Tuesday 19 March, 2024

صحيفة الاستقلال

توسيع دائرة الخاضعين لقانون الكيانات الإرهابية بمصر.. ما الأسباب؟

منذ 2020/01/19 16:01:00 | تقارير
وسعت التعديلات الدستورية من مساحة الأموال التي يجوز مصادرتها
حجم الخط

للمرة الثانية خلال أربع سنوات تدخل الحكومة المصرية تعديلات على قانون الكيانات الإرهابية، في إطار خطة موسعة لنظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، للاستيلاء على ممتلكات معارضيه، من جهة، وشل حركتهم من جهة أخرى.

التعديل الأخير الذي أقره مجلس الوزراء المصري، وصدق عليه السيسي في 15 يناير/كانون الثاني الجاري، وسع من اختصاصات القانون القائم بالفعل منذ 2015، فيما يتعلق بمراقبة الأشخاص والكيانات، ومصادرة أموالها، ليس في الداخل فقط، وإنما في أي مكان تستطيع السلطات المصرية أن تمد يدها إليه.

ورغم تبريرات الحكومة المصرية، بأن التعديلات جاءت لمواكبة التحديثات الدولية، ومعالجة الأخطاء التي أفرزها التطبيق العملي للقانون، إلا أن برلمانيين وصحفيين مقربين من النظام المصري، أكدوا أن الهدف الأساسي منها هو فرض المزيد من الرقابة على مصادر تمويل معارضي السيسي.

هذا بالإضافة لتوسيع صلاحيات القانون لتعقب أي أشخاص أو كيانات لم تكن مدرجة في السابق ضمن قوائم الإرهاب التي أصدرها النظام المصري، كما جرى سابقا مع جماعة الإخوان المسلمين.

أبرز التعديلات

تمثلت أبرز التعديلات في إلغاء المادة الخاصة بنشر النيابة العامة أسماء الذين صدر بحقهم قرار الضم للكيانات أو الأشخاص الإرهابيين، وهي الطريقة الوحيدة التي كانت تمكن المواطنين من معرفة هل هم ضمن تلك القوائم الكيانات أم لا، بما يمكنهم من اتخاذ إجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

ووسعت التعديلات كذلك من مساحة الأموال التي يجوز مصادرتها وفقا لأحكام القانون الذي أدرج جميع الأصول المالية والموارد الاقتصادية، ومنها: النفط، والموارد الطبيعية الأخرى، والمُمتلكات أيا كان نوعها، سواء كانت مادية أو معنوية، منقولة أو ثابتة، وأيا كانت وسيلة الحصول عليها.

بالإضافة لحق مصادرة الوثائق والأدوات القانونية، والعملات الوطنية أو الأجنبية، والأوراق المالية أو التجارية، والصُكوك والمُحررات المُثبتة لكل ما تقدم أيا كان شكلها، بما في ذلك الشكل الرقمي أو الإلكتروني، وجميع الحقوق المُتعلقة بأي منها.

ويشمل ذلك الائتمان المصرفي والشيكات السياحية والمصرفية والاعتمادات المُستندية، وأية فوائد أو أرباح أو مصادر دخل أخرى مترتبة على هذه الأموال أو الأصول، أو أية أصول أخرى يحتمل استخدامها للحصول على تمويل أو منتجات أو خدمات.

بينما شملت المادة القديمة في قانون الأموال التي يمكن مصادرتها "جميع الأصول والممتلكات أيا كان نوعها، سواء كانت مادية أو معنوية، منقولة أو ثابتة، بما في ذلك المستندات والعملات الوطنية أو الأجنبية، والأوراق المالية أو التجارية، والصكوك والمحررات المثبتة لكل من تقدم أيا كان شكلها، وجميع الحقوق المتعلقة بأي منها".

وحسب دراسة مقارنة عقدها موقع "مصراوي"، المملوك لجهاز المخابرات المصرية، فإن التعديلات الجديدة التي أدخلتها الحكومة على القانون رقم 8 لسنة 2015، تضمنت حظر الكيان الإرهابي ووقف أنشطته، وغلق الأماكن المخصصة له، وحظر اجتماعاته وتمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للكيان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وحظر الانضمام للكيان أو الدعوة إلى ذلك، أو الترويج له، أو رفع شعاراته.

وفيما يتعلق بالأشخاص المدرجين على قوائم الإرهاب، فيجري إدراجهم على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، أو منع الأجنبي من دخول البلاد، وسحب جواز السفر أو إلغائه أو منع إصدار جواز سفر جديد، وفقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولي الوظائف والمناصب العامة أو النيابية.

ماذا يريد السيسي؟

الإجابة عن السؤال السابق قدمها تحليل موسع، نشره مركز "كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط"، أكد فيه أن الهدف من قانون الكيانات الإرهابية بالعموم، هو انتزاع ممتلكات جماعة الإخوان المسلمين، وكل من يتوافق معها في الرأي ضد النظام المصري، ووضع الأشخاص تحت التهديد بشكل دائم سواء الموجودين في الداخل، أو المعارضين من الخارج.

وربط "كارنيغي" بين قانون الكيانات الإرهابية، وبين القانون رقم 22 في نيسان/أبريل 2018، لتنظيم إجراءات التحفظ والحصر والإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين، مشيرا إلى أن استيلاء الحكومة المصرية على أصول وممتلكات معارضيها، يقوض سيادة القانون، ويزيد من الانتقادات التي توجهها المنظمات والمستثمرون الأجانب للنظام.

وحسب المركز البحثي الأمريكي، فإن هذه القوانين مهدت الطريق لمصادرة اﻷموال ونقلها إلى الخزينة العامة للدولة، وليس التحفظ عليها وإدارتها كما كان يحدث قبل ذلك.

كما أن قانون الكيانات الإرهابية وسع من تعريف الكيانات والأشخاص الذين يخضعون تحت سلطته، وأصبح مصطلح "تقويض النظام العام" الفضفاض، فرصة لوضع أي كيان أو أشخاص من المعارضين للنظام المصري ضمن المستهدفين لمصادرة الممتلكات دون أي إجراءات قانونية.

ووفق "كارنيغي"، فإن الدافع الأقوى والأرجح وراء توسع النظام المصري في تطبيق قانون الكيانات الإرهابية، هو احتياجه الشديد لدخول تلك الأموال إلى الخزانة العامة للدولة.

فمنذ تحرير سعر الصرف، يسعى النظام بكل ما أوتي من قوة لجمع الأموال من الشعب، سواء من خلال سن تشريعات جديدة أو فرض ضرائب ورسوم على المواطنين، وهو ما يؤكده تكليف السيسي لرئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ووزير المالية، محمد معيط، بدراسة أفكار جديدة لزيادة عائدات الدولة، وخفض المديونية بها، وعجز الموازنة العامة.

وتشير الدراسة إلى أن تطبيقات قانون الكيانات الإرهابية والمصادرة، يؤكد تغول السلطة التنفيذية على أعمال السلطة القضائية في مصر، حيث يهدد القانونان السابقان، عمل الجمعيات الأهلية وحرية تكوينها في مصر، خوفا من القمع والمصادرة.

وربط محللون التعديلات الأخيرة التي أدخلتها الحكومة على قانون الكيانات الإرهابية، بالخطوة القانونية التي بدأها المرشح الرئاسي السابق المحامي خالد علي، بالطعن على دستورية القانون، وهي الخطوة التي وافقت عليها محكمة الجنايات المصرية التي تنظر في الطعن ضد قرار التحفظ على أموال أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة المعتقل منذ أحداث 20 سبتمبر/ أيلول الماضي.

وقال المرشح الرئاسي السابق عبر صفحته على فيسبوك: إنه حصل يوم 5 يناير/ كانون الثاني الجاري، على تصريح من محكمة الجنايات بالطعن على دستورية المادة ٤٧ من قانون الإرهاب ٩٤ لسنة ٢٠١٥ لصالح "نافعة"، أثناء نظر المحكمة لطلب النائب العام بالتحفظ على أمواله.

وتشير المذكرة التي قدمها خالد علي لعدم دستورية بعض مواد قانون الإرهاب، إلى أن مواد مصادرة الأموال التي تعتمد عليها النيابة العامة، تخالف نصوص المواد 2، 35، 96 من دستور 2014، وهى المواد المقابلة للمواد 2، 34، 67 من دستور 1971، وتخالف كذلك الحكم الدستوري 26 لسنة 12 قضائية دستورية والصادر فى 5 أكتوبر 1996 .

محطات المصادرة

مرت عملية مصادرة أموال معارضي السيسي وخاصة من جماعة الإخوان المسلمين، بالعديد من المحطات منذ انقلاب السيسي على الرئيس (الراحل) محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز 2013، أبرز هذه المحطات كانت كالآتي:

أكتوبر/تشرين الأول 2013: صدر قرار وزير العدل بإنشاء لجنة تتولى تنفيذ حكم محكمة الأمور المستعجلة، وتعمل على حصر أنشطة جماعة الإخوان تمهيدا لاتخاذ ما يلزم بشأن حظرها نفاذا للحكم.

أغسطس/آب 2014: كشف مصدر مسؤول بجماعة الإخوان، لوكالة "الأناضول"، عن تحفظ السلطات على 342 شركة، و1107 من الجمعيات الأهلية، و174 مدرسة، تابعة للإخوان، بالإضافة إلى أموال 1441 قياديا بالصف الأول والثاني والثالث بالجماعة.

فبراير/شباط 2015: صدر قانون الكيانات الإرهابية رقم (8) لعام 2015، والذي أتاح للنيابة العامة التقدم بطلب لمحكمة الجنايات لإدراج الكيانات الإرهابية والأشخاص المنتمين لها على قوائم الإرهاب، ورتب القانون عدة آثار على قرار الإدراج منها التحفظ على الأموال.

يناير/كانون الثاني 2016: بلغ إجمالي أموال الجماعة التي تم التحفظ عليها، 5 مليارات و556 مليون جنيه مصري (نحو 695 مليون دولار)، بحسب رئيس اللجنة وقتها "عزت خميس" الذي أعلن التحفظ على أموال 1370 شخصا، ومصادرة 460 سيارة، و318 فدانا من الأراضي الزراعية المملوكة لأفراد، والتحفظ على 1166 جمعية، و112 مدرسة، و43 مستشفى، وجمعية طبية لها 27 فرعا في مصر، و65 شركة.

يناير/كانون الثاني 2017: قررت محكمة الجنايات إدراج 1538 شخصا على قوائم الإرهاب بتهمة تمويل جماعة الإخوان، منهم لاعب كرة القدم السابق "محمد أبوتريكة"، والرئيس الراحل "محمد مرسي"، وعدد من قيادات الإخوان.

18 أبريل/نيسان 2018: نظرت محكمة النقض في أولى جلسات طعن المتهمين على قرار الإدارج، واستمعت لمرافعات الدفاع، وحجزت الطعن للحكم في شهر يوليو/تموز 2018.

19 أبريل/نيسان 2018: أصدرت محكمة الجنايات قرارا جديدا بإعادة إدراج 1529 شخصا من نفس المتهمين على ذمة قضية جديدة حملت رقم 620 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، والتي يتم التحقيق فيها بناء على بلاغ مقدم من لجنة أموال الإخوان، ونشر قرار الإدراج في الجريدة الرسمية في 30 أبريل/تموز 2018.

أبريل/نيسان 2018: أقر مجلس النواب، وأصدر رئيس الجمهورية القانون رقم (22) لسنة 2018، بتشكيل لجنة ذات طبيعة قضائية لتحل محل اللجنة السابقة، ونص القانون على ضم الأموال والممتلكات المتحفظ عليها إلى الخزانة العامة للدولة، ولا يمكن الطعن على قرارات اللجنة إلا أمام محكمة الأمور المستعجلة.

يونيو/حزيران 2018: صدر قرار عبد الفتاح السيسي بتشكيل اللجنة، وتعيين المستشار "محمد ياسر أبوالفتوح"، رئيسا لها.

يوليو/تموز 2018: ألغت محكمة النقض قرار إدارج المتهمين الصادر في يناير/كانون الثاني 2017، بعد قبول الطعن المقدم منهم على القرار .فيما يزال القرار الثاني مطعون عليه أمام محكمة النقض.

11 سبتمبر/أيلول 2019: أصدرت اللجنة القضائية قرارها الأول، بمصادرة أموال 1589 عنصرا من العناصر المنتمية والداعمة لتنظيم جماعة الإخوان، و118 شركة متنوعة النشاط، و1133 جمعية أهلية، و104 مدارس، و69 مستشفى، و33 موقعا إلكترونيا وقناة فضائية، وضم تلك الأموال المتحفظ عليها إلى جانب الخزانة العامة للدولة.


تحميل

المصادر:

1

سيطرة على منابع التمويل.. كيف تؤثر تعديلات الحكومة على قانون “الكيانات الإرهابية”؟

2

“تشريعية النواب” تبحث إعداد تشريع لفصل الخلايا النائمة من وظائف الدولة

3

انتزاع السيسي لممتلكات الإخوان المسلمين

4

مصادرة أملاك المعتقلين.. أداة السيسي الجديدة ضد المعارضين

5

مصر.. قرار بنقل أموال وممتلكات 69 معارضا إلى خزينة الدولة

6

مصر: أوامر بمصادرة أموال متهمين بقضية تمويل الإخوان

7

مصر تواصل الاستيلاء على أموال المعارضة والأصول

8

مصر: استهداف عائلات المعارضين

9

إنفوجراف| محطات فاضحة لسرقة السيسي أموال الإخوان والمعارضين

10

قانون الكيانات الإرهابية يسهل وصم المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية بالإرهاب

11

رايتس ووتش: قائمة الإرهاب في مصر انتهاك للإجراءات القانونية

12

نص القانون رقم 8 لسنة 2015، فى شأن تنظيم الكيانات الإرهابية والإرهابيين

كلمات مفتاحية :

الكيانات الإرهابية جماعة الإخوان المسلمين عبدالفتاح السيسي قانون الإرهاب مصادرة الأموال مصر