بين تركيا وحفتر.. ما هو موقف روسيا المتوقع من الأزمة الليبية؟

12

طباعة

مشاركة

أكد كاتبان تركيان أن أنقرة كانت الفاعل الأكبر في الساحة الليبية مؤخرا، حيث توصلت مع روسيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، فشلت فيه دول مجلس الأمن بعد 15 محاولة، وأشارا إلى أن كلا الدولتين لا تريدان أن تتحول ليبيا إلى سوريا أو يمن آخر. 

وقال الكاتب سيدات إيرجين في مقالة بصحيفة حرييت: إن استقرار ليبيا مهم بالنسبة للقارة الأوروبية، وبالتالي كان من المتوقع أن يضع الاتحاد الأوروبي ثقله فيها ويلعب دورا بناء، لكن ما حدث هو العكس تماما خلال الأعوام الماضية.

فبعد مقتل العقيد معمر القذافي إثر تدخل حلف الناتو، أطيح بالبلاد ذاتها وأصبحت فريسة للتقسيمات والنزاعات العسكرية وأضحت الحرب الأهلية علامة مسجلة للبلد الثري بالنفط.

ومع الأخذ بعين الاعتبار العناصر الفاعلة الخارجية وراء الأطراف المتحاربة، تحولت الأزمة في ليبيا من حرب أهلية إلى مواجهة دولية، وصراع كبير من أجل النفوذ.

نتيجة لذلك، فإن قوات حكومة الوفاق الوطني فقط، التي يرأسها فايز السراج وقبلتها الأمم المتحدة كسلطة شرعية، تقاتل قوات ما تسمى "الجيش الوطني الليبي" بقيادة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا.

غياب أوروبا

وشدد إيرجين على أن تركيا واحدة من تلك الجهات الفاعلة في هذا الصراع، وهي التي حاولت الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا بالاتفاق مع روسيا، ونجحت فيه جزئيا، في ظل غياب أوروبا التي تسببت بهذا كله لحظة الإطاحة بالقذافي دون أن تكمل ما كان منوطا بها.

وأكد على أن هذه الخطوة التركية الروسية مهمة على صعيد الحل السلمي في إطار دبلوماسي، "وهذا يؤكد أن لكلا الدولتين حضورا قويا في المعادلة الليبية".

ولفت إيرجين إلى أن العجز الأوروبي عن إيجاد حل يكشف عن مشكلة حقيقية في المؤسسة الأوروبية، إذ لا يمكن لدول الاتحاد تطوير موقف مشترك لأنها لا تستطيع التغلب على خلافاتها وتضارب المصالح والأزمة الليبية هي أحدث مثال على ذلك.

ولا يختلف الوضع كثيرا من ناحية اهتمام الاتحاد الأوروبي بأزمات سوريا أو العراق، أو في غالبية الأزمات الكبرى اليوم. وعليه لا يمكن له دخول المعادلة كقوة عالمية، وفق رأي الكاتب.

وتابع: "إن التصريحات التي أدلى بها الممثل السامي الجديد للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في البرلمان الأوروبي تتضمن صورة ذاتية خطيرة للغاية في هذا الصدد حيث أقر أن الاتحاد كان له مواقف مشتتة في المسألة الليبية".

وأضاف المسؤول: "حان الآن الوقت لدفع ثمن هذه الخلافات، حيث أن روسيا وتركيا أصبح لهما الدور الكبير هناك، في وقت لم يكن لهما أي وجود يذكر خلال الستة أشهر الماضية وهذا يعني تغييرا كبيرا في البنية الجيوسياسية لحوض البحر المتوسط".

ونوه أن الاتحاد الأوروبي يجني ثمار تعنته من رفض قبول تركيا عضوا كاملا في الاتحاد، حيث نشهد تقاربا غير مسبوق بين أنقرة وموسكو، يزداد متانة مع العام الجديد 2020 في مفارقة مهمة.

مؤتمر برلين

وشدد الكاتب على أنه ليس هناك شك في أن الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن (الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا)، الذين يتمتعون بحق النقض (الفيتو)، عليهم واجب كبير، حيث حاول المجلس فرض 15 وقفا لإطلاق النار سابقا دون جدوى.

ونوه إيرجين إلى ضرورة أن تأخذ الأمور المنحى السلمي الدبلوماسي، مستدركا أن فشل المؤتمر وبالتالي عدم الإعلان عن وقف إطلاق النار، سيؤدي إلى معارك عسكرية لكن هذه المرة السلاح التركي سيكون حاضرا.

بدوره قال الكاتب، بيرجان توتار في مقالة نشرتها صحيفة صباح: إن رفض حفتر التوقيع على اتفاق التهدئة، ينبع من اتكائه على كل من مصر والإمارات والسعودية، وهذا قطعا لا يعد العامل الحاسم الوحيد.

وبحسب المصادر فإن العامل الأساسي لرفض حفتر التوقيع هو تدخل أمريكا التي ترى أن نفوذ روسيا في المنطقة قد استفحل، "وها هي موسكو تتدخل من جديد في ليبيا بعد سوراة، فيما تنظر واشنطن إلى ذلك بعين الخطورة".

توتار شدد على أن "هروب" حفتر من موسكو قد يعرضه لفقدان الدعم الروسي، وهي التي ما فتئت تقدم له كل ما يلزم من سبل الدعم سواء كان عسكريا أو ماليا أو سياسيا، وحتى دبلوماسيا، هذا لأن روسيا، بتأثيرها المتزايد على منطقة الخليج وخط شرق البحر المتوسط الممتد من إيران إلى ليبيا، هي المصدر الأكثر فعالية لشرعية حفتر".

وحفتر الذي قاتل الحكومة الشرعية في طرابلس منذ عام 2015، لم يكن فعالا لفترة طويلة وفشلت مليشياته في إثبات وجودها على الرغم من المرتزقة الذين تم إحضارهم من السودان والنيجر والدعم الصاروخي الأمريكي والروسي الصنع والمدرعات الإماراتية؛ غير أنه ومع تدخل روسيا بدأ المشهد الليبي يتغير لصالح حفتر.

وقال توتار: إنه "منذ أكتوبر/تشرين الأول 2018 إلى مارس/آذار 2019، أرسلت روسيا لأول مرة 23 فريقا فنيا خاصا لإصلاح الأسلحة الثقيلة مثل الدبابات والطائرات والمدافع من طراز سوفيتر السوفيتي؛ وفي شهر إبريل/نيسان 2019 هاجمت قوات حفتر طرابلس".

ويتابع: "عزز حفتر هجومه بصواريخ روسية أرسلت خصيصا له، إضافة الى جيش من المرتزقة الروس، وهذا كله كان بجانب دعم كبير لمجلس النواب الموالي لحفتر في طبرق، وعلى سبيل المثال، في الفترة بين "فبراير/ شباط" و"يونيو/حزيران" 2019، تم إرسال 4.5 مليار دينار ليبي (3.22 مليار دولار) لصالح حفتر من موسكو".

وبحسب الكاتب التركي، لا يبدو من السهل على حفتر أن يرفض الإمكانيات التي تقدمها روسيا، وأيضا أكدت موسكو أنه ورغم رفض حفتر التوقيع على الاتفاق فإن وقف إطلاق النار مستمر، وهو ما أكده وزير الدفاع التركي أيضا خلوصي أكار.