية، لكنهم لا يلقون أي تجاوب من إدارة السجون".

تلك الأمراض والحالات وغيرها أخرى كثيرة، وثقها الباحثون التابعون للمنظمات الحقوقية الدولية كمنظمة "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" وغيرها من المنظمات الحقوقية المعنية، حيث نشرت عبر صفحاتها معلومات تعكس صورا عدة من الإهمال الطبي والإساءة المتعمدة للمعتقلين داخل السجون البحرينينة.

وذلك دفع الناشطين والمنظمات الحقوقية للاستغاثة بمنظمة الأمم المتحدة وتذكيرها بدورها ونشر النصوص واللوائح التابعة لها المعنية بحقوق السجناء، إذ أرفق النائب البحريني السابق و رئيس "منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان" جواد فيروز في تغريدته منشورا يوضح القواعد النموذحية الدنيا لمعاملة السجناء وفق ما أقرته الأمم المتحدة بشأن تقديم الخدمات الطبية، متسائلا: " أين حكومة البحرين من تطبيق هذه القواعد في سجونها؟".

انتقام ممنهج

ويتهم مراقبون النظام البحريني بممارسة العقاب الجماعي بحق المعتقلين خاصة السياسيين وأصحاب الرأي، إضافة إلى انتهاكات وزارة الداخلية التي كشفتها أحداث عدة ووثقتها المستندات المسربة من إدارات السجون، والتي أثبتت في أكثر من حدث استخدام القوة الجبرية وتعذيب المعتقلين وانتزاع الاعترافات وغيرها.

وأضاف الناشطون على ذلك، أنهم يحمّلون الداخلية مسؤولية تدهور صحة المعتقلين الممنوعين من العلاج، مشيرين إلى تعنت السلطة ومسؤولي السجون مع المعتقلين ورفضهم تصحيح الأوضاع الصحية بالسجون.

وأكد باقر درويش، رئيس منتدى البحرين لحقوق اﻹنسان، أن استمرار استخدام أسلوب الحرمان من العلاج بحق السجناء من السلطات الأمنية كأحد وسائل التعذيب المفضلة لوزاة الداخلية يعني تحويل بعض هؤلاء المعتقلين إلى ضحايا عرضة لأمراض مزمنة أو أمراض مستعصية كالسرطان في ظل تردي أوضاع السجون

كما حمّل ناشطون النظام البحريني مسؤولية ما يتعرض له السجناء المرضى، مؤكدين أن "العلاج حقهم كما الحرية"، إذ قال الناشط الحقوقي يوسف المحافظة: إن "حكومة البحرين لم تكتف بسلبهم حق الحرية وتعذيبهم، بل اليوم هي تمنعهم من حقهم في العلاج بطريقة ممنهجة لا تدع تفسيرا سوى أنه مسلسل انتقام وموت بطيء".

ودعا ناشطون إلى التحقيق في كل ما يصدر عن المعتقلين من نداءات واستغاثات لطلب الحق في العلاج، وقالت جليلة السلمان عضو منظمات تربوية عربية وعالمية: إن #السجناء_المرضى_في_البحرين هم في رعاية الدولة بشكل كامل في كل أمور حياتهم اليومية وبالتالي فكل شكوى تصل منهم تحتاج إلى التحقق منها وإيجاد أفضل الطرق لعدم تكرارها.

وأضافت أن "كونهم يقضون عقوبة سالبة للحري، فهذا لا يعني عدم أحقيتهم في الحصول على العلاج المتوافق وحالاتهم في أي وقت وكل وقت دون تأخير".

السلاح والحقوق

وتظهر بين الحين والآخر حملات لمكافحة تجارة السلاح البريطانية مع البحرين، إذ تحث لندن على التوقف عن تصدير السلاح إلى النظام البحريني لأن ذلك يعتبر تبييضا لسجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان ويمنحها شرعية في الأوساط الغربية تسهل عليها تأمين صفقات سلاح مع دول أخرى.

إلا أن بريطانيا ترى في مملكة البحرين سوقا سخيا لها وضعت قبل سنوات رسميا على قائمة بريطانيا للأسواق ذات الأولوية في تصدير السلاح، الأمر الذي يعتبره مراقبون تغطية لانتهاكات حقوق الإنسان في المملكة.

وفي ضوء ذلك، حمّل ناشطون الدول الداعمة للنظام البحريني مسؤولية ما يتعرض له المعتقلون، وكتب حسين الديحي نائب الأمين العام لـ"جمعية الوفاق الوطني الإسلامية" المعارضة، قائلا: "كلما ازداد دعم الدول الكبرى للنظام بصفقات الأسلحة وغيرها، كلما ازدادت قبضة القمع في داخل السجون البحرينية، وتفنن السجانون في الانتقام من #السجناء_المرضى_في_البحرين".

تبييض السجون

وخرجت دعوات عبر الهاشتاج لتبييض السجون من سجناء الرأي لتخفيف أعداد المرضى وتمكين إدارات السجون من توفير العلاج والرعاية الصحية لباقي السجناء، مع الإشارة إلى أن تستر السلطات البحرينية على أفرادها يشجعهم على التنكيل بالسجناء.

وأكد يحيى الحديد رئيس "معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان"، أن سياسة الإفلات من العقاب التي تنتهجها السلطات البحرينية تؤمن غطاء للتستر على أفرادها وتشجعهم على ارتكاب المزيد من الانتهاكات والممارسات المهينة بحق سجناء الرأي وحرمانهم من حقوقهم الأساسية بما فيها تأمين العلاج والأدوية المناسبة.