بينهم "مرتزقة الأسد".. لماذا يحشد خليط دولي غير متجانس الدعم لحفتر؟

آدم يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع تصاعد المواجهات في ليبيا بين القوات الحكومية المعترف بها دوليا ومليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، دخل مرتزقة النظام السوري على الخط، في محاولة لتحقيق تقدم ميداني على الأرض في معركة طرابلس. 

وقالت مصادر سورية وليبية: إنه جرى تسيير رحلات جوية عسكرية من دمشق، تقل مجاميع من مرتزقة موالية لبشار الأسد، باتجاه قاعدة عسكرية في مدينة بنغازي الليبية، وذلك للقتال إلى جانب قوات حفتر.

وكانت طائرة روسية بالإضافة إلى طائرة من طراز "إليوشن" العسكرية، قد انطلقت من دمشق، متوجهة إلى ليبيا في 26 ديسمبر/كانون الأول المنصرم، تقل جنودا وكميات من الأسلحة، وحطت في قاعدة بنغازي العسكرية، التي تسيطر عليها قوات حفتر. 

تدخل الأسد

وأشار المتحدث الرسمي باسم قوات حكومة الوفاق مصطفى المجعي، إلى وجود وثائق لدى الحكومة تثبت وصول رحلات جوية من دمشق إلى شرق ليبيا لشركة "أجنحة الشام" التابعة لنظام الأسد.

فيما قال القائد العسكري في الجيش الوطني السوري عماد شحود: إن "متطوعين تابعين لنظام الأسد وموالين لروسيا يُسجلون أسماءهم في مركز بمدينة السلمية شرق محافظة حماة، وذلك للذهاب إلى ليبيا والقتال إلى جانب قوات حفتر، مقابل راتب شهري قدره 1500 دولار أمريكي".

وأضاف العقيد شحود في تصريحات صحفية أن "طائرة تعمل لصالح شركة فاجنر الروسية، أقلعت من مطار الشعيرات بريف حمص قبل عدة أيام، وحطت في إحدى مطارات مصر، ليتم دخول القوات إلى ليبيا برا".

وفي حديثه لـ"الاستقلال"، يقول الكاتب الصحفي محمد الأحمدي: "في الوقت الذي تعلن فيه تركيا وقوفها بوضوح إلى جانب الحكومة الشرعية في ليبيا وإسنادها عبر الطرق القانونية في مواجهة الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، يذهب النظام السوري وحكومات عربية أخرى لإرسال مرتزقته سرا للهجوم على طرابلس ودعم مسار الانقلاب".

وهذا الأمر بحسب الأحمدي "جزء من مشهد التحالف الوثيق بين عواصم الثورات المضادة والديكتاتوريات التي ثارت عليها الشعوب العربية، وهو التحالف الذي يهدف لإجهاض أي محاولات للتحول الديمقراطي في البلاد العربية".

ويتابع: "تعاني الأنظمة الداعمة للثورات المضادة والانقلابات أزمة في المشروعية السياسية، باعتبارها أنظمة وظيفية للغرب أكثر من كونها حكومات تجسد الإرادة الشعبية، لذلك لا تتوانى لحظة عن التسلل سرا إلى حياة الشعوب بهدف التدمير وخلق الفوضى، وتسخير إمكانياتها المالية الهائلة لدعم الانقلابات وجماعات العنف والديكتاتوريات". 

ومحاولات الإجهاض بدأت مبكرا، حيث قال المحلل السياسي علي باكير لقناة الجزيرة: "لعلنا نذكر أن الأسد أرسل (عند اندلاع الثورة الليبية) جنودا وطيارين لمساندة القذافي، كما أرسل له قافلة سيارات لاند كروزر، دفع رباعي".

 

خليط غير متجانس

لا يقاتل مرتزقة الأسد لوحدهم في صفوف حفتر، بل هناك جنود روس وأوكرانيون موالون لبشار الأسد، كانوا قد أتوا من سوريا، عبر طائر ات روسية، بالإضافة إلى تشكيلة واسعة من المرتزقة والمليشيات.

وبحسب وكالة الأناضول، فإن قوات حفتر تضم خليطا غير متجانس مكونا من مرتزقة روس، بالإضافة إلى تشاديين ومتمردي دارفور ومليشيات الجنجويد، بالإضافة إلى مرتزقة سلفيين.

وأعلنت قوات حكومة الوفاق الوطني في 7 يناير/كانون الثاني الجاري، أنها انسحبت جزئيا من مدينة سرت (شرقا) لحماية المدنيين وبانتظار التعزيزات، بعدما هاجمت قوات متعددة الجنسيات المدينة، ودعا الممثل الأممي الخاص غسان سلامة الدول الأجنبية إلى الخروج من ليبيا.

وتشكل مليشيات حفتر قوة يتراوح قوامها بين 25 و30 ألف مسلح، منهم 7 آلاف من العناصر العسكرية المدربة. ويعد اللواء 106 مجحفل، أكبر وحداته القتالية عددا وتسليحا، ويقوده ضابط صغير السن قليل الخبرة برتبة مقدم، مؤهله الوحيد أنه نجل حفتر، في مشهد يذكرنا بتجربة القذافي الذي وضع ابنه خميسا قائدا لكتيبة أمنية.

وكانت "الجزيرة نت" قد أظهرت مقاطع فيديو قالت إنها لمرتزقة في الخطوط الأمامية للهجوم الذي تشنه قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس. 

وتظهر التسجيلات التي التقطت حديثا عددا من المقاتلين، قيل إنهم روس وأوكرانيين يتمركزون مع سياراتهم وأسلحتهم في أحد المواقع على جبهات القتال.

ومن بين هؤلاء مرتزقة من شركة "فاجنر" الروسية يقاتلون في صفوف قوات حفتر، ويؤدون أدوارا نوعية لاقتحام العاصمة طرابلس مقر حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.

خليط غير متجانس من المرتزقة يقاتل في صفوف قوات حفتر
وكانت حكومة الوفاق الليبية أكدت في وقت سابق، أنها وثقت وجود ما بين 600 و800 مقاتل روسي في ليبيا، وقالت إنها تجمع أسماءهم وأدلة أخرى على مشاركتهم في القتال لمواجهة الحكومة الروسية بها، بينما تنفي موسكو وجود أي قوات تابعة لها في ليبيا.

وقال تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط": إن موسكو أرسلت تعزيزات إلى بنغازي "استباقا للتدخل التركي في ليبيا دعما لقوات حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج"، مبينا أن مواقع متخصصة في تعقب حركة الطائرات العسكرية أفادت بانتقال طائرة روسية من طراز «توبولوف» من قاعدة حميميم غرب سوريا إلى بنغازي في ليبيا بعد وصولها من موسكو.

وإلى جانب روسيا ونظام الأسد والدعم العسكري الفرنسي، يقول الأحمدي: إن "إرسال مصر والإمارات والسعودية مرتزقة سرا إلى ليبيا لدعم انقلاب حفتر على حكومة الوفاق يكشف واحدية المشروع وتشابه الأنظمة القمعية في المنطقة العربية وأدواتها التدميرية حد التطابق".

ويتابع في حديثه لـ"الاستقلال": إنه "من المؤسف أن العالم أقام الدنيا ولم يقعدها على القرار التركي بدعم حكومة الوفاق الوطني، والدفاع عن مصالح أنقرة في البحر المتوسط،  في حين يتجاهل التشكيل المسلح والخليط غير المتجانس لداعمي انقلاب حفتر".

خلط الأوراق

وفي ظل تصاعد الحديث عن إرسال نظام بشار الأسد مرتزقة للقتال في صفوف حفتر في ليبيا، وجهت وسائل إعلامية اتهامات لتركيا بإرسال قوات من المعارضة السورية للقتال مع حكومة الوفاق، فيما بدا أنها محاولة لخلط الأوراق وصرف الانتباه عن حقيقة ما يجري.

فقد نسب راديو فرنسا الدولي (RFI) إلى مصادر في مطار معيتيقة في العاصمة الليبية، لم يكشف عن هويتها، أن هناك تحركا مهما للمقاتلين القادمين من تركيا على متن رحلات غير مسجلة.

وقال الراديو على موقعه الإلكتروني: إن التقارير التي تتحدث عن وجود  من سماهم مرتزقة سوريين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا، تتزايد في البلد الغارق في الفوضى منذ سنوات.

وأضاف أن "هناك مقاطع فيديو تظهر وجود مقاتلين سوريين في طرابلس"، حيث تواجه القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، منذ أبريل/نيسان الماضي هجوما للقوات الموالية للمشير خليفة حفتر الساعي للسيطرة على العاصمة. 

وبدوره، نفى المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني صحة الادعاءات والتسجيلات المرئية التي يجري تداولها، ودعا إلى ضرورة تثبت القنوات الإخبارية المحلية والدولية من التسجيلات  التي قال إنها التقطت في مدينة إدلب السورية وليس في ليبيا.

وكان الجيش الوطني السوري نفى أيضا هذه الأنباء. وقال المتحدث باسمه الرائد يوسف حمود: إننا "لم نعلم بهذا الخبر إلا من وسائل الإعلام"، مؤكدا عدم صحة تلك الشائعات. 

فيما أكدت حكومة الوفاق الوطني، في بيان لها، ملاحقتها القضائية لكل من يساهم في نشر تلك الأكاذيب وغيرها من افتراءات، على حد وصفها، معتبرة نشر هذه التسجيلات محاولة يائسة لتشويه ما تحققه قواتها من انتصارات.

وأمام هذه الأنباء، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أن أولوية بلاده في ليبيا هي إيقاف الاشتباكات في أسرع وقت ممكن وتحقيق وقف إطلاق النار.

وأعرب في مؤتمر صحفي بالعاصمة أنقرة في 7يناير/كانون الثاني عن استنكاره لعدم إدانة المجتمع الدولي هجمات خليفة حفتر، وعدم محاسبته على جرائمه.