Tuesday 19 March, 2024

صحيفة الاستقلال

تقرير الحالة العربية: ديسمبر/ كانون الأول 2019

منذ 2020/01/02 20:01:00 | الحالة العربية
تقرير شهري يتناول أبرز القضايا المتعلقة بالوطن العربي وما يتصل به داخليا وخارجيا
حجم الخط
المحتويات
مقدمة
محور حراك الشعوب
  • الحالة العراقية:
قصف أمريكي لمواقع الحشد الشعبي.
قانون الانتخابات الجديد.
السيستاني يدعو لانتخابات مبكرة بالعراق.
الرئيس العراقي يعيد الكرة للبرلمان ويهدد بالاستقالة.
  • الحالة اللبنانية:
رئيس الحكومة اللبناني المكلف يعلن ملامح حكومته الجديدة.
أبرز الكتل المشاركة في حكومة دياب.
الخلاف حول تشكيل الحكومة.
  • الحالة الجزائرية:
فوز عبد المجيد تبون بالرئاسة في الجزائر.
وفاة رئيس الأركان الجزائري القايد صالح.

محور الحالة السياسية

  • الحالة الليبية:
معارك بين حكومة الوفاق وقوات حفتر، وتصاعد أزمة إنسانية.
حفتر وتدفق المرتزقة السودانيين على ليبيا.
ليبيا بدأت تتحول إلى سوريا أخرى.
السيسي والهجوم على حكومة الوفاق الوطني.
الوجود الروسي في ليبيا.
تركيا والمسألة الليبية.
تداعيات الاتفاقية الليبية مع تركيا.
حكومة الوفاق والتدخل المصري في ليبيا.
قوات حفتر تحتجز سفينة طاقمها تركي.
الإندبندنت: بوتين في ليبيا يهدد الناتو وأوروبا ومصالح مصر والإمارات.
قوات الوفاق الليبية تشن هجوما كاسحا وإيطاليا تحذر أردوغان من التدخل العسكري.
  • الحالة المصرية:
البرلمان يقر تعديلا وزاريا يشمل 10 حقائب بمصر.
مفاوضات سد النهضة.
السلطات المصرية تفرج عن رئيس الأركان السابق سامي عنان.
مصر تعترض دوليا على الاتفاقية التركية الليبية.
صفقة الغاز المصرية الإسرائيلية.
وثيقة رجل الأعمال والفنان محمد على.
  • الحالة السورية:
إدلب واستمرار قصف النظام السوري وروسيا.
إدخال المساعدات الإنسانية.
الأمطار والسيول وتراجع المعونات تزيد معاناة النازحين شمال سوريا.
تحذير تركي من موجة جديدة من النازحين.
الجيش الأمريكي يعلن إتمام انسحابه من شمال سوريا.
  • الحالة الخليجية:
بلومبرج: دول الخليج تراجع مواقفها تجاه إيران.
وول ستريت جورنال: السعودية تسعى لتخفيف التوتر مع إيران خوفا على اقتصادها.
الحوثيون يعلنون قصف موقع عسكري سعودي وسقوط قتلى.
 
المحور الاقتصادي
  • الاقتصاد العربي يستقبل 2020 بمزيد من المشكلات الاقتصادية.
  • الميزانية السعودية.. تراجع يثير مخاوف الركود.
  • صندوق النقد يضيق الخناق على تونس.
المحور الفكري
  • اللغة العربية في يومها العالمي.. اللغة العربية في ضوء تحديات العصر.
  • ورحل محمد شحرور.
الخاتمة

المقدمة

ما زال العالم العربي يعيش أجواء عدم الاستقرار منذ بداية ثورات الربيع العربي، بين شعوب تسلط عليها حكامها بالقتل والتشريد والتعذيب الممنهج، وأخرى التف عليها العسكريون فسرقوها، وشعوب انفتح لها بصيص الأمل في الحرية.

فلا يزال الشعب السوري يُقتل ويشرد كل يوم من النظام السوري وحليفه الروسي، ولا يزال العسكري المتقاعد في ليبيا يقاتل ليزيح آثار الثورة والحكومة الشرعية، يستعين على ذلك بحلفائه من الشرق والغرب، ولا يزال شعب العراق يئن من النكبات، ولا يزال شعب لبنان يصرخ في الميادين، ومصر التي اختطفها المنقلب ترزح تحت وطأة الفقر وسيف العسكر المتسلط على رقاب أبنائها.

إذ يرصد تقرير الحالة العربية في محور حراك الشعوب تطورات الوضع في العراق، وأيضا في لبنان خلال شهر ديسمبر/ كانون أول 2019. كما يتناول محور الحالة السياسية مجموعة من القضايا الرئيسية على الساحة العربية خلال الشهر، حيث تناول المعارك الدائرة بين حفتر وحكومة الوفاق في ليبيا، والوجود الروسي والمصري بليبيا، والاتفاق التركي الليبي وتداعياته، وكذلك التعديل الوزاري في مصر، وصفقة الغاز المصرية الإسرائيلية ووثيقة رجل الأعمال محمد علي، كما تناول الحالة السورية وقصف النظام المكثف على إدلب وحالة النازحين، وأيضا عرّج التقرير على الحالة الخليجية والاتجاه نحو تحسين العلاقات مع إيران.

بينما تناول المحور الاقتصادي ثلاثة موضوعات هي مشكلات الاقتصاد العربي على أعتاب عام 2020، والركود والتراجع في الميزانية السعودية، وصندوق النقد وتضييق الخناق على تونس. بينما تناول المحور الفكري موضوع اللغة العربية وتحديات العصر، ورحيل المفكر محمد شحرور.


محور حراك الشعوب

الحالة العراقية

تعد الاحتجاجات الأخيرة في العراق من أخطر الأزمات التي يعاني منها النظام السياسي العراقي منذ الغزو الأمريكي عام 2003، حيث تبرز الاحتجاجات -التي يقودها جيل ناشئ من العراقيين- فشل عملية بناء الدولة خلال السنوات الماضية، وقد شملت الاضطرابات مجموعة واسعة من المجموعات الاجتماعية، فضلا عن العديد من مكونات المجتمع العراقي، مما يوحي بعمق الغضب الشعبي على الحكومة، والاستياء من الدور الإيراني، بالإضافة إلى عدم الرضا عن الظروف المعيشية.[1]

ورغم تبني العديد من الساسة العراقيين علنا بعضا من أجندات المحتجين، فإنهم قلقون من احتمال فقدانهم للسلطة لذلك هم يبحثون عن فرصة لركوب هذه الموجة.

في 7 ديسمبر/كانون الأول 2019، قال شهود عيان من موقع الاحتجاجات وسط بغداد: إن ساحتي التحرير والخلاني تشهدان هدوءا حذرا، بعد انتشار قوات أمنية في الساحتين وانسحاب مسلحين هاجموا المتظاهرين الليلة الماضية وقتلوا عددا منهم. وأضاف الشهود أن قوات الأمن سمحت للمتظاهرين صباحا بالعودة إلى مواقع التظاهر في ساحة الخلاني. وقالت مصادر: إن عدد الضحايا بلغ عشرين قتيلا على الأقل وأكثر من خمسين جريحا جراء الهجوم الذي شنه مسلحون مجهولون قرب جسر السنَك وسط بغداد.

واقتحم المسلحون الملثمون ساحة الخلاني -حيث يوجد مئات المحتجين المعتصمين- بسيارات مدنية رباعية الدفع، وأطلقوا النار بصورة عشوائية من أسلحة رشاشة. واستمر المسلحون في إطلاق النار لساعات قبل إعلان وزارة الداخلية تطويق قواتها للمنطقة والتحقيق في الحادث وملاحقة مطلقي النار.

وقالت مصادر لـ"الجزيرة": إن المسلحين سيطروا على مبنى مواقف السنك وقتلوا عددا من المتظاهرين وألقوا جثثهم من أعلى المبنى، قبل أن ينسحبوا منه فجر اليوم. واتهم متظاهرون قوات الأمن العراقية بالتواطؤ مع المهاجمين عبر فسح المجال لهم للدخول والتجول بكل حرية في المنطقة[2].

وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 2019، شهدت ساحة التحرير توافد المتظاهرين المطالبين بإصلاح شامل ومكافحة الفساد، استجابة لدعوات للمطالبة بسحب الشرعية من الأحزاب الحاكمة، بينما لا تزال الخلافات بين الأطراف السياسية المعنية بتسمية مرشح جديد لرئاسة الوزراء، واصل المتظاهرون بالبصرة إغلاق الطرق الرئيسة المؤدية لبوابات حقول الرميلة النفطية الشمالية، وبئر عشرين النفطي، غرب المحافظة، مطالبين بتوفير فرص للعمل. ويطالب المحتجون بحل أزمة البطالة وتشغيل العاطلين عن العمل من أبناء المناطق التي تقع فيها الحقول النفطية.

  • قصف أمريكي لمواقع الحشد الشعبي:

ذكرت وكالة "رويترز" عن مسؤولين أمريكيين في 29 ديسمبر/كانون الأول 2019، عن قيامهم بغارات جوية في العراق وسوريا ضد مجموعة مليشيات "الحشد الشعبي" المدعومة من إيران، وحذروا من أنه قد يتم اتخاذ إجراءات إضافية في المنطقة للدفاع عن المصالح الأمريكية، جاء ذلك الهجوم ردا على مقتل مقاول مدني أمريكي في هجوم صاروخي يُعتقد أن قوات الحشد الشعبي قامت بها على قاعدة عسكرية عراقية[3].

وقد صرح وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر قال: إن طائرات من طراز "أف 15" قصفت خمسة أهداف، ثلاثة في غرب العراق، واثنان في شرق سوريا، مشيرا إلى أنها كانت إما منشآت قيادة وسيطرة أو مخازن أسلحة. ومن جهته، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو: إن "ما فعلناه كان القيام برد حاسم يجعل ما قاله الرئيس ترامب منذ شهور كثيرة واضحا، وهو أننا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام ما تقوم به إيران من إجراءات تعرض الرجال والنساء الأميركيين للخطر".

وقال مسؤول في الحشد الشعبي العراقي: إن عدد قتلى القصف الأميركي لمواقع كتائب حزب الله العراقي ارتفع إلى 25 قتيلا، وقالت مصادر أخرى في الحشد: إن بين القتلى آمر اللواء 45 التابع لـ"كتائب حزب الله" في العراق. كما أضاف مدير مديرية الحركات في هيئة الحشد الشعبي جواد كاظم الربيعاوي في بيان أن 51 آخرين من مقاتلي الكتائب أصيبوا بجروح جراء القصف الأميركي. وأشار إلى أن عدد القتلى قابل للزيادة نتيجة وجود إصابات بليغة وجرحى في حالة حرجة[4].

وعلى المستوى الرسمي العراقي فقد أدان الرئيس العراقي برهم صالح الهجوم، وقال إنه يعد انتهاكا لسيادة العراق، وقالت حكومة تصريف الأعمال العراقية إن القصف الجوي الأمريكي يعد تصعيدا خطيرا. وأوضح المتحدث العسكري باسم رئيس حكومة تصريف الأعمال أن عادل عبدالمهدي أبلغ وزير الدفاع الأمريكي رفضه الشديد لقصف مواقع الحشد الشعبي، دون الإشارة إلى كيفية تبليغ هذه الرسالة[5].

  • قانون الانتخابات الجديد:

كذلك أعلن يوم 18 ديسمبر/كانون الأول، المكتب الإعلامي لمجلس النواب أن المجلس سيعقد جلسة عادية للتصويت على قانون الانتخابات البرلمانية الجديد، وقالت مصادر باللجنة القانونية: إن اللجنة لم تتمكن من حل جميع النقاط الخلافية وإنها قدمت اقتراحات بديلة لها على المجلس لحسمها من خلال التصويت، ولم تتمكن اللجنة من حسم شكل النظام الانتخابي، إذ تطالب كتل برلمانية بأن يكون النظام 60 بالمئة فرديا و40 بالمئة حسب القائمة، بينما يطالب عدد من الكتل بأن يكون التصويت فرديا بنسبة 100 بالمئة، وأن تكون الأقضية دوائر انتخابية.

في هذه الأثناء، نفى عادل عبدالمهدي رئيس حكومة تصريف الأعمال في العراق شغور منصب رئاسة الوزراء بحلول يوم الخميس 19 ديسمبر/كانون الأول، أو ما بعده، مؤكدا أن الحكومة مستمرة في عملها، إلى أن تتسلم الحكومة الجديدة مهامها بحسب الدستور العراقي.

في حين قالت مصادر في مكتب رئيس الجمهورية لـ"الجزيرة": إن الأطراف السياسية المعنية بتسمية مرشح جديد لرئاسة الوزراء لم تحسم خلافاتها حتى الآن، ولم تتفق على مرشح لرئاسة الحكومة المقبلة.

وأضافت أن تحالف الفتح الذي يتزعمه النائب هادي العامري، أبلغ رئيس الجمهورية بأن مرشحه هو قصي السهيل وزير التعليم العالي حاليا، لكن الطرف الثاني، وهو تحالف "سائرون" البرلماني الفائز بالانتخابات الماضية، والذي يدعمه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أبلغ الرئيس رفضه لهذا المرشح.

وقالت المصادر: إن الموقف أصبح محرجا لرئيس الجمهورية، مع عدم وجود ما يشير إلى احتمال توصل الأطراف إلى اتفاق خلال ما تبقى من وقت لتسمية مرشح بنهاية يوم الخميس 19 ديسمبر/كانون الأول، وهي المهلة النهائية التي حددها رئيس الجمهورية في رسالة بعثها إلى البرلمان قبل يومين.

وفي حال عدم تكليف أحد بتشكيل الحكومة، يدخل العراق مرحلة الفراغ الدستوري، وستواصل الحكومة عملها في الغالب مثل ما حدث عام 2010 عندما استمرت حكومة نوري المالكي خلال ولايته الأولى في تصريف الأعمال على مدى أشهر، رغم انتهاء عملها دستوريا جراء خلافات بشأن الكتلة البرلمانية الأكثر عددا[6].

ويذكر أن البرلمان العراقي أخفق يوم 18 ديسمبر/ كانون الأول، في تمرير التعديلات المقترحة على قانون الانتخابات بسبب الخلافات الشديدة بين الكتل النيابية، وقرر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي تأجيل جلسة التصويت على قانون الانتخابات البرلمانية الجديد إلى الاثنين 23 ديسمبر/ كانون الأول، مشيرا إلى أن القرار جاء بعد فشل البرلمان في تمرير قانون الانتخابات بسبب اعتراض كتل برلمانية على بعض فقراته، وخاصة تلك التي تحدد طبيعة النظام الانتخابي للمرحلة المقبلة. وأضاف الموقع أن انسحاب الكتلة الكردية وعدد من النواب السنّة (كتلة اتحاد القوى) أخل بالنصاب القانوني، مما دفع رئاسة البرلمان إلى تأجيل الجلسة.

وقانون الانتخابات الجديد من أهم القوانين التي ينادي المحتجون بسنّها بغية تحقيق الإصلاح السياسي الذي يطالبون به، إذ تشهد البلاد منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي احتجاجات شعبية غير مسبوقة للمطالبة برحيل الطبقة السياسية الحاكمة، ومحاربة الفساد، وتحسين الوضع المعيشي المتردي [7].

وتتمسك ساحات الاعتصام بشروطها في ضرورة أن يكون رئيس الوزراء الجديد مستقلا عن الأحزاب والكتل السياسية، ولم تحم حوله شبهات فساد، وليست له انتماءات أو ولاءات خارجية، ولم يسبق له تولي أية مناصب حكومية أو برلمانية. في الأثناء، تتواصل الاعتصامات والمظاهرات الاحتجاجية في بغداد ومدن الوسط والجنوب.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن شهود عيان أن آلاف المتظاهرين توافدوا إلى ساحات التظاهر في بغداد وتسع محافظات أخرى للانضمام إلى المحتجين الرافضين للمشاورات التي تجريها الكتل والأحزاب لتسمية مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة.

ووصل المتظاهرون إلى ساحات التحرير والخلاني والسنك والوثبة ببغداد، وساحات التظاهر في محافظات البصرة والناصرية والمثنى والديوانية وواسط وكربلاء والنجف والحلة والديوانية، وهم يحملون أعلام العراق ويهتفون بشعارات تدين المشاورات التي تجريها الكتل السياسية ورئاسة الجمهورية لتسمية مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة، وإخفاق البرلمان العراقي في حسم إقرار قانون الانتخابات الجديد[8].

  • السيستاني يدعو لانتخابات برلمانية مبكرة بالعراق

وفي نفس التوقيت دعا المرجع الشيعي علي السيستاني إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في العراق، حيث نقل ممثل السيستاني عبدالمهدي الكربلائي، عن المرجع الأعلى للشيعة في العراق قوله: إن أسلم طريق للخروج من الأزمة الراهنة وتفادي الذهاب إلى المجهول أو الفوضى أو الاقتتال الداخلي هو الرجوع إلى الشعب بإجراء انتخابات مبكرة، كما قال إنه يجب تشكيل حكومة جديدة في العراق في أسرع وقت ممكن. وكان السيستاني دعا البرلمان عقب القمع الدامي للمتظاهرين في الناصرية والنجف أواخر نوفمبر/تشرين الماضي، إلى سحب الثقة من حكومة عادل عبدالمهدي الذي أعلن بعد ذلك استقالته من منصبه.[9]

  • الرئيس العراقي يعيد الكرة للبرلمان ويهدد بالاستقالة

طلب الرئيس العراقي برهم صالح يوم 22 ديسمبر/كانون الأول، من البرلمان تحديد الكتلة البرلمانية الأكبر التي سيكلف مرشحها بتشكيل الحكومة، مضيفا أنه تلقى طلبا من "تحالف البناء" لترشيح وزير التعليم العالي بحكومة تصريف الأعمال قصي السهيل لتشكيل الحكومة الجديدة، وهدد الرئيس بالاستقالة إذا واصلت الأحزاب ضغوطها عليه.

ولحسم الخلاف السياسي بشأن الكتلة الأكبر في البرلمان، أصدرت المحكمة الاتحادية قرارا ردا على طلب رئاسة الجمهورية تقول فيه: إن الكتلة الأكبر هي التي تتألف من قائمة واحدة أو من قائمتين أو أكثر عند عقد الجلسة الأولى للبرلمان، ويقول تحالف البناء -المكون من قوى شيعية مقربة من إيران-: إنه الكتلة الأكبر في البرلمان بتوفره على 150 مقعدا من أصل 329 هي مجموع أعضاء البرلمان. إذ يتكون تحالف البناء من عدد من القوى؛ أبرزها ائتلاف "الفتح" (47 مقعدا)، وائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي (26 مقعدا).

في المقابل، وجه تحالف "سائرون" -المدعوم من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر- أوائل ديسمبر 2019 رسالة لرئاسة الجمهورية يقول فيها: إنه الكتلة الأكبر، وهو المعني بتقديم مرشح لتشكيل الحكومة.

من جانب آخر، كان 174 نائبا في البرلمان قدموا طلبا للرئيس صالح في 16 ديسمبر/كانون الأول 2019، حددوا فيه الشروط الواجب توفرها في المرشح لتشكيل الحكومة، وهي أن يكون مستقلا ممن لم يتولوا منصب وزير أو نائب، أو من غير مزدوجي الجنسية. وذكر مصدر في رئاسة الجمهورية أن الرئيس صالح هدد بالاستقالة إذا واصلت الأحزاب ضغوطها عليه لتسمية مرشحها لرئاسة الوزراء.

وكان الرئيس صالح طالب البرلمان من قبل بتحديد الكتلة الأكبر، فكان جواب المؤسسة التشريعية أنها الكتلة التي وافقت على تكليف عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018، وعددها 16 كيانا سياسيا، إلا أن مواقفها متباينة حاليا تجاه المرشح لرئاسة الحكومة.

وتأتي هذه التطورات في وقت تنتهي فيه المهلة الدستورية لتسمية رئيس وزراء جديد للعراق خلفا لعبدالمهدي الذي استقال تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ شهرين والمطالبة برحيل كافة الطبقة السياسية الحاكمة، ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات العامة والوضع المعيشي[10].


الحالة اللبنانية

  • رئيس الحكومة اللبناني المكلف يعلن ملامح حكومته الجديدة

أكد رئيس الحكومة اللبنانية المكلف حسان دياب في مؤتمر صحفي عقده من داخل المجلس النيابي يوم السبت 21 ديسمبر/كانون الأول، في ختام المشاورات النيابية غير الملزمة لتأليف الحكومة الجديدة، أنه وجد تجاوبا كبيرا من جميع النواب والكتل النيابية التي التقاها اليوم، مضيفا "من يشكل الحكومة هو رئيسها، ولن أعتذر عن عدم التأليف الحكومي". وبيّن دياب أن هذه الحكومة التي يسعى لتشكيلها ستتكون من عشرين وزيرا، مشيرا إلى أن كل الأطراف بمن فيها حزب الله تؤيد تشكيل حكومة من المستقلين والاختصاصيين. وأكد أنه "يحب بلده ولا يريد شيئا لنفسه، ويريد أن يلعب دورا في هذه المرحلة الصعبة بمشاركة جميع الأطراف التي أبدت استعدادها للتعاون". وتابع: "حان وقت العمل، وفي هذه المرحلة الدقيقة والحساسة نحن بحاجة إلى كل جهد ممكن، وفي ضوء النصائح المفيدة التي سمعتها من الكتل والنواب، سنعمل على تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن".

وبشأن تعامله مع مطالب الحراك الشعبي، قال دياب إنه يوافق على كل ما يقال في الحراك الشعبي لجهة تشكيل حكومة من المستقلين والاختصاصيين والأشخاص المعروفين بنظافة اليد، الذين يعملون بجدية على الملفات الملحة، ولا سيما الاقتصادية منها[11].

بينما وصفت صحيفة "لومانيتيه" الفرنسية مهمة رئيس الوزراء السني الجديد حسان دياب لتهدئة غضب الشارع اللبناني بأنها "مستحيلة"، مشيرة إلى تفاقم نسب الفقر في البلاد بمرور كل يوم نظرا لتعطل الحياة الاقتصادية، حيث يواجه دياب من جهة احتجاجات الشارع ورفض جزء من الطبقة السياسية اللبنانية لتسميته، ومن جهة أخرى يجد نفسه في عداء مع الولايات المتحدة، فقد وقفت واشنطن إلى جانب الحركة الاحتجاجية في لبنان بهدف إضعاف "حزب الله". ولفتت الصحيفة الانتباه إلى أن البنك الدولي يتوقع أن ترتفع نسبة الفقر المنتشر بين ثلث اللبنانيين إلى 50 بالمئة، خاصة أن مئات الآلاف خسروا وظائفهم منذ بداية الاحتجاج.[12]

  • أبرز الكتل المشاركة في حكومة دياب:

وقد نشرت شبكة الجزيرة في تقرير لها أبرز الكتل المشاركة في حكومة دياب المرتقبة كالتالي:

أمل وحزب الله

تتجه القوى الشيعية التي يمثلها "حزب الله" و"حركة أمل" لدعم الحكومة المرتقبة، ويصران على أن تمثل كل الشرائح النيابية فيها، بالرغم من أنها ستكون حكومة اختصاصيين مصغرة. وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتزعم "حركة أمل" "الإصرار على تمثيل كل الشرائح البرلمانية"، بما فيها الأحزاب التي أعلنت عدم رغبتها المشاركة فيها. كما دعا رئيس كتلة "حزب الله" البرلمانية محمد رعد إلى "أوسع تمثيل" في الحكومة التي قال: إنه "لا أحد يفكر في أن تكون حكومة مواجهة أو ذات لون واحد".

التيار الحر

أما "التيار الوطني الحر" الذي أسسه عون ويرأسه جبران باسيل، فقد أبقى الباب مفتوحا أمام المشاركة في الحكومة، قائلا: إنه يفضل ألا تضم سياسيين "من الدرجة الأولى" وألا تستثني أي طرف.

تيار المستقبل 

وفي الجهة المقابلة، أكدت كتلة "تيار المستقبل" التي تمثل الثقل السني، عدم مشاركتها في الحكومة المقبلة.

وقال النائب سمير الجسر: إن الكتلة تمنت على دياب أن يشكل حكومة "اختصاصيين مستقلين". ودعت الكتلة إلى تشكيل الحكومة على نحو سريع "كونها ستكون حكومة مدعومة من لون واحد مثل ما كان التكليف (مدعوما) من لون واحد"، في إشارة إلى أن تكليف دياب حظي بدعم حزب الله وحلفائه وحدهم. وأثار تكليف دياب غضب مناصري رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذين اعتبروا أن رئيس الحكومة المكلف لا يمثل الطائفة السنيّة التي ينتمي إليها، خصوصا أنه نال تأييد ستة نواب سنّة فقط من إجمالي 27 نائبا يمثلون هذه الطائفة في البرلمان.

كتلة جنبلاط

وقد أعلنت كتلة "اللقاء الديمقراطي" بزعامة النائب وليد جنبلاط امتناعها عن المشاركة في الحكومة اللبنانية.

واعتذرت الكتلة المكونة من تسعة نواب عن المشاركة في استشارات تأليف الحكومة الجديدة، متمنية التوفيق لرئيس الوزراء المكلف. وورد في بيان للكتلة "مع احترامنا للدستور والأعراف وآلية الاستشارات في حرم المجلس النيابي، فإننا -انسجاما مع موقفنا المعلن بضرورة أن تعكس الحكومة نبض الشارع وطموح الشباب اللبناني- نعلن امتناعنا عن المشاركة في الحكومة المقبلة".

كتلة جعجع

بدوره أعلن تكتل الجمهورية القوية (15 نائبا) -التابع لحزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع- عن عدم مشاركته في الحكومة المقبلة.

جاء ذلك في تصريحات للصحفيين أدلى بها النائب جورج عدوان عقب لقاء مع رئيس الوزراء المكلف في مقر البرلمان. وقال عدوان: "التكتل أبلغ دياب أن حزب القوات اللبنانية ليس لديه أي مطلب، لا أن يُمثل أو يختار أشخاصا أو يبدي رأيه بأشخاص". وأضاف أن القوات لن تشارك في الحكومة المقبلة، كما أنها لن تسمي وزراء فيها.

ومع توجه قوى سياسية رئيسية لعدم المشاركة في الحكومة، قد ينتهي الأمر بتشكيل حكومة من لون واحد تضم حزب الله وحلفاءه من حركة أمل برئاسة بري و"التيار الوطني الحر" وحلفائهم[13].

  • الخلاف حول تشكيل الحكومة:

صرح رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية سعد الحريري إن الحكومة المقبلة التي كُلف الوزير السابق حسان دياب بتشكيلها ستكون حكومة جبران باسيل، في إشارة منه إلى رئيس التيار الوطني الحر. وأضاف الحريري أنه لم يسمِّ الرئيس المكلف، وأكد أن "تيار المستقبل" لن يشارك في الحكومة التي يحاول دياب تشكيلها، ولن يمنحها ثقته إذا تم عرضها في البرلمان. واعتبر أن ثمة حملة تستهدف ما سماها "الحريرية السياسية"، مؤكدا أن هذه الحملة لن تمر وأنه سيتصدى لها بقوة.[14] وقال الحريري: إنه "لا تسمية ولا تغطية ولا مشاركة ولا ثقة إذا تطلب الأمر" من قبله للحكومة التي يعمل حسان دياب على تشكيلها.

وعلى النقيض قال الرئيس اللبناني ميشيل عون: إن الحكومة المقبلة لن تكون من تأليف جبران باسيل (رئيس التيار الوطني الحر) كما يقال، وستكون حكومة كل اللبنانيين بمن فيهم حزب الله. وأضاف الرئيس "ما يحدد لون الحكومة المقبلة هو التأليف وليس التكليف" مشيرا إلى أنها ستقوم على اختصاصيين[15].


الحالة الجزائرية

  • فوز عبد المجيد تبون بالرئاسة في الجزائر:

شهد يوم 12 ديسمبر/كانون الأول إسدال الستار على انتخابات الرئاسة في الجزائر بفوز المرشح عبد المجيد تبون من الدور الأول، وحاز الرئيس الجديد على 58% من مجموع 8 ملايين و500 ألف ناخب أدلوا بأصواتهم، وهي تمثل نسبة إجمالية للمشاركة الشعبية في حدود 39.83% من القائمة الانتخابية.

كان لافتا -حسب الأرقام الرسمية- إلغاء أكثر من مليون و125 ألف صوت، أغلبها من الأوراق البيضاء. وبذلك تكون الجزائر، بحسب مراقبين، قد طوت فصلا حرجا من الأزمة السياسية والمؤسساتية التي خلفها رحيل عبدالعزيز بوتفليقة في أعقاب حراك 22 فبراير/شباط 2019.

شغل تبون (74 عاما) منصب رئيس الحكومة الجزائرية سابقا، كما أنه أدار قطاع السكن، أهم قطاع بالنسبة للجزائريين، لمدة تزيد عن 7 سنين، وترشح تبون كمستقل في انتخابات الرئاسة 2019، رغم أنه كان في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني، وكان بوتفليقة قد كلفه بمنصب رئيس الحكومة في 25 مايو/آيار 2017 لكن بعد مرور أقل من 3 أشهر عزله من منصبه وكلف أحمد أويحيى برئاسة الحكومة، ونقلت الأنباء حينها عن مصدر حكومي قوله: "رؤية رئيس الوزراء لم تكن متوافقة مع رؤية الرئيس" ووجود مشاكل في التواصل بين الرجلين.

غير أن الرئيس الجديد دخل قصر المرادية عبر مسار انتخابي "مخدوش"، وفقا لمراقبين، قياسا إلى حجم الرفض الشعبي ضدّ مسار الانتخابات ومجرياتها، مع تواصل الحراك في الشارع بمطالبه التقليدية منذ 10 أشهر. كما أنه سيتحمل الأعباء الناجمة عن عدم الاستقرار في أجهزة الدولة خلال الفترة الأخيرة من حكم النظام السابق.

سارع تبون لمخاطبة الحراك الشعبي للتوصل وفتح الحوار معه قائلا "أتوجه مباشرة إلى الحراك الذي سبق لي مرارا وتكرارا أن باركته، لأمدّ يدي له بحوار جادّ، من أجل الجزائر والجزائر فقط"، وقال تبون: "الوقت قد حان لتكريس الالتزامات دون إقصاء أو تهميش أو نزعة انتقامية، وللعمل مع الجميع بعقلية ومنهجية جديدة" ذاك الخطاب الذي أثار ردود فعل متباينة، وإن بدت أغلب الأطراف جاهزة للحوار.

وتأتي دعوة الرئيس الجزائري الجديد للحوار مع الحراك كثالث محاولة، بعد مبادرة فاشلة في 22 أبريل/نيسان الماضي، أطلقها حينها رئيس الدولة المؤقت عبدالقادر بن صالح، وكذلك جهود "هيئة الحوار والوساطة" السداسية برئاسة كريم يونس في يوليو/تموز الماضي.

وفي سياق متصل قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية أن الرئيس الجزائري أمامه الآن 3 أولويات، كان أولها تشكيل الحكومة، والتي تجاوزها يوم السبت 26 ديسمبر/كانون الأول بتسمية عبدالعزيز جراد رئيسا للوزراء، والذي ركز في تصريحاته على فكرة "استعادة الثقة بالمجتمع"، تلك الفكرة المرتبطة ارتباطا وثيقا بالبرنامج الرئاسي.

كما قالت الصحيفة إن الرئيس سيعطي أولوية لمراجعة الدستور بتخفيض صلاحيات الرئيس وتعديل قانون الانتخابات "لفصل المال عن السياسة"، وبالتالي سوف يواصل عملية مكافحة الفساد، بحسب أحد أعضاء فريقه.

أما المشروع الثاني، بحسب الصحيفة، فهو الحوار مع الحراك الشعبي، فالرئيس الجديد مازال يواجه رفضا يخدش شرعيته، كما تثار فكرة الانتخابات التشريعية المبكرة من أجل إعادة تشكيل المشهد السياسي، وذلك بصعود المجتمع المدني في مواجهة أحزاب السلطة كجبهة التحرير وحزب التجمع.

وتتمثل الأولوية الثالثة في إصلاح المالية، والتي تعاني من انهيار في النقد الأجنبي، خاصة بعد الاضطرابات السياسية، ما أدى إلى إضعاف الاقتصاد، المتعثر أصلا.

  • وفاة رئيس الأركان الجزائري قايد صالح:

في يوم الإثنين 23 ديسمبر/كانون الأول توفي أحمد قايد صالح، (79 عاما) نائب وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري، إثر سكتة قلبية، وأعلنت الرئاسة الحداد الوطني 3 أيام في عموم البلاد، و7 أيام داخل الجيش، وأصدرت الرئاسة بيانا وصفه بـ"المجاهد الذي صان الأمانة وحفظ الوديعة وأوفى بالعهد في فترة من أصعب الفترات التي اجتازتها البلاد".

يذكر أن القايد صالح عين رئيسا لأركان الجيش الجزائري في أغسطس/آب 2004، كما شارك في مجلس الوزراء بعد تعيينه نائبا لوزير الدفاع في سبتمبر/أيلول 2013، قبل أن يصبح الرجل القوي بالبلاد بعد أسابيع من بدء الاحتجاجات الشعبية في 22 فبراير/شباط الماضي، إذ أطلق صالح عملية تطهير كبرى داخل النظام من خلال المحاكمات العاجلة للعديد من الشخصيات التي يرفضها الشارع، بمن في ذلك شقيق بوتفليقة ومستشاره سعيد، ورئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، وعبدالمالك سلال، إضافة إلى أعضاء من جهاز المخابرات القوي ورجال أعمال مقربين من بوتفليقة.

وإثر وفاة صالح تساءلت صحيفة لوموند الفرنسية، وهي تعلق على هذا الغياب الذي قالت إنه يطرح السؤالين التاليين: هل يمكن لهذا الحدث أن يغير قواعد اللعبة بالجزائر؟ وهل سيواصل الجيش الجزائري اتباع الخط المتشدد الذي وضعه صالح في مواجهة الحراك أم أنه سيختار السير في طريق الانفتاح؟.
ومن دون أن تخوض الصحيفة في محاولة الرد على السؤالين، قالت إن الرئيس الجديد عبدالمجيد تبون الذي أصبح "الصوت الفعلي للنظام"، لم يرسل بعد إشارات واضحة حول سياسته التي سيتبعها في الأسابيع المقبلة، ولا تزال دعوته للحوار غامضة.


محور الحالة السياسية

الحالة الليبية

  • معارك بين حكومة الوفاق وقوات حفتر، وتصاعد أزمة إنسانية:

يواصل اللواء المتقاعد خليفة حفتر الهجوم على العاصمة الليبية طرابلس والمستمر منذ ثمانية أشهر، ومع تعثر قوات حفتر في السيطرة على المدينة، أعلن في 12 ديسمبر/كانون الأول، بدء ما أطلق عليه "المعركة الحاسمة" للتقدم نحو قلب طرابلس. ويشار إلى أن الهجوم أجهض جهودا كانت تبذلها الأمم المتحدة لعقد مؤتمر حوار بين الليبيين، ضمن خارطة طريق أممية لمعالجة النزاع، كما تسعى ألمانيا -بدعم من الأمم المتحدة- إلى جمع الدول المعنية بالشأن الليبي في مؤتمر دولي ببرلين، في محاولة لإيجاد حل سياسي، في ظل منازعة قوات حفتر للحكومة المعترف بها دوليا على الشرعية والسلطة[16].

كما واصلت حكومة الوفاق دفاعها عن المدينة، وفي هذا الإطار شنت قوات حكومة الوفاق الليبية في 17 ديسمبر/كانون الأول، هجوما بالمدفعية الثقيلة على قوات حفتر في محور النهر جنوبي العاصمة طرابلس، وسط إعلان سبع مدن حالة النفير العام لمنع قوات حفتر من الدخول إلى طرابلس، كما أعلنت مدينة الزاوية حالة النفير العام لمواجهة أي هجوم قد تشنه القوات الموالية لحفتر على مدن غرب ليبيا. ويأتي ذلك عقب إعلان المجلس البلدي والعسكري في مدينة مصراتة حالة النفير القصوى وإرسال كل القوات للمشاركة في عمليات الدفاع عن العاصمة طرابلس. كما أعلنت المكونات السياسية والعسكرية في مدينة مسلاتة غرب ليبيا حالة النفير العام وتسخير كل الإمكانيات لصد ما وصفته بالعدوان الذي تشنه قوات حفتر على طرابلس[17].

بينما أعلنت المكونات المدنية والعسكرية في مدينة جادو الليبية (180 كم جنوب العاصمة طرابلس)، أمس الثلاثاء، استعدادها لما أسمتها معركة الحسم دفاعا عن العاصمة طرابلس ضد من أسمتهم المتمردين على الشرعية.

جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن كل من المجلس البلدي ومجلس الأعيان والمجلس العسكري ومديرية الأمن والأجهزة الأمنية ومؤسسات المجتمع المدني في المدينة، بحسب عملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق الليبية على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"[18].

بينما تتفاقم الأزمة الإنسانية في طرابلس بعد تصاعد حدة الاشتباكات المسلحة جنوب المدينة وإعلان مدن غرب البلاد حالة النفير القصوى للدفاع عن العاصمة، كثفت قوات حفتر من قصفها للمناطق المدنية والأحياء السكانية بالعاصمة بعد إطلاق حفتر ما أسماه "ساعة الصفر" لدخول طرابلس. وتواصل قوات حفتر استهداف مناطق جنوب طرابلس من بينها مناطق صلاح الدين والخلة والسواني ووادي الربيع ومشروع الهضبة التي تتعرض منذ يومين لقصف مدفعي بالأسلحة الثقيلة. وترصد منظمات حقوقية ارتفاعا في أعداد النازحين من مناطق الاشتباكات جنوب طرابلس بعد وصول القذائف العشوائية التي تطلقها قوات حفتر إلى مناطق مكتظة بالسكان، مما أدى لإصابة مدنيين.

إذ اعتبر رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد حمزة، توسع نطاق الاشتباكات، والقصف العشوائي بالأسلحة الثقيلة يؤدي إلى اتساع الرقعة الجغرافية التي يفر منها النازحون الأبرياء إلى مناطق أكثر أمنا.

وأردف حمزة قائلا: "بلغت إحصائية النازحين المرصودة لدينا أكثر من 160 ألف نسمة فروا من مناطق الاشتباكات منذ بدء الحملة العسكرية في أبريل/نيسان الماضي، خشية استهدافهم وحفاظا على أرواحهم وسلامتهم، وتزيد هذه الإحصائية عند أي هجمات جديدة". وأوضح أن التصعيد الأخير أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في العاصمة وتردي الأوضاع المعيشية وانهيار الخدمات الأساسية في المناطق القريبة من الاشتباكات التي ستؤدي إلى ارتفاع حصيلة القتلى من المدنيين البالغة 300 ضحيةـ بينهم أطفال وشيوخ ونساء، ومئات الجرحى منذ بدء الحملة العسكرية على طرابلس[19].

وأما عن حصيلة الاشتباكات خلال الشهر فقد قتل 14 طفلا في ليبيا جراء قصف نفذته، مساء الأحد، طائرات للواء المتقاعد خليفة حفتر وأخرى تابعة للإمارات، فبحسب المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب"، سقط تسعة أطفال في قصف جوي لطائرة تابعة لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على حي سكني بمنطقة السواني (جنوبي طرابلس)، كما قتل خمسة في قصف على منطقة "أم الأرانب" ذات الأغلبية التباوية في أقصى الجنوب الليبي.[20]

كما أفادت مصادر تابعة للإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب" بأن مقاتلي حكومة الوفاق الليبية قتلوا 11 مسلحا من قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في اشتباكات بمحاور اليرموك وعين زارة ووادي الربيع جنوب العاصمة طرابلس، كما صرح مسؤول حكومي ليبي رفيع المستوى للجزيرة إن قوات حكومة الوفاق دمرت غرفة عمليات يديرها مسلحو شركة "فاغنر" الروسية، ومخزنا للذخيرة جنوب طرابلس. [21]

  • حفتر وتدفق المرتزقة السودانيين على ليبيا:

وبينما يخوض حفتر هجومه ضد حكومة الوفاق الشرعية، كتبت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن مئات المرتزقة السودانيين الذين انضموا حديثا إلى قوات حفتر، مما يعزز المخاوف من تحول الصراع الليبي إلى حرب عالمية ضروس من شأنها أن تزعزع معظم المنطقة.

حيث نقلت "الجارديان" عن قادة لمجموعات المقاتلين السودانيين في ليبيا قولهم: إنهم جندوا المئات من هؤلاء في الأشهر الأخيرة للقتال إلى جانب حفتر، حتى وصل الأمر أن قال أحدهم: "إننا لم نعد نملك القدرة على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة" بحسب تعبيره، مشيرا أن هناك 3 آلاف من المرتزقة السودانيين يقاتلون الآن في ليبيا، وهو عدد أكبر مما تم تقديره في الماضي. كما أكد أن المرتزقة السودانيين ساهموا بشكل حاسم في السيطرة على حقول النفط لصالح قوات حفتر، مشيرا إلى أنه "لولا تدخلنا لما تمكنوا من تحريرها، لقد ساهمنا بـ50 بالمئة من الجهد العسكري هناك"، وعلقت الصحيفة على ذلك بقولها: إن الأمم المتحدة أكدت الدور الذي لعبه المرتزقة في السيطرة على تلك الحقول[22].

  • ليبيا بدأت تتحول إلى سوريا أخرى:

ترى جريدة "لوفيجارو" الفرنسية أنه بعد ثماني سنوات من سقوط القذافي صارت ليبيا مقسمة بين حكومة وحدة وطنية تشكلت بإشراف من الأمم المتحدة يرأسها فائز السراج، وتمرد يقوده الجنرال المتقاعد خليفة حفتر. ويحظى كل من الطرفين بتأييد من بعض الدول والجهات الأخرى، فحفتر مدعوم اقتصاديا وعسكريا من الإمارات ومصر والأردن والسعودية، وروسيا، ومقاتلين من تشاد والسودان وبعض المجموعات المحلية.

أما السراج -تقول الصحيفة- فإنه يحظى بدعم قطري تركي، بل إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ذهب، بعد توقيع اتفاقية رسم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، إلى حد التعبير عن استعداد تركيا للتدخل عسكريا لصالح الحكومة الليبية المعترف بها دوليا إذا طلبت ذلك من تركيا.

وهنا تنبه الصحيفة إلى أنه في عالم يمر باضطرابات جيوسياسية، أصبح الشرق الأوسط مسرحا لجميع عمليات تسوية الحسابات، مشيرة إلى أن الشيء الوحيد الذي لا يمكن التشكيك فيه هو إنهاء الحروب التي تكون بالوكالة والتي تستخدمها القوى الأجنبية لخدمة مصالحها أصعب من إنهاء الحروب الأخرى التي تكون بين طرفين متمايزين.[23]

  • السيسي والهجوم على حكومة الوفاق الوطني:

قال رئيس سلطة الانقلاب بمصر عبدالفتاح السيسي: إن حكومة الوفاق الوطني في ليبيا أسيرة لما سماها المليشيات المسلحة والإرهابية في العاصمة طرابلس، حيث ادعى غياب الإرادة الحرة والحقيقية عن حكومة الوفاق، نظرا لأنها رهينة للمليشيات المسلحة والإرهابية، وجاءت كلمة السيسي بعد أن قال عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا بلقاسم دبرز: إن مصر تريد ممارسة دور الهيمنة والوصاية على الليبيين من خلال الانقلابات العسكرية[24].

  • الوجود الروسي في ليبيا:

كما ألقت شبكة "يورونيوز" الإخبارية الضوء على مشاركة عناصر روسية في القتال الدائر في ليبيا إلى جانب قوات حفتر، وقال الكاتبان ليلو مونتالتو مونيلا ولوك هيرست في تقرير نشره موقع الشبكة: إن مسؤولين ليبيين وأمريكيين يشيرون إلى أن هؤلاء المقاتلين المتعاقدين ينتمون إلى منظمة شبه عسكرية تدعى "مجموعة فاجنر"، ترتبط بأحد الأشخاص المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويضيف التقرير أن موسكو في المقابل نفت مرارا أي تورط مباشر في الصراع، بيد أن هؤلاء المرتزقة يعملون تحت سيطرة الأجهزة الأمنية والعسكرية الروسية، وفقا لما ذكره بافل فيلغنهاور، الصحفي والمحلل في صحيفة "نوفايا غازيتا" الروسية في حوار أجرته معه "يورونيوز".

وعلى صعيد متصل، أعلن مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر أن الولايات المتحدة تعمل بالتعاون مع شركاء أوروبيين لفرض عقوبات على شركة "فاجنر" الروسية، مشيرا إلى تورطها "في عمليات قتل المدنيين على نطاق واسع"[25].

  • تركيا والمسألة الليبية:

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استعداده لتقديم الدعم العسكري لحكومة الوفاق الوطني الليبية في مواجهة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، حيث استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، لمرتين خلال ثلاثة أسابيع. وبحث الجانبان تطورات الأوضاع في ليبيا، وقد جدد أردوغان موقف بلاده الرافض للهجوم على طرابلس، وقال: إنه حريص على عودة الاستقرار إلى ليبيا. وقال الرئيس أردوغان في حوار تلفزيوني: إن مذكرة التفاهم التي أبرمتها تركيا مع ليبيا بشأن مناطق الصلاحية البحرية "قلبت وضعا فرضته معاهدة سيفر عام 1920 [26] .

في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مذكرتي تفاهم مع رئيس الحكومة الليبية فائز السراج تتعلقان بالتعاون الأمني والعسكري، وتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي. وصادق البرلمان التركي على مذكرة التفاهم المتعلقة بتحديد مناطق الصلاحية البحرية، في 5 ديسمبر/كانون الأول 2019، فيما نشرت الجريدة الرسمية للدولة التركية، المذكرة في عددها الصادر يوم 7 من الشهر ذاته. وفي الخامس من الشهر ذاته، أقر المجلس الرئاسي للحكومة الليبية مذكرتي التفاهم. ودخلت مذكرة التفاهم المتعلقة بتحديد مناطق الصلاحية البحرية حيز التنفيذ رسميا في 8 ديسمبر/كانون الأول 2019.

وينص الاتفاق بين البلدين على "التزامهما بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والأخذ بنظر الاعتبار أحكام مذكرة التفاهم في مجال التدريب العسكري الموقع بين البلدين في 2012، وكذلك التعاون في مختلف المجالات الأمنية والعسكرية على أساس الاحترام المتبادل للسيادة والمساواة وبما يساهم في خدمة المصالح المشتركة والقدرة الاقتصادية للطرفين".

وتشمل المذكرة "دعم إنشاء قوة الاستجابة السريعة التي من ضمن مسؤوليات الأمن والجيش في ليبيا، لنقل الخبرات والدعم التدريبي، والاستشاري والتخطيطي والمعدات من الجانب التركي. عند الطلب يتم إنشاء مكتب مشترك في ليبيا للتعاون في مجالات الأمن والدفاع بعدد كاف من الخبراء والموظفين".

كما تنص المذكرة على "توفير التدريب، والمعلومات التقنية، والدعم، والتطوير والصيانة، والتصليح، والاسترجاع، وتقديم المشورة، وتحديد الآليات، والمعدات، والأسلحة البرية، والبحرية، والجوية، والمباني، والعقارات، (مراكز تدريب) بشرط أن يحتفظ المالك بها".

وينص الاتفاق على "تقديم خدمات تدريبة واستشارية تتعلق بالتخطيط العسكري ونقل الخبرات، واستخدام نشاطات التعليم والتدريب لنظم الأسلحة والمعدات في مجال نشاطات القوات البرية، والبحرية، الجوية الموجودة ضمن القوات المسلحة داخل حدود البلدين".

وتشمل مذكرة التفاهم "المشاركة في التدريب والتعليم الأمني والعسكري، والمشاركة في التدريبات العسكرية أو المناورات المشتركة، والصناعة الخاصة بالأمن والدفاع، والتدريب، وتبادل المعلومات/ الخاصة، والخبرات وتنفيذ المناورات المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وأمن الحدود البرية، والبحرية، والجوية".

كما تنص المذكرة على التعاون في مجال "مكافحة المخدرات، والتهريب، وعمليات التخلص من الذخائر المتفجرة والألغام، وعملية الإغاثة في حالات الكوارث والطبيعية، والتعاون في المجال الاستخباراتي والعملياتي".[27]

فيما قالت وسائل إعلام تركية يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 2019: إن حزب "العدالة والتنمية" الحاكم ينوي التعجيل بتقديم مشروع مذكرة إلى البرلمان تخول الحكومة التركية إرسال قوات إلى ليبيا، بعدما كان مقررا تقديمها في السابع من يناير/كانون الثاني المقبل.

وأوضحت وسائل الإعلام التركية أن التطورات المتسارعة في ليبيا وتقدم حكومة الوفاق الليبية بطلب رسمي إلى الحكومة التركية للحصول على دعم عسكري دفعا حزب "العدالة والتنمية" إلى استعجال الحصول على التفويض البرلماني.

وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قد فتح الطريق لتدخل عسكري تركي في ليبيا بإعلانه عن تصويت برلماني قريب على إرسال جنود لدعم حكومة الوفاق المعترف بها دوليا[28].

  • تداعيات الاتفاقية الليبية مع تركيا:

قامت الخارجية اليونانية باستدعاء سفير حكومة الوفاق لديها، وهددت بطرده، في غضون ذلك، أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليوناني نيكوس دندياس محادثات في القاهرة تناولت قضايا إقليمية ودولية، أبرزها مذكرات التعاون الليبي التركي.

وقالت الخارجية المصرية في بيان: إن الوزيرين بحثا سبل التعامل مع الأوضاع في المنطقة، ومنها التطورات المتعاقبة على الساحة الليبية، وآخرها توقيع مذكرتي تفاهم بين تركيا ورئيس مجلس الوزراء الليبي فائز السراج.

وأشار البيان إلى توافق الجانبين على ما سمياه عدم شرعية توقيع السراج مذكرات مع دول أخرى خارج إطار الصلاحيات المقررة في اتفاق الصخيرات، وما وصفاه بالتدخل التركي السلبي في الشأن الليبي، بما يتعارض مع مجمل جهود التسوية السياسية في ليبيا، وفق بيان الخارجية المصرية.

وكانت وزارة الخارجية المصرية قد وصفت المذكرة التركية الليبية بأنها معدومة الأثر القانوني، وقالت: إن الاتفاق لا يلزم أي طرف ولا يؤثر على منظومة تعيين الحدود البحرية في المتوسط لأنه غير شرعي[29].

بينما أعرب رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي عن رفضه مذكرتي التفاهم اللتين وقعتهما حكومة الوفاق الوطني الليبية والحكومة التركية، في حين التقى رئيس حكومة الوفاق فائز السراج وزيري الخارجية والدفاع التركيين بالعاصمة القطرية الدوحة. وقال كونتي في تصريح نقلته عنه وكالة "سبوتنيك" الروسية: إن الاتفاقيتين غير مقبولتين بالنسبة لإيطاليا، وإنه سيبحث تفاصيلهما لاحقا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان[30].

  • حكومة الوفاق والتدخل المصري في ليبيا:

ندد مسؤولون سياسيون وعسكريون في حكومة الوفاق الوطني في ليبيا بالدعم العسكري المصري لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في هجومه على العاصمة طرابلس المستمر منذ أبريل/نيسان الماضي، وذلك بعدما أظهرت صور نشرتها وحدة إعلامية تابعة لقوات حفتر مدرعات مصرية-أميركية الصنع تستخدمها قوات حفتر في الحرب على العاصمة.

وقال عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر: إن وصول مدرعات مصرية أميركية جديدة إلى حفتر يعتبر تصعيدا خطيرا للأزمة الليبية.[31]

كذلك اتهم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني مصر بتهديد ليبيا، وطالب القاهرة -في بيان- بدعم السلم والاستقرار في البلاد، بدلا من دعم التشكيلات المسلحة الخارجة عن الشرعية المعترف بها دوليا. ودعا بيان حكومة الوفاق السلطات المصرية إلى مراجعة موقفها من الأزمة الليبية، والقيام بدور إيجابي يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، والسعي لاستمرارها وتطويرها، رافضا أي تهديد يمس السيادة الوطنية. وندد النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا فوزي العقاب، بتصريحات رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي التي وصف فيها حكومة الوفاق الوطني بأنها أسيرة للتشكيلات المسلحة والإرهابية، وقال: إنها "تدخل سافر" في الشأن الليبي [32].

  • قوات حفتر تحتجز سفينة طاقمها تركي:

قال أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر: إنها احتجزت سفينة ترفع علم غرينادا ويقودها طاقم تركي في 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قبالة سواحل ليبيا، وذلك وسط توتر متزايد مع تركيا التي تدعم حكومة طرابلس المعترف بها دوليا[33].

ورد في مقال نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حوّل انتباهه إلى ليبيا في إطار سعيه لتهديد "حلف الناتو" بعد تفوقه على الغرب في سوريا، وتوقع أن يشكل الوجود الروسي هناك أكبر ضرر بمصالح مصر والإمارات.

وذكر المقال الذي كتبه أحمد عبده، أن ما يجري بليبيا حاليا هي جولة جديدة من لعبة شطرنج الشرق الأوسط، التي تبدو فيها واشنطن في موقف الدفاع مرة أخرى.

وأوضح الكاتب أن مسؤولين أمريكيين وتقارير كشفوا أن الروس يكدسون القوات والأسلحة والمرتزقة، مضيفا أنه يبدو قبل كل شيء أن الروس يضعون قواعد في ليبيا لثنائي إستراتيجي مع الأتراك على غرار القواعد التي أتُبعت بشكل جيد للغاية في تقسيم النفوذ بين البلدين في سوريا، الأمر الذي ترك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يبدو غبيا.

وأضاف أنه من الخطأ التفكير بأن روسيا تستهدف في ليبيا دعم قوات حفتر. ففي الواقع، يقول عبده: إن موسكو تلعب لعبة مزدوجة على طرفي الحكم في ليبيا وتخوض فيها بعناية انتظارا للطرف المنتصر في نهاية الأمر للتحالف معه.

ولفت الكاتب الانتباه إلى ما أسماها بنقلة جديدة في الصراع بليبيا وهو ما يمكن أن يتحول إلى شراكة خطرة بين موسكو وأنقرة نسجا على منوال إستراتيجيتهما المشتركة في سوريا التي استهدفت إبعاد الجميع وتقسيم الغنائم بينهما.

وتوقع الكاتب أن مصر ودولة الإمارات اللتين تدعمان حفتر، ستتعرضان لأكبر خدعة إستراتيجية في المنطقة. فهما كأكبر منافسين لتركيا، ظلا يعتقدان أن تدخل موسكو في ليبيا ربما يشكل تحولا إستراتيجيا لصالح حفتر للسيطرة على طرابلس، لكن تطلع موسكو للمزيد من النفوذ من الممكن أن يعود بالوبال على المصالح المصرية الإماراتية في ليبيا.

وأضاف أنه وبينما تأمل هاتان الدولتان في حدوث اختراق ينتهي بتسوية سياسية، تهدف موسكو وأنقرة إلى إبعاد الحل السياسي وإدارة الصراع بدلا من وضع نهاية له، لأن بوتين، وفي أثناء عملية تنصيب نفسه وسيطا جديدا وصانعا للملوك في ليبيا، يحتاج لوقت للاحتكار الكامل للسلطة في ليبيا[34].

  • قوات الوفاق الليبية تشن هجوما كاسحا وإيطاليا تحذر أردوغان من التدخل العسكري:

أعلنت قوات حكومة الوفاق في 28 ديسمبر/كانون الأول 2019، أنها شنت هجوما كاسحا على مسلحي اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعومين بمرتزقة أجانب في محور الرملة بمحيط مطار طرابلس الدولي، فيما حذرت إيطاليا الرئيس التركي من التدخل العسكري في ليبيا.

وقالت عملية بركان الغضب: إنها تمكنت من السيطرة على عدة مباني كانت تتحصن بها قوات حفتر، بعد أن دمرت دبابتين وآلية مسلحة. ويأتي الهجوم بعد ساعات من شن طيران حفتر ضربة جوية استهدفت معهد الهندسة التطبيقية في مدينة الزاوية. إذ تعد هذه خامسة ضربة جوية يشنها طيران حفتر على أهداف في مدينة الزاوية خلال ثلاثة أيام.

  • تحذير ومقترح

من جانبه، قال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي: إن فرض حظر طيران يمكن أن يحل الصراع في ليبيا. وأوضح كونتي أنه تحدث مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقال إنه حذر أردوغان من تداعيات التدخل العسكري في ليبيا، وقال إن هذه الخطوة من شأنها أن توقع العديد من الضحايا المدنيين، ولن تكون في صالح أي جانب. يذكر أن إيطاليا تأخذ موقف تركيا نفسه المؤيد لحكومة فائز السراج في طرابلس المعترف بها أمميا، وكان أردوغان قد تعهد بمنع حفتر من إسقاط الحكومة الشرعية التي يقع مقرها في العاصمة طرابلس، وبعد يوم من تصريحات أردوغان، أعلنت القوات المسلحة التركية جاهزيتها للتوجه إلى ليبيا فور تلقي التعليمات[35].


الحالة المصرية

  • البرلمان يقر تعديلا وزاريا يشمل 10 حقائب بمصر:

"وافق البرلمان المصري بجلسته المنعقدة في 22 ديسمبر/كانون الأول 2019، على تعديل وزاري يشمل عشر وزارات، بناء على طلب من السيسي، ويعد هذا التعديل الوزاري الثالث الذي تشهده حكومة مصطفى كمال مدبولي، التي بدأت منتصف 2018، شملت التعديلات تولي مدبولي إلى جانب رئاسة مجلس الوزراء، حقيبة الوزير المختص بشؤون الاستثمار والإصلاح الإداري بعد دمج الوزارتين.

ولم يشمل التعديل الوزاري الجديد أي حقائب سيادية، في حين تضمن استحداث وزارة الإعلام بعد إلغائها نحو ثماني سنوات عقب ثورة يناير/كانون الثاني 2011، إضافة إلى دمج السياحة والآثار في حقيبة وزارية واحدة. كما شمل التعديل الوزاري أيضا حقائب: العدل، والتعاون الدولي، والطيران المدني، والتضامن الاجتماعي، والزراعة، والتجارة والصناعة، والمجالس النيابية، كما أضيفت مسؤولية التنمية الاقتصادية لحقيبة التخطيط. ووافق البرلمان على تعيين 11 نائبا للوزراء في حقائب الاتصالات والبترول والزراعة والتعليم والسياحة والآثار والصحة والإسكان"[36]

  • مفاوضات سد النهضة:

أكد وزير المياه والري الإثيوبي سيليشي بقلي أن مصر تخلت كليا عن شرط تدفق 40 مليار متر مكعب من المياه سنويا من سد النهضة خلال المحادثات الأخيرة في الخرطوم، لكن القاهرة ردت بإعلان تمسكها بموقفها. حيث أصدرت وزارة الموارد المائية والري المصرية بيانا أكدت فيه تمسكها بالمقترح المقدم من جانبها بخصوص قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الذي يفترض أن يكتمل بناؤه عام 2023. كما أكدت الوزارة مضيها قدما في المفاوضات مع السودان وإثيوبيا للتوصل إلى تفاهم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، خاصة خلال فترات الجفاف والجفاف الممتد.

وإذا لم تفض المحادثات إلى اتفاق بحلول منتصف الشهر المقبل، يحق اللجوء إلى طلب الوساطة التي طالبت بها مصر مؤخرا لفض النزاع بينها وبين إثيوبيا، وذلك بمقتضى ما نصت عليه تفاهمات واشنطن. وكانت أديس أبابا قد رفضت في السابق القبول بوساطة طرف ثالث. حيث تخشى القاهرة تأثيرا سلبيا محتملا لسد النهضة على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل والبالغة 55 مليار متر مكعب، في حين تقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر، وأن الهدف الأساسي لبناء السد الذي تقارب كلفته 5 مليارات دولار وتقدمت أشغاله بنسبة 70 بالمئة، هو توليد الكهرباء[37].

  • السلطات المصرية تفرج عن رئيس الأركان السابق سامي عنان:

أفرجت السلطات المصرية في 22 ديسمبر/كانون الأول، عن رئيس الأركان السابق الفريق سامي عنان، بعد نحو عامين من اعتقاله، في أعقاب كشفه عن اعتزامه خوض انتخابات الرئاسة التي أجريت عام 2018، حيث تم استدعاء عنان للتحقيق أمام جهة عسكرية، قبل أن يعلن محاميه أنه محبوس في سجن عسكري شرقي القاهرة، وأصدرت سلطات التحقيق العسكري حينها قرارا بحظر النشر في الموضوع.[38]

وصدرت ضد عنان أحكام بالسجن 6 و4 سنوات في قضيتي تزوير أوراقه الثبوتية وادعاء صفة مدني بدلا من وظيفته كضابط متقاعد تحت الاستدعاء العسكري، ومخالفة القواعد العسكرية بإعلان نيته الترشح لرئاسة الجمهورية منافسا لرئيس النظام عبدالفتاح السيسي.

وقالت مصادر قريبة من عائلة عنان لقناة "الجزيرة": إن الإفراج عنه جاء بعد تدهور صحته بشكل متسارع، وإنه كان محتجزا طوال الفترة الأخيرة في مستشفى المعادي العسكري، وبدا عنان لزواره مثل هيكل عظمي يتحدث بصعوبة، لكن مصادر سياسية على صلة بأسرة عنان نفت تدهور صحته، إذ أكد نجله سمير للمصدر في اتصال هاتفي أنه بصحة جيدة.

وقال الضابط السابق في القوات الجوية شريف عثمان: إن الفريق عنان دخل السجن وخرج منه دون براءة، لأنه لم يحاكم باتهام حقيقي وموضوعي، بل لمجرد أنه أعلن ترشحه للانتخابات، وإعلانه رفض بيع تيران وصنافير.

يربط مراقبون بين خروج عنان وإجراء نظام السيسي تراجعات عدة يفهم منها أنه قص لأجنحته وتحجيم سلطاته المطلقة، ومنها إبعاد نجله محمود من المخابرات العامة -التي كان يعد الرجل الثاني والأقوى فيها- إلى الخارج في مهمة دبلوماسية، وذلك عقب احتجاجات واسعة شهدتها مصر أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، استجابة لدعوة الممثل والمقاول محمد علي للاحتجاج على "فساد السيسي وسوء إدارته للبلاد".

وكما تعددت تفسيرات خروج عنان من محبسه تباينت التوقعات بشأن دوره خلال الفترة المقبلة، فرأى مراقبون أنه لن يرضى بالإقامة الجبرية كمصير رئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق الذي سلمته السلطات الإماراتية للنظام المصري بمجرد إعلانه نيته الترشح منافسا للسيسي، وتم وضعه رهن الإقامة الجبرية بمنزله دون ممارسة أي عمل عام فيما يشبه تحديد الإقامة والتصرف، وذلك بعدما أعلن انسحابه من المنافسة على رئاسة الجمهورية.

ويتوقع المراقبون أن يستأنف عنان دوره رئيسا لحزبه كفاعل في الحياة السياسية، وقال المذيع المقرب من الأجهزة الأمنية عمرو أديب: "إن البلد فيه تغييرات كثيرة حدثت خلال الفترة القليلة الماضية"، معربا عن ارتياحه للإفراج عن عنان وكل "المحبوسين في قضايا سياسية"، وذلك رغم نفي النظام الدائم وجود معتقلين سياسيين[39].

  • مصر تعترض دوليا على الاتفاقية التركية الليبية:

وجهت مصر رسالة لمجلس الأمن الدولي تعترض فيها على الاتفاقية التركية الليبية بشأن ترسيم الحدود البحرية والتعاون الأمني، حيث وصفت مصر في رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن في 18 ديسمبر/كانون الثاني، المذكرتين الموقعتين في المجالين العسكري والبحري بين حكومة الوفاق وتركيا بالبطلان، وطالبت بعدم تسجيلهما لدى المنظمة الدولية.

واعتبرت الرسالة أن هاتين المذكرتين خرق للاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، بإشراف الأمم المتحدة بين الأطراف الليبية، وأنهما "تنتهكان قرارات مجلس الأمن بشأن ليبيا خاصة القرار 1970 لعام 2011، إضافة إلى أنهما تسمحان بنقل أسلحة إلى المليشيات غربي البلاد".

على الجانب الآخر، قال المبعوث التركي إلى ليبيا أمر الله إيشلر: إن بلاده "حذرت الدول المعنيّة بضرورة عدم اتخاذ خطوات أحادية في منطقة شرق البحر المتوسط، إلا أن هذه الدول اتخذت خطوات أحادية دون الأخذ بعين الاعتبار التحذيرات التركية".

وشدد المسؤول التركي على أن الاتفاقيتين مع ليبيا تتوافقان مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والقانون الدولي واجتهادات محكمة العدل الدولية، وتأخذ في عين الاعتبار طول السواحل واتجاهها، وأن بلاده أبلغت الأمم المتحدة بمضمون الاتفاقيتين[40].

  • صفقة الغاز المصرية الإسرائيلية:

في شهر ديسمبر/كانون الأول 2019، صادق وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس على بدء تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، حيث من المتوقع تنفيذ ذلك بحلول الشهر المقبل بعد الانتهاء من الإجراءات المهنية اللازمة، وسيتم تصدير الغاز من حقلي تمار ولوثيان في البحر المتوسط. واعتبر شتاينتس أن إقرار هذه الصفقة يجعل إسرائيل ولأول مرة في تاريخها مصدرا للطاقة وشريكا مهما في سوق الطاقة الإقليمي، وهي حسب رأيه "أهم تعاون اقتصادي بين إسرائيل ومصر منذ توقيع اتفاقية السلام" المعروفة بـ "كامب ديفد".

فموجب اتفاقيات تم إبرامها في العامين الماضيين، ستصدر إسرائيل 85 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر على مدى 15 عاما بقيمة تبلغ 15 مليار دولار. وزاد الجدل بشأن الصفقة ومبرراتها تأكيد الخارجية الإسرائيلية أن هذا الغاز مخصص للاستخدام في السوق المحلي المصري بخلاف المعلن من الجانب المصري بأنه للتصدير الخارجي[41].

  • وثيقة رجل الأعمال والفنان محمد علي:

كشف رجل الأعمال والفنان محمد علي عن وثيقة قال إن المعارضة المصرية اتفقت عليها تحت اسم "وثيقة التوافق المصري" للاتفاق على مرحلة ما بعد سقوط نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، وجاءت نص هذه الوثيقة كالتالي:

نص الوثيقة

  • نظام الحكم في مصر مدني ديمقراطي، يقوم على العدل وسيادة القانون، الشعب فيه مصدر السلطات، مع ضمان الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، إضافة إلى استقلال الإعلام، ورقابة بعضهم البعض، والتداول السلمي للسلطة.
  • تعزيز حق المواطنة، المواطنون والمواطنات والأقليات والمهمشون جغرافيا وتاريخيا مثل سكان سيناء والنوبة والبدو متساوون في الحقوق والواجبات، ومنع التفرقة بسبب الجنس أو اللون أو العرق أو الأصل أو العقيدة أو الطبقة الاجتماعية.
  • احترام حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا للمواثيق الدولية والقانون الدولي كحد أدنى، مع ضمان حرية الرأي والفكر والتعبير والعقيدة والعبادة والتنقل، وحرية التواصل والتجمع السلمي والتظاهر والإضراب.
  • ضمان حرية إنشاء وإدارة الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية والاتحادات الطلابية والمؤسسات الدينية، وجميع منظمات المجتمع المدني غير الحكومية بالإخطار، من خلال قوانين تكفل استقلالها وتنظم العلاقة بينها وبين الدولة. والأحزاب السياسية برامجها قابلة للنقد دون الاحتجاج بأسباب دينية أو عقائدية أو غيرها.
  • إعادة هيكلة علاقة الدولة مع المؤسسات الدينية كافة، بما يكفل استقلال هذه المؤسسات المالي والإداري عن الدولة، وعدم تدخل المؤسسات الدينية في أمور الدولة، بحيث لا يتدخل طرف في إدارة أو تمويل الطرف الآخر.
  • محاربة وتجريم العنف ضد المرأة، وتفعيل مشاركة المرأة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، والمساواة في الفرص لضمان وصولها إلى مختلف المسؤوليات في جميع المجالات، من أجل استغلال جميع القدرات البشرية ولتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة وتحقيق الأمن.
  • العدالة الانتقالية ضمانة لتحقيق المصالحة المجتمعية، وتقوم على أساس الوفاء العادل بحقوق الشهداء والمصابين والمعتقلين، وعلى المصارحة وكشف الحقائق عن جرائم حقوق الإنسان المرتكبة منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، عبر لجان تتمتع بالاستقلالية والخبرة، وتشمل تلك الإجراءات آليات فعالة لجبر الضرر، والتعويض، والاعتذار العلني، وضمان عدم تكرار تلك الجرائم، وإنشاء آليات للمحاسبة والتقاضي عبر قضاء ومحاكم مستقلة لا تجنح للانتقام.
  • الحفاظ على الاستقلال الوطني الكامل، ورفض التبعية، والتأسيس لاسترداد الإرادة الوطنية، والحفاظ على المصالح القومية المصرية.

أولويات العمل

  • التوافق في ظل مشروع وطني جامع يشمل جميع التيارات المصرية لتحقيق مبادئ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 (عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية).
  • تغيير النظام الحاكم المسؤول عن كل ما جرى من قمع وفساد وبيع الأرض، وتفريط في المياه والثروات الطبيعية، وانهيار اقتصادي واجتماعي، وصولا لتدهور غير مسبوق في عهد النظام الحالي.
  • إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين والمعتقلين على ذمة قضايا ملفقة، ومعتقلي قضايا الرأي، وإسقاط هذه القضايا، وإلغاء كافة قرارات الفصل التعسفي الجائرة، وقرارات مصادرة الأموال والممتلكات، والعمل على تحقيق العدالة الانتقالية.
  • الدخول في مرحلة انتقالية على أسس توافقية وتشاركية، بين جميع التيارات الوطنية المصرية، من أجل إنقاذ الوطن، عن طريق المشروع الوطني الجامع الذي يشمل اتخاذ إصلاحات اقتصادية عاجلة، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، والعمل على الانتقال الديمقراطي وإصلاح دستوري شامل، وصولا إلى انتخابات ديمقراطية تنافسية في نهاية المرحلة الانتقالية.
  • رفع معدل النمو الاقتصادي لتحسين مستوى المعيشة وعلاج الفقر، والتعامل مع ملف الديون، مع ضمان عدالة توزيع الثروة من خلال إصلاح المنظومة الضريبية والانحياز للتنمية البشرية عن طريق منظومة تعليمية وصحية حديثة، لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتمكين الشباب وتعزيز قدراتهم.
  • رفض الانقلابات العسكرية وتجريمها، وحصر دور المؤسسة العسكرية في حماية حدود الوطن، والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيه، ولا يجوز لها التدخل في الحياة المدنية أو السياسية أو الاقتصادية، وتخضع المؤسسة العسكرية لرقابة الهيئات النيابية المنتخبة، وكذلك تخضع ميزانيتها وإنفاقها ومشروعاتها، وحسابات كبار ضباطها لرقابة الهيئات الرقابية والمالية.
  • الاستقلال التام للسلطة القضائية، بما في ذلك النائب العام، وإعادة هيكلة قوانين تنظيم القضاء، بحيث تخضع لموافقة السلطة التشريعية ورقابتها، ووقف إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، وتنحصر ولاية القضاء العسكري فقـط على الجرائم العسكرية التي تقع من أفراد من القوات المسلحة.
  • إعادة هيكلة الشرطة، وإخضاع وزارة الداخلية لرقابة القضاء، والهيئات النيابية المنتخبة.
  • وضع منظومة شاملة لمكافحة الفساد المالي والإداري والسياسي داخل مؤسسات الدولة.
  • مراجعة الاتفاقات الخارجية التي أبرمها النظام الحالي، والتي من شأنها التنازل عن أرض مصر، والتفريط في ثرواتها الطبيعية، وإهدار مياه النيل.
  • وضع قوانين انتخابات تضمن المساواة بين جميع المرشحين في الإمكانات المالية والظهور الإعلامي، ومنع الحصول على أي تمويل من الخارج في العملية الانتخابية؛ لضمان عدم تدخل جهات أجنبية في الشؤون الداخلية[42].

الحالة السورية

  • إدلب واستمرار قصف النظام السوري وروسيا:

استمرت خلال شهر ديسمبر/كانون الأول غارات النظام السوري المدعومة بالطائرات الروسية على ريف إدلب، وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد لقي نحو 4873 شخصا حتفهم، من بينهم 1251 مدنيا، منذ بدء هجوم النظام بدعم روسي على ريف إدلب في نهاية أبريل/نيسان 2019. كما أعلنت منظمة "منسقو الحاجة" في سوريا نزوح 25 ألف مدني خلال الأسبوع الأول من شهر ديسمبر/كانون الأول، من منطقة خفض التصعيد في إدلب إلى الحدود التركية جراء هجمات النظام السوري وروسيا. وأوضح مدير المنظمة محمد الحلاج أن نحو 450 ألف مدني يعيشون في مدن معرة النعمان وسراقب وأريحا وريفها، محذرا من ارتفاع عدد النازحين إذا استمر التصعيد[43].

وبحلول منتصف الشهر أفادت منظمة "منسقو الاستجابة" السورية بأن أعداد النازحين بلغت نحو 110 آلاف مدني نزحوا من ريف إدلب نحو الحدود مع تركيا. كما أفادت قناة "الجزيرة" باستهداف مقاتلات النظام سيارات تقل نازحين على الطريق الدولي بين إدلب وحماة.

ويشن النظام السوري هجمات برية وجوية ممنهجة ضد مناطق سكنية في ريف إدلب كمعرة النعمان وبلدات تلمنس ومعرشورين والغدفة، كما قتل أكثر من 1300 مدني جراء هجمات النظام وروسيا على منطقة خفض التصعيد، منذ 17 سبتمبر/أيلول 2018. كما أسفرت الهجمات منذ ذلك الحين عن نزوح أكثر من مليون مدني إلى مناطق هادئة نسبيا أو قريبة من الحدود التركية[44].

بينما أعلنت الأمم المتحدة أنها وثقت مقتل ألف شخص وتشريد قرابة 400 ألف آخرين شمال غربي سوريا خلال الفترة من أبريل/نيسان إلى أغسطس/آب 2019، جاء ذلك وفق ما أورده ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة خلال مؤتمر صحفي عقده في 4 ديسمبر/كانون الأول، بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك[45].

وقالت مصادر من المعارضة لــ"الجزيرة": إن جيش النظام السوري سيطر على بلدات أم جلال والربيعة والخريبة بريف إدلب الشرقي، وذلك بعد معارك وصفت بالعنيفة بين جيش النظام -المدعوم بسلاح الجو الروسي- وقوات المعارضة.

وأضافت المصادر أن هجمات النظام جاءت بعد حملة قصف مدفعي وجوي كثيف استهدف تلك المناطق، كما أفادت "الجزيرة" بأن حركة نزوح كبيرة تشهدها مدينة معرة النعمان في ريف إدلب إثر الغارات الجوية السورية والروسية والقصف المدفعي العنيف اللذين استهدفا المدينة في 19 ديسمبر/كانون الأول. كما أسفر الهجوم عن مقتل 16 مدنيا -بينهم خمسة أطفال- وإصابة 45 آخرين، وفق حصيلة قدمها الدفاع المدني بإدلب.

وذكرت أن ناشطين أطلقوا دعوات للتظاهر عند الحدود السورية التركية من أجل المطالبة بوقف التصعيد العسكري أو فتح الحدود للنازحين للعبور إلى تركيا. وقالت منظمة منسقي الاستجابة في سوريا: إن عدد القتلى جراء الحملة العسكرية لقوات النظام وروسيا على ريف إدلب منذ مطلع ديسمبر 2019 بلغ 209 مدنيين بينهم سبعون طفلا، في حين تجاوز عدد النازحين 175 ألفا.[46]

  • إدخال المساعدات الإنسانية:

دعت أورسولا مولر مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مجلس الأمن الدولي إلى تجديد القرار الذي يسمح بإدخال المساعدات إلى سوريا عبر الحدود دون إذن مسبق من الحكومة السورية. وقالت مولر: إن الأمم المتحدة تحتاج إلى الحفاظ على المعابر الحدودية الأربعة الحالية، لإيصال المساعدات الإنسانية إلى أربعة ملايين سوري. وقد قدمت كل من ألمانيا وبلجيكا والكويت مشروع قرار تمت مناقشته لأسابيع عدة.

وقد أعلنت عشر دول أعضاء في مجلس الأمن الدولي تأييدها تجديد آلية تقديم المساعدات لمحتاجيها في سوريا، وحذرت من عواقب كارثية لعدم تجديد الآلية.

ولكن في المقابل، قدمت روسيا والصين في 16 ديسمبر/كانون الأول، مشروع قرار مضاد يدعو لإغلاق معبري اليعربية والرمثا، والإبقاء على معبري باب الهوى وباب السلامة، دون إضافة معبر ثالث على الحدود التركية السورية. ويدعو مشروع القرار الروسي الصيني إلى تجديد عملية توصيل المساعدات إلى سوريا لمدة ستة أشهر فقط.[47]

علق جوش روغين -وهو كاتب في الشؤون الخارجية والأمن القومي بصحيفة "واشنطن بوست"- بأنه في الوقت الذي يشق فيه نظام الأسد طريقه بالمذابح إلى نصر على الأرض في سوريا تستغل شريكته روسيا الأمم المتحدة لمحاولة قطع المساعدات الإنسانية عن ملايين السوريين الأبرياء الذين لا يزالون يعيشون خارج سيطرة الحكومة، في حين تحاول إدارة ترامب وقف خطة موسكو المشؤومة ولكن دون جدوى حتى الآن.

وأشار روغين إلى أن استخدام روسيا والصين حق النقض (فيتو) في 20 ديسمبر/كانون الأول، ضد قرار مجلس الأمن كان سيجدد جزئيا التفويض الدولي بطرق عبر الحدود تتيح تدفق الغذاء والدواء إلى أجزاء من سوريا خارج سيطرة الحكومة السورية. وهذه الطرق من تركيا والعراق والأردن كانت قد حظيت بموافقة الأمم المتحدة طوال ست سنوات، لكن موسكو تسعى الآن إلى إغلاقها.[48]

  • الأمطار والسيول وتراجع المعونات تزيد معاناة النازحين شمال سوريا:

وذلك في الوقت التي تضررت فيه عشرات مخيمات النازحين في شمال سوريا بسبب تعرض المنطقة لسيول ناتجة عن منخفض جوي، وقالت "الجزيرة": إن السيول اجتاحت خيام النازحين مما أدى إلى تردي الأوضاع في المخيمات مع تراجع الدعم من الهيئات الإنسانية.

كما أفادت بأن دخول المياه خيام النازحين إضافة إلى موجة البارد القارس التي تمر بها المنطقة أدى إلى إصابة عدد من الأطفال بالأمراض، وقالت: إن أكثر من 350 عائلة تضرروا جراء هطول الأمطار. وأضافت أن النازحين بحاجة إلى كثير من مواد التدفئة والمعدات الإغاثية وصيانة الخيم، خصوصا مع توقعات الأرصاد الجوية باستمرار هطول الأمطار بالمنطقة لأيام قادمة.[49]

  • تحذير تركي من موجه جديدة من النازحين:

وقد أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن 80 ألف سوري نزحوا من إدلب بسبب التصعيد الأخير، مشيرا إلى أن بلاده لا يمكنها أن تتحمل موجة نزوح جديدة. وحذر أردوغان من أن أوروبا ستشعر بأثر موجة المهاجرين إذا لم يتوقف العنف في إدلب، مشيرا إلى أن بلاده ستفعل كل ما في وسعها مع روسيا لوقف الهجمات، وأن وفدا تركيا سيذهب في 23 ديسمبر/كانون الأول، إلى موسكو لمناقشة الملف السوري، وستتخذ أنقرة الخطوات اللازمة بناء على نتائج المحادثات[50].

بينما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن بدء العمل لإسكان مليون سوري في مدينتي تل أبيض ورأس العين شمالي سوريا، وقال إن بلاده أنفقت 40 مليار دولار على اللاجئين السوريين. في كلمته التي ألقاها أمام وزراء الشؤون الاجتماعية بمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول. وأوضح أردوغان أنه سيتم تقديم الدعم لإنشاء مناطق سكنية جديدة في الشمال السوري، وقال: "بدأنا العمل لإسكان مليون شخص في مدينتي تل أبيض ورأس العين"[51].

  • الجيش الأمريكي يعلن إتمام انسحابه من شمال سوريا:

قال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر: إن الولايات المتحدة أتمت انسحابها العسكري من شمال شرقي سوريا، ليصبح عدد الجنود الأمريكيين في بقية أنحاء سوريا نحو 600 جندي. وأكد احتفاظه بالقدرة على إدخال أعداد صغيرة من القوات وإخراجها وفقا للضرورة في سوريا. لكنه أشار إلى أن عدد القوات سيتأرجح عند مستوى 600 فرد في المستقبل المنظور[52].


الحالة الخليجية

يسيطر على المشهد الخليجي السعي لتخفيف حالة الاحتقان بينها وبين إيران، يظهر ذلك جليا في سعي رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان للقيام بدور الوساطة بين المملكة العربية السعودية وإيران، حيث تراجعت السعودية والإمارات عن موقفها السابق تجاه إيران.

  • دول الخليج تراجع مواقفها تجاه إيران:

أفاد موقع "بلومبرج" الأمريكي بأن دول الخليج العربي بدأت تراجع مواقفها تجاه إيران، بعد أن دفعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى شفير المواجهة معها في وقت سابق، وقال الموقع في تقرير: إن الولايات المتحدة يُنظر إليها الآن على أنها بدأت تفقد نفوذها وتأثيرها على منطقة طالما هيمنت عليها، واعتبر الموقع الإخباري الأمريكي أن ثمة شواهد كثيرة على بروز دور الدبلوماسية، في وقت تدير فيه دول الخليج العربية ظهرها لمواجهة مع إيران.

ورغم أن الكارثة الإنسانية التي نجمت عن الحرب في اليمن صوّبت الأنظار تجاه السعودية، فإن الهجوم "الجريء" على منشآت النفط في شرق السعودية -الذي تسبب في تعطيل نصف إنتاج المملكة من النفط- دلّ على حجم المخاطر المحدقة وبرهن على أن ترامب لن يهب لنجدة حلفائه في وقت قريب.

ونقل الموقع عن ديفد روبرتس -الأستاذ المساعد لدراسات الخليج بجامعة كينغز كوليدج لندن- أن تلك الهجمات "بددت أي وهم" يتعلق بالمظلة الأمنية الأمريكية "السحرية" للمنطقة، وأضاف أن الهجمات "حطمت الوهم وأثبتت أن لإيران الرغبة في القيام بشيء مذهل، مثل الهجوم على منشآت أرامكو، والقدرة على تنفيذه".

وانتقد موقع "بلومبرج" انسحاب إدارة ترامب العام الماضي من الاتفاق النووي الذي أبرمته القوى العالمية مع إيران في 2015، وفرضها العقوبات على صادرات طهران النفطية.

ونقل التقرير عن أفشين مولافي -زميل معهد السياسة الخارجية بجامعة جون هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة بواشنطن- أن "إرساء سلام بارد أمر ممكن، لكننا أبعد ما نكون على وجه اليقين من إبرام صفقة كبرى. ولذلك يتعين على كل من الرياض وأبوظبي القبول بدور لإيران في دول عربية مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن".

وتطرق تقرير "بلومبرج" إلى المساعي التي بذلها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان للتقريب بين السعودية وإيران، مشيرا إلى أنه تحرك بين عاصمتي البلدين بناء على طلب من الرئيس الأمريكي.

كما يشار أيضا إلى أن الإمارات أوفدت مسؤولين من خفر السواحل إلى إيران للمرة الأولى منذ ست سنوات. وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد ألمح أيضا إلى مباحثات أُجريت مع مسؤولين إماراتيين كبار. [53]

  • السعودية تسعى لتخفيف التوتر مع إيران خوفا على اقتصادها:

أفاد أيضا تقرير "وول ستريت جورنال" بأن السعودية تسعى بهدوء لتحسين علاقاتها مع إيران وبقية الأعداء الإقليميين، وبات المسؤولون في المملكة أكثر قلقا بشأن المخاطر التي يشكلها الصراع على اقتصاد البلاد الذي يعتمد على النفط.

وقال بينوا فوكون وثامر سعيد ووارن ستروبل: "إن اهتمام الرياض الجديد بتحسين علاقاتها مع المنافسين الإقليميين يأتي في الوقت الذي يتساءل فيه المسؤولون السعوديون عن مقدار الدعم الذي تتلقاه المملكة من الولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء. وفي الواقع، تغيرت حسابات السعودية بعد الهجوم الصاروخي الذي استهدف منشأتين لشركة "أرامكو" باستخدام طائرة دون طيار، حيث ألقت باللوم على طهران وحملتها المسؤولية.

وذكر الكُتاب أن ممثلي السعودية وإيران تبادلوا الرسائل بشكل مباشر خلال الأشهر الأخيرة، وتواصلوا من خلال وسطاء بكل من عُمان والكويت وباكستان، وفقا لما أفاد به مسؤولون سعوديون وأوروبيون وأمريكيون. وصرح هؤلاء المسؤولون أن المغزى الأساسي من هذه الاتصالات يتمثل في تخفيف التوترات بين الرياض وطهران.

ووفق سفير إيران في باريس بهرام قاسمي ومسؤولين آخرين، طرحت طهران خطة سلام على السعوديين تتضمن تعهدا متبادلا بعدم الاعتداء والتعاون والذي من شأنه تأمين صادرات النفط بعد سلسلة الهجمات التي شُنَت على ناقلات النفط. 

علاوة على ذلك، أجرت الرياض محادثات سرية مع الحوثيين المدعومين من إيران الذين تقاتلهم باليمن منذ سنوات، وفقا لمسؤولين عرب وأمريكيين. وهناك، أسفر الصراع عما وصفته الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية.

كما ذكر التقرير أن الرياض تحاول إيجاد طريقة لإنهاء الجمود المستمر منذ سنتين مع (قطر) جارتها الخليجية الصغيرة. والجدير بالذكر أن الرياض فضلا عن عشرة من حلفائها قطعوا فجأة العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة سنة 2017 بعد اتهامها بدعم الإرهاب[54].

اتهم الحوثيون السعودية بقصف سوق "الرقو" في مديرية منبه بمحافظة صعدة بالمدفعية والصواريخ. في 24 ديسمبر/كانون الأول، مما أسفر عن سقوط العديد من القتلى المدنيين. وتوعد المتحدث العسكري للحوثيين العميد يحيى سريع السعودية برد مؤلم وقاس، وقال سريع: إن السعودية تواصل جرائمها وتوغل في الدم اليمني، وأضاف أن ما سماها جرائم السعودية لن تمر مرور الكرام.

ويأتي هذا التهديد بعد أن أعلنت وزارة الصحة التابعة للحوثيين أن عدد القتلى جراء القصف قد ارتفع إلى 17، هم خمسة يمنيين و12 مهاجرا إثيوبيا، كما أصيب عدد آخر، وفق وسائل إعلام حوثية.[55]

  • الحوثيون يعلنون قصف موقع عسكري سعودي وسقوط قتلى:

وبعد يومين في 27 ديسمبر/كانون الأول، جاء رد الحوثيين على قصف السوق، حيث أعلنت جماعة الحوثيين في اليمن يوم الجمعة قصف معسكر جنوبي السعودية بصاروخ باليستي، للمرة الأولى منذ إعلان الجماعة هدنة من جانب واحد في سبتمبر/أيلول الماضي.

وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين محمد عبدالسلام: إن قتلى وجرحى من الجيش السعودي سقطوا جراء هجوم حوثي بصاروخ باليستي على معسكر سعودي في نجران، مضيفا أن هذا الهجوم يأتي في إطار الرد المشروع والطبيعي على ما سماها جرائم النظام السعودي.

وأوضح المتحدث أنه تم إطلاق صاروخ باليستي نوع "بدر P1"، على معسكر قيادة اللواء 19 حرس حدود، في بئر عسكر بمدينة نجران، مشيرا في تغريدة على "تويتر" إلى أن الاستهداف أدى إلى سقوط عشرات من الجيش السعودي بين قتيل ومصاب، بينهم ضباط.[56]


المحور الاقتصادي

كانت بعض دول المنطقة العربية تراهن على أوضاع اقتصادية واجتماعية معقولة كبديل لحياة ديمقراطية وتداول السلطة، ولكن مع الأحداث التي مرت بها المنطقة منذ ما يزيد على 6 سنوات، تبدلت الأحوال السياسية والاقتصادية، وتحولت جُل الاقتصاديات العربية إلى حالة من العجز المالي، واختفت دول الفوائض المالية العربية النفطية. فالجميع لديه عجز بالموازنات العامة، والجميع يلجأ للاقتراض من الخارج، والجميع يعاني البطالة والتضخم، والعجز في الموازين الرئيسة لسلع إستراتيجية مثل الغذاء والدواء والسلاح.

والمحور الاقتصادي من تقرير الحالة العربية لشهر ديسمبر/كانون الأول 2019، يركز على رصد أهم الأحداث بدول المنطقة خلال الفترة، من خلال الموضوعات الآتية:

  • الاقتصاد العربي يستقبل 2020 بمزيد من المشكلات الاقتصادية

مع وداع عام 2019 واستقبل 2020، لم يُلاحظ أن شيئا يُنتظر أن يتغير في حياة المواطن العربي خلال العام القادم 2020 بشكل إيجابي، فلا تزال الحروب الأهلية مستمرة في (ليبيا، والعراق، واليمن، وسورية، والصومال) كما أن الوضع الاقتصادي يكرس لمزيد من التراجع في مصر ودول الخليج والأردن وبلاد المغرب العربي.

وتذهب تقديرات صندوق النقد الدولي حول أداء الاقتصاد العربي في 2020 إلى أن الناتج المحلي الإجمالي سوف يشهد تحسنا ليبلغ 3.3 بالمئة مقارنة بما هو متوقع في 2019 بنسبة 1.9 بالمئة، أما رصيد الحساب الجاري فسوف يتحول إلى رصيد سالب في 2020 إلى نسبة 0.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كان أداؤه إيجابيا بـ 0.6 بالمئة حسب توقعات 2019. وكذلك العجز في المالية العامة للدول العربية سوف يزداد من نسبة  4.4 بالمئة من الناتج المحلي إلى 4.9 بالمئة. والتضخم لن يكون أحسن حالا في المنطقة العربية حيث تذهب توقعات الصندوق إلى ارتفاعه في 2020 إلى نسبة 4.8 بالمئة مقارنة بـ 3.3 بالمئة في 2019 [57].

وباستثناء معدل النمو، فإن معظم المؤشرات تدل على أن أداء الاقتصاد العربي في 2020 لن يكون إيجابيا وهذا أمر طبيعي في ظل الأجواء التي تعيشها المنطقة من حيث عدم الاستقرار السياسي والأمني، ولا يتوقع أن تتغير البيئة غير المستقرة سياسيا وأمنيا في المنطقة العربية خلال 2020، بسبب غياب أفق الحلول السياسية، سواء على المستوى القطري، أو العربي، فضلا عن احتمالات تزايد الصدامات المسلحة بعد التطورات الأخيرة في ليبيا، وبخاصة بعد توقيع مذكرة التفاهم الليبية التركية، والتي أثارت حفيظة دول عربية وأوروبية مثل مصر وفرنسا وإيطاليا.

أما مستويات البطالة بالمنطقة فيتوقع أن تزداد في 2020، في ظل معدلات النمو المتواضعة، واعتماد جل الدول العربية على تمويل موازناتها العامة من خلال الديون الداخلية والخارجية، وفي نسبة كبيرة من هذه الديون يتم توظيفها في تمويل النفقات الجارية، والنذر اليسير يذهب للنفقات الاستثمارية.

فلا تزال معدلات البطالة بالمنطقة العربية عند معدلات 15.7 بالمئة في 2018، وهي من أعلى النسب بين أقاليم العالم، وبخاصة البطالة بين الشباب التي تصل إلى نحو 46 بالمئة، وهو الأمر الذي يفرض تحديات كبيرة على حكومات الدول العربية.

ولكن للأسف لا تزال طرق التفكير في مواجهة مشكلة البطالة في الدول العربية، تعتمد على الحلول والطرق التقليدية، فهي إما تجعل من التمويل مشكلة، أو البحث عن الحلول من خلال الوظائف الهامشية، مثل الوظائف غير المنتجة في قطاع الخدمات، بينما يتم إهمال الارتقاء بالتعليم والتدريب، فيتم تحويل هؤلاء العاطلين، وغيرهم من الخريجين الجدد إلى يد عاملة ماهرة، بإمكانها أن تغير من طبيعة الناتج المحلي الإجمالي بالمنطقة العربية، من خلال زيادة مكون القيمة المضافة به.

وبلا شك أن الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية منذ عام 2011 وحتى الآن، قد أدت إلى تراجع اقتصاديات المنطقة، وكانت النتيجة زيادة معدلات الفقر، سواء على الصعيد القطري، أو الإقليمي ككل، ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2019 تفاوتت نسبة الفقر بين الدول العربية ما بين 12.7 بالمئة في السعودية إلى 85 بالمئة في اليمن[58]، وإن كانت بعض التقارير المعنية بالمنطقة قدرت الفقر متعدد الأبعاد بالمنطقة بحدود 41 بالمئة في المتوسط. واستشراف واقع الفقر بالمنطقة خلال 2020 يشير إلى بقائه على ما هو عليه، في أحسن الأحوال، أما إذا ما تدهورت الأوضاع السياسية والأمنية، فسيشهد معدل الفقر قفزات أخرى.

وقد يكون الجديد في المنطقة هو التوصل لحلول للأزمة الخليجية، بعد التصريحات القطرية، ثمة وجود أمل في مصالحة من السعودية، وأن هناك تحسنا طفيفا في العلاقة بين كل من قطر والسعودية[59]، وإن كان الحضور الخليجي في قطر في دوري كرة القدم الخليجي، الذي أقيم في دولة قطر، ولم تتخلف عنه دول الحصار، من شأنه أن يُشير إلى تحرك ما، إيجابيا في طريق المصالحة.

وإذا ما تحققت المصالحة الخليجية في 2020 ولو بشكل جزئي، فبلا شك سوف يكون لذلك مردود اقتصادي، على الدول الخليجية، وغيرها من دول المنطقة، حيث ستعود العلاقات التجارية والاقتصادية بين دول الخليج، ويتم تخفيف حدة الإنفاق على التسليح، ووسائل الصراع الأخرى عبر الأدوات الناعمة، ومن شأن هذه الوفرات أن تخفف من حدة الأزمة المالية بدول الخليج، وتحسن من أدائها الاقتصادي.

بقي محور العلاقات التجارية والاقتصادية البينية العربية، وكذلك المشروع الغائب المتعلق بالتعاون أو التكامل الاقتصادي العربي، فلا زالت التجارة البينية العربية محدودة، وليس هناك جديد يدفع لزيادة معدلاتها عن نسبة تتراوح ما بين 8 بالمئة - 10 بالمئة. وبخاصة أن زيادة التبعية لبلدان المنطقة العربية للخارج في تزايد عبر استيراد الغذاء، واستيراد السلع الصناعية والعدد والآلات، وكذلك استيراد التكنولوجيا وما يتعلق بها من منتجات يزداد استهلاكها بالمنطقة العربية بشكل أكبر مع مرور الوقت.

  • الميزانية السعودية.. تراجع يثير مخاوف الركود

لم تقدم ميزانية 2020 بالمملكة العربية السعودية جديدا، حيث أتت تقديرات النفقات والإيرادات منخفضة عما كان مستهدفا أو عما هو مقدر في عام 2019، وذلك تأثرا بمخاوف تتعلق بأداء الاقتصاد العالمي، وانعكاس ذلك على أسعار النفط بالسوق الدولية. وهو ما يعني أن صانع السياسة المالية بالمملكة يُوقن بأن بلاده لا تزال تعاني من تبعيتها للخارج عبر سلعة واحدة تقود اقتصاد البلاد وهي النفط.

قدرت الإيرادات العامة بميزانية السعودية لعام 2020 بنحو 833 مليار ريال (222 مليار دولار) مقارنة بـ917 مليار ريال (244 مليار دولار) مقدر تحقيقها بنهاية 2019، كما شهدت تقديرات النفقات العامة تخفيضا أيضا ولكن بنسبة طفيفة، حيث بلغت تقديرات النفقات العامة في عام 2020 بنحو 1020 مليار ريال (272 مليار دولار) مقارنة بـ 1048 مليار ريال (279 مليار دولار)[60].

وبذلك بلغ العجز في ميزانية 2020 من حيث القيمة 187 مليار ريال، مقارنة بـ 131 مليار ريال في عام 2019، أما من حيث نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي، فتصل هذه النسبة إلى 6.4 بالمئة في عام 2020، بينما كانت 4.7 بالمئة في عام 2019. ولكن على ما يبدو أن الأمور قد تشهد تحسنا في القيم الفعلية للإيرادات السعودية خلال عام 2020، بسبب التحسن الذي شهده مؤخرا سعر النفط في السوق الدولية، بسبب الإعلان عن التوصل لاتفاق جزئي بين أمريكا والصين حول الخلاف التجاري بينهما[61].

وفي ضوء العجز المقدر من المالية السعودية، أتت قيمة الدين العام مرتفعة في 2020 لتقدر بـ754 مليار ريال، مقارنة بـ 678 مليار ريال في 2019، ولكن يلاحظ أنه إذا ما أتت نتائج الإيرادات العامة السعودية أفضل مما هو مقدر في الميزانية، فإن ذلك لن يؤد إلى تراجع قيمة الدين العام السعودي، بسبب السياسة التوسعية في الدين التي تم انتهاجها، منذ الشروع في تنفيذ مشروعات رؤية 2030، والتي يعول في تمويلها على القروض بشكل رئيس، وهو ما يؤيده ما جاء من تصريحات لمسؤول كبير بوزارة المالية السعودية لـ"رويترز" منذ أيام، عن عزم بلاده طرح سندات دولية للحصول على قروض خارجية خلال يناير/كانون الثاني 2020، وأن لديهم خطة لاستقدام ديون بنحو 32 مليار دولار خلال الفترة القادمة[62].

الانخفاض في تقديرات النفقات العام لعام 2020، انعكس على جميع مخصصات بنود النفقات العامة، فالإنفاق العسكري تم خفض مخصصاته إلى 182 مليار ريال مقارنة بـ 198 مليار ريال في 2019، وكذلك تم تخفيض مخصصات التعليم إلى 193 مليار ريال مقارنة بـ 202 مليار ريال في 2019، أما الصحة والتنمية الاجتماعية فقد تم تخفيض مخصصاتها إلى 167 مليار ريال مقارنة بـ 174 مليار ريال في 2019، وبند التجهيزات الأساسية والنقل خفضت مخصصاته إلى 56 مليار ريال مقارنة بـ 62 مليار ريال.

وبلا شك أن هذه التخفيضات من شأنها أن تؤثر على الطلب العام، وتعميق حالة الركود، التي يعيشها الاقتصاد السعودي منذ عدة سنوات، ويتنافى هذا التقدير بتخفيض مخصصات الإنفاق مع المستهدف من معدلات نمو الاقتصاد السعودي في 2020، والذي قدر بنحو 2.3 بالمئة، مقارنة بـ 0.4 بالمئة في 2019.

وإن كان لوحظ أن بندي الضرائب في الإيرادات العامة، ورواتب العاملين خلال العام، لم تتغير عما هو مقدر في عام 2019، وهو ما يعني مخاوف صانع السياسية من استمرار حالة الانكماش، وبالتالي فلا داعي لضرائب جديدة، إلا أن ثبات مخصصات الرواتب قد يكون محل شك، بسبب وجود نسبة ولو قليلة من التضخم، وقد يكون الأمر نوعا من التوظيف السياسي، فبعد أن يعلم العاملون بالدولة بأن رواتبهم لن تشهد زيادات خلال 2020، يصدر أمر ملكي بزيادة الرواتب بنسبة ما، حتى يشعر العاملون بالدولة بفضل الملك عليهم، وكسب تأييد هؤلاء العاملين للسلطة القائمة في السعودية.

وقد أكدت البيانات المنشورة ببيان ميزانية 2020 على أن الإيرادات النفطية لازالت تمثل عصب الإيرادات العامة بالمملكة، حيث قدرت بنحو 513 مليار ريال، وبما يعادل نسبة 61.5 بالمئة، كما أن مخصصات الرواتب تمثل نصيب الأسد من مخصصات النفقات العامة، حيث قدرت بنحو 504 مليار ريال، أي ما يعادل نسبة 50 بالمئة تقريبا. وبالتالي تبقى الميزانية السعودية أسيرة مشكلاتها المزمنة، التي تتمثل في الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات العامة، وكذلك كون المخصصات الجارية هي عصب النفقات العامة، وعلى رأسها الرواتب، مما يعني أن الإنفاق الاستثماري ضعيف القيمة والأثر، حيث قدرت نسبته بنحو 17 بالمئة من النفقات العامة في 2020.

  • صندوق النقد يضيق الخناق على تونس

الظرف السياسي الذي تمر به تونس يفترض أن يستوعبه خبراء صندوق النقد الدولي، فلا تزال إجراءات تشكيل الحكومة جارية، وثمة حالة من الخلاف السياسي بين الأحزاب الرئيسة هناك، مما أدى إلى تعطيل بعض الإجراءات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، وعلى رأسها تخفيض قيمة رواتب موظفي الحكومة، وكذلك تخفيض دعم المحروقات.

وهي قضايا لها أثرها الاجتماعي، وبالتالي يجب معالجتها بحكمة، حتى لا تنقلب التجربة السياسية هناك إلى حالة من عدم الاستقرار. وكان ممثل صندوق النقد الدولي المقيم بتونس جيروم فاشي قد ألمح إلى إمكانية عدم صرف الصندوق المبلغ المتبقي والمقدر بنحو 1.2 مليار دولار، من القرض الذي قدمه الصندوق لتونس  من قبل بقيمة 2.9 مليار دولار[63].

إلا أن مروان العباسي محافظ البنك المركزي التونسي صرح بأن ثمة مجموعة من الإجراءات التي تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي تأخرت بسبب تأخر تشكيل الحكومة، وأنه فور تشكيل الحكومة سوف يتم استقدام بعثة صندوق النقد الدولي للاتفاق على تنفيذ باقي الإجراءات[64].

وتأتي خطورة ما أعلنه ممثل صندوق النقد الدولي بتأثير ذلك سلبيا في الاقتصاد التونسي، فسيكون من الصعب على تونس قبل التوصل إلى اتفاق لإعادة تنفيذ اتفاقها مع الصندوق، التوافق مع المانحين الدوليين، أو الحصول على قروض من السوق الدولية. وثمة أمور أخرى تتعلق بتكلفة الـتأمين على الديون التونسية، وكذلك ارتفاع تكلفة الاقتراض لأية أموال ترغب تونس في الحصول عليها من السوق الدولية، أو البنوك التجارية.

وكانت ديون تونس قدرت في سبتمبر/أيلول 2019 بنحو 35 مليار دولار تقريبا، وهو ما يعادل 4 أضعاف ما كانت عليه بنهاية 2010[65]، وتعد الأزمة التمويلية واحدة من المشكلات التي تحتاج حلولا جذرية في تونس، وعلى الساسة أن يستحضروا التحدي، وألا تستخدم المطالب الجماهيرية في حلبة الصراع السياسي، مما يؤدي إلى فشل أي جهود تبذل من أجل السيطرة على الوضع هناك.

والجدير بالذكر، أن تونس ومنذ عام 2011 بدأت في برامج عدة مع صندوق النقد الدولي، وحصلت على قروض عدة، وبسبب حالة عدم الاستقرار السياسي، وكذلك رفع سقف المطالب الجماهيرية، لم تعد هناك فرصة كافية أمام الحكومة للسيطرة على الوضع الاقتصادي، وإن كانت السياحة في تونس قد شهدت تحسنا ملحوظا في عام 2019، حيث أفادت بيانات رسمية بأن تونس استطاعت خلال الفترة من أول يناير/كانون الثاني وحتى 20 ديسمبر/كانون الأول 2019 استقطاب 9.30 مليون سائح، مما ساعد على تحقيق عوائد سياحية تقدر بنحو 1.89 مليار دولار[66].

إلا أن استعادة قطاع السياحة وحده لنشاطه غير كاف للنهوض بالاقتصاد التونسي، فثمة حاجة لتفعيل باقي أوجه النشاط الاقتصادي، لتحقيق معدلات من النمو الاقتصادي تكون كفيلة لمواجهة حدة الفقر التي قدرت في تونس مؤخرا بوجود نحو 2 مليون مواطن تحت خط الفقر. وكذلك معدلات البطالة وصلت في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 إلى 15.1 بالمئة، وذلك حسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء. وسيكون لأية خطوات تصعيدية من صندوق النقد الدولي تجاه تونس الفترة القادمة، آثار سلبية شديدة على الحياة السياسية والاقتصادية هناك.


المحور الفكري

مقدمة

     يتناول المحور الفكري لهذا الشهر موضوعين مهمين؛ الأول منهما يتحدث عن اللغة العربية في يومها العالمي الذي يوافق الثامن عشر من شهر ديسمبر/كانون الأول في كل عام. ولا يخفى على القارئ – الكريم – ما أصاب اللغة العربية من ضعف لدى قومها المتحدثين بها، وهذا يرجع إلى أسباب كثيرة عرضنا لها في هذا المقال. أما كيفية الخروج من حالة الضعف هذه، فيكون – أيضا- بعوامل كثيرة، منها الاهتمام بقضية التعريب. وقد أفاض المقال في هذه النقطة.

أما الموضوع الثاني؛ فهو وفاة الدكتور المهندس محمد شحرور- في هذا الشهر-  ، وهو الذي اختلفت بشأنه الآراء ما بين مؤيد ومعارض، وذلك منذ أن أصدر كتابه (الكتاب والقرآن: القراءة المعاصرة) في أوائل التسعينيات. وقد عرض المقال للآراء التي تناولت هذه القضية.

اللغة العربية في ضوء تحديات العصر

إن الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها الوطن العربي من جهة وسرعة التغيرات في عصر المعلوماتية والعولمة من جهة ثانية، تظهران اللغة العربية وكأنها عاجزة عن مواكبة التطور، في الوقت الذي نرى فيه أن المشكلة لا ترجع إلى اللغة العربية، وإنما إلى الجمود الفكري لبعض المنظرين الذين يتمسكون بالشكل على حساب المضمون من جهة، وإلى ضعف الانتماء القومي من جهة ثانية.

واللغة هي رمز للكيان القومي وعنوان للشخصية ومعبرة عن الهوية، ولو كان هذا الانتماء متوفرا بجدارة لدفع أبناء الأمة إلى توليد المعرفة بلغتهم.

إن الخطر المؤثر في اللغة العربية في ظلال العولمة الحالية يأتي من تهميشها تدريجيا مع الزمن لصالح الإنجليزية[67]

ومن قبل قال الشاعر حافظ إبراهيم:

  أيُطرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ          يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي

 

    إلى لغة ٍ لمْ تتّصلِ برواة أَيهجُرنِي قومِي-عفا الله عنهمُ-

لقد كانت اللغة العربية هدفا لسهام أرباب العولمة، بطرق إحياء العامية من جهة، ومن جهة أخرى عمدوا إلى وصم لغتنا الفصيحة بالتخلف وعدم مواكبة روح العصر، وبأنها لغة البداوة، وليست لغة العلم والتقانة. فمن أراد أن يحصِّل التقدم فعليه بالإنجليزية أو اللغات الأجنبية، وهو ما أصبح واقعا – مع الأسف – في طننا العربي. ودليل ذلك انتشار المدارس والجامعات التي تدرِّس بلغات أخرى غير العربية في ربوع وطننا العربي، والتعليم باللغات الأجنبية في جامعاتنا العربية.

إن أهم سبب من أسباب تأخر لغتنا هو تأخرنا نحن، فالغربي عندما يكتشف الجديد من العلم يضع اكتشافه باسم من لغته، فيجبر باقي اللغات على أخذه كما هو، أو تحويل هذا المصطلح إلى مصطلح قريب في لغة الناقل؛ فكما أن المنتصر يكتب التاريخ فهو أيضا يستحوذ على المجد والثقافة والعلم، وعلى المغلوب قَبول ذلك، بل يتعدى لتقليد الغالب فيفتتن به. فلو أننا كنا السباقين إلى العلوم لوضعنا الأسماء كما نريدها نحن لا هم. يقول أحد الباحثين: (إن التعليم باللغة الأجنبية هو حكم بالموت على اللغة العربية، وإن الأمة التي تهمل لغتها تحتقر ذاتها، وتبيد ثقافتها، وتغدو تبعا للآخرين..) [68].

أثبتت الكثير من الدراسات والتجارب أن الإنسان يكون أكثر قدرة على الإبداع والاستيعاب للمعرفة عن طريق لغته الأم. وأن التفكير والتصورات تكون وليدة اللغة الأصلية. وإذا نظرنا للقضية من المنظور القومي، والحضاري، والثقافي، فإننا سوف نجد أن إهمال العربية، وإضعافها، أو التفريط بها، هو تفريط بالهوية العربية، وتراث الأمة، وتاريخها، لأن اللغة العربية هي السياج الحافظ للثقافة، والهوية، وتمثل العربية روح الأمة وكيانها، فهي جزء من الأمن القومي الذي لا يجوز التهاون في شأنه. يقول همبلت: (إن لسان أمة جزء من عقليتها وإن لغة شعب، ما هي إلا روحه، كما أن روح الشعب لغته). إن اللغة العربية ليست وسيلة تواصل ونقل للمعرفة فحسب، بل هي أكثر من ذلك، هي أهم عناصر مقومات الأمة هي ثقافتها وتراثها، ووشائج الاتصال والتواصل في المشاعر والعواطف بين أبناء الأمة، واللغة والهوية عنصران متلازمان، فاللغة مستودع تراث الأمة وهو الذي يشكل هويتها وقيمها وتقاليدها، وهي وعاء الثقافة. وكما يرى جون جوزيف: (أن ظاهرة الهوية في عمومها يمكن أن تفهم باعتبارها ظاهرة لغوية). فاللغة عنصر أساس معبر عن الذات ومرتبط بهذه الذات، ومعبر عن ماهيتها.

وللتغلب على التحديات التي تواجه اللغة العربية في هذا العصر، كان الاتجاه إلى التعريب والأخذ به باعتباره الوسيلة الأجدى لردم الفجوة بين ما تنتجه الآلة الغربية، بأسماء أجنبية، وضرورة نقله إلى لغتنا العربية بأسماء عربية. وعلى الرغم من قناعة الباحثين والمختصين في هذا المجال، فهناك عوائق كثيرة وكبيرة تحول دون أن يأخذ التعريب الوضع اللائق به.

فمن الأسباب المعوقة لإنجاز مشروع التعريب، رغم أهميته القصوى من الناحية اللغوية، وأبعاده القومية، مايلي:

  1. غياب القرار السياسي الملزم على المستوى الجماعي للدول العربية، وهو قرار صعب المنال. فتعدد الأنظمة العربية والاختلاف حول بعض الأهداف والوسائل والسياسات، والأوليات، يؤدي إلى عدم الاتفاق على قرار ملزم للتعريب.
  2. ضعف التنسيق بين المؤسسات التي تتحمل مسؤوليات التعريب ومؤسسات التعليم العالي، والإعلام، والثقافة.
  3. يوجد نوع من عدم الثقة لدى بعض القيادات والمثقفين وبعض أساتذة الجامعات، في قدرات وإمكانية اللغة العربية لاستيعاب العلوم الحديثة، وهذا يقتضي أن يكون لمجامع اللغة العربية دور فاعل في مؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام ومؤسسات التعليم العالي، لإيضاح الصورة، وهو دور منوط باتحاد الجامعات العربية ومكتب تنسيق التعريب.
  4. تأخر المجامع في إعداد وإخراج المعاجم اللغوية، والعلمية التخصصية المعاصرة، والمتسقة مع حركة وسرعة المستجدات العلمية والثقافية، وتقنيات المعلومات.
  5. تأخر وضع المصطلحات وإقرارها، وما يصحبها من اختلاف وخلافات، وطول الإجراءات التي تمر بها عملية وضع المصطلح وإقراره من الجهات المعنية.. مما يفوت فرصة استخدامه وانتشاره، حيث يشيع استخدام المصطلحات الأجنبية، في أوساط المجتمع، والمؤسسات الاقتصادية والتجارية، ووسائل الإعلام المختلفة.
  6.  عدم وضع خطط متكاملة ومنهجية للتعريب، وتحديد أجهزة أو مؤسسة في كل دولة عربية تكون مسؤولة عن التعريب، ومرتبطة بمكتب تنسيق التعريب، وهو تابع لمؤتمر التعريب، المسؤول عن إقرار المصطلحات، الذي يدعى له العديد من المنظمات المختصة من جميع الدول العربية ومجامع اللغة... الخ.

إن اللغة هي الأساس في وحدة الأمة وترابط المجتمع العربي، والمحافظة على هويته وكيانه، وكما يقول أحد المفكرين: (إن الذين يتكلمون بلغة واحدة يكونون كلا موحدا ربطته الطبيعية بروابط متينة وإن كانت غير مرئية).

فقضية التعريب والنهوض باللغة العربية هي في صلب قضية الأمن الثقافي، الذي هو جزء من الأمن القومي، وهو الهاجس الذي يثير الكثير من القلق والتحدي لواقع الأمة ومستقبلها، فإذا ارتقينا بقضية التعريب واللغة إلى مستوى الهاجس الأمني القومي، لا بد أن تتغير النظرة إلى هذه القضية عند مختلف المستويات، وتصبح هما مشتركا لدى الجميع، أعني بها قضية التعريب العام والشامل، بحيث لا تتوقف عند التعليم العالي بل تتعداه إلى المؤسسات البحثية والإعلامية، والثقافية[69].

وإذا كان القائد الفيتنامي هوشة منية، يخاطب أبناء أمته قائلا: "عليكم الحفاظ على صفاء لغتكم حفاظكم على صفاء عيونكم، حذار من أن تضعوا كلمة أجنبية في مكان بإمكانكم أن تضعوا فيه كلمة فيتنامية"، فإن أبناء الأمة العربية أجدر بني البشر في الحفاظ على صفاء لغتهم الأم، لأنها لغة القرآن الكريم والرابطة التي توحد بينهم فكرا وقيما ومشاعر[70].

وإجمالا ، يمكن سرد سبل مواجهة تحديات اللغة العربية في الآتي[71]:

  1. تعزيز الانتماء.
  2. تنشيط اللغة العربية في المعلوماتية.
  3. دعم مسيرة التعريب.
  4. الحفاظ على صفاء اللغة العربية.
  5. نشر روائع الثقافة العربية وقيمها الإنسانية.
  6. سيرورة التفكير العلمي والعناية بالبحث العلمي.

ورحل محمد شحرور

توفي المهندس د. محمد شحرور في 22 ديسمبر/كانون الأول 2019 عن عمر ناهز ثمانين عاما، وقد أثار كتابه الضخم: الكتاب والقرآن .. قراءة معاصرة ، الذي أصدره عام 1990 – ضجة كبرى ولغطا شديدا. وانقسم الناس بشأنه ما بين مؤيد ومعارض.

ولد شحرور عام 1938 ودرس الهندسة ليصبح أستاذا لها بجامعة دمشق، لكنه اشتهر بالتأليف ومشروعه الذي أطلق عليه القراءة المعاصرة للقرآن بعد عودته من الدراسة في موسكو. 

 وقال الأكاديمي بجامعة أنقرة للعلوم الاجتماعية عبدالرحمن الحاج: إن شحرور ليس أول من حاول استخدام الأدوات التي توفرها اللسانيات في الدراسات القرآنية.

واستدرك الباحث المختص بعلاقات الدين والسياسية والمجتمع، قائلا: "للأسف لا يتمتع شحرور لا بالمعرفة اللسانية اللازمة للقيام بتأويل جديد أو قراءة معاصرة للقرآن ولا هو يملك المعرفة التراثية التي تسمح بأن يكون نقده للتراث محل احترام وتقدير الباحثين المتخصصين".

وتابع الحاج -في تصريحات للجزيرة نت- معتبرا أن الذي دفع شحرور في الواقع كان قناعته بأن الدين عقبة أمام التقدم وأنه من الضرورة تغيير قناعات المؤمنين كي يمكن التقدم.

وأردف: "لقد كان الرجل يناضل من أجل التقدم ويستخدم كل الوسائل الممكنة له لتحقيق إعادة تأويل الدين بحيث يصبح التقدم ممكنا، لا يهم كم يتعارض هذا الإسلام الجديد مع قواعد اللغة ولا ما يعرف من نظام القيم الإسلامية ولا مع روح الشريعة، المهم أن يكون تأويلا له وجه ما من المنطق اللغوي".

لهذا السبب ليس صدفة أن كل منظومة الحداثة القيمية وحتى القانونية تتطابق مع نتائج تأويله، فقط كان كل عمل الرجل نضالا في الدين لتفكيك مقولات الدين ذاتها، بحسب الحاج الذي ختم حديثه قائلا: "الدول التي تحاول تقديم هذا النوع من الإسلام الجديد حاولت الاستثمار في مشروع شحرور وسوقت له في الغرب على هذا الأساس"[72].

وقد أثارت كتابات الدكتور محمد شحرور حفيظة علماء الأمة، منذ فترة التسعينيات؛ فهذا الدكتور عبدالرحمن حبنكة الميداني كتب كتابا ينتقد فيه بالأدلة تحريف شحرور للدين الإسلامي، قال: "كتب المهندس الشيوعي الدكتور محمد شحرور كتابا يقارب 800 صفحة، لعب فيه بنصوص القرآن المجيد لعبا عبثيا تضليليا شبيها بألاعيب السحرة". متظاهرا بنفاق مكشوف يزعم فيه قبول القرآن المجيد كتابا ربانيا، وباذلا جهدا شيطانيا كبيرا لتفريغ معظم نصوصه من دلالاتها على أحكام الله عز وجل المنظمة لسلوك الناس في الحياة"[73].

ويضيف: "وكان المهندس شحرور قد صيغ صياغة ماركسية، حيث كان يسير في منهجه حسب أساليبها الفكرية وألفاظ كتبها ومصطلحاتها، إذ اجتهد الكاتب أو من أملى الكتاب عليه أن يفسر القرآن وآياته بمنظار نظرية المعرفة عند الماركسيين... وكان الهدف الأقصى هو العدوان على النصوص الدينية الربانية، وإلغاء معانيها المشتملة على العقائد والأخلاق والشرائع والأخبار والأحكام الربانية إلغاء كليا، أو جزئيا"[74]

"وبهذا التحريف الجهنمي وفَّق بين هذا الإسلام المفترى على رب العالمين وبين كل مذاهب الكفر والإباحية، وما يدعو إليه شياطين الجن والإنس"[75].

فهو منهج يفتح الباب مُشرعا أمام تحريف كتاب الله وإبطال مفعول آياته، ويُفقد كتاب الله مضمونه التغييري الفاعل باعتباره كتابا هاديا، فيجعله تابعا لما تواضع عليه البشر في أشد العصور ابتعادا عن هدى الوحي، حيث بلغ الانحراف بالبشرية إلى الدفاع عن الشذوذ والزنا ومحاربة العفة ووصفها بالظلامية والجهل والتخلف! فكيف تصبح القيم السائدة في مثل هذا العصر مرجعا في فهم القرآن؟![76].

أما عادل التل فقد خصص كتابا للرد على شحرور، ومما جاء فيه: "تبين لي أن هناك هدفا محكما يكمن خلف الكتاب، يرمي إلى زعزعة العقيدة الإسلامية الثابتة عند المسلمين، حيث يمثل موضوع اللغة عاملا حاسما في هذه القضية، كما يمثل هذا الاهتمام التغطية المناسبة للنشاط الفكري الباطني المشبوه"[77].

ويقول الدكتور خلدون مخلوطة: إنه "من خلال قراءاتي الكثيرة للمهندس محمد شحرور سواء في كتبه أو مقالاته أو حلقاته التي يظهر فيها عبر القنوات: فإنه يعمل على تحريف القرآن وتشويه الإسلام وتحليل المحرمات، ونشر الفساد الاجتماعي والاقتصادي والتربوي، لأجل تقديم الإسلام بصورة تتناسب مع الغرب".

ويكمل: "مشروع محمد شحرور امتداد للمشروع الليبرالي الذي بدأه محمد أركون ونصر حامد أبو زيد كما صرح هو بذلك، وهو إخراج القرآن وتفسيره وفق الفكر الليبرالي وعلمنة الدين. يخدع الناس أنه يفسر القرآن الكريم بلغة عربية معاصرة، وعلماء اللغة العربية المختصون في عصرنا الحاضر أوضحوا أن المهندس محمد شحرور جاهل في اللغة العربية وأساليبها، فكيف نأخذ منه ونعتمد عليه في أمر يخالف فيه القرآن نفسه والأحاديث النبوية الصحيحة، وعلماء اللغة الأقحاح"[78] .

أما ما قاله  الدكتور أحمد برقاوي – في الندوة التي عقدها محمد شحرور في دبي: إن "ولعلنا في هذا اللقاء مع المهندس محمد شحرور على حقيقة مشروعه الفكري الذي يغطيه بمسمى الإصلاح الديني وتجديد الخطاب الإسلامي وهو: أن يكون الإنسان هو مركز الكون ومحوره: فيعتمد اعتمادا كليا على عقله، فلا يهيمن عليه أحد سواء كان ربا أو شريعة أو رسولا، والدعوة إلى قطع صلة هذا الإنسان بالله تعالى فيما يتعلق بالحلال والحرام، والعمل على إلغاء هذه المفاهيم من حياة المسلمين، ليصبح بدلا عنها: (الحق ولا الحق، والحرية وعدم الحرية، ومركزية الإنسان، فلا يصبح للدين أي سلطة عليه، بل يتحرر من كل ذلك)، وهذا نجده في مقطع الفيديو في الدقيقة (50)، وكيف أقره المهندس محمد شحرور في الدقيقة (58) وأكد محمد شحرور أن الوصول إلى هذه المرحلة وهي: (إلغاء الحلال والحرام والقطيعة مع الله تعالى "ويعبر عنه باللاهوت" وكذلك القطيعة مع الدين) والتي يدعو إليها الدكتور أحمد برقاوي لا بد أن تسبقها مرحلة الإصلاح الديني، ول ابد من القطيعة مع جميع كتب التراث الإسلامي، وتغيير الثقافة الإسلامية لأنها مأخوذة من كتب التراث الإسلامي" [79].

ودعا الأكاديمي المصري المختص بعلوم العربية الدكتور خالد فهمي للوقوف أمام مشروع شحرور الفكري بالتحليل والمناقشة والنقد، وبيان خلله المنهجي والمعرفي من دون التورط في التعرض لشخصه.

وأضاف فهمي في منشوره على "فيسبوك" أن المنهج القرآني يوجه إلى نقد الأفكار، أما الشخوص فأمر الحكم عليهم إلى خالقهم سبحانه لأنه وحده الذي يعلم السر وأخفى[80].


الخاتمة

وتظل الشعوب العربية تعاني ويلات الصراعات والفقر والتخلف الاقتصادي، تحت حكم عسكريين حكموا شعوبهم ليذيقوها ألوان الويلات، ويطبقوا على أنفاسها فلا تتنفس عبق الحرية ونسيم التحرر أبدا، ودول كبرى تسعى للحفاظ على حكام الظلم والجور، فصار المرء يتلفت يمنة ويسرة فلا يجد إلا شعبا مزقه حاكمه بمساعدة روسيا وآخر احتلته أمريكا، وآخر دمر ثورته "حلف الشيطان" الخليجي، واقتصاد يتهاوى وشعوب تحت وطأة الفقر، وإفساد للثوابت والعقائد الراسخة.. وفي وسط هذا شعوب وأجيال جديدة تنشأ لم يستطع كل هذا قتل أحلامها وتطلعها لمستقبل أفضل.


المصادر:
[1] نيويورك تايمز: العراق يعيش أسوأ أزمة سياسية، شبكة الجزيرة، 22-12-2019، https://cutt.ly/jrrx6tH
[2] نيران أسلحة رشاشة وجثث ملقاة من سطح مبنى.. تفاصيل تتكشف عن ليلة دامية أخرى بالعراق، شبكة الجزيرة، 7-12-2019، https://cutt.ly/DrrujRr
[3] Idrees Ali, Ahmed Rasheed, Trump aides call U.S. strikes on Iraq and Syria 'successful,' warn of potential further action, Reuters, 29-12-2019, https://www.reuters.com/article/us-iraq-security-usa/trump-aides-call-us-strikes-on-iraq-and-syria-successful-warn-of-potential-further-action-idUSKBN1YX0GR
[4] بغداد اعتبرته تصعيدا خطيرا.. عشرات القتلى والجرحى في غارات أميركية على مواقع للحشد الشعبي، شبكة الجزيرة، 30-12-2019، https://cutt.ly/KrtKZrH
[5] السابق.
[6]  العراق.. المحتجون يقطعون طرق حقول النفط بالبصرة وخلافات بشأن رئاسة الحكومة، شبكة الجزيرة، 18-12-2019، https://cutt.ly/9rrctTo
[7] العراق.. خلافات ترجئ تمرير قانون الانتخابات واليوم تنتهي مهلة تسمية رئيس الحكومة، شبكة الجزيرة، 19-12-2019، https://cutt.ly/BrrceND
[8] وسط استمرار التظاهر ومشهد سياسي معقد.. السيستاني يدعو لانتخابات برلمانية مبكرة بالعراق، شبكة الجزيرة، 20-12-2019، https://cutt.ly/orrcwY5
[9] المرجع السابق.
[10] مأزق الكتلة الأكبر.. الرئيس العراقي يعيد الكرة للبرلمان ويهدد بالاستقالة، شبكة الجزيرة، 22-12-2019، https://cutt.ly/Brrcqhj
[11] رئيس الحكومة اللبناني المكلف يعلن ملامح حكومته الجديدة، شبكة الجزيرة، 21-12-2019، https://cutt.ly/brrcgKL
[12] صحيفة فرنسية: المهمة المستحيلة لرئيس الوزراء اللبناني الجديد، شبكة الجزيرة، 21-12-2019، https://cutt.ly/prrcd82
[13] البلد يرقد في "العناية الفائقة".. قائمة بالكتل الرافضة والمستعدة للمشاركة بالحكومة اللبنانية، شبكة الجزيرة، 22-12-2019، https://cutt.ly/arrcsYs
[14] الحريري: لن نشارك في الحكومة المقبلة ولن نمنحها ثقتنا، شبكة الجزيرة، 25-12-2019، https://cutt.ly/DrtPR5V
[15] الرئيس اللبناني: الحكومة المقبلة لن يؤلفها جبران باسيل، شبكة الجزيرة، 25-12-2019، https://cutt.ly/vrrcpP3
[16] أصوات المدفعية تهز طرابلس.. قوات حفتر تقصف والوفاق تعزز مواقعها، شبكة الجزيرة، 18-12-2019، https://cutt.ly/3rrj2v0
[17] معارك بين حكومة الوفاق وحفتر وسبع مدن تعلن النفير العام لحماية طرابلس، شبكة الجزيرة، 17-12-2019، https://cutt.ly/yrrjTKa
[18] أصوات المدفعية تهز طرابلس.. قوات حفتر تقصف والوفاق تعزز مواقعها، شبكة الجزيرة، 18-12-2019، https://cutt.ly/3rrj2v0
[19] محمود محمد، أزمة إنسانية تتفاقم بعد تصاعد حدة الاشتباكات جنوب طرابلس، شبكة الجزيرة، 18-12-2019، https://cutt.ly/yrrjMvx
[20] حديث عن التطبيع مع إسرائيل.. طرابلس تحت نيران حفتر والإمارات ومقتل 14 طفلا، شبكة الجزيرة، 2-12-2019، https://cutt.ly/yrriNBN
[21] تقدم بثلاثة محاور.. "بركان الغضب" تكشف حصيلة الاشتباكات مع قوات حفتر، شبكة الجزيرة، 15-12-2019، https://cutt.ly/RrrjnQs
[22] غارديان: تدفق مرتزقة سودانيين على ليبيا ينذر بإطالة أمد الحرب، شبكة الجزيرة، 25-12-2019، https://cutt.ly/0rrlZ6z
[23] لوفيغارو: ليبيا بدأت تتحول إلى سوريا أخرى بالمغرب العربي، شبكة الجزيرة، 19-12-2019، https://cutt.ly/MrruPyT
[24] السيسي يهاجم الوفاق الليبية وأردوغان يتعهد بدعمها عسكريا، شبكة الجزيرة، 16-12-2019، https://cutt.ly/orrunCp
[25] يورونيوز: من المرتزقة الروس الذين يقاتلون في ليبيا؟، شبكة الجزيرة،  20-12-2019، https://cutt.ly/0rruALh
[26] السيسي يهاجم الوفاق الليبية وأردوغان يتعهد بدعمها عسكريا، شبكة الجزيرة، 16-12-2019، https://cutt.ly/orrunCp
[27] البرلمان التركي يوافق على مذكرة التفاهم العسكري مع ليبيا، الأناضول، 21-12-2019، https://cutt.ly/frtkRZh
[28] تحضيرات متسارعة.. تركيا تستعجل إرسال قوات إلى ليبيا، شبكة الجزيرة، 28-12-2019، https://cutt.ly/irtkSoi
[29] تداعيات الاتفاقية الليبية مع تركيا.. اليونان تهدد وحكومة الوفاق تدرس الرد، شبكة الجزيرة، 1-12-2019، https://cutt.ly/mrriCJX
[30] غير مقبولتين.. رئيس الوزراء الإيطالي ينتقد مذكرتي التفاهم التركية الليبية، شبكة الجزيرة، 15-12-2019، https://cutt.ly/MrrjW7D
[31] محمود محمد، عقب نشر صور لمدرعات مصرية أميركية.. مسؤولون ليبيون ينددون بدعم القاهرة لقوات حفتر، 12-12-2019، https://cutt.ly/VrrjdYJ
[32] "الوفاق" الليبية تنتقد تصريحات القاهرة وتدعو السيسي لوقف دعم "مجرم حرب"، شبكة الجزيرة، 16-12-2019، https://cutt.ly/zrrjXbh
[33] وسط توتر متزايد.. قوات حفتر تحتجز سفينة طاقمها تركي، شبكة الجزيرة، 22-12-2019، https://cutt.ly/Drrkdou
[34] إندبندنت: بوتين في ليبيا.. يهدد الناتو وأوروبا ومصالح مصر والإمارات، شبكة الجزيرة، 5-12-2019، https://cutt.ly/srruaGl
[35] قوات الوفاق الليبية تشن هجوما كاسحا وإيطاليا تحذر أردوغان من التدخل العسكري، شبكة الجزيرة، 28-12-2019، https://cutt.ly/XrtvgR4
[36] خالد المصري، البرلمان يقر تعديلا وزاريا يشمل 10 حقائب بمصر، شبكة الجزيرة، 22-12-2019، https://cutt.ly/vrrzHND
[37] مفاوضات سد النهضة.. تراشق إثيوبي مصري حول تدفق المياه، 25-12-2019، https://cutt.ly/arrzEBS
[38] السلطات المصرية تفرج عن رئيس الأركان السابق سامي عنان، شبكة الجزيرة، 22-12-2019، https://cutt.ly/QrrzLWC
[39] عبد الله حامد، بعد الإفراج عنه.. هل يصمت سامي عنان أم يواصل منافسة السيسي-؟، 25-12-2019، https://cutt.ly/ArrcbHE
[40] مصر تعترض دوليا على الاتفاقية التركية الليبية.. وسفير أنقرة يرد، شبكة الجزيرة، 18-12-2019، https://cutt.ly/rrrxvEw
[41]  عبد الرحمن محمد، أهم تعاون بعد كامب ديفد.. من الرابح من صفقة الغاز المصرية الإسرائيلية؟، شبكة الجزيرة، 24-12-2019، https://cutt.ly/ErrzSXV
[42] مصر: محمد علي يعلن وثيقة التوافق الوطني لمرحلة ما بعد السيسي، شبكة الجزيرة، 28-12-2019، https://cutt.ly/1rtP8Pz
[43] إدلب.. غارات النظام وروسيا تسقط عشرات الضحايا وتهجر الآلاف، 7-12-2019، https://cutt.ly/jrrulMS
[44] تواصل التصعيد العسكري على إدلب.. ضحايا مدنيون وعشرات آلاف النازحين، 18-12-2019، https://cutt.ly/WrruYbY
[45] الأمم المتحدة توثق مقتل ألف شخص وتشريد 400 ألف شمال سوريا، 5-12-2019، https://cutt.ly/mrruuL5
[46] عقب معارك عنيفة.. جيش النظام السوري يسيطر على بلدات بريف إدلب، 20-12-2019، https://cutt.ly/BrriQcW
[47] تصعيد ضد المدنيين بريف إدلب.. هل يمهد لهجوم واسع لقوات النظام السوري؟، 20-12-2019، https://cutt.ly/8rriE9d
[48] واشنطن بوست: روسيا تحاول تجويع ملايين السوريين الأبرياء، شبكة الجزيرة، 24-12-2019، https://cutt.ly/srriGeT
[49] الأمطار والسيول وتراجع المعونات تزيد معاناة النازحين شمال سوريا، شبكة الجزيرة، 6-12-2019، https://cutt.ly/frtc7CV
[50] تحت غطاء جوي روسي.. قوات النظام تتقدم بريف إدلب وتركيا تحذر أوروبا من نزوح -جديد، شبكة الجزيرة،  22-12-2019، https://cutt.ly/DrriTBy
[51] أردوغان: أنفقنا 40 مليار دولار ونعمل لإسكان مليون لاجئ شمالي سوريا، 9-12-2019، https://cutt.ly/grruzMg
[52] الجيش الأميركي يعلن إتمام انسحابه من شمال سوريا، 5-12-2019، https://cutt.ly/ZrruoN4
[53] بلومبرغ: بعد أن دفعها ترامب نحو المواجهة.. دول الخليج تراجع مواقفها تجاه إيران، 3-12-2019، https://cutt.ly/krryk7L
[54] وول ستريت جورنال: السعودية تسعى لتخفيف التوتر مع إيران خوفا على اقتصادها، شبكة الجزيرة، 13-12-2019، https://cutt.ly/Xrrcz2n
[55] اتهموها بقصف سوق شعبي بصعدة.. الحوثيون يتوعدون السعودية برد مؤلم، شبكة الجزيرة، 245-12-2019، https://cutt.ly/MrtvxFF
[56] بصاروخ باليستي.. الحوثيون يعلنون قصف موقع عسكري سعودي وسقوط قتلى، شبكة الجزيرة، 27-12-2019، https://cutt.ly/frtvvku
[57] صندوق النقد الدولي، تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي الشرق الأوسط وىسيا الوسطى، اكتوبر 2019، ص 24،
https://www.imf.org/~/media/Files/Publications/REO/MCD-CCA/2019/October/Arabic/mreo-1019-texta.ashx?la=ar
[58] الخليج أون لاين، انفوجرافك.. كم تبلغ معدلات الفقر في الدول العربية، 15/11/2019.
[59] رويترز، قطر تتحدث عن "تقدم طفيف" في سبيل حل الخلاف الخليجي، 14/12/2014.
[60] وزارة المالية السعودية، بيان الميزانية العامة للدولة للعام المالي 1441/1442 (2020)،
https://www.mof.gov.sa/financialreport/Pages/Budget.aspx
[61] أمريكا والصين تتوصلان لاتفاق تجاري جزئي، 11/10/2019
[62] رويترز، السعودية تستعد لطرح سندات دولية جديدة في موعد قريب ربما يكون في يناير، 11/12/2019،
https://ara.reuters.com/article/businessNews/idARAKBN1YF110
[63] المنبر التونسي، خطير: صندوق النقد الدولي يُلوّح بحرمان تونس من بقية قرض الـ 2.9 مليار دولار، 19/12/2019.
[64] موزاييك، صندوق النقد يعلّق صرف 1.2 مليار دولار لتونس..العباسي يوضّح، 20/12/2019
[65] مركز الخليج العربي للبحوث والدراسات، مخاوف من غرق تونس في الديون بحلول 2020، 5/9/2019.
[66] وكالة تونس افريقيا لأنباء، تونس استقطبت 9 ملايين و 30 الف سائح الى حدود 20 ديسمبر 2019 وسط عائدات فاقت 5 الاف مليون دينار (روني الطرابلسي)، 20/12/2019.
[67] د. محمود أحمد السيد. اللغة العربية وتحديات العصر. (2008/1428). ص 83.
[68] خالد النقيب. لماذا تأخرت اللغة العربية وتقدم غيرها؟ . 16/3/2019. الجزيرة نت.
[69]  د. محمد عبد الرحيم كافود . التعريب ضرورة لغوية أم حاجة قومية. الراية في 3/11/2013.
[70] د. محمود أحمد السيد. اللغة العربية وتحديات العصر. ص 94.
[71] د. محمود أحمد السيد. اللغة العربية وتحديات العصر . 86.
[72] رحيل المفكر السوري محمد شحرور والجدل يتجدد بصدد مراجعاته. الجزيرة نت . في 23/12/ 2019.
[73]  التحريف المعاصر في الدين .. مكيدة الماركسية والباطنية المعاصرة(1997) . ص8.
[74]  السابق. ص 25.
[75]  السابق . ص 234.
[76]  شريف محمد جابر. كيف يحرِّف محمد شحرور القرآن. الجزيرة نت . في 12/6/ 2017.
[77]  انظر كتابه : النزعة المادية في العالم الإسلامي(1995). ص298.
[78] د. خلدون مخلوطة . حقيقة مشروع المهندس محمد شحرور. رابطة العلماء السوريين . على الشبكة العالمية للإنترنت.
[79] يمكن الاطلاع على هذا الفيديو، من خلال رابطة العلماء السوريين، د. خلدون مخلوطة . الشبكة العالمية للإنترنت.
[80]  صحيفة: رأي اليوم . الرابط . https://www.raialyoum.com/index.php
حمل الموضوع كاملاً بصيغة pdf

كلمات مفتاحية :

أمريكا إسرائيل إيران الإمارات السعودية السودان العراق الولايات المتحدة اليمن تركيا