قاعدة "برنيس" المصرية.. كيف تمثل حماية مهمة للمصالح الإسرائيلية؟

12

طباعة

مشاركة

سلطت العديد من وسائل الإعلام العبرية، الضوء على افتتاح مصر لقاعدة "برنيس" العسكرية المطلة على شواطئ البحر الأحمر، وتأثيرها على الأمن الإسرائيلي، كاشفة في الوقت ذاته عن الدول التي ساهمت في بنائها، والأسباب التي دفعت السلطات المصرية لإنشائها.

ونشرت القناة الإسرائيلية الثانية عشر عبر موقعها الإخباري "ماكو" تعليقا للصحفي الإسرائيلي إيهود ياعاري، قال فيه: "لحظة تاريخية: القاعدة العسكرية الضخمة التي أنشئت في مصر، ستساعد إسرائيل".

ابتهاج إسرائيلي

وقال ياعاري إنه "إلى جانب الحدث التاريخي، تصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر، هنالك حدث آخر مهم. أنشأت مصر قاعدة عسكرية ضخمة على شواطئ البحر الأحمر، لإسرائيل وجود محدود للغاية في هذا المكان الحرج، وأن توسيع الوجود المصري هناك قد يساعد أيضا في توفير الأمن لإسرائيل".

وأشار إلى أن "القاعدة تهدف إلى ضمان السيطرة الإستراتيجية المصرية على ممر الرحلات البحرية المصرية من باب المندب (بوابة الدموع) عبر قناة السويس. تهدف هذه القاعدة أيضا إلى منع إيران من محاولة تحقيق ذلك بمساعدة حلفائها - الحوثيين في اليمن، والقدرة على تهديد طريق الشحن الذي يؤدي إلى العقبة وإيلات - وهو أمر مهم جدا بالنسبة لإسرائيل".

وأوضح ياعاري أن "اسم القاعدة المصرية برنيس، هو على اسم ملكة مقدونية المذكورة أيضا في مصادرنا، وتشغل القاعدة مساحة لا تقل عن 150 دونم. يوجد بالقاعدة مطار عسكري فيه مدارج، طول كل مدرج يصل إلى ثلاث كيلومترات وعرضه 30-45 متر. كما أن فيها بطاريات صواريخ مضادة للطائرات ووحدات مدرعة ومدفعية".

ولفت إلى أن "القاعدة البحرية توفر للجيش المصري في البحر الأحمر، رصيف بطول كيلومتر واحد وعمق مائي يصل إلى 14 مترا، بطريقة يمكن أن ترسو بها أيضا طائرات الهليكوبتر وناقلات الغواصات. إلى جانب ذلك، تم إنشاء مطار مدني بقدرة تصل إلى ستمائة راكب في الساعة، وتم تركيب أنظمة حربية إلكترونية ورادارات متقدمة".

وبخصوص الشعار الذي أطلقه رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، خلال حفل افتتاح القاعدة، بالقول: "لا سلام بدون قوة - ولا قوة بدون أسلحة"، رأى المعلق الإسرائيلي، أنه "ربما قال ذلك سعيا منه إلى تبرير استثمار رأس المال في بناء القاعدة الجديدة، في ضوء استياء الشعب المصري على قضية شراء معدات عسكرية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات في السنوات الأخيرة".

وفي الوقت نفسه الذي تم فيه تدشين القاعدة، بدأت مناورة كبيرة للجيش المصري، باسم (قادر -1)، كان هدفها اختبار استعداد القوات المنقولة إلى القاعدة الجديدة.

أسباب الإنشاء

ورأى المعلق الإسرائيلي أن "أحد أهم أسباب بناء هذه القاعدة هو رغبة مصر في إرضاء الصين، التي ضخت عشرات المليارات من الدولارات من أجل الاستثمار في مصر في السنوات الأخيرة ومخاوف على أمن البحر الأحمر، الذي يعد أحد المسارات الرئيسية لمبادرة (الحزام والطريق) في مركز السياسة في بكين".

وأوضح أنه "على طول البحر الأحمر، تشق السفن الصينية المحملة بالحاويات الضخمة طريقها إلى أوروبا، وقد عبر الصينيون عن قلقهم إزاء مخاطر هذا الطريق من الناحية الأمنية."

وفي السياق ذاته، أكد ياعاري أن مصر حصلت على مساعدات خاصة من السعودية، والإمارات، لإنشاء القاعدة كجزء من الإجراءات التي تتخذها لإنشاء قواعد على طول سواحل البحر الأحمر، بما في ذلك: "صوماليلاند"، و"بونتلاند" التابعتين للصومال، وإريتريا.

وتابع: أن "لإسرائيل وجود محدود للغاية في هذا الفضاء الحرج وتوسيع الوجود المصري هناك قد يساعد أيضا في تأمين الشحن البحري لإسرائيل ومنها".

هدية الإمارات

من جابنها، نشرت صحيفة "هآرتس" مقالا للباحث الإسرائيلي تسفي بارئيل بعنوان: "أردوغان يتحدى السيسي في ليبيا، لكن رئيس النظام المصري يواجه تحديات أكبر في بلده".

وقال الكاتب الإسرائيلي إن "الاحتفال الذي افتتح خلاله رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي قاعدة برنيس العسكرية الضخمة على البحر الأحمر هذا الأسبوع، حضره زائر مميز، وهو ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد".

وبحسب بارئيل، فإن "هدية رائعة جلبها معه الضيف (ابن زايد)، شملت أربع ناقات تدر حليبا استثنائيا، ربما كرمز للضروع الخصبة لدولة الإمارات، والتي ساهمت بمليارات الدولارات في الاقتصاد المصري. من بين أشياء أخرى، منحت أبوظبي مصر حوالي 3 مليارات دولار في صيف عام 2013، بعدما قام السيسي بعزل محمد مرسي واستولى على السلطة".

وتابع: "لاحقا، ساهمت الدولة بمبلغ 4 مليارات دولار أخرى، وبنت حوالي 50 ألف وحدة سكنية، وأنشأت حوالي 100 مدرسة حيث تملي هي المناهج الدراسية، وفي السنوات بين 2014-2018 أودعت حوالي 9 مليارات دولار في البنوك المصرية. هذا بالإضافة إلى الاستثمارات المباشرة لما يقرب من 900 شركة إماراتية تعمل في مصر."

علاقة عميقة

ولفت الكاتب إلى أن "تطور علاقات الصداقة العميقة بين السيسي ومحمد بن زايد، وصلت إلى حد أن رئيس النظام المصري يستشير ابن زايد بشأن المسائل المتعلقة بالإدارة المصرية، وحتى تلك المسائل التي المتعلقة بالشؤون العسكرية المصرية".

وساق بارئيل أمثلة على ذلك، بالقول: "السيسي استشار ابن زايد منذ شهرين تقريبا في قرار إقالة ابنه محمود من منصبه في جهاز المخابرات المصرية ونقله إلى وظيفة دبلوماسية في السفارة المصرية في موسكو. لكن هذه ليست مجرد أخوة شخصية. بين مصر والإمارات، فقد تم تشكيل تحالف إستراتيجي وعسكري واقتصادي، يقوم فيه كل من البلدين بتنسيق أنشطتهما وسياساتهما".

وزعم الكاتب أن "من أهم الجبهات التي يعملون عليها سوية منذ سنوات هي ليبيا، حيث شاركوا مباشرة في الهجمات العسكرية ضد قواعد تنظيم والجماعات المسلحة الأخرى في الجزء الشرقي من البلاد، وخاصة في مدينة درنة، التي كانت تمثل )ميناء تصدير( هجمات التنظيمات المسلحة إلى مصر وقاعدة لتهريب الأسلحة إلى المنظمات في سينا".

وختم الباحث الإسرائيلي مقاله بالقول: "كان من الطبيعي أن تدعم الدولتان، مصر والإمارات، حرب هجوم اللواء خليفة حفتر ضد المنظمات المسلحة، وترى أنه شريك وحليف يستحق المساعدة في السيطرة على البلد بأكمله، وليس فقط شريكا مخصصا للحرب ضد المنظمات الإرهابية".