Tuesday 19 March, 2024

صحيفة الاستقلال

تفاهم سياسي وصراع ميداني.. ماذا يحدث بين روسيا وتركيا في ليبيا؟

منذ 2020/01/13 14:01:00 | ترجمات
أحد السيناريوهات المقلقة هي الدخول في أتون حرب أهلية مع قوات حفتر
حجم الخط

وصفت صحيفة "ديرليش بوسطاسي" التركية، موسكو وأنقرة بأنهما "صديق لدود"، حيث يتواصل التعاون السياسي والاقتصادي بين الجانبين في كل المحافل، لكن تسود اختلافات واسعة في وجهات النظر.

وتوضح الصحيفة في مقال للكاتب إسماعيل شاهين أن المصالح المشتركة تجبر الطرفين على التواصل والوصول إلى حلول، وسط تزاحم القضايا الشائكة في المنطقة.

ومن تلك القضايا، البحر الأبيض المتوسط الذي يتمتع بميزة هامة سواء في السياسة أو التجارة الدولية، ويلعب دورا رئيسيا في توزيع المخاطر أو الفرص الجيوسياسية بين آسيا وأوروبا وإفريقيا وأوروبا.

شرق المتوسط

وتنبع تلك الأهمية من اكتشافات الغاز في شرق المتوسط، حيث زاد وزنه في السياسة الدولية. وعليه، أرادت كل دولة أن توجد فيه أو على الأقل يكون لها تأثير في المنطقة.

ويقول الكاتب: "إذا كانت هذه الدولة تتمتع بتاريخ عريق مثل روسيا، فإنها ستعيد تشكيل موقفها في كل مرة تتغير فيها قواعد اللعبة أو اللاعبين في البحر المتوسط".

وللبحر المتوسط مكانة خاصة في السياسة الخارجية الروسية، ولذلك فإن وجود موسكو العسكري والسياسي في شرقه أمر بديهي، بل من المتوقع بحسب الكاتب أن توسع وتعمق وجودها هذا. واليوم، يعد النفط والغاز الطبيعي من بين العوامل التي تؤثر على سياسة روسيا فيه. 

وتابع شاهين في مقاله: "ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار أن روسيا منتج وبائع للنفط والغاز، لذلك، فإن البلدان المنتجة والموزعة والمستقبلة للنفط والغاز الطبيعي مؤهلة للارتباط بروسيا".

وبالتالي، فإن قدرة روسيا على تحقيق التنمية الاقتصادية وأن تكون قوة فعالة في العلاقات الدولية، أمر يعتمد على كيفية إدارة معادلة الطاقة بشكل جيد.

في هذا الصدد، تولي روسيا الاهتمام بأمن بحر البلطيق والبحر الأسود؛ لأن لهما قيمة جغرافية سياسية منفصلة في تسيير صادرات الطاقة بطريقة آمنة ومستقرة.

اهتزاز الثقة

واعتبر الكاتب أن الربيع العربي، هز الثقة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفتح بابا جديدا لروسيا.

وهكذا، أتيحت لروسيا الفرصة لانتشار سريع بل وضمن جغرافية واسعة من سوريا إلى شمال إفريقيا بإمكانيات سياسية وعسكرية.

وتابع: "يجب الاعتراف بأن أكبر قوة لروسيا هي أنها تعرف ما يجب فعله، العامل الأكثر حسما وراء هذا التصميم والعزم هو أنها تحتاج إلى إدارة موارد الطاقة الإستراتيجية بشكل عقلاني".

لذلك، من الضروري ألا تطغى التطورات في شمال إفريقيا أو شرق البحر المتوسط بأي شكل من الأشكال على مشاريع الطاقة الروسية في البحر الأسود وبحر البلطيق.

وفي ظل هذا النظام الاقتصادي والسياسي الدقيق، كانت روسيا أول من دعم النزاعات الإقليمية في شرق البحر المتوسط وشمال إفريقيا ثم شرعت في إعادة ترتيب المنطقة وفق رؤيتها.

أزمة ليبيا

بدوره رأى الكاتب "سيدات إيرجين" في مقال له بصحيفة حرييت، أن التعاون الروسي التركي في ليبيا، ليس الأول.

وفي كل مرة تكاد فيها الأمور تنفرط بين الدولتين، فإن التفاهمات المشتركة التي يجريها كل من الرئيسين التركي والروسي تعيد الأمور إلى مسارها المعقول.

آخر تلك الجولات هي اللقاءات التي أجريت في إسطنبول حيث زارها مؤخرا فلاديمير بوتين والتقى رجب طيب أردوغان، وتمحور الاجتماع هذه المرة حول ليبيا. 

ورأى الكاتب أن نموذج التعاون هذه المرة متناقض، حيث يتصارع الطرفان في الميدان بشكل غير مباشر من خلال وكلائهما، ويتعاونان دبلوماسيا بشكل مدهش لإنشاء إطار لحل الأزمات.

ففي ليبيا يدعم الأتراك الحكومة المعترف بها دوليا، لكن الروس يساندون قوات خليفة حفتر الانقلابية. وفي سوريا، تدعم تركيا المعارضة التي تحاربها موسكو دعما لنظام بشار الأسد.

من ناحية أخرى، تبدو روسيا محايدة في تصريحاتها الرسمية، لكنها تؤيد هجوم خليفة حفتر على طرابلس. ويعد المرتزقة الروس الذين ساندوا اللواء المتقاعد بالدعم العسكري، أوضح دليل على هذا الدعم.

اختبار الهدنة

نتيجة لذلك، يمكن أن يؤدي الجمع بين اثنين من الطرفين الذين يدعمون جبهات مختلفة إلى إنشاء عتبة حرجة يمكن أن تؤثر على مسار الأزمة.

وسيجري اختبار هذا الأمر في 12 يناير/كانون الثاني الجاري، حيث دعا الرئيسان التركي والروسي إلى وقف إطلاق النار في ليبيا، ما قد يمهد الطريق للجهود الدبلوماسية، لكن حفتر رفض تلك المبادرة.

غير أن روسيا التي زادت من وزنها في الشرق الأوسط من خلال التحركات التي اتخذتها واحدة تلو الأخرى، ستعزز مكانتها في المنطقة، وفق الكاتب.

وقال: إن وقف إطلاق النار سيعمل في حال تحقق على تقوية موقف تركيا في الأزمة الليبية، لأن التطورات الأخيرة في هذا المجال أظهرت أن التفوق العسكري قد انتقل إلى حفتر بشكل كبير وكان الاستيلاء على مدينة سرت الساحلية من قبل قواته مثيرا للقلق.

بالإضافة إلى ذلك، دخلت مليشيات حفتر مؤخرا نطاقا يمكن من خلاله ضرب أهداف بسهولة على حدود طرابلس، الأمر الذي سبب مشاكل لأنقرة التي تقاتل جاهدة لتبقى الحكومة المعترف بها دوليا، واقفة على أقدامها. 

إذا لم يكن هناك مفاجأة في التوازن العسكري في الميدان خلال الفترة الزمنية القصيرة جدا فإن وقف إطلاق النار سيغدو ساريا، وستتوقف التطورات وتبقى الأوضاع على حالها لفترة ما.

تخوفات إضافية

وأوضح الكاتب أن أحد السيناريوهات المقلقة هي الدخول في أتون حرب أهلية مع قوات حفتر التي تقف وراءها دول عدة أهمها مرتزقة موسكو والدعم المصري والإماراتي. 

ولم يحدد الكاتب رابطا بين قرار تركيا إرسال جنود إلى ليبيا وبين الإعلان عن وقف إطلاق النار، لكن ومن أجل إعطاء فرصة لتطورات دبلوماسية في المجتمع الدولي، تتعزز توقعات جميع الجهات الفاعلة في الأزمة أن الوضع يتجه نحو تجنب تصاعد التوتر.

وقد يكون لتركيا هنا قرارات غير معلنة بأن تخفف من مستوى دعمها العسكري المرسل إلى ليبيا سواء من حيث النوعية أو عدد الجنود.

وانتقل الكاتب إلى مؤتمر برلين المزمع عقده قريبا من أجل بحث المسألة الليبية، حيث تساءل عن المسار التركي الروسي داخل هذا المؤتمر وخارجه وكيف سيعمل الطرفان بشكل مستقل مع الأوروبيين.

وهناك مشكلة خطيرة في هذا السياق وهي أنه لا يمكن للاتحاد الأوروبي تحديد موقف مشترك تجاه ليبيا بسبب اختلاف وجهات نظر الدول الأعضاء فيما بينها.

لكن وكما كان الأمر مع سوريا، تتخوف أوروبا أن تنال منها الأزمة الليبية، عبر حدوث موجة هجرة جديدة من خلال البحر المتوسط.

واعتبر الكاتب أن إرسال قوات إلى ليبيا هو واحد من أخطر القرارات في تاريخ الجمهورية التركية المتعلقة بسياساتها الخارجية، ومع ذلك، ينبغي الترحيب بنجاح وقف إطلاق النار والتقدم نحو إيجاد حل للأزمة الليبية من خلال القنوات الدبلوماسية للحد من احتمالات المخاطرة.


تحميل

المصادر:

1

Rusya’nın enerji siyasetinde Doğu Akdeniz

2

Türk-Rus işbirliği Suriye’den sonra bu kez Libya’da devrede

كلمات مفتاحية :

النفوذ تركيا خليفة حفتر رجيب طيب أردوغان روسيا سوريا شرق المتوسط فلاديمير بوتين ليبيا