ذا تايمز: هكذا ساعد ترامب على ترسيخ الاستبداد في العالم

12

طباعة

مشاركة

بدا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صارما عندما أعلن في 2019 أن "الفكرة الليبرالية المزعومة" قد استوفت أغراضها. ومع أنه لا يعارضها، لكنه ليس مع فرضها كنموذج أوحد.

وقال بوتين في يونيو/حزيران الماضي: "لقد أقر شركاؤنا الغربيون بأن بعض عناصر الفكرة الليبرالية مثل التعددية الثقافية، لم تعد مقبولة".

وأضاف بأن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ارتكبت "خطأ جوهريا" من خلال السماح لأعداد كبيرة من الأجانب والمهاجرين بدخول أوروبا، فهو يرى أنه "يمكن للمهاجرين القتل والنهب والاغتصاب دون عقاب لأنه يجب حماية حقوقهم كمهاجرين".

ويجري التعبير عن مثل هذه المشاعر بشكل متزايد مع انتشار موجة من الشعوبية في جميع أنحاء العالم. فمع صعود قادة أقوياء وسلطويين حول العالم، تمر الديمقراطية بـ"حالة ركود". 

دلائل حية

وتقول صحيفة "ذا تايمز" البريطانية: "لقد كان العقد الماضي جيدا للسلطويين والديكتاتوريين"، مستندة في ذلك إلى تجارب عدة دول أبرزها روسيا والصين.

فبعد عودة بوتين (67 عاما) إلى الرئاسة في عام 2012، بدا أنه أكثر تعصبا من المعارضة، كما أن الرئيس الصيني جين بينغ (66 عاما)، والذي تولى قيادة بلاده في نفس العام مع عودة بوتين، تمكن من توطيد نفسه في السلطة ونجح في إلغاء حدود المدة المحددة.

وفي المجر، يفتخر رئيس الوزراء فيكتور أوربان، ذو الـ56 عاما، على مدى السنوات التسع الماضية ، بإيجاده لــ "ديمقراطية غير ليبرالية".

بينما تُوج العقد الأخير بمحاولة رئيس الوزراء الهندي القومي الهندوسي ناريندرا مودي بسن قانون "مناهض للمسلمين" أدى إلى احتجاجات واسعة.

وفي الوقت نفسه، استسلمت ديمقراطيات تبدو مستقرة مثل البرازيل والولايات المتحدة للزعماء الذين بدؤوا في تفكيك المؤسسات  الديمقراطية.

وشجع انتخاب دونالد ترامب في عام 2016 السلطويين على الصعيد العالمي، فقد تحدث ساكن البيت الأبيض عن إعجابه ببوتين وجين بينغ، إضافة إلى رودريغو دوتيرتي (74 عاما)، وهو رئيس الفلبين الذي لا يرحم والذي تبيد قواته الأمنية الأشخاص الذين يُشتبه في تعاطيهم المخدرات.

كما أعلن ترامب في فبراير/شباط 2019، أنه "يعيش حالة حب" مع كيم جونغ أون، المستبد الذي يدير كوريا الشمالية.

وكان عالم السياسة في جامعة جونز هوبكنز ياشا مونك قد توقع قبل خمس سنوات صعود الاستبداد في دول العالم، ووجد هو وزميل له دليلا مثيرا بشأن ذلك، أثناء قرائتهم لبيانات الاستطلاع حول تراجع الثقة في الديمقراطية في الغرب. 

فعلى سبيل المثال يقول واحد من كل ستة ممن خضعوا للاستبيان في الولايات المتحدة أنه سيكون من "الجيد" أو "الجيد للغاية" أن يحكم الجيش البلاد، مقارنة بواحد من كل 16 في عام 1995. كانت هناك زيادة مماثلة في نسبة أولئك الذين فضلوا "القائد القوي الذي لا يهتم بالبرلمان والانتخابات" على غيره من أنواع القادة.

استياء ديمقراطي

يقول البروفيسور مونك: إن هناك ثلاثة عوامل رئيسة أدت لحالة الاستياء من الديموقراطية: أولها الركود الاقتصادي.

وثانيا انخفاض مستويات المعيشة وتغير نمط الحياة الغربي بسبب غضب المواطنين الذين يعتقدون أن نمطهم في الحياة أخذ يتآكل ويتغير على أيدي المهاجرين، ومثليي الجنس وغيرهم. وثالثا صعود وسائل التواصل الاجتماعي، والتي "تسهل على القائد القوي بناء الولاء الشخصي وتجاوز المؤسسات التقليدية".

وقال البروفيسور مونك: إن الكثيرين في الغرب يشعرون أنه "يجري تجاهلهم وعدم الاهتمام بمخاوفهم من قبل السياسيين"، كما أنهم مقتنعون بأن أطفالهم سيعيشون حالة اقتصادية متراجعة.

وأكد مونك أن هذا هو الحصاد الذي انتهينا إليه بسبب الاضطرابات السياسية خلال السنوات العشر الأخيرة، لأن المواطن متى ما شعر بأن الأمور ستزداد سوءا في العالم وأن النخب لا تستمع إليه حقا، فهذا يعطيه الكثير من الأسباب لقول: "لماذا لا نتخلص من بعض الأشياء" ومن ضمنها الديموقراطية.

يقول جاسون ستانلي، أستاذ الفلسفة في جامعة ييل: إن العديد من الرجال الأقوياء في السنوات الأخيرة - وكلهم رجال – يتسمون بصفات فاشية.

وأضاف: "كان العالم دائما يديره رجال أقوياء، لكن ما نتحدث عنه الآن هو على وجه التحديد صعود الفاشية أو القومية والعرقية مع زعيم يمثل الصوت الوطني، لذلك نجد زعماء مثل مودي، وترامب، وبوتين، وأوربان (رئيس وزراء هنغاريا)، وبولسونارو في البرازيل، ونتنياهو".

ويرى الباحثون بأن الأقوياء الجدد هم نتيجة للرد على الليبرالية من قبل الثقافات المهيمنة التي تشعر بالتهديد من المهاجرين، وأتباع الديانات الأخرى والمثقفين.

يتنبأ البروفيسور مونك باستمرار هذه الاتجاهات في العقد الجديد. ففي مجموعة من البلدان مثل البرازيل والهند وإيطاليا والولايات المتحدة وبولندا، يتوقع أن تصبح الحكومات الشعبية أكثر ميلا نحو الاستبدادية بوتيرة متزايدة.

بينما في بلدان أخرى ذات أنظمة حكم راسخة مثل المجر، فنزويلا، أو ربما روسيا، فإن بعض الصدمات الخارجية أو الأزمات الداخلية قد تسبب في دخول هذه البلدان في دوامة البحث عن شرعية حقيقية.