بعد رفضه الهدنة.. ماذا تفعل تركيا لهزيمة حفتر في ليبيا؟

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة صباح التركية الضوء على جهود أنقرة الدبلوماسية لتحويل وقف إطلاق النار في ليبيا إلى "سلام دائم"، رغم رفض اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر التهدئة في طرابلس.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن حفتر وافق في البداية على اتفاق الهدنة، ثم فرّ هاربا من موسكو، مؤكدا أن بلاده لن تتوانى عن تلقينه درسا إذا واصل الهجوم على الحكومة والشعب في ليبيا.

وأضاف أردوغان -في كلمة أمام مؤتمر لحزب العدالة والتنمية- أن الذين يسألون عن سبب وجود أنقرة في ليبيا يجهلون السياسة والتاريخ؛ "فلو لم تتدخل تركيا لكان الانقلابي حفتر سيستولي على كامل البلاد".

جهود مستمرة

من جانبه قال الكاتب برهان الدين دوران في مقالة له بصحيفة صباح: إن جهود أنقرة لم تتوقف، حيث زار رئيس الوزراء الإيطالي كونتي العاصمة التركية بعد والتقى فيها رئيس الحكومة الليبية المعترف بها دوليا فايز السراج.

كما التقى كل من أردوغان، ووزير الخارجية ووزير الدفاع التركي وكذلك وزير الاستخبارات التركية، السراج في موسكو من أجل التوقيع على اتفاق هدنة دائم في ليبيا.

وعاد حفتر إلى أبوظبي من حيث أتى، بعدما نفذ قرارا مسبقا برفض التوقيع على وثيقة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، وبعد مراوغات استمرت 11 ساعة متصلة، لكن الجانب الروسي أكد على مواصلة جهوده لـ"التوصل إلى اتفاق".

ورأى الكاتب أن الأنباء تشير إلى قبول حفتر حتى اللحظة وقف إطلاق النار، وذلك بعد تصعيد الجزائر وإعلانها وبشكل واضح أن طرابلس خطا أحمر، وميل مصر إلى هدنة هناك.

ولفت إلى أنه "منذ قمة إسطنبول الثامنة، أظهرت الوساطة التي أعلن عنها أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين أن الوضع في ليبيا أخذ مرحلة جديدة".

وتكشف زيارة أردوغان المرتقبة إلى برلين في 19 يناير/كانون الثاني عن تعاون قوي بين الدول الثلاث، خاصة وأن الرجلين، أي أردوغان وبوتين ليسا من ذوي الطراز الهش، وإلا ما كانت لتتطور العلاقة على هذه الشاكلة في ليبيا.

التعاون المشترك

وأشار دوران إلى أن الدروس المستفادة من سوريا جد خطيرة، بدءا من أزمة إسقاط الطائرة الروسية، عام 2015، ومن ثم بدء العملية السياسية في أستانة، حيث وإن كانت عسيرة، لكنها أنتجت شيئا من التعاون.

وفي المسألة الليبية قد يبدو الوضع مختلفا، لكن التدخل الروسي والتركي سيحدث وربما أحدث فرقا.

ودعا دوران إلى توثيق العلاقات بين أنقرة وموسكو؛ فعلى عكس محاولات الأولى العديدة لتحسين العلاقات مع واشنطن، لم تسر الأمور وفق ما يجب بعكس العلاقات مع الروس.

وعلى النقيض تماما، فإن المساحات مع الأمريكان تزيد اتساعا، وذلك "بسبب العمى الإستراتيجي لبعض دوائر واشنطن التي أضاعت فرصا جديدة للتعاون في العراق وليبيا كمثال". 

وتابع دوران: "يجب على أنقرة التي قررت إرسال قوات بناء على دعوة ليبية، مواصلة تحركاتها لجعل المسار الإيجابي في ليبيا دائما، لاسيما وأن حفتر يبحث عن مخرج لتخريب وقف إطلاق النار، وعليه يجب ألا يكون قويا في الميدان".

وعلى النقيض من ذلك، دعا الكاتب تركيا لتقوية حكومة الوفاق بكل السبل الممكنة، والعمل على تحسين البنى التحتية من مياه وكهرباء وصرف صحي، "ويجب أن تبدأ أعمال إعادة الهيكلة من الإدارة العامة إلى قطاع الأمن".

وأكد على ضرورة مشاركة الحلول بشأن الأزمة الليبية مع الدول المركزية وأهمها روسيا وألمانيا والجزائر وتونس وإيطاليا بحيث تدشن تركيا اتصالات وثيقة، مع عدم إغفال محاولات الإمارات لتخريب كل ذلك.

بيت الطاعة

ودعا أيضا إلى شرح أهمية وقف إطلاق النار للجماعات والمليشيات العاملة في الميدان الليبي، ومحاولة مد جسور الثقة بين هذه الأطراف جميعا، "وكذلك يجب ممارسة الضغط للسماح من أجل أن يوافق حفتر على حل سياسي عن طريق الاتصال بالمجموعات الموجودة في طبرق وتقع تحت سيطرته".

وختم الكاتب قوله: إنه "إذا ما نجح أردوغان وبوتين في إرساء السلام بليبيا سيرفع العالم كله القبعة احتراما لكليهما". 

ويرى مراقبون أن "روسيا باتت مرتبطة بوجود حكومة الوفاق بشكل كبير من خلال حلفها الجديد مع الحكومة التركية، التي باتت هي الأخرى تمتلك مصالح إستراتيجية قوية مع الحكومة في طرابلس".

وبالتالي فإن مشروع حفتر العسكري، الذي تدعمه دول على رأسها الإمارات، لا يمكن لروسيا أن تسمح بتنفيذه، فكما أرغمته على وقف إطلاق النار وهو على بعد أميال من طرابلس ومصراته، يمكنها اليوم إرجاعه لبيت الطاعة الروسي مجددا.

من جانبه قال الكاتب محمود أوفور في مقالة له بصحيفة صباح: إن المعارضة التركية تواصل تسويق الحجج الكاذبة ضد تركيا، ومن الشائعات حول مطار إسطنبول وعدم ملاءمته لرحلات الطيران، إلى حجج الأمن والأمان ونشر جو من الاضطرابات والخوف.

وقال: إن السؤال الذي يطرح صباح مساء حاليا "ما هو علاقتنا في ليبيا؟". وينادي أولئك بـ "استخدام الطرق الدبلوماسية، وكأن الحكومة التركية كانت تلعب أو تلهو خلال المدة الماضية".

وتابع أوفور في مقاله: أنه "كان واضحا إصرار تركيا على إرسال دعم عسكري إلى ليبيا، وكان تأثير ذلك جليا على مسار الأزمة الليبية، بل وفي فترة قصيرة".

تطورات مستمرة

وزاد في السياق: "خلال أيام، بعد أن أعلن حفتر رفضه وقف إطلاق النار، وإعلانه نفيرا عاما آخر، وافق بين ليلة وضحاها على التهدئة، وأعلن هو الآخر عن هدنة".

وعقب ذلك، بدأت تركيا بخط صفحة جديدة بقيادة أردوغان وبمشاركة كل من روسيا وإيطاليا. وبعد إطلاق الهدنة التقى الغريمان الليبيان في موسكو، وبالطبع، لا أحد يستطيع أن يقول أن مثل هذه العمليات ستمضي بسلاسة، لكن المهم هنا هو البدء مع عزيمة وإرادة ووضوح في الرؤية. 

ورأى الكاتب أن جزءا كبيرا من ذلك كان بفعل "الدبلوماسية متعددة الأبعاد التي قام بها الرئيس أردوغان، وأيضا السياسات الموجهة نحو الحل والعلاقة الخاصة التي أقيمت مع بوتين هي الأخرى كانت مهمة وحاسمة للغاية". 

يذكر أن التطورات في المسألة الليبية ما زالت مستمرة، حيث لم يتم التوصل لاتفاق أخير بشأن وقف إطلاق النار في ليبيا، بعد اجتماع دعت له موسكو بدعم تركي.

ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن مصدر عسكري قوله: إن حفتر لن يوقع على الاتفاق ما لم يتم وضع جدول زمني لإنهاء وحل ما وصفها بالمليشيات.

من ناحيتها، حذرت قوات حكومة الوفاق الوطني مما وصفته بمخاطر انهيار وقف إطلاق النار، وقالت إنها رصدت قيام قوات حفتر بتحريك حشود مسلحة في محاور القتال جنوب العاصمة طرابلس.

يشار إلى أنه ومنذ بدء هجوم حفتر للسيطرة على طرابلس في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، قتل أكثر من 280 مدنيا، ونحو ألفي مقاتل، حسب الأمم المتحدة، ونزح أكثر من 150 ألف ليبي.