Tuesday 19 March, 2024

صحيفة الاستقلال

مجلة أمريكية ترصد تأثير مقتل سليماني على مستقبل الحرس الثوري

منذ 2020/01/19 14:01:00 | ترجمات
المجلة الأمريكية قالت إن شخصية سليماني كانت مثالية بالنسبة لعناصر الحرس الثوري
حجم الخط

نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، تقريرا سلطت فيه الضوء على مستقبل الحرس الثوري الإيراني، الذي نشأ قبل نحو 40 عاما، مناقشة في الوقت ذاته شخصية قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي قتل في محيط مطار بغداد الدولي بغارة أمريكية مطلع الشهر الجاري.

وقالت المجلة في تقريرها: إنه بمكتب ثقافي متواضع تابع للحرس الثوري يديره قدامى المحاربين في الحرب الإيرانية العراقية في جنوب طهران، يظهر ملصق مثبت على الحائط صورا لنحو مئة رجل يُعرَّفون على أنهم "الشهداء القادة" وهم القادة الذين لقوا مصرعهم من الحرس الثوري الإيراني.

الحرس الثوري

ونقلت عن أحد المحاربين القدامى، قوله: "لدينا ما لا يقل عن 20 ضعف عدد القادة الشهداء الذين سقطوا في الحرب"، مشيرة إلى أن العديد من الحرس الثوري وقوات الباسيج، يفخرون أن قادتهم كانوا يحاربون جنبا إلى جنب معهم في الخطوط الأمامية، بدلا من "الاختباء" في مقر القيادة.

وقال المحارب القديم للمجلة: "لقد كانوا قادة عظماء، واضطروا إلى المخاطرة وأن يكونوا حاضرين في خط المواجهة،  وكان من الصعب علينا أن نفقدهم، لكن قوة الحرس الثوري الإيراني تكمن في قدرتها على ملء فراغهم على الفور".

وأشارت المجلة إلى أن "قاسم سليماني، القائد المثير للجدل، لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، كان قائدا عاديا في الحرس الثوري الإيراني، ولكنه كان أيضا استثنائيا".

وأوضحت أن سليماني كان أحد القادة الشباب "العظماء" الذين قاتلوا في الحرب الإيرانية العراقية، بعدما بدأ عمله في الحرس الثوري في مسقط رأسه مدينة كرمان وتقدم إلى مستويات أعلى في القيادة بالطريقة التي تمت بها ترقية جميع أعضاء الحرس الثوري، في ظل غياب مراتب نظامية واضحة، فقد كان التسلسل الهرمي والتدريب المهني يبنى من خلال إظهار التفاني والمبادرة والميل للعمل الجريء.

ولفتت المجلة إلى أن هذه هي الآلية التي كان يدار بها الحرس الثوري بالكامل في سنواته الأولى، إذ يعد مليشيا غير مهنية قائمة على التطوع، بعد ثورة 1979 كقوة انتقالية لفرض النظام وقمع الانتفاضات المعادية للثورة حتى يمكن استعادة الشرطة والجيش.

وتابعت: لكن مع نضال المحافظين والراديكاليين من أجل السلطة في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، أضفي الطابع المؤسسي على الحرس الثوري الإيراني باعتباره ميليشيا راديكالية، ثم عسكرية موازية للجيش الإيراني النظامي".

تطور التجربة

ونوهت المجلة إلى أنه بسبب نفس الصراع على السلطة، كان الحرس الثوري الإيراني يفتقر إلى الدعم المالي والتقني لإضفاء الطابع الاحترافي الكامل، ولم يكن القادة الشباب والمتطوعون المتحمسون يشعرون بالحاجة إلى القيام بذلك على أسس الاحترافية.

وأشارت إلى أنه بمرور الوقت ومن خلال التجربة والخطأ، طوّر الحرس الثوري الإيراني رابطة غير رسمية من الأسفل إلى الأعلى بناء على روابط ثقة قوية بين الجنود من خلال الرتب، إذ وجدت المنظمة في هذه الرابطة نظاما غير رسمي في حالات الاضطراب كما جاءت لربط هذه العقلية بالأصالة الثورية".

ولفتت المجلة إلى أن "ما أبقى الحرس الثوري الإيراني في حالة توحد في ساحة المعركة على امتداد النزاعات الأهلية خلال السنوات الأولى من الحرب العراقية الإيرانية، لم يكن تسلسل القيادة المركزية ووضوح الهيكلية العسكرية، وإنما تماسك المنظمة من خلال علاقات الثقة الشخصية الفعلية والمتوقعة المليئة بالتفاني الديني والثوري".

وأوضحت أن الدوائر القيادية الأولى في الحرس الثوري الإيراني جرى تشكيلها من خلال روابط الصداقة، والقرابة العائلية، والزمالة الثورية، وتوسعت من خلال إبراز نفس الثقة التي تنطوي عليها هذه العلاقات للأعضاء الجدد، الذين طالما كانوا ثوريين شيعيين متحمسين.

"شخصية مثالية"

وأكدت المجلة أن "سليماني كان شخصية مثالية جامعة لهذه الصفات التي قام عليها التنظيم العقدي الثوري. ففي ساحات المعارك التي تتجاوز الحدود الإقليمية الإيرانية، أظهر سليماني سلوك المحاربين الإيرانيين وسار بسيرتهم وانتهى به المطاف بالقتل في الميدان".

وبيّنت المجلة أن "سليماني كان حاضرا بلا خوف وبلا تردد في الصف الأول في الحروب التي تهندسها إيران في المنطقة. فقد كان الرجل يتمتع بعقيدة شيعية قوية، كما عاش حياة متواضعة وقاسية. وكان يعامل رجاله بطريقة المساواة، وكثيرا ما يظهر في الزي الكاكي البسيط للجنود المشاة".

وبخصوص تأثيره على عناصر الحرس الثوري، قالت المجلة: إن "سليماني بالنسبة لأعضاء الحرس الثوري وخاصة في فيلق القدس، كان هو (الحاج قاسم)، فقد كانوا يدعونه باسمه الأول كما كانوا يفعلون مع قادة آخرين مثل آقا محسن (الجنرال محسن رضائي)، آقا رحيم (الجنرال رحيم صفوي)، الأخ حسن (الجنرال حسن باقري)".

ورأت أن الحقل الذي قاتل فيه سليماني والسياق التنظيمي الذي أنشأه وخدمته لم يكن مجال الثمانينات، وإنما من خلال فيلق القدس وتوسعه في الشرق الأوسط، فقد أضاء في أرض جديدة وأبعاد تنظيمية جديدة، لافتة إلى أن الحرس الثوري جرى تنظيمه تاريخيا لسد أي فجوة في القيادة على الفور، لكن قائد فيلق القدس اكتسب أهمية شخصية غير معهودة للمنظمة الأكبر.

وأردفت: لم يكتسب سليماني نفوذه وقوته بناء على الأداء العسكري للحرس الثوري بشكل عام، وإنما من خلال الفعالية التي كان يقدمها في أحد فروع منظمة الحرس الثوري، أي في فيلق القدس، وفعاليته الإقليمية، تحت قيادته. بصفته القائد الأعلى للفيلق، إذ لم يكن مسؤولا عن قوات الفليق فحسب، بل عن مليشيات متنوعة في جميع أنحاء المنطقة.

الأمن الجيوسياسي

يتألف فيلق القدس من عشرات الآلاف من الأعضاء الإيرانيين الجاهزين (حسب الرابطة العقائدية والحربية الصلبة) أن يقيموا علاقات فورية مع أي قائد يتم تعيينه حديثا في الحرس الثوري الإيراني، فهم ملتزمون بالمنظمة ككل وبالقائد الأعلى للجمهورية الإيرانية كقائد عام. قد تكون علاقتهم الشخصية بسليماني انتهت، لكن من المحتمل أن يكون لديهم نفس العلاقة الحميمة والثقة مع خليفته.

وبحسب المجلة، فإن عمل سليماني لم يكن مقتصرا على دور قائد ميداني فحسب، وإنما كان يعمل لصالح إيران كخبير في الأمن الجيوسياسي معتمدا بشكل كبير على قدراته الخاصة وعقليته في التنظيم والتخطيط الإستراتيجي. وعلى هذا الأساس، اكتسب سمعة باعتباره خبيرا إستراتيجيا عمليا.

ولفتت إلى أنه استطاع أن يبني علاقات ويتواصل بشخصيات عالمية مثل رئيس النظام السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبعض أعضاء القيادة المركزية الأمريكية.

وأوضحت أن سليماني كان دائما محل اختيار من جميع السياسيين المتعاملين مع إيران عندما يجمعهم سبب مشترك تتفق فيه مصلحة إيران مع بلدانهم، ومن المحتمل أن يواجه خليفة سليماني صعوبة في الوصول إلى مكانته كشخصية سياسية إقليمية.

واختتمت "فورين أفيرز" تقريرها بالقول: امتاز الحرس الثوري بعدم اعتماده على أي شخصية مركزية، بل على تعدد علاقات الثقة بين أعضائه سيؤثر  مقتل اللواء قاسم سليماني "كقائد ذي كريزما عالية وشخصية تنظيمية متميزة". لكن بالنسبة لأعضاء الحرس الثوري الإيراني، كان سليماني ولا يزال "أخا" سيتم استبداله بأحد "الأخوة" الآخرين المتفانين. ولن يتأثر هيكل المؤسسة على الأغلب.


تحميل

المصادر:

1

Ordinary Brother, Exceptional General

كلمات مفتاحية :

الحرس الثوري فيلق القدس قاسم سليماني