61 فرعا في 59 دولة.. "تيكا" ذراع تركيا الخيري حول العالم

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بدا واضحا للعيان الدور السياسي والخيري والإنساني لتركيا حول العالم، فمنذ وصول حزب العدالة والتنمية، بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الحكم عام 2002، وأنقرة تشهد تغيرات متعددة الأوجه، لا سيما ما يتعلق بدورها العالمي.

غدت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) هي رأس الحربة لتركيا، وأساس قوتها الناعمة، وذراعها الممتد إلى أماكن مختلفة من العالم، بداية من محيط الجمهوريات التركية، إلى جميع قارات العالم، بشتى اللغات، ومختلف الأعراق والقوميات، حيث كانت تركيا دائما حاضرة، وموجودة، بفضل تطوير قدرتها على النهوض، والتواصل، والدعم المستمر.

وحسب سردار جام، رئيس الوكالة فإن "تيكا أصبحت وجه تركيا أمام العالم منذ تأسيسها عام 1992 وحتى الآن، وقامت بتنفيذ العديد من المشاريع العالمية استطاعت بها أن تحظى بثقة واحترام الرأي العام الدولي، وواكبت النمو الذي حققته تركيا خاصة بعد عام 2002".

الفكرة والبداية

في 25 ديسمبر/ كانون الثاني 1991، تفكك الاتحاد السوفيتي، وأعلنت العديد من الجمهوريات التركية التابعة له استقلالها، مثل (كازاخستان، طاجيكستان، أوزبكستان، أذربيجان، وقيرغيزستان)، وكانت الجمهورية التركية أول من اعترف باستقلال تلك الدول لاعتبارات اللغة والذاكرة والثقافة المشتركة، ثم بدأت في التمهيد لتقوية العلاقات الثنائية مع هذه الأمم المستقلة لتوها. 

ومنذ ذلك الحين اعتمدت أنقرة في سياستها الخارجية، إستراتيجية المحافظة على العلاقات مع الدول الناطقة بالتركية، كرؤية دائمة، واكتسبت هذه الرؤية أهمية كبيرة في السياسة الدولية لأنقرة خلال العقدين الأخيرين. 

وهنا ظهرت الحاجة إلى منظمة تقوم بتنسيق وتطبيق أولويات السياسة الخارجية والأنشطة التي ستتم في المنطقة، فتم تأسيس (تيكا) عام 1992 لهذا الغرض.

ومع زيادة ترسيخ مفهوم السياسة الخارجية الفاعلة لتركيا، أصبحت (تيكا) أداة من أهم أدوات التطبيق، في العديد من الدول والمناطق وعلى رأسها الدول التي تشترك مع تركيا في القيم والثقافة. 

وتمثلت أهداف (تيكا) في المرحلة الأولى، بمساعدة الجمهوريات التركية في إنتاج بنيتها الاجتماعية بنفسها، وإنشاء هويتها الخاصة بشكل سليم، وتطوير الحقوق الثقافية والسياسية، وإتمام النقص في أمور البنية التحتية الفنية. 

ثم قامت (تيكا) بتنفيذ العديد من المشروعات في مجالات التعليم، والصحة، والترميم، والزراعة، والتنمية، والاقتصاد، والسياحة، والصناعة.

ثم افتُتح أول مكتب تنسيق لتيكا، خارجيا في دولة تركمانستان، ووصل هذا العدد في الفترات اللاحقة إلى 6 مكاتب في منطقة أوراسيا، شكلوا بداية التوسع الخارجي لتلك المنظمة التركية الفاعلة.

مرحلة التوسع

وتماشيا مع مفهوم السياسة الخارجية التركية الجديدة، وسعت تيكا من نطاق مساعداتها الخارجية، فارتفع عدد مكاتبها من 12 عام 2002 إلى 25 عام 2011، ثم ارتفع هذا العدد إلى 33 بحلول 2012، وفي 2020 تواصل تيكا أنشطتها عبر 61 مكتبا تنسيقا في 59 دولة شريكة في التنمية.

وحسب الموقع الرسمي للمنظمة، رفعت تركيا من حجم مساعداتها التنموية من 85 مليون دولار عام 2002 إلى 3 مليارات و913 مليون دولار عام 2015 ومن ثم إلى 8.7 مليارات دولار في 2017. كما تحتل تيكا اليوم مكانا بين المؤسسات الأكثر قياما بالتعاون التقني مع الدول الناطقة بالتركية.

وتواصل تيكا القيام بأنشطتها التعاونية التي تهدف إلى تحقيق التنمية في حوالي 150 دولة مختلفة في 5 قارات حول العالم بما فيها الدول التي توجد فيها المكاتب التنسيقية للمنظمة.

وتقوم تركيا الآن بواسطة تيكا بتبادل المعلومات والخبرات مع العديد من الدول حول العالم من المحيط الهادي إلى آسيا الوسطى، ومن إفريقيا والشرق الأوسط إلى دول البلقان، ومن القوقاز إلى أمريكا اللاتينية.

مشاريع إفريقيا

في 27 يوليو/ تموز 2018، قال سردار جام، رئيس وكالة التعاون والتنسيق التركية ( تيكا): إن "تركيا تحظى بمحبة واهتمام كبير في القارة الإفريقية". وأكد أن "أردوغان هو أكثر رؤساء العالم زيارة للقارة الإفريقية، مبيّنا أن (تيكا) لديها 25 مكتبا في دول القارة".

وذكر رئيس الوكالة التركية أن "القارة الإفريقية غنية إلى درجة أنها قادرة على أن تغذي العالم كله".

وعملت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا)، على تجديد المساجد وتجهيز المستشفيات وتوفير التدريب المهني لمئات الشباب في جميع أنحاء القارة الإفريقية.

وفي 9 ديسمبر/ كانون أول 2019، افتتحت (تيكا) مبنى يضم فصولا دراسية، وأقساما إدارية في ثانوية بالعاصمة الأوغندية كمبالا.

وحسب بيان صادر عن المنظمة التركية، فإن المبنى الإضافي الذي افتتح في ثانوية "ناتيتا" للمسلمين والتي تضم 1200 طالب، يتكون من 5 فصول دراسية ومكتبين للإدارة.

وفي 5 يناير/ كانون الثاني 2020، افتتحت (تيكا)، بالتعاون مع منظمات مدنية تركية، 4 حدائق أطفال في مختلف مناطق السودان. وجرى إنشاء 3 حدائق بمناطق متفرقة من العاصمة الخرطوم، وواحدة أخرى بولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي البلاد.

أواخر 2013، افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مستشفى في الصومال أطلق عليها اسمه، وأصبح المستشفى في 2020 هو الأكثر حداثة وتجهيزا في شرقي إفريقيا، بما يلزم من معدات وتجهيزات طبية متطورة.

يقدم المستشفى في مقديشو، خدمات صحية لنحو 13 ألفا و500 مريض، كما يجري المستشفى ما يقارب من 450 عملية جراحية شهريا. كما تمكن مكتب تنسيق برنامج مقديشو، الذي بدأ أنشطته في العاصمة الصومالية اعتبارا من أغسطس/ آب 2011، من تنفيذ 120 مشروعا شاملا في البلاد.

ويواصل الصومال، الذي يعد من أكثر البلدان المستفيدة من المساعدات الإنسانية والإنمائية التركية، السير بخطى ثابتة على طريق النهوض مجددا، بفضل الدعم المقدم لها من قبل تيكا، في مجالات التعليم، والصحة، والنقل، والبنية التحتية والأمن.

وفي إطار الأنشطة التركية بمجال توفير مياه الشرب النظيفة، التي تعتبر إحدى المشاكل الرئيسية في الصومال، جرى بالتعاون ما بين تيكا، وإدارة شؤون المياه الحكومية التركية، حفر ما مجموعه 26 بئر مياه، 21 بئرا منها في مقديشو و5 آبار في أرض الصومال (منطقة حكم ذاتي)، كما جرى تزويد حوالي 500 ألف صومالي بمياه الشرب النقية.

كذلك قامت تيكا ببناء طرق إسفلتية بطول 40 كم، وفق أحدث المعايير في مقديشو، التي تشهد انهيارا في البنية التحتية، ونصب حوالي 800 عمود إنارة في شوارع العاصمة، في إطار مشروع جرى افتتاحه في 19 مايو/ أيار 2014 من قبل الرئيس أردوغان.

وفي 16 يناير/ كانون الثاني 2020، بدعم من الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا)، قامت قافلة من الأطباء الأتراك بتنظيم مشروع العمليات الطبية، في عدة مجالات منها العين والجراحة العامة والأنف والحنجرة وطب الأسرة وطب الأسنان وأمراض المسالك البولية للنساء وأمراض الأطفال.

وفي نطاق المشروع تم إجراء العديد من العمليات، وتم توفير 9680 خدمة طبية للمرضى، و316 عملية جراحية، و805 عمليات للعيون، و1150 من خدمات صحية في مجال الفم والأسنان وأمراض الأطفال والطب الباطني وأمراض النساء.

كان هذا فصلا من فصول تيكا، داخل القارة الإفريقية، وللمؤسسة التركية فصولا أخرى، في أماكن متفرقة من العالم، لا سيما العالم الإسلامي، وقضاياه الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وحصار قطاع غزة. 

فرع فلسطين

في عام 2005، بدأت حكاية (تيكا) مع الفلسطينيين بافتتاحها مكتب تنسيق لبرامجها التنموية، بهدف مساعدة الفلسطينيين من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، حيث شملت مشاريعها، الصحة والتعليم والبنية التحتية وحماية وإحياء الميراث الثقافي التركي الفلسطيني.

ومن خلال مكتب فلسطين، تم إنجاز ما مجموعه 543 مشروعا منها  332 مشروعا في المناطق المحتلة من الضفة الغربية، و81 مشروعا في الجزء الشرقي المحتل من مدينة القدس، و130 مشروعا في قطاع غزة الواقع تحت الحصار الاسرائيلي.

ومن أضخم المشاريع، وأبرزها مشروع إنشاء مستشفى يتكون من 10 مبان، بسعة 180 سريرا في قطاع غزة، بكلفة تصل إلى 62 مليون دولار.

كما افتتحت تيكا 6 مدارس في الضفة الغربية يستفيد منها الآلاف من الطلاب الفلسطينيين. وفي إحدى أكبر المدن الفلسطينية مدينة الخليل تم إنشاء مدرسة الخليل التركية، وهي تتكون من 14 صفا دراسيا بسعة 550 طالبا وتعتبر هذه المدرسة من أحدث المدارس في المدينة.

وفي مدينة نابلس ثاني أكبر مدينة فلسطينية، افتتحت الوكالة مدرسة "نوري باكديل" للبنات، مبنية على مساحة 2000 متر مربع، وتضم 18 صفا ومختبري (معمل كمبيوتر) حاسوب و3 غرف إدارية ومستودع.

وإلى جانب إنشاء المدارس الـ 6، أشرفت " تيكا " على ترميم 9 مدارس، ودعم 20 مؤسسة تعليمية بالمعدات وتأسيس 13 مختبر حاسوب في عموم فلسطين.

كما قامت تيكا بتغطية نفقات مصاريف طباعة 3500 كتاب باللغة العربية 2500 كتاب يتناول العلاقات التركية الفلسطينية خلال الأعوام الـ 10 الأخيرة و1000 كتاب حول موضوع أحداث قضية الأرمن 1915 تم تحضيرها من خلال مؤسسة بيت الحكمة التي تعمل في مجال البحوث المتعلقة بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي.

حول العالم

أذرع تيكا التركية لم ترتكز على دول الجوار، والمناطق الجغرافية والإقليمية المجاورة، بل ذهبت بعيدا إلى أمريكا اللاتينية، ففي 20 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قامت الوكالة التركية، بتحديث وتطوير مركز لذوي الاحتياجات الخاصة في العاصمة المكسيكية مكسيكو، وقالت مديرية المركز روث فرانسيسكا لوبيز جوتيريز: إن "المساعدات التي تقدمها الوكالة التركية سنويا في أسبوع المعاقين، ترفع معنوياتهم".

وسبق أن قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في افتتاح مكتب (تيكا)، في العاصمة المكسيكية، مكسيكو في 21 فبراير/ شباط 2017: إن "نطاق خدمات تيكا، سيتسع بشكل أكبر من خلال مكتبها في المكسيك التي تعد بابا لجميع دول أمريكا اللاتينية"، كما أنشأت الوكالة التركية في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2019، بيوت بلاستيكية في 4 مناطق بالإكوادور، لدعم قطاعها الزراعي، في إطار التعاون مع حكومة كيتو.

وحسب بيان صادر عن تيكا، "تعاونت الوكالة مع رئاسة الإكوادور، التي أنشأت مساكن جماعية للأسر منخفضة الدخل في إطار خطة التنمية الوطنية بالبلاد".

وأوضح البيان، أن "تيكا أنشأت في إطار المشروع 4 بيوت بلاستيكية مزودة بمعداتها الداخلية، لصالح الأسر التي تعيش في فقر مدقع ضمن مشروع المساكن الجماعية في العاصمة كيتو، ومانتا، وبوجيلي، وغواياكيول". وأقيم حفل تسليم البيوت البلاستيكية، في العاصمة كيتو، بحضور سفيرة تركيا لدى الإكوادور.

ومن أمريكا اللاتينية، إلى أسيا، وتحديدا باكستان، في 10 يناير/ كانون الثاني 2020 جددت (تيكا)، مدرستين في باكستان، يدرس بهما نحو 1000 طالبة، كما زودتهما بأدوات ومعدات تعليمية. وأقيم حفل افتتاح المدرستين التابعتين لـ"وقف الغزالي التعليمي"، بمنطقة "المنصورة" إحدى المناطق المنخفضة الدخل في مدينة لاهور.

وشارك في مراسم الافتتاح، كل من القنصل العام التركي أمير أوزباي، ومنسق "تيكا" في إسلام أباد غوكهان أوموت، والبروفيسور أمجد إسلام أمجد، الحائز على جائزة "نجيب فاضل" الدولية للثقافة والفن، ولفيف من الأساتذة والطالبات.

وفي 31 ديسمبر/ كانون الأول 2019، سارعت تيكا بإنشاء مركز صحي في منطقة "سوزاك" التابعة لمحافظة "جلال آباد" جنوبي قيرغيزيا.

وذكرت المعلومات التي حصلت عليها وكالة الأناضول التركية الرسمية، أن إدارة منطقة "سوزاك"، تقدمت بطلب لمكتب "تيكا" في العاصمة القيرغيزية بيشكيك، للحصول على دعم من أجل تأسيس مركز صحي جديد، بعد أن بات المركز الحالي قديما للغاية ولا يلبي احتياجات سكان المنطقة الذين هم في تزايد مستمر.

وأوضحت المعلومات، أن الوكالة التي تلقت الطلب أنشأت خلال فترة قصيرة، مركزا صحيا على مساحة 220 مترا مربعا بمركز المنطقة.