إيران وروسيا والصين.. أكبر المستفيدين من إعادة بناء اقتصاد سوريا

12

طباعة

مشاركة

"مع اقتراب الحرب فى سوريا من مرحلتها النهائية، فإن ثمة عقبات على المستويين الداخلي والخارجي ستواجه عملية إنعاش اقتصاد هذا البلد المنهك في الحرب منذ عام 2011 وحتى الآن".

أليكساندر ويرمان، المحلل في شؤون الشرق الأوسط يرى في مقاله بموقع Global Risk Insights أن جميع المؤشرات تظهر أن الوضع في سوريا ما بعد الحرب يتجه لبناء اقتصاديات محلية.

الاقتصاد السوري قبل الصراع

حسب المقال، الذي ترجمته "الاستقلال"، كان الاقتصاد السوري يتمتع باستقرار نسبي حيث بلغ متوسط نمو الإجمالي السنوي للناتج المحلي  حوالي 5% قبل بدء الحرب. وبلغ نصيب الفرد من إجمالى الناتج المحلي 2.835 دولارا سنويا، وهي نسبة مماثلة لمصر والمغرب، ولكنها أقل من معظم البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي 2011 كانت الزراعة ولا تزال إلى اليوم، تحتل أهمية كبرى إذ كانت تشكل 19 ٪ من إجمالي الناتج المحلي وتوظف 26 ٪ من السكان الناشطين اقتصاديا. وكانت الدولة تسيطر إلى حد كبير على صناعة النفط. حيث كانت تعتمد عليه للإنفاق على الحكومة والعمالة.

وتراجع الإنتاج في قطاع الطاقة بشكل حاد، حيث انخفض إنتاج النفط الخام من 386 ألف برميل في اليوم  عام 2010 إلى 9 آلاف برميل عام 2014.

وفي 2010 ، وفق ويرمان، كان يشكل التصنيع والتعدين والمرافق 27.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي ومن المرجح أن تكون هذه النسبة قد شهدت انخفاضا هائلا حيث تم تدمير البنية التحتية للنقل وتعطيل سلاسل الإمداد، التي كانت توفر الوقود والمواد الخام. وقام العديد من مؤسسات العمل في هذا القطاع بنقل أعمالها إلى البلدان المجاورة، وخاصة تركيا حيث يمثل السوريون 26٪ من الشركات الجديدة المسجلة عام 2014.

وذهب قطاع المعادن من تصدير 4.7 مليار دولار عام 2011 إلى ما يقرب من الصفر عام 2015. أما قطاع الخدمات، وفي مقدمته السياحة، فكان أيضا يشكل جزءًا رئيسًيا من الاقتصاد، وسيستغرق هو الآخروقتًا طويلاً للتعافي، حسب المقال.

عقبات داخلية

الدمار الهائل الذى تعرضت له الأصول المادية فى البلاد سيشكل عقبة كبيرة أمام إعادة الإعمار. فمنذ 2017، تم تدمير 7% من المنازل، وتضرر 20% منها بشكل جزئي، هكذا قال ويرمان.

في المجال الزراعي، قدرت الأمم المتحدة أن هناك 3.2 مليار دولار من الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية. وتشمل هذه الخسائر نظم الري، ومرافق التجهيز والتخزين، والآلات الزراعية.

كما أشارت دراسة أجرتها الأمم المتحدة إلى أن 25٪ من الأسر لا تستطيع  الحصول على البذور، و50٪ لا يستطيعون الحصول على الأسمدة، وانخفضت ملكية الثروة الحيوانية بنسبة 50٪ تقريبًا. كما أن أنابيب الغاز وشبكات نقل الكهرباء والطرق كل ذلك قد تعرض لأضرار بالغة.

من الصعب جدولة تكاليف الأضرار بشكل دقيق لأن الوصول إلى سوريا لا يزال صعبا للغاية. ولكن بشكل عام، يقدر أن الحرب تسبب في خسائر تراكمية في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 226 مليار دولار حتى عام 2017، حسب المقال.

عقبات خارجية

فرضت الولايات الأمريكية سلسلة من العقوبات الشاملة على سوريا من خلال الأوامر التنفيذية في بداية الصراع  2011. واستهدفت هذه العقوبات المصادر الهامة المولدة للدخل والمؤيدين المؤثرين لنظام الأسد.

ويضيف ويرمان في مقاله قائلا "على وجه التحديد، تحظر هذه العقوبات تداول المنتجات النفطية من سوريا، كما تحظر على الأمريكيين الاستثمار أو بيع الخدمات هناك، وتجميد أصول المسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى".

كذلك التجارة مع الدول المجاورة قد تراجعت. وهناك نقص كبير في توفر رأس المال لأن الكيانات الخاصة والدول الخارجية، باسثناء إيران وروسيا، ليس لديها نشاط داخل سوريا في الوقت الحالي، بحسب المقال.

فرص اقتصادية

ويرمان يرى أن إعادة بناء البلاد سيكون صعبا ومكلفا للغاية للأسباب المذكورة أعلاه. وستكون إيران وروسيا أكبر المستفيدين من إعاده الإعمار في الأراضي التي يسيطر عليها الأسد. وذلك بسبب دورهم في مساندة النظام طوال سنوات الحرب.

فقد حصلت مؤسسات إيرانية على ريع من الأسد من خلال اتفاقات مثل إذن تشغيل لشركة للهاتف المحمول، وللقيام بدور في أحد مناجم الفوسفات المربحة. ووقع وزير الطاقة الروسي بالفعل اتفاقية تعاون مع نظيره السوري. ويعتقد أن روسيا هي المستثمر الرئيسي في منجم الفوسفات في خنيفيس في تدمر.

الاستثمار الأجنبي

كما تتطلع سوريا للاستثمار الصيني لمشاريع البنية التحتية واسعة النطاق. ويبدو حسب ويرمان أن الصين، وبحسب الموقع، مهتمة كذلك، حيث تعهدت في منتدى التعاون الصيني العربي في بداية عام 2018، بتقديم 23 مليار دولار من القروض والمساعدات لمنطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك 90 مليون دولار من المساعدات الإنسانية لليمن ولبنان وسوريا والأردن.

وبما أن الصين لا تأخذ سجلات حقوق الإنسان بعين الاعتبار عند اتخاذ قرارات الاستثمار، فسيكون من السهل على سوريا جذب الاستثمارات منها طالما تعتقد الصين أن المشاريع قابلة للحياة اقتصادياً، حسب الموقع.

لكن سيتعين على حكومة الأسد، بحسب ويرمان، أن توازن بين حاجتها الكبيرة لرأس المال الخارجي لتفعيل هذه المشاريع وبين ميل الصين إلى استخدام الديون كوسيلة لاكتساب ملكية الأصول الاستراتيجية للبلدان الأفقر وفق ويرمان.

وفي محافظة دير الزور الغنية بالنفط والتي تسيطر عليها القوات الكردية، المدعومة من الولايات المتحدة. قد تكون هناك فرصة للشركات الخارجية للمساعدة في استخراج النفط وتطوير المصافي وإعادة بناء خطوط الأنابيب والبنية التحتية  المتضررة للنقل. ويمكن للشركات الأجنبيه أيضا أن تلعب دورا رئيسيا في القطاع الزراعي كما يقول ويرمان.

كذلك، وحسب مقال ويرمان، ينبغي للشركات الأجنبية أن تنظر في وقف الاستثمار على المدى المتوسط والطويل في المنطقة، إلى أن تتوصل القوات الكردية ونظام الأسد إلى نوع من اتفاق الحكم مثل الذى حصل عليه الأكراد في العراق. ما يتيح للبلد فرصا محدودة للمشاركة. فلا تزال سوريا مكانا محفوفا بالمخاطر للقيام بأعمال تجارية.