تخوّف من صعود جيل الشباب لسدة الحكم في الخليج.. إليك الأسباب

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "لوريان لو جور"، تقريرا سلطت فيه الضوء على أعمار قادة دول الخليج العربي، والتساؤلات المطروحة بخصوص من يخلف هذا الجيل، مشيرة في الوقت ذاته إلى الخشية من وصول جيل الشباب إلى سدة الحكم على غرار محمد بن زايد ومحمد بن سلمان.

وفي لمحة على أعمار ملوك وأمراء الخليج، أوضحت الصحيفة اللبنانية الناطقة بالفرنسية أن "العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز يبلغ، 84 عاما، وفي الإمارات الشيخ خليفة بن زايد 71 عاما، كما أن الشيخ صباح الأحمد الجابر، أمير الكويت، 90 عاما، وملك البحرين خليفة بن حمد، 69 عاما".

الخشية من الشباب

وقالت الصحيفة: إن "أغلب القادة في سن متقدمة، تثار مسألة من يخلف هذا الجيل القديم للعائلات المالكة في شبه الجزيرة العربية، الذين تبادلوا العلاقات الأخوية لعقود عدة، وغرسوا الحركة السياسية والاجتماعية التي لا تزال تحكم المنطقة حتى اليوم".

وأشارت إلى أنه في ظل هذا الوضع يخشى الكثيرون وصول شخصيات شابة وجديدة للسلطة، مثل ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد (58 عاما)، ونظيره السعودي محمد بن سلمان (34 عاما).

ونقلت الصحيفة عن كريستين ديوان، الباحثة في معهد الخليج العربي بواشنطن، قولها: إن "المعايير التي تنظم المرحلة الانتقالية (الخلافة)  تتغير أيضا. فالسرية والرصانة التي تحتاجها هذه الملكيات تنهار"، مشيرة إلى "تضاؤل احترام السن مع سعي هذه الدول للاقتراب من السكان الأصغر سنا".

ولفتت "لوريان لو جور" إلى أنه منذ أن أصبح ابن الملك سلمان المفضل، وزير الدفاع عام 2015 ثم وريثا للعرش عام 2017، تكونت علاقة ثنائية بينه وبين ولي عهد أبوظبي انعكست بالفعل على الوضع الراهن الإقليمي من خلال مبادرات أحادية الجانب.

وأكدت أنه بسبب العداء القوي لإيران، أطلق وليا العهد تحالفا في اليمن عام 2015 لدعم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ضد الحوثيين المدعومين من طهران، وفرضوا حصارا على قطر متهمين إياها بتمويل "الإرهاب" ولعلاقاتها الوثيقة مع إيران.

ونوهت الصحيفة إلى أنه "إذا كان العداء بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران -الذي يغذيه التنافس بين السنة والشيعة - اشتد بالفعل بعد الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، فإن إيقاف تأثير طهران أصبح هاجسا للرياض وأبوظبي منذ عام 2010".

وتابعت الصحيفة: خشيت أنظمة الخليج من الإطاحة بهم ورؤية تسارع اختراق طهران، في مواجهة انتفاضات 2011 (الربيع العربي) التي وصلت إلى شبه الجزيرة العربية.

وفي السياق ذاته، فإن الإرادة القوية التي أكدها ابن زايد وابن سلمان في مواجهة طهران تظهر مؤشرات على طريقة حكمهم المستقبلية: ستكون أكثر عدوانية من طريقة أسلافهم، وكذلك موقعهم في ميزان القوى الإقليمي، بحسب الصحيفة.

وقالت الصحيفة: إن "هذا الثنائي حاول أيضا تغيير الدبلوماسية الخليجية التقليدية حول القضية الفلسطينية، ولا سيما بناء على مبادرة الملك سلمان".

منافسة متصاعدة

ووفقا للصحيفة، ففي منطقة نالت فيها معظم الدول الاستقلال بين سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، من المرجح أن تستمر المنافسة بين دول الخليج في الارتفاع مع وصول جيل جديد من القادة.

وقالت كريستين ديوان في حديثها للصحيفة: إن "التحولات تحدث اليوم في بيئة معلومات غيرتها وسائل إعلام جديدة، إنها تزيد إغراء دول الخليج للتدخل وتغيير سياسات جيرانها لصالحهم، ومن أجل الحصول على دعم شعبي".

ورأت "لوريان لو جور" أن سرعة إعلان عُمان عن خليفة السلطان سعيد بن قابوس، بعد ساعات قليلة فقط من وفاته في 11 يناير/كانون الثاني الجاري، فسرها المراقبون بشكل خاص نتيجة لإرادة الأسرة الحاكمة على عدم إعطاء الفرصة لجيران السلطنة والتدخل في هذه العملية.

وتابعت: أنه "في اليوم نفسه، كانت رسالة السلطان هيثم واضحة: السياسة التقليدية المتمثلة في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والحياد في مسائل السياسة الخارجية لن تتغير".

وأكدت كريستين ديوان أن "جميع دول الخليج تشترك في بعض المعايير مثل التشاور والحاجة إلى تشكيل ائتلافات لدعم زعيم المستقبل، وأيضا قواعد اختيار القائد وكيفية حل النزاعات داخل الأسرة".

وتابعت: "لكن الطريقة التي يحدث بها تختلف في كل بلد بسبب التقاليد والدساتير التي تحدد نسب الدائرة الحاكمة"، لافتة إلى أن "من بين جميع دول الخليج، البحرين هي الوحيدة التي تحترم قانون الوراثة البدائي، أي أن التاج ينتقل إلى أكبر أبناء الملك، إلا إذا عين الملك في حياته ولي عهد من أبنائه غير الابن الأكبر".

وأردفت كريستين ديوان: "أما في الكويت، الملكية الدستورية، تمكن فقط أحفاد الأمير مبارك الصباح أن يخلفوه بموجب القانون، لكن حكم الوراثة لا يطبق، ويجب أن يتم تبادل السلطة بين أبناء سالم وجابر، رغم أن هذا الاتفاق لم يحترم دائما".

ويُعيّن ولي العهد من الأمير في السنة التالية لتوليه العرش، ويجب بعد ذلك الموافقة عليه من خلال تصويت البرلمان خلال جلسة استثنائية. وكسرا للتقليد، للأمير صباح الأحمد الجابر خليفة من الجيل القديم من عشيرته، ولي العهد نواف الأحمد الجابر، 82 عاما، بحسب الباحثة.

تجربة قطر

ونوهت الصحيفة إلى أن "الطموحات الشخصية والسياسية، ومطالب الشباب المتزايدة على المستوى المحلي، وصعود القومية، والحاجة إلى تنويع الاقتصاد بالنظر إلى فترة ما بعد النفط، كل هذه العناصر ينبغي أن تؤثر في تعيين ملوك المستقبل وتشجعهم على الرغبة في التميز عن أقرانهم، وذلك في بيئة تهيمن عليها المملكة العربية السعودية إلى حد كبير".

وأشارت إلى أن "النهج الذي تبناه أمير قطر، تميم، عندما كان يبلغ من العمر 33 عاما، والذي وصل إلى السلطة عام 2013 بعد تنازل والده، الأمير حمد، الذي جعله أصغر قائد شاب بالمنطقة في ذلك الوقت".

وأكدت الصحيفة أن "الأمير الشاب لم يخف هدفه المتمثل في رؤية الدوحة تتحرر من عباءة الرياض، ولذلك عزز، تميم، السياسة التي وضعها الشيخ حمد من خلال الاستثمار في مجالات الرياضة أو الرفاهية أو حتى العقارات وإعطاء شهرة للإمارة الغنية في العالم".

وذكرت "لوريان لو جور" أنه "فيما يتعلق بسياستها الإقليمية، تتعارض رؤية الدوحة مع الرياض وأبوظبي من خلال الحفاظ على علاقات ودية مع طهران، بدوافع اقتصادية وأمنية"، لافتة إلى أن "هذه العلاقة تعززت بعد الحصار الذي فرضته السعودية وحلفاؤها على قطر في وقت يتسم بأهمية خاصة مع تصاعد التوترات بالمنطقة والتشكيك في مظلة الأمن الأمريكية".

واعتبرت الصحيفة في نهاية التقرير أن "هذا النشاط السياسي يعرض التعاون الاقتصادي والعسكري الذي يريده مجلس التعاون الخليجي، والذي تم إنشاؤه عام 1981 ويتألف من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان، للخطر، خاصة أنه سقط في طي النسيان بعد حصار قطر عام 2017".